جلسة 13 من سبتمبر سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح.
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد عبدالحميد حسن عبود، ومحمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حتة محمود حتة.
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 1457 لسنة 45 قضائية عليا:
ـ ثبوت الجنسية المصرية ـ النطاق الزمنى لسريان قوانين الجنسية.
المادة (3) من المرسوم بقانون الصادر فى 26/5/1926.
المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929.
قوانين الجنسية لا تعنى زوال الجنسية عن الأفراد الذين اكتسبوا مركز المصرى وفقًا لأحكام أحد هذه القوانين إبان سريانه، بل إنهم يظلون متمتعين بهذا المركز مادام القانون الجديد قد خلا من نص صريح يحرمهم منها، فمن اعتبر مصرياً فإنه يظل مصرياً ولا تتأثر جنسيته بصدور قانون لاحق قد يتضمن تعديلاً فى الشروط اللازمة لشغل مركز المصرى ما لم يكن القانون الجديد قد انطوى على نص صريح يقضى بذلك المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية قد استلزم لإثبات الجنسية الأصلية للرعايا العثمانيين الذين قدموا إلى البلاد فى نوفمبر سنة 1914 التقدم بطلب خلال سنة من تاريخ نشر المرسوم بقانون، هذا النص الجديد إنما ينطبق على الوقائع والمراكز الخاضعة لسلطانه دون أن يمتد إلى الأفراد الذين اكتسبوا مركز المصرى طبقاً لأحكام المرسوم بقانون الصادر سنة 1926 ـ تطبيق.
فى يوم الإثنين الموافق 4/ 1/1999 أودع الأستاذ الدكتور/ محمد عصفور، المحامى بصفته وكيلاً عن السيد/ طه محمد عبد الله قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1547 لسنة 45ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 6974لسنة 50ق. بجلسة 28/7/1998 والقاضى فى منطوقه “بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا، وألزمت المدعى المصروفات”. وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة فى تقرير الطعن ـ تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لكى يصدر الحكم له بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، والحكم مجدداً بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن الاعتراف للطاعن بالجنسية المصرية، وفى الموضوع بأحقيته فى اعتباره مصرى الجنسية أصلاً وما يترتب على ذلك من آثار قانوناً، مع إلزام الجهة المطعون ضدها المصاريف عن درجتى التقاضى شاملة أتعاب المحاماة .
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن طلبت فى ختامه ـ وللأسباب المبينة به ـ الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً لإقامته بعد الميعاد، وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 17/1/2000 والجلسات التالية لها على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 19/3/2001 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا
(الدائرة الأولى ـ موضوع ) لنظره بجلسة 19/5/2001، حيث نظرته هذه الدائرة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 19/4/2003 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال شهر.
وبجلسة اليوم صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 6974 لسنة 50 ق. أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة طالباً الحكم بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن الاعتراف للطالب بالجنسية المصرية وما يترتب على ذلك من آثار، وفى الموضوع بأحقيته فى اعتباره مصرى الجنسية أصلاً وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام وزارة الداخلية المصروفات، ومقابل أتعاب المحاماة، وذكر شرحاً لدعواه أنه كان يعمل بالمصانع الحربية، وفصل منها باعتباره أجنبيًا (سودانياً) فتقدم لمصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بغرض إثبات جنسيته المصرية عام 1991 استناداً إلى أن والده مصرى الجنسية وأن إقامة الطالب دائمة بجمهورية مصر العربية، وجده كان من قوات حرس الحدود فى الفترة من
سنة 1922، وكان قبل ذلك يعمل بالإسكندرية بشركة كاما فى الفترة من سنة 1913 إلى سنة 1922 وقدم المستندات التى تفيد إثبات جنسيته المصرية، وعلى الرغم من ذلك طلبت مصلحة وثائق السفر منه تعزيز المستندات المقدمة منه والخاصة بإقامة جده فى الفترة من سنة 1914 حتى سنة 1922، فتقدم بشهادة ميلاد أمه سنة 1937 وهى مصرية، مشيراً إلى أنه لا يتوافر لديه أية مستندات أخرى يعزز بها تلك الإقامة نظراً لبعد الفترة المشار إليها.
وبجلسة 28/7/1999 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيساً على أن “الثابت من الاطلاع على المستندات المقدمة من المدعى لإثبات الجنسية المصرية لوالده وجده أنه ذكر فى طلب إثبات جنسية جمهورية مصر العربية المقدم منه أن والده من مواليد 15/12/1930 بجهة ألماظة بمصر الجديدة، وأن جنسيته الأصلية سودانى الجنسية وأن جده سودانى الجنسية أيضاً، إلا أنه لم يقدم ما يفيد إقامة جده بالبلاد فى الفترة من 5 من نوفمبر سنة 1914 واستمرار هذه الإقامة حتى 10 من مارس سنة 1929 ـ تاريخ نشر المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 حتى يمكن القول بأن جد الطالب قد دخل الجنسية المصرية بقوة القانون تطبيقاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929، والمستند الوحيد الذى قدمه المدعى لذلك عبارة عن صورة ضوئية من شركة كاما مؤرخة فى 5/2/1985 تفيد أن جده كان يعمل بالمخازن فى الفترة من أول مارس سنة 1913 إلى آخر أكتوبر سنة 1922، وترك العمل بناءً على طلبه، وهذا المستند فضلاً عن أنه ورقة عرفية لا تحوز أى حجية قبل الغير فإنها غير معززة بأية أدلة أو قرائن تفيد إقامة جد المدعى بالبلاد اعتباراً من 15/11/1914 وبهذه المثابة فإن المذكور لا يفيد من حكم الفقرة الثالثة من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929، ولا يعتبر مصريًا بقوة القانون” وأضافت المحكمة أنه” لم يثبت من أوراق الدعوى أن جد المدعى قد تقدم بطلب لمنحه الجنسية المصرية طبقاً لحكم المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 سالف الإشارة إليها، ومن ثَمَّ فإنه مع افتراض إقامته بالبلاد بعد 5 نوفمبر سنة 1914 وحتى نشر المرسوم بقانون المشار إليه فإنه لا يعتبر مصرى الجنسية بحسبان أن الدخول فى الجنسية المصرية طبقاً لحكم المادة الثالثة من القانون رقم 19 لسنة 1929 لا يتم بقوة القانون وإنما هو أمر جوازى يتوقف على إرادة صاحب الشأن، فإن هو تقدم بطلب بذلك خلال المهلة المنصوص عليها فى هذا المرسوم اعتبر داخلاً فى الجنسية المصرية ، أما إذا لم يتقدم بهذا الطلب، كما هو الشأن بالنسبة لجد المدعى فإنه لا يدخل فى الجنسية المصرية “وخلصت المحكمة إلى أن” جد المدعى لا يعتبر مصرى الجنسية …. فضلاً عن أن المدعى لم يقدم من الأوراق ما يفيد تمتع والده أيضًا بالجنسية المصرية، وإنما ـ وبإقرار المدعى ـ ذكر أن جنسيته سودانى، وتبعاً لذلك ونتيجة له فإن المدعى لا يكون له أى حق فى الدخول فى الجنسية المصرية، ومن ثَمَّ تكون دعواه غير قائمة على أساس سليم من القانون خليقة بالرفض”.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله كما أهدر دفاع الطاعن الجوهرى، كما أهدر مستنداته وتناقض فى أسبابه ذلك أن الطاعن تقدم بصورة شهادة صادرة من شركه كاما للاستيراد والتصدير ومحررة على ورق الشركة ومختومة بخاتمها وموقع عليها من مدير مسئول بالشركة , وموضح بتلك الشهادة عنوان الشركة ورقم التليفون الخاص بها والسجل التجارى، وموثقة بالشهر العقارى، وجاء بها أن السيد/ …………………….. (الجد) كان يعمل بالشركة منذ سنة 1913وحتى سنة 1922 وهى تصلح دليلاً على الإقامة لأصول الطاعن فى مصر فى الفترة التى حددها القانون على النحو المشار إليه ولا يصح قانونًا القول بأن تلك الشهادة ورقة عرفية ذلك أن الثابت من الإرشادات الواردة على ظهر إثبات الجنسية أنه يعتد ـ إذا تعذر الإثبات بأوراق رسمية ـ بالأوراق العرفية، كما أن الطاعن تقدم بما يفيد أن جده كان يخدم بالقوات المسلحة متطوعاً بدرجة عريف اعتباراً من 8/11/1923، وانتهت خدمته لبلوغه السن القانونية فى 1/4/1945 بسلاح حرس الحدود أى أنه تنطبق عليه نصوص القوانين المشار إليها سلفاً، وأنه كان بالفعل مقيماً بالبلاد قبل وبعد الفترة المنصوص عليها بها، هذا فضلاً عن أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الأوراق قد خلت مما يفيد أن جد المدعى قد تقدم بطلب لمنحه الجنسية المصرية طبقاً لحكم المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 يعد خطأ فى تطبيق القانون، حيث إن هذا النص لا ينطبق على الطاعن.
وخلص الطاعن إلى طلباته سالفة الذكر .
ومن حيث إن هيئة مفوضى الدولة طلبت الحكم بعدم قبول الطعن الماثل شكلاً لإقامته بعد الميعاد .
ومن حيث إن الثابت من الشهادة الصادرة من هيئة مفوضى الدولة بالمحكمة الإدارية العليا المؤرخة فى 15/5/ 2000 والمودعة بحافظة المستندات المقدمة من الطاعن بجلسة 19/6/ 2000 “فحص” أن الطاعن تقدم بطلب الإعفاء رقم 596 لسنة 44ق. عليا فى 16/9/1998 وبجلسة 22/ 11/1998 رفض طلبه، وإذ أقام طعنه الماثل فى 4/ 1/1999، أى فى الميعاد المقرر قانوناً، ومن ثَمَّ وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن الطاعن يستهدف من طعنه الحكم له بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن الاعتراف له بالجنسية المصرية، وفى الموضوع بأحقيته فى اعتباره مصرى الجنسية أصلاً، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة المطعون ضدها المصاريف عن درجتى التقاضى، شاملة أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن حقيقة طلبات الطاعن ـ بحسب صحيح التكييف القانونى لها ـ ينحصر فى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بالاعتراف له بالجنسية المصرية.
ومن حيث إن الطاعن من مواليد سنة 1963، كما هو واضح من صورة قيد ميلاده المودعة بملف جنسيته، وأن والد الطاعن ـ حسبما يبين من شهادة ميلاده هو الآخر ـ من مواليد سنة 1930، ومن ثَمَّ تتحدد جنسية الطاعن فى ضوء جنسية جده، باعتبار أن والد الطاعن كان قاصراً فى ظل العمل بأحكام المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية.
ومن حيث إنه ولئن كانت الأوراق قد خلت مما يفيد تاريخ ميلاد جد الطاعن إلا أن الثابت من كتاب وزارة الدفاع ـ قيادة قوات حرس الحدود ـ شعبة التنظيم والإدارة المؤرخ فى 20/1/2003 والمودع بحافظة مستندات الجهة الإدارية المطعون ضدها بجلسة 8/3/2003 أن جد الطاعن التحق بالخدمة متطوعاً بتاريخ 18/1/1923، وأنهيت خدمته بتاريخ 1/4/1945 وقدر سنه بخمس وثلاثين سنة فى 21/6/1931 (تقدير سن ).
ومن حيث إن الجنسية المصرية ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ قد بدأ تنظيمها فى أول تشريع للجنسية صدر فى الدولة العثمانية سنة 1869، وخضعت مصر لهذا التشريع بحسبانها خاضعة للدولة العثمانية، إلى أن انفصمت عرى هذه الرابطة، وزالت التبعية، وأصبح لمصر الحق فى إنشاء جنسية خاصة بها فصدر أول مرسوم بقانون للجنسية المصرية فى 26/5/1926، ثم صدر القانون رقم 19 لسنة 1929، فالقانون رقم 160 لسنة 1950، وظل معمولاً به حتى صدر القانون رقم 391 لسنة 1956 لمسايرة ظروف المجتمع والتغيير الاجتماعى فى عهد الجمهورية، ثَمَّ تلاه القانون رقم 82 لسنة 1958 عقب قيام الوحدة بين مصر وسوريا فى 22 من فبراير سنة 1958، وبعد الانفصال فى 28/9/1961 صدر قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 فى 21/5/1975 وهو التشريع المعمول به حالياً .
ومن حيث إنه فى ضوء ما تقدم، ولما كان جد الطاعن فى تاريخ أول مرسوم بقانون الجنسية المصرية الصادر سنة 1926 بالغاً سن الرشد القانونى، حسبما يستفاد من كتاب وزارة الدفاع، المشار إليه ومن ثَمَّ فإن جنسية المذكور تتحدد فى ضوء المرسوم بقانون سالف الذكر.
ومن حيث إن المادة الثالثة من المرسوم بقانون الصادر فى 26 من مايو سنة 1926 تنص على أن “يعتبر قد دخل الجنسية المصرية منذ تاريخ نشر هذا القانون وبحكمه أيضاً الرعايا العثمانيون الذين جعلوا إقامتهم العادية فى القطر المصرى بعد تاريخ 5 من نوفمبر سنة 1914، وحافظوا على تلك الإقامة حتى تاريخ نشر هذا القانون”.
من حيث إنه سبق لهذه المحكمة فى الطعن رقم 5265 لسنة 42ق. عليا الصادر بجلسة 9/6/2001 أن ذهبت فى خصوصية هذا النص إلى أنه وإن كان جلياً وواضحًا، فإن مثار الصعوبة فى تطبيقه يكمن فى أن مرسوم سنة 1926 وإن كان قد حدد من الوجهة القانونية قواعد الجنسية المصرية، إلا أن الجهة الإدارية لم تنفذه عملاً، فقد صدر هذا المرسوم بقانون فى فترة تعطيل البرلمان، والذى حدث على ما عبرت عنه المذكرة التفسيرية للمرسوم رقم 19 لسنة 1929 المرفوعة من وزارة الداخلية إلى مجلس الوزراء “لما صدر القانون نمرة 2 لسنة 1926 بجعل المراسيم بقوانين الصادرة فى المدة من 14ديسمبر من 1924 لغاية 10 من يونيه لسنة 1926 فى حكم الصحيحة، فوزعت على لجان مجلس النواب كل فيما يخصها القوانين التى صدرت فى تلك المدة، للنظر فيما إذا كانت تقترح عدم الموافقة على شىء منها أو تعديلها، حتى إذا أقرها المجلس على ما رأت سقط القانون فى الحالة الأولى أو أرسل إلى مجلس الشيوخ فى الحالة الثانية كما يرسل أى قانون آخر ليصدر التعديل باتفاق المجلسين”.
ومن حيث إن الوجود القانونى للمرسوم بقانون الصادر سنة 1926 على نحو ما تقدم لا خلف فيه، بعد أن صدر القانون نمرة (2) لسنة 1926 بجعل القوانين الصادرة فى المدة من 24 ديسمبر سنة1924 لغاية 10 من يونيه سنة 1926 فى حكم الصحيحة، وقد أقرت محكمة النقض فى فجر أحكامها بهذا الوجود (حكمها فى القضية رقم 6 لسنة 5ق جلسة 16/5/1935) وسارت على دربها ونسجت على منوالها محكمة القضاء الإدارى، فرسخت فى أحكامها هذا الوجود (حكمها فى القضية رقم 1168 لسنه 5ق جلسة 27/1/1953 والقضية رقم 413 لسنة 6ق بجلسة 24/ 1/1956) وعلى ذلك استقر أيضاً قضاء هذه المحكمة فانحسم الأمر فيه، خاصة وأن المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية لم ينص على إلغاء المرسوم بقانون الصادر سنة 1926 بأثر يرتد إلى الماضى لا صراحة ولا ضمناً. وأضافت المحكمة فى ذات حكمها المشار إليه.
(ومن حيث إنه لما كان ذلك، وكان من المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن قوانين الجنسية لا تعنى زوال الجنسية عن الأفراد الذين اكتسبوا مركز المصرى، وفقاً لأحكام أحد هذه القوانين إبان سريانه، بل إنهم يظلون متمتعين بهذا المركز ما دام القانون الجديد قد خلا من نص صريح يحرمهم منها، فمن اعتبر مصرياً، فإنه يظل مصرياً، ولا تتأثر جنسيته بصدور قانون لاحق، قد يتضمن تعديلاً فى الشروط اللازمة لشغل مركز المصرى، ما لم يكن القانون الجديد قد انطوى على نص صريح يقضى بذلك).
ومن حيث إنه متى كان ذلك، وكان جد الطاعن ـ وعلى ما يبين من الأوراق ـ يعمل بالإسكندرية بشركه كاما فى الفترة من سنة 1913 إلى 1922، ثم التحق متطوعاً بسلاح الحدود فى 18/ 1/1923، وظل به حتى انتهت خدمته فى 1/4/1945 أى أن إقامة المذكور استمرت فى البلاد حتى بعد تاريخ نشر المرسوم بقانون الصادر سنه 1926، ومن ثَمَّ فإنه يعتبر قد دخل الجنسية المصرية بحكم القانون، ولا أثر بعد ذلك فى ثبوت هذه الجنسية المصرية الأصلية أن المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية قد استلزم لإثبات الجنسية الأصلية للرعايا العثمانيين الذين قدموا إلى البلاد بعده من نوفمبر سنة 1914 التقدم بطلب خلال سنة من تاريخ نشر المرسوم بقانون، المشار إليه، ذلك أن هذا النص الجديد إنما ينطبق على الوقائع والمراكز الخاضعة لسلطانه، دون أن يمتد إلى الأفراد الذين اكتسبوا مركز المصرى طبقاً لأحكام المرسوم بقانون الصادر سنة 1926، وإذا كان الأمر كذلك، وكان جد الطاعن قد ثبتت له الجنسية المصرية الأصلية فإن والد الطاعن وكذلك حفيده (الطاعن بالطعن الماثل) الذى وُلد سنة 1963 يكون مولوداً لأب مصرى وثبتت له الجنسية المصرية الأصلية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر، فإنه يكون مستوجب الإلغاء مع القضاء مجدداً بإثبات الجنسية المصرية الأصلية للطاعن.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بإثبات تمتع الطاعن بالجنسية المصرية الأصلية، وألزمت المطعون ضده المصروفات.