جلسة 30 من يناير سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 1422 لسنة 49 القضائية عليا.
– شئون الطلاب– التحويل من كلية إلى أخرى- ضوابطه.
المادة (18) من دستور 1971- المادة (86) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم (809) لسنة 1975، معدلة بقراره رقم (278) لسنة 1981.
الحق في التعليم مكفول بالدستور الذي يعتد بحالات الضرورة، فأصبح لزاما على الدولة أن تراعي عند تنظيمها لهذا الحق أن يكون لكل مواطن الحق في أن يتلقى قدرا من التعليم يتناسب مع ميوله وقدراته وظروفه، وذلك وفق القواعد التي يسنها المشرع تنظيما لهذا الحق بما لا يؤدي إلى مصادرته أو الانتقاص منه، وعلى ألا تخل تلك القيود، ومنها قيد التوزيع الجغرافي وإمكانية التحويل بين الكليات المتناظرة، بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص– رعاية من المشرع لأصحاب الأعذار المرضية أو القهرية التي تحول دون استمرار طلاب الفرق الإعدادية والأولى في الكليات التي ليس بها سنة إعدادية في كليات خارج المحافظات التي يقيمون بها أجاز استثناءً تحويلهم إلى الكليات النظيرة القريبة من محال إقامتهم، ولو لم يكونوا حاصلين على الحد الأدنى للمجموع المتطلب للالتحاق بالكلية التي يرغبون في التحويل إليها، وذلك بناءً على توصية من القومسيون الطبي العام– أساس ذلك: أن الأعذار المرضية أحداث غير مألوفة تنتظمها فكرة المفاجأة التي يستحيل توقعها ويتعذر دفعها من أشد الناس يقظة وبصرا بالأمور– تطبيق.
في يوم السبت الموافق 9/11/2002 أودع الأستاذ / … المحامي بصفة وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية في الدعوى رقم 5884 لسنة 7 ق بجلسة 9/10/2002 الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ قرار جامعة الزقازيق السلبي بالامتناع عن تحويل ابنة المدعي… إلى كلية الصيدلة بها، وإلزام الجامعة المدعى عليها المصروفات، وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، وبقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقاً للثابت بالأوراق ، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات .
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات ثم قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره .
ونفاذاً لذلك ورد الطعن إلى هذه المحكمة ونظرته بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً .
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 31/7/2002 أودع المطعون ضده قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية صحيفة الدعوى رقم 5884 لسنة 7 ق طالباً في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً ، وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تحويل كريمته من كلية الصيدلة بجامعة أسيوط إلى كلية الصيدلة جامعة الزقازيق، مع ما يترتب على ذلك من آثار وتنفيذ الحكم بمسودة دون إعلان وإلزام المدعى عليها المصروفات.
وذكر المدعي شرحاً لدعواه أن كريمته المذكورة حصلت على شهادة الثانوية العامة ورشحت لكلية الصيدلة بجامعة أسيوط للعام 2001/2002 بعيداً عن مقر الأسرة، وهي مصابة بأمراض نفسية وجسمانية خطيرة تؤثر على مستقبلها العلمي، وتؤكد ذلك الفحوص الطبية والقومسيون الطبي من اللجنة العليا. واختتم المدعي صحيفة دعواه بطلب الحكم بطلباته .
وبجلسة 10/9/2002 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه استناداً إلى أن كريمة المدعي تعاني من أمراض نفسية طبقاً للكشف الذي أجراه المجلس الطبي العام بالجامعة المدعى عليها، ومن ثم يتوافر ركن الجدية والاستعجال في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه . وانتهت المحكمة إلى قضائها المتقدم .
ولم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الجامعة الطاعنة فأقامت طعنها ناعية عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وتفسيره والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع للالتفات عن المذكرات والمستندات التي قدمتها الجامعة، حيث إن المشرع وضع عدة ضوابط للتحويل من كلية لأخرى، وهي لا تنطبق على كريمة المطعون ضده حيث إنها منقولة للفرقة الثانية بصيدلة أسيوط بمواد تخلف، ويشترط لقبول تحويلها أن تكون ناجحة بدون مواد تخلف .
وخلصت الجامعة في تقرير طعنها إلى طلب الحكم بطلباتها .
ومن حيث إن المادة (18) من الدستور تنص على أن “التعليم حق تكفله الدولة …”.
وتنص المادة (86) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1972 في شأن تنظيم الجامعات على أن: “يتم تحويل ونقل قيد الطلاب فيما بين الكليات التابعة للجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات وفق الأحكام الآتية: 1- لا يجوز النظر في تحويل طلاب الفرقة الإعدادية والأولى في الكليات التي ليس بها سنة إعدادية بين الكليات المتناظرة إلا في الحالات الآتية: أ-… ب- إذا كان الطالب غير حاصل على الحد الأدنى للمجموع الذي وصل إليه القبول في الكلية، فيجوز التحويل بقرار من مجلس الكلية المحول إليها بناء على توصية من القومسيون الطبي العام لحالة مرضية . جـ- …. 2- أما بالنسبة لطلاب السنوات الأخرى فيجوز تحويل الطالب من كلية إلى نظيرتها في ذات الجامعة أو في جامعة أخرى بموافقة مجلسي الكليتين المختصتين …”.
ومن حيث إن المستفاد من هذا النص أنه يجوز النظر في تحويل طلاب الفرقة الإعدادية (والأولى في الكليات التي ليس بها فرقة إعدادية) بين الكليات المتناظرة حتى لو كان الطالب غير حاصل على الحد الأدنى للمجموع الذي وصل إليه القبول في الكلية المراد التحويل إليها، وذلك بقرار من مجلس الكلية بناء على توصية من القومسيون الطبي العام لحالة مرضية، كما يجوز لطلاب السنوات الأخرى تحويل الطالب من كلية إلى نظيرتها بموافقة مجلسي الكليتين .
ومن حيث جرى قضاء هذه المحكمة على أن “الحق في التعليم مكفول بنص المادة (18) من الدستور الذي يعتد بحالات الضرورة ولا يكلف المواطن غير طاقته أو يرهقه من أمره عسراً؛ انطلاقاً من حقيقة أن التعليم يعد من أهم وظائف الدولة وأكثرها خطراً، وأن التعليم العالي يشكل الركيزة الرئيسية لمد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء ، وأصبح لزاماً على الدولة أن تراعي عند تنظيمها للحق في التعليم أن يكون لكل مواطن الحق في أن يتلقى منه قدراً يتناسب مع ميوله وملكاته وقدراته ومواهبه وظروفه، وذلك كله وفق القواعد التي يسنها المشرع تنظيماً لهذا الحق، بما لا يؤدي إلى مصادرته أو الانتقاص منه، وعلى ألا تخل القيود التي يفرضها في مجال هذا التنظيم – ومنها قيد التوزيع الجغرافي أو التحويل بين الكليات المتناظرة – بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة. ولا يتعارض مع هذين المبدأين رعاية المشرع لأصحاب الأعذار المرضية أو القهرية التي تحول دون استمرارهم في كليات خارج المحافظات التي يقيمون بها، فأجاز استثناء تحويلهم إلى الكليات النظيرة القريبة من محال إقامتهم يتلقون فيها العلم بسهولة ويسر حيث يتأبى مع طبيعة هذه الأعذار ويتنافى مع مدلولها عدم التيسير على أصحابها بحسبانها أحداثاً غير مألوفة تنتظمها فكرة المفاجأة التي يستحيل توقعها ويتعذر دفعها من جانب أشد الناس يقظة وبصراً بالأمور، وعليه وضع المشرع قاعدة التوزيع الجغرافي وفي ذات الوقت استثنى منها أصحاب الأعذار المرضية أو القهرية الحاصلين على الثانوية العامة بحيث يلحقون بالكليات النظيرة والقريبة منهم التي يرغبون التحويل إليها، حتى ولو لم يحصلوا على الحد الأدنى للقبول بها، وذلك مراعاة لأعذارهم وظروفهم القهرية، وذلك ما جرى به صريح نص المادة (86/1) من اللائحة المذكورة بالنسبة لطلبة الفرقة الإعدادية – أو الفرقة الأولى في الكليات التي ليس بها فرقة إعدادية – وأجاز في البند رقم (2) من ذات المادة لطلبة السنوات الأعلى الأخرى هذا التحويل من باب أولى بموافقة مجلسي الكليتين دون قيد أو شرط آخر.
(الطعن رقم 1173 لسنة 49 ق. عليا بجلسة 21/2/2007)
ومن حيث إنه هدياً بما تقدم وتطبيقاً له فإن البادي من ظاهر الأوراق أن كريمة المطعون ضده المذكورة حصلت على الثانوية العامة والتحقت بكلية الصيدلة جامعة أسيوط، ونجحت في الفرقة الإعدادية بمواد تخلف، وأثبت المجلس الطبي العام بالقومسيون الطبي بجامعة الزقازيق أنها مريضة وتعاني من نوبة اكتئاب تفاعلي، ولذلك طلبت التحويل إلى الكلية النظيرة بالجامعة الطاعنة حتى يتسنى لها استكمال تعليمها في كنف أسرتها وتحت رعايتها ، ولذا فإن امتناع كلية الصيدلة جامعة الزقازيق عن قبول تحويلها إليها يكون مجافياً لصحيح الواقع متصادماً مع الظروف المرضية للطالبة التي تتكبد هذا المرض، مهدراً لحقها الدستوري في استكمال دراستها وفي التعليم، ويتوافر بالتالي ركنا الجدية والاستعجال في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، ويكون الحكم المطعون فيه صحيحاً إذا انتهى إلى ذات النتيجة، ويكون الطعن عليه مفتقراً لسنده جديراً بالرفض، وإلزام الجامعة الطاعنة المصروفات عملاً بنص المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ، ورفضه موضوعاً ، وألزمت الجامعة الطاعنة المصروفات.