جلسة 2 من يوليه سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمدعبد العزيز إبراهيم أبو العزم، وحسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 1426 لسنة 49 قضائية.عليا:
ضرائب عقارية ــ شروط إعفاء المدارس الخاصة والمعاهد التابعة أو الخاضعة لإشراف إحدى وحدات الجهاز الإدارى للدولة من الضرائب العقارية.
مناط إعفاء المدارس الخاصة والمعاهد التابعة أو الخاضعة لإشراف إحدى وحدات الجهاز الإدارى للدولة أو القطاع العام من الضرائب العقارية المنصوص عليها فى المادة (11) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر يتحقق بتوافر شرطين، أولهما: أن تكون تلك المدارس والمعاهد الخاصة أنشئت أو تنشأ اعتبارًا من 9/9/1977. وثانيهما: أن تُستعمل تلك المدارس والمعاهد فى أغراض لا تدخل فى نطاق النشاط التجارى أو الصناعى أو المهنى الخاضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، أو الضريبة على أرباح المهن غير التجارية ولا يفيد من ذلك سوى المستأجرين المصريين ــ تطبيق.
فى يوم السبت الموافق 9/11/2002 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 1426 لسنة 49ق .ع فى الحكم المشار إليه، والقاضى بقبول الدعوى شكلاً، وفى الشق المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا أصليًا: بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيًا بنظر الدعوى. واحتياطيًا: بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة أو مصلحة. ومن باب الاحتياط الكلى: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار السلبى المطعون فيه. ومن باب الاحتياط الأخير: برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع برفضه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة7/6/2004، وبجلسة 1/11/2004 قررت إحالته إلى هذه المحكمة التى نظرته بجلساتها حتى قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أن المطعون ضده بصفته أقام الدعوى المشار إليها بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 26/9/2001 وطلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى المطعون فيه فيما تضمنه من امتناع المدعى عليه عن إعفاء المدارس الخاصة والمراكز التعليمية والمعاهد الخاصة بجمهورية مصر العربية من الضريبة على العقارات المبنية وضريبة إيرادات الثروة العقارية وبإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال ــ شرحًا للدعوى ــ إن وزير المالية امتنع عن تقرير إعفاء الجهات المشار إليها من الضريبة العقارية المنصوص عليها فى القانون رقم 56لسنة 1954 وذلك بالمخالفة لحكم المادتين (11) و(27) من القانون رقم 136 لسنة 1981، وقد استند المدعى إلى ما انتهت إليه إدارة الفتوى لوزارة المالية بالفتوى رقم 566 فى 9/7/1998 من إعفاء مالكى وشاغلى المبانى المؤجرة للجمعيات وما فى حكمها التى لا ترمى إلى الكسب والمعاهد التعليمية التابعة أو الخاضعة لإشراف إحدى وحدات الجهاز الإدارى للدولة أو القطاع العام من جميع الضرائب العقارية طبقًا لنصى المادتين السالفتى البيان، وقد اعتمد وزير المالية بصفته الفتوى المشار إليها بتاريخ 25/10/1999، ثم عدل طلباته أمام المحكمة إلى طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه الصادر من الجهة الإدارية بالامتناع عن استبعاد إيرادات عقارات المدارس الخاصة داخل محافظات القاهرة والجيزة من وعاء الضريبة العامة على الإيراد والامتناع عن إعفاء تلك المدارس من الضريبة العقارية.
وبجلسة 26/9/2002 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أنه لما كانت الجهات المشار إليها مستغلة فى غرض لا يدخل فى نطاق النشاط التجارى أو الصناعى أو المهنى الخاضع للضريبة على الدخل وخاضعة لإشراف وزارة التربية والتعليم، ومن ثَمَّ فإن العقارات الكائنة فيها هذه المدارس والمعاهد يتحقق فى شأنها الإعفاء من الضرائب العقارية الأصلية والإضافية، ويكون القرار المطعون فيه بإخضاع المدارس والمعاهد التعليمية الخاصة للضرائب العقارية غير قائم ــ بحسب الظاهر من الأوراق ــ على سببه المبرر له، وجاء مخالفًا لصحيح حكم القانون، ويتوافر بالتالى ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال المتمثل فيما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من إجراءات الحجز الإدارى على هذه المدارس، مما يؤدى إلى إعاقة أداء المدارس والمعاهد التعليمية الخاصة لرسالتها التعليمية، ومن ثَمَّ يتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن ورود الحكم المطعون فيه مشوبًا بالقصور فى التسبيب، كما خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله، ذلك أن محاكم مجلس الدولة غير مختصة بنظر الدعوى، إذ يطلب المدعى تطبيق نصى المادتين (11) و(27) من القانون رقم 49 لسنة 1977 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1981، وهذا الطلب ينعقد الاختصاص بنظره للمحاكم المدنية، وكذلك فإن الدعوى رُفعت من غير ذى صفة أو مصلحة فلم يقدم المدعى السند الرسمى لصفته كرئيس لمجلس إدارة جمعية أصحاب المدارس الخاصة والمراكز التعليمية والمعاهد الخاصة. ودفع الطاعنون بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى السلبى؛ ذلك أن هذه الأماكن لا تُعفَى من الضريبة على العقارات المبنية، ومن ثَمَّ فلا إلزام على جهة الإدارة بإصدار قرار بإعفائها، ذلك أن مناط الإعفاء أن تكون من الأبنية المخصصة لإقامة الشعائر الدينية أو المدارس التى تختص بتعليم الدين، كما أنها غير خاضعة لإشراف إحدى وحدات الجهاز الإدارى للدولة أو القطاع العام فالمشرع فرَّق بين المبانى المؤجرة لغرض السكنى وغيرها من الأماكن المستعملة فى أغراض لا تدخل فى نطاق النشاط التجارى أو الصناعى أو المهنى الخاضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية والضريبة على أرباح المهن غير التجارية، فقرر أن يستفيد مالكو وشاغلو المبانى المؤجرة لغرض السكنى من هذا الإعفاء فى حين قصره على المستأجرين المصريين على غيرها من الأماكن، ولما كان المطلوب إعفاء مالكى هذه الجهات فإنه لا يكون ثمة قرار سلبى بالامتناع، وكان يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى، وإذ لم يتوافر ركنا الجدية والاستعجال فكان يتعين الحكم برفض طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث إنه عما دفعت به الجهة الطاعنة بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيًا بنظر الدعوى، ولما كانت طلبات المدعى الختامية فى الدعوى، وكما انتهى الحكم المطعون فيه هى وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن إعفاء المدارس الخاصة والمعاهد التعليمية الخاصة الواقعة داخل نطاق محافظتى القاهرة والجيزة من الضريبة المفروضة على العقارات المبنية بموجب القانون رقم 56 لسنة 1954 مع ما يترتب على ذلك من آثار، ولما كان مناط إعفاء الجهات المشار إليها هى بتوافر الشروط التى تطلبها القانون ومنها ألا تكون المبانى من المستوى الفاخر طبقًا لقرار وزير الإسكان رقم 766 لسنة 1981 إلى غير ذلك من الشروط، ومن ثَمَّ يعد القرار السلبى بالامتناع عن إعفاء عقار ما من القرارات الإدارية التى تختص بنظرها محاكم مجلس الدولة ولا يغير من ذلك استناد الجهة الطاعنة إلى نص المادة الخامسة من القانون رقم 49 لسنة 1977، ذلك أن اختصاص المحاكم العادية طبقًا لهذا النص ينصرف إلى المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانون المذكور والخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، ومن ثَمَّ يتعين رفض الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيًا بنظر الدعوى وباختصاصها.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة استنادًا إلى أن مقيم الدعوى، بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية أصحاب المدارس الخاصة والمراكز التعليمية والمعاهد الخاصة، لم يقدم السند الرسمى بصفته، وإذ قدم المطعون ضده بجلسة 5/2/2005 أمام هذه المحكمة ما يفيد بأن الجمعية المذكورة مشهرة برقم 276 لسنة 1966 ولها شخصية اعتبارية وطبقًا للمادة (40) من لائحة نظامها الأساسى يمثل رئيس مجلس الإدارة الجمعية أمام القضاء، ومن ثَمَّ تكون له الصفة فى إقامة الدعوى ويتعين رفض الدفع.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 56 لسنة 1954 فى شأن الضريبة على العقارات المبنية تنص على أن: “تفرض ضريبة سنوية على العقارات المبنية وأيًا كان الغرض الذى تُستخدم فيه دائمة أو غير دائمة مقامة على الأرض أو على الماء مشغولة بعوض أو بغير عوض…”.
وتنص المادة (11) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه “فيما عدا المبانى من المستوى الفاخر يعفى اعتبارًا من أول يناير التالى لتاريخ العمل بهذا القانون مالكو وشاغلو المبانى المؤجرة لأغراض السكنى التى أنشئت أو تنشأ اعتبارًا من سبتمبر سنة 1977 من جميع الضرائب العقارية الأصلية والإضافية ولا تدخل إيرادات هذه المساكن فى وعاء الضريبة العامة على الإيرادات، ولا يسرى حكم الفقرتين السابقتين على الأماكن المستعملة مفروشة أو فنادق أو بنسيونات”. وتنص المادة (27) من ذات القانون على أن “تعامل فى تطبيق أحكام هذا القانون معاملة المبانى المؤجرة لأغراض السكنى، الأماكن المستعملة فى أغراض لا تدخل فى نطاق النشاط التجارى أو الصناعى أو المهنى الخاضعة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية أو الضريبة على أرباح المهن غير التجارية ولا يفيد من أحكام هذه المادة سوى المستأجرين المصريين”. وتنص المادة (71) من القانون رقم 157 لسنة 1981 بشأن الضرائب على الدخل المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993 على أن “يعفى من الضريبة: 1 ــ ………. 2 ــ ……. 3ــ المعاهد التعليمية التابعة أو الخاضعة لإشراف إحدى وحدات الجهاز الإدارى للدولة أو القطاع العام”.
ومن حيث إن مفاد ما سبق أن القانون المشار إليه فرَّق بين المبانى السكنية فعلاً أو اعتبارًا وبين غيرها من المبانى وزاد الأجرة فى المبانى المؤجرة لغير السكنى دون المبانى المؤجرة لأغراض السكنى، وفى المقابل أعفى المبانى المؤجرة لأغراض السكنى ــ من غير المستوى الفاخر ــ من جميع الضرائب العقارية الأصلية والإضافية ، وكان منطق القانون بهذا المعنى أن ما زيدت أجرته لا يُعفَى من الضريبة وأن يقتصر الإعفاء من الضريبة على ما لم تزد أجرته إلا أنه فى مجال الأحكام الضريبية لابد من نص صريح يخضعها للضريبة فلا يستفاد الحكم من مجرد الاستنتاج.
ومن حيث إنه ولئن كانت المحكمة الدستورية العليا قضت بجلستها المنعقدة بتاريخ 29/4/1989 فى القضية رقم 21 لسنة 7ق دستورية بعدم دستورية نص المادة (27) المشار إليها إلا أن حكم عدم الدستورية يقتصر فقط على عدم دستورية استثناء الأماكن المشار إليها بالنص بالنسبة إلى تطبيق ما تضمنته المادة (7) من زيادة الأجرة دون أن يعنى هذا الحكم عدم دستورية نص المادة (27) المشار إليها كليةً أى لا ينصرف إلى ما قررته تلك المادة من معاملة تلك الأماكن ذات معاملة المبانى المؤجرة لأغراض السكنى فى بقية أحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 سالف الذكر، ومنها ما يتعلق بالإعفاء المنصوص عليه فى المادة (11) من هذا القانون، الأمر الذى يعنى استمرار إعفاء تلك المبانى من كافة الضرائب العقارية الأصلية منها والإضافية، شأنها فى ذلك شأن المبانى المؤجرة لأغراض السكنى.
ومن حيث إن مناط إعفاء المدارس الخاصة والمعاهد التابعة أو الخاضعة لإشراف إحدى وحدات الجهاز الإدارى للدولة أو القطاع العام ــ وتعد وزارة التربية والتعليم إحدى هذه الوحدات ــ من الضرائب العقارية المنصوص عليها فى المادة (11) سالفة الذكر يتحقق بتوافر شرطين أولهما: أن تكون تلك المدارس والمعاهد الخاصة أنشئت أو تنشأ اعتبارًا من9/9/1977، وثانيهما: أن تستعمل تلك المدارس والمعاهد فى أغراض لا تدخل فى نطاق النشاط التجارى أو الصناعى أو المهنى الخاضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية أو الضريبة على أرباح المهن غير التجارية، ولا يفيد من ذلك سوى المستأجرين المصريين، وإذ لم تقدم الجهة الطاعنة ما يفيد عدم توافر مناط الإعفاء فى هذه الجهات وإنما كان خلافها مع المطعون ضده على سند من عدم تمتع تلك الجهات من الإعفاء وهو ما ثبت فساده على نحو ما سلف بيانه، ولما كان البادى من ظاهر الأوراق أن الجهة الإدارية امتنعت عن إعفاء المدارس الخاصة والمعاهد التعليمية الخاصة الواقعة فى نطاق محافظتى القاهرة والجيزة دون أن يستند امتناعها على عدم توافر شروط تمتعها بالإعفاء، ومن ثَمَّ يكون قرارًا سلبيًا مخالفًا للقانون، ويتوافر بالتالى ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه، كما يتوافر ركن الاستعجال المتمثل فى أن تحميل هذه المبانى بأعباء هذه الضريبة بما يؤدى إلى تعطيلها عن أداء الغرض من إنشائها أو تحميل المستفيدين منها بأعباء تحول دون الانتفاع بخدماتها، ومن ثَمَّ يغدو طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قائمًا على ركنيه، ويتعين بالتالى وقف تنفيذ القرار وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه مصادفًا صحيح القانون، ويكون الطعن عليه على غير أساس جديرًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.