جلسة الأربعاء الموافق 10 من يونيو سنة 2015
برئاسة السيد القاضي الدكتور / عبدالوهاب عبدول – رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد عبدالرحمن الجراح و د. أحمد الصايغ.
( 31 )
الطعن رقم 141 لسنة 2014 إداري
(1) جهة إدارية” سلطتها”. استقالة. مصلحة عامة. موظفون. قرار إداري” عيوبه”. اثبات” عبء الإثبات”. محكمة الموضوع” سلطتها التقديرية”. حكم” تسبيب معيب”. نقض” ما يقبل من الاسباب”.
– جهة الإدارة. سلطتها تقديرية في عدم قبول استقالة الموظف من جهة عمله لما تقضيه المصلحة العامة دون رقابة القضاء الإداري. شرطه. ألا يكون مشوباً بعيب اساءة استعمال السلطة والانحراف عنها.
– عيب اساءة استعمال السلطة والانحراف عنها المبرر لإلغاء القرار الإداري. شرطه. وجوب إقامة الدليل على ذلك لأنه لا يفترض.
– تقدير عيب اساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها وتنكب ابتغاء المصلحة العامة. موضوعي. مادام سائغاَ.
– مثال
(2) حكم” تسبيب معيب”. استئناف. نقض” ما يقبل من الاسباب”.
– اكتفاء الحكم في أسبابه على ما كان واجبا على حكم الدرجة الأولى بحثه. واصداره الأثر الثاقل للاستئناف. قصور.
ـــــــ
1- لما كان من المقرر في الفقه والقضاء الإداريين وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ، أن عدم قبول استقالة الموظف من جهة الإدارة تأسيسا على ما تفتضيه المصلحة العامة هو مما يدخل في نطاق سلطتها التقديرية وليس للقضاء الاداري فرض رقابته عليها إلا إذا تجاوزت التقدير في هذه السلطة ويقاس هذا التجاوز بمقدار النفع والضرر الذي يعود على الوظيفة أي بمقدار حاجة المرفق في بقاء الموظف على رأس عمله بها أو بمفارقته لها، ومن ثم فمتى كانت رغبة الموظف ترك الوظيفة يحدث اضطرابا بحسن سير المرفق العام ويربك نظام العمل فيه ، أو تكليف جهة الادارة نفقات غير مرصدة أو غير ذلك من الأمور الضارة ، فإن جهة الإدارة تترخص في رفض طلب الاستقالة باعتبار أن ذلك من صميم سلطتها التقديرية التي تمتلكها بهدف تحقيق مصلحة عامة ، ولا يمكن للقضاء مراقبة هذه السلطة إلا إذا تنكبت الإدارة هذه المصلحة التي يجب أن ينعاها قرارها ، فإن هي أصدرت القرار بباعث لا يمت لتلك المصلحة بصلة كان قرارها في هذه الحالة فاقداً لركن الغاية وبالتالي يكون مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها وهو عيب من عيوب القرار الاداري القصدية في السلوك الاداري التي تبرر إلغاء القرار ، إلا ان ذلك منوط بإقامة الدليل عليه لأنه لا يفترض ، وتقدير توافر عيب إساءة استعمال السلطة او الانحراف بها وتنكب ابتغاء المصلحة العامة من القرار هو من سلطة محكمة الموضوع متى جاء قضاؤها في ذلك سائغاً ومبنيا على ماله أصله في الأوراق.
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد اتخذ قواماً لأسبابه بإلغاء حكم الدرجة الأولى وإلغاء قرار الطاعنة وقبول استقالة المطعون ضده على ما أورده في مدوناته من ((… فضلاً على ما ورد بالحكم المستأنف من أن المصلحة العامة تمنع استقالة المستأنف، وهو ما تمسكت به المستأنف ضدها دون أن يبين الحكم المستأنف ماهي تلك المصلحة وما أهميتها وطبيعة عمل المستأنف وأين يعمل في وحدته وما طبيعة وحدته، فهذه كلها تؤخذ في الحسبان عند التكلم عن المصلحة العامة فهي لا تطلق هكذا على عواهنها ، فمفهوم وبيان ماهية المصلحة العامة يتبين مدى قبول أو عدم قبول الاستقالة أما وأن الحكم المستأنف لم يبين ذلك فإنه من أحقية المستأنف في طلبه بقبول الاستقالة ، وبالتالي فإن هذه المحكمة ومن خلال ما ذكر ترى إجابة طلب المستأنف بذلك…)) وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم لا يواجه دفاع الطاعنة الوارد بوجه النعي ، واكتفى في أسبابه على ما كان واجباً على حكم الدرجة الأولى بحثه وهو تقدير ما إذا كانت هناك مصلحة عامة تبرر القول بمشروعية القرار المطعون فيه وأهدر الحكم بذلك الأمر الناقل للاستئناف المقرر بالمادة 165 من قانون إجراءات المدنية باعتبار أن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف وتنظر محكمة الاستئناف الدعوى على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك للمحكمة الابتدائية إذ يترتب على الطعن بالاستئناف في الحكم الابتدائي نقل النزاع برمته إلى محكمة الدرجة الثانية ، فيكون لها بعد تناول صحة وقبول الاستئناف أن تفصل في موضوعه بأن تواجه عناصر الدعوى الواقعية والقانونية سواء ما كان مطروحاً منها أمام محكمة أول درجة أو ما يقدم إليها مباشرة ، إذ أن وظيفة محكمة الاستئناف تمتد إلى بحث كافة جوانب النزاع وتتصدى له بحكم جديد تراعي في إصداره الأوضاع الصحيحة التي يتطلبها القانون. وهو ما خالفه الحكم المطعون فيه
ـــــــــ
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم (229) لسنة 2014 إداري كلي أبوظبي اختصم فيها القيادة العامة للقوات المسلحة طالبا الحكم بقبول استقالته من عمله لديها مع حفظ كافة مستحقاته المالية، وقال شرحاً لدعواه إنه عمل لدى الطاعنة بوظيفة وكيل أول ابتداء من 5/10/1998 وقدم عدة طلبات استقالة إلا أن الإدارة امتنعت من قبولها رغم مرور المدة القانونية المقررة قانونا على تقديمها مما يعد تعسفا من جانبها ومن ثم كانت الدعوى ، ومحكمة أول درجة قضت بجلسة 30/9/2014 برفض الدعوى تأسيسا على أن المصلحة العامة تقتضي الاحتفاظ بالمطعون ضده في وظيفته ، استأنف الأخير هذا القضاء بالاستئناف رقم 202 لسنة 2014 ، ومحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية قضت بجلسة 2/2/2015 بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بقبول استقالة المطعون ضده وبتصفية مستحقاته المالية فكان الطعن المطروح الذي عرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت الدائرة جدارة نظره في جلسة فتم نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات وتحددت جلسة اليوم للنطق بالحكم .
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من ثلاثة أوجه تنعى الطاعنة بالوجه الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وعدم الإحاطة بوقائع النزاع عن بصر وبصيرة وفي بيان ذلك تقول أن قرارها بعدم قبول طلب استقالة المطعون ضده أسس على ما تفتضيه المصلحة العامة وحسن سير مرفق القوات المسلحة باعتبار أن تخصص المطعون ضده نادر وله أهميته ، ولا يوجد كادر بديل له لما يتطلبه الأمر من تأهيل وإعداد الذي قد يستغرق وقتاً كبيراً لندرة الدورات التخصصية في هذه المهام نظرا لانتهاء العقود التي كانت القوات المسلحة قد ارتبطت مع أطرافها في التأهيل والإعداد وهو ما لم يبحثه الحكم المطعون فيه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه من المقرر في الفقه والقضاء الإداريين وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ، أن عدم قبول استقالة الموظف من جهة الإدارة تأسيسا على ما تفتضيه المصلحة العامة هو مما يدخل في نطاق سلطتها التقديرية وليس للقضاء الاداري فرض رقابته عليها إلا إذا تجاوزت التقدير في هذه السلطة ويقاس هذا التجاوز بمقدار النفع والضرر الذي يعود على الوظيفة أي بمقدار حاجة المرفق في بقاء الموظف على رأس عمله بها أو بمفارقته لها، ومن ثم فمتى كانت رغبة الموظف ترك الوظيفة يحدث اضطرابا بحسن سير المرفق العام ويربك نظام العمل فيه ، أو تكليف جهة الادارة نفقات غير مرصدة أو غير ذلك من الأمور الضارة ، فإن جهة الإدارة تترخص في رفض طلب الاستقالة باعتبار أن ذلك من صميم سلطتها التقديرية التي تمتلكها بهدف تحقيق مصلحة عامة ، ولا يمكن للقضاء مراقبة هذه السلطة إلا إذا تنكبت الإدارة هذه المصلحة التي يجب أن يتغياها قرارها ، فإن هي أصدرت القرار بباعث لا يمت لتلك المصلحة بصلة كان قرارها في هذه الحالة فاقداً لركن الغاية وبالتالي يكون مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها وهو عيب من عيوب القرار الاداري القصدية في السلوك الاداري التي تبرر إلغاء القرار ، إلا ان ذلك منوط بإقامة الدليل عليه لأنه لا يفترض ، وتقدير توافر عيب إساءة استعمال السلطة او الانحراف بها وتنكب ابتغاء المصلحة العامة من القرار هو من سلطة محكمة الموضوع متى جاء قضاؤها في ذلك سائغاً ومبنيا على ماله أصله في الأوراق بما يكفى لحمله، ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ قواماً لأسبابه بإلغاء حكم الدرجة الأولى وإلغاء قرار الطاعنة وقبول استقالة المطعون ضده على ما أورده في مدوناته من ((… فضلاً على ما ورد بالحكم المستأنف من أن المصلحة العامة تمنع استقالة المستأنف، وهو ما تمسكت به المستأنف ضدها دون أن يبين الحكم المستأنف ماهي تلك المصلحة وما أهميتها وطبيعة عمل المستأنف وأين يعمل في وحدته وما طبيعة وحدته، فهذه كلها تؤخذ في الحسبان عند التكلم عن المصلحة العامة فهي لا تطلق هكذا على عواهنها ، فمفهوم وبيان ماهية المصلحة العامة يتبين مدى قبول أو عدم قبول الاستقالة أما وأن الحكم المستأنف لم يبين ذلك فإنه من أحقية المستأنف في طلبه بقبول الاستقالة ، وبالتالي فإن هذه المحكمة ومن خلال ما ذكر ترى إجابة طلب المستأنف بذلك…)) وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم لا يواجه دفاع الطاعنة الوارد بوجه النعي ، واكتفى في أسبابه على ما كان واجباً على حكم الدرجة الأولى بحثه وهو تقدير ما إذا كانت هناك مصلحة عامة تبرر القول بمشروعية القرار المطعون فيه وأهدر الحكم بذلك الأمر الناقل للاستئناف المقرر بالمادة 165 من قانون إجراءات المدنية باعتبار أن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف وتنظر محكمة الاستئناف الدعوى على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك للمحكمة الابتدائية إذ يترتب على الطعن بالاستئناف في الحكم الابتدائي نقل النزاع برمته إلى محكمة الدرجة الثانية ، فيكون لها بعد تناول صحة وقبول الاستئناف أن تفصل في موضوعه بأن تواجه عناصر الدعوى الواقعية والقانونية سواء ما كان مطروحاً منها أمام محكمة أول درجة أو ما يقدم إليها مباشرة ، إذ أن وظيفة محكمة الاستئناف تمتد إلى بحث كافة جوانب النزاع وتتصدى له بحكم جديد تراعي في إصداره الأوضاع الصحيحة التي يتطلبها القانون. وهو ما خالفه الحكم المطعون فيه بما يوجب نقضه دون ما حاجة لبحث الوجهين الآخرين من سبب النعي على أن يكون مع النقض الإحالة.