عجلسة 18 من مايو سنة 2010
الطعن رقم 14875 لسنة 50 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)
عقد المقاولة– ضمان الأعمال– يلتزم المقاول بضمان سلامة البناء والمنشآت التى أقامها من التهدم الكلي أو الجزئي أو العيوب التى يترتب عليها تهديد البناء والنيل من سلامته لمدة عشر سنوات تبدأ من تاريخ التسليم النهائي– يجب أن ترفع دعوى الضمان العشري خلال ثلاث سنوات من تاريخ حصول التهدم أو انكشاف العيب– يجوز إثبات حصول التهدم أو العيب بكافة طرق الإثبات باعتباره واقعة مادية– المبالغ التي تستحق على المقاول نتيجة ما تتكبده الإدارة من نفقات إزالة المبنى محل الضمان وإقامة مبنى جديد تعد بمثابة تعويض، فلا تستحق عنه الفوائد القانونية.
المواد (226) و (651) و (654) من القانون المدني.
في يوم الأحد الموافق 1/8/2004 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل، الذي قيد بجدول هذه المحكمة بالرقم عاليه، طعنًا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بأسيوط (الدائرة الأولى) بجلسة 2/6/2004 في الدعوى رقم 1050 لسنة 6 ق، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا، وإلزام المدعي بصفته المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته –للأسباب المبينة بتقرير الطعن– بعد اتخاذ كافة الإجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضده أن يؤدي للطاعن بصفته مبلغ 230000 (مئتين وثلاثين ألف جنيه)، والفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن قانونا على النحو الثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلزام المطعون ضده أن يؤدي للجهة الإدارية مبلغًا مقداره مئتان وثلاثون ألف جنيه، والفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد نظرت الدائرة الثالثة (فحص) الطعن بجلستها المعقودة في 1/4/2009 وما تلاها من جلسات على النحو الثابت بالأوراق، ثم قررت بجلستها المعقودة في 4/11/2009 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة (موضوع) لنظره بجلسة 29/12/2009، وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن، ثم قررت التأجيل لجلسة 23/2/2010 لإخطار المطعون ضده وتكليفه بالحضور لإبداء أوجه دفاعه في الطعن، وبجلسة 23/2/2010 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 18/5/2010 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال أربعة أسابيع، وقد انقضى هذا الأجل دون أن يتقدم أحد من الخصوم بشئ. وبجلسة اليوم 18/5/2010 صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن الطاعن بصفته كان قد أقام الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بالطعن الماثل بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بأسيوط بتاريخ 7/6/1995، طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه (المطعون ضده) أن يدفع للمدعي (الطاعن) بصفته مبلغًا مقداره مئتان وثلاثون ألف جنيه (230000)، والفوائد القانونية من تاريخ رفع الدعوى وحتى تمام السداد، مع إلــزام المدعى عليه (المطعون ضده) المصروفات.
وذلك تأسيسًا على أن الجهة الإدارية كانت تعاقدت مع المطعون ضده على إنشاء مبنى وسكن هندسة ري منفلوط لتفتيش ري بحري أسيوط نظير مبلغ مقداره (54417,485 جنيها)، وقد تم تسليم المبنى ابتدائيًا في 30/4/1981 مع وجود بعض الملاحظات التي لا تمنع من استعمال المبنى، بيد أنه ظهرت شروخ في المبنى خلال سنة الضمان، وإزاء إقرار المقاول المذكور (المطعون ضده) بتنفيذ الأعمال اللازمة لتلافي الملاحظات التي ظهرت بالمبنى خلال فترة الضمان السنوي على حسابه، فمن ثم تم تنفيذ هذه الأعمال على حساب المقاول المطعون ضده بمعرفة المقاول/ …، وبناء عليه تم تسليم المبنى نهائيًا في 7/7/1984، وبتاريخ 19/3/1994 أخطر تفتيش ري بحري أسيوط بحدوث نقرة بالمبنى أمام مكتب مهندس المركز بأبعاد 90×90 سم وبعمق متر، وكذا انهيار بلاط الأرضية، ومن ثم تم تكليف المكتب الهندسي الاستشاري بكلية الهندسة بأسيوط بإجراء الدراسة الهندسية والفنية اللازمة، وقد أفاد المكتب السالف الذكر بأن المبنى بصورته الحالية غير آمن لاستخدامه في الغرض المنشأ من أجله، وأوصى بضرورة إزالة المبنى بالكامل وبناء مبنى آخر على أسس هندسية سليمة، وهو ما يتكلف مبلغًا مقداره مئتان وثلاثون ألف جنيه، بما فيه تكلفة إزالة المبنى القديم، الأمر الذي يحق معه لجهة الإدارة مطالبة المدعى عليه (المطعون ضده) بهذا المبلغ.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الدعوى بعد أن جرى تحضيرها على النحو الثابت بالأوراق، ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد تدوول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 14/9/1999 حكمت المحكمة تمهيديًا وقبل الفصل في موضوع الدعوى بندب خبير لمباشرة المهمة الموضحة بأسباب الحكم، وقد باشر الخبير مهمته وأودع تقريره الذي تضمن – من بين ما تضمن– أن المبنى محل التداعي قائم بارتفاع دورين (أرضي وأول علوي) وتسوير السطح، ونظام إنشائه هيكل خرساني، وحوائطه من الطوب الأحمر ومونة الأسمنت، ويحوي عيوبًا أهمها وجود هبوط بأرضيات الدور الأرضي وشروخ في بعض الحوائط وتنميلات في بعض الأعمدة والكمرات، وأن سبب حدوث هذه العيوب يرجع إلى سوء التصميم الإنشائي الوارد بالرسومات التي تم تنفيذها لعدم مقدرتها على تحمل الإجهادات التي تعرض لها المبنى نتيجة الضعف الشديد للتربة المنشأ عليها المبنى، ولسوء التنفيذ كذلك.
……………………………………………………………………..
وبجلسة 2/6/2004 حكمت محكمة القضاء الإداري بأسيوط (الدائرة الأولى) بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا، وألزمت المدعي بصفته المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق وخاصة تقرير الخبير المودع أوراق الدعوى أن أسباب حدوث العيوب بمبنى التداعي ترجع إلى سوء التصميم الإنشائي الوارد بالرسومات التي تم تنفيذها؛ لعدم مقدرتها على تحمل الإجهادات التي تعرض لها المبنى نتيجة الضعف الشديد للتربة، وأن الأضرار التي لحقت بجهة الإدارة تتمثل في إزالة المبنى حتى سطح الأرض، وهو طبقًا للمبلغ المنصرف للمقاول مبلغ 49219.371 جنيهًا، ومن ثم إذا كانت هناك أضرار قد أصابت جهة الإدارة على النحو المتقدم فإنها ولئن كانت ثابتة إلا أنه قد مر على فترة ضمان المبنى منذ تسليمه ابتدائيًا في 30/4/1981 وحتى تاريخ توصية اللجنة المشار إليها حوالي 9 أيام و 10 شهور و 12 سنة، ولا وجه لمساءلة المقاول المدعى عليه والتزامه بالمبلغ الذي تطالب به جهة الإدارة، الأمر الذي تضحى معه دعواها على هذا النحو جديرة بالرفض.
……………………………………………………………………..
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا من الطاعن بصفته، فمن ثم طعن عليه بالطعن الماثل تأسيسًا على أن الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها قد أقيمت خلال الثلاث السنوات التالية لاكتشاف العيب، مما يجعلها مقامة في الميعاد، خلافًا لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، فضلا عن أن المطعون ضده –حسب الثابت من تقارير الجهات الفنية– قد ارتكب خطأ مهنيًا جسيمًا وغشًا يحق معه للجهة الإدارية اللجوء إلى أحكام المسئولية التقصيرية في مطالبة المطعون ضده بالتعويض المقدر مبلغه بمئتين وثلاثين ألف جنيه، بالإضافة إلى ما لحق الجهة الإدارية من أضرار بسبب عدم الاستفادة من هذا المبنى في الغرض الذي أنشئ من أجله، مما يكون معه الحكم المطعون فيه مخالفًا للقانون وللثابت بالأوراق.
……………………………………………………………………..
ومن حيث إن المادة (651) من القانون المدني تنص على أن: “1– يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامَنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى، وذلك ولو كان التهدم ناشئًا عن عيب في الأرض ذاتها، أو كان رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة، ما لم يكن المتعاقدان في هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشآت مدة أقل من عشر سنوات.
2– ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة المبنى وسلامته.
3– وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل.
4– ولا تسري هذه المادة على ما قد يكون للمقاول من حق الرجوع على المقاولين من الباطن”.
وتنص المادة (654) من القانون ذاته على أن: “تسقط دعاوى الضمان المتقدمة بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب”.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المقاول يلتزم بضمان سلامة البناء والمنشآت التى أقامها –بموجب عقود مقاولة– لمصلحة الجهات الإدارية من التهدم الكلي أو الجزئي أو العيوب التى يترتب عليها تهديد البناء والنيل من سلامته، وذلك لمدة عشر سنوات تبدأ من تاريخ التسليم النهائي الذي يعقب التسليم المؤقت، على أن ترفع دعوى إلزام المقاول بهذا الضمان العشري خلال ثلاث سنوات من تاريخ حصول التهدم أو انكشاف العيب، وهو ما يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات باعتباره واقعة مادية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المقاول (المطعون ضده) قام بتسليم الأعمال محل النزاع إلى الجهة الإدارية ابتدائيًا في 30/4/1981، ثم قام بتسليم هذه الأعمال نهائيًا في 7/7/1984، وقد اكتشفت الجهة الإدارية العيوب المتمثلة في ظهور حفرة بأبعاد 90سم × 90 سم بعمق واحد متر، وانهيار البلاط أمام مكتب مهندس الري بتاريخ 19/3/1994، فمن ثم تكون العيوب التى شابت المبنى ويترتب عليها تهديد المبنى والنيل من سلامته، والتى انتهت اللجان الفنية على إثرها إلى التوصية بإزالة المبنى حتى سطح الأرض، قد حدثت خلال فترة الضمان العشري، وقد أقامت الجهة الإدارية دعواها المطعون في الحكم الصادر فيها بتاريخ 7/6/1995، أي خلال مدة الثلاث السنوات التالية لانكشاف العيب، فمن ثم يحق للجهة الإدارية مطالبة المقاول المطعون ضده بالمبالغ التى ستتكبدها لإقامة مبنى جديد محل المبنى المعيب، والتي قدرتها اللجان الفنية بالجهة الإدارية بمبلغ مقداره مئتان وثلاثون ألف جنيه.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النهج حيث قضى بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا، فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون حريًا بالإلغاء، والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضده أن يؤدي للطاعن بصفته مبلغ مئتين وثلاثين ألف جنيه.
-ومن حيث إنه عن مطالبة الجهة الإدارية بالفوائد القانونية عن هذا المبلغ فإنه لما كان هذا المبلغ هو بمثابة تعويض للجهة الإدارية، بما مؤداه أنه لم يكن معلوم المقدار قبل الحكم به، فمن ثم فلا يجوز الحكم بفوائد قانونية عنه طبقًا للمادة 226 من القانون المدني.
ومن حيث إنه من يخسر الطعن يلزم مصروفاته، عملا بالمادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
والمحكمة إذ يعتصر قلبها ألما من الحزن والأسى على سوء التنفيذ في المباني الحكومية، حتى إن مبنى مكونا من طابقين لم يمض عليه عشر سنوات إلا وتخر قواعده وتنهار أعمدته وتتصدع مبانيه وتوصي الجهات الفنية بإزالته، ومن ثم فلا يفوت المحكمة أن تهيب بالسلطات المعنية في الدولة أن تضرب بيد من حديد على كل من يثبت تورطه في ذلك، وبخاصة من يتهاونون –بقصد أو بغير قصد– في الإشراف على تنفيذ هذه الأعمال، حفاظًا على مال الدولة من السلب والنهب.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلزام المطعون ضده أن يؤدي للطاعن بصفته مبلغًا مقداره مئتان وثلاثون ألف جنيه، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت المطعون ضده المصروفات.