جلسة 27 من إبريل لسنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير أحمد جويفل
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامى أحمد محمد الصباغ، وعبد الله عامر إبراهيم،
ومصطفى محمد عبد المعطى ، وحسن عبد الحميد البرعى
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ محمود أحمد الجارحى
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين
أمين السر
الطعن رقم 1525 لسنة 50 قضائية عليا:
طلاب ــ امتحانات ــ قواعد الرأفة ــ مناطها
طبقًا لأحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 فإن لجنة الامتحانات تضع فى نهاية كل عام جامعى وقبل إعلان نتيجة امتحان الطالب ما يسمى بقواعد الرأفة؛ وذلك بمنح الطالب الراسب فى مادة أو أكثر بعض الدرجات لإقالته من عثرته وتغيير حالته من راسب إلى ناجح أو منقول بمادتين إلى منقول بمادة أو بدون مواد، وذلك وفق ضوابط وشروط معينة تحددها تبعاً لظروف الامتحان فى كل عام، فهى قواعد استثنائية تختلف من كلية لأخرى ومن فرقة لأخرى ومن عام لآخر حسب نتيجة الامتحان وهى بهذه المثابة بالنظر لطبيعتها الاستثنائية لا يقاس عليها ولا يتوسع فى تفسيرها، حيث تترخص كل كلية فى وضع تلك القواعد وتحديد مناط تطبيقها بمقتضى سلطتها التقديرية بلا معقب عليها طالما جاءت هذه القواعد مستهدفة تحقيق الصالح العام وفى صيغة عامة مجردة تطبق على الطلبة كافة بغير استثناء احتراماً لمبدأ المساواة ــ تطبيق.
فى يوم الأحد الموافق 16/11/2003 أودع الأستاذ/ الدكتور مصطفى أبو زيد فهمى، المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن على الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية رقم 13559 لسنة 57ق بجلسة 30/10/2003 والذى قضى منطوقه “حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين تفصيلاً بالأسباب، وألزمت الجامعة المدعى عليها المصروفات، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى مسببًا فى موضوعها”.
وطلب الطاعنان بصفتيهما ــ للأسباب الواردة فى تقرير الطعن ــ الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وإلغائه، ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقًا للثابت بالأوراق.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بالجلسات، وبجلسة 9/ 1/2004 أمرت الدائرة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فيه.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى فى الطعن انتهت فيه ــ للأسباب الواردة به ــ إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وبجلسة 6/4/2004 قررت الدائرة إحالة الطعن الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 19/5/2004 ونفاذًا لذلك ورد الطعن إلى هذه الدائرة ونظرته بالجلسات. وبجلسة 5/1/2005 قررت إصدار الحكم بجلسة 23/2/2005 وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال أسبوعين، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن المنازعة تخلص فى أنه بتاريخ 28/8/2003 أودعت المطعون ضدها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية صحيفة الدعوى رقم 13559 لسنة 57ق طالبًا فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بإعلان نتيجتها للسنة الرابعة بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية فى العام الدراسى 2002/2003 فيما تضمنه من رسوبها فى مادتى القانون البحرى والجوى والإجراءات الجنائية وما يترتب على ذلك من آثار أخصها اعتبارها ناجحة فى المواد المشار إليها وتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان.
وقالت ــ شرحًا لدعواها ــ إنها كانت مقيدة بالسنة الرابعة بالكلية المدعى عليها فى العام الجامعى 2002/2003 وعند ظهور نتيجتها نهاية العام تبين رسوبها فى المادتين المذكورتين.
ومن ثَمَّ أعلن رسوبها فيهما.
وتنعى المدعية على القرار المطعون فيه مخالفته لأحكام القانون ولو أن الكلية طبقت قواعد الرأفة القديمة ولم تطبق اللائحة الجديدة بأثر رجعى بالمخالفة للعرف الجامعى لنجحت الطالبة وتغيرت حالتها.
وخلصت المدعية فى صحيفة دعواها إلى طلب الحكم بطلباتها سالفة الذكر.
وبجلسة 30/10/2003 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وشيدته على سند من القول أن قواعد الرأفة التى قررها مجلس كلية الحقوق بالإسكندرية بتاريخ 13/7/2003 هى الواجبة الإعمال دون غيرها على نتيجة الكلية خلال العام الدراسى 2002/2003 وأن الإعمال الصحيح لهذه القواعد تقضى بنجاح الطالبة فى مادة الإجراءات الجنائية بمنحها أربع درجات رأفة، وفى مادة القانون البحرى والجوى بمنحها درجتى رأفة ويكون بالتالى القرار المطعون فيه مخالفًا للقانون يتوافر فى شأن طلب وقف تنفيذه ركنى الجدية والاستعجال.
وانتهت المحكمة إلى حكمها المتقدم.
ومن حيث إن هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى الطاعنين فقد أقاما طعنهما الماثل ناعيان عليه كونه مشوبًا بالخطأ فى تطبيق القانون حيث إن القاعدة أن مجلس الدولة يقضى ولكنه لا يدير وأن الكلية تتمتع بسلطة تقديرية كاملة فى أن يكون هناك رأفة للطلاب الراسبين وفى تحديد محتواها، وأنه بالتطبيق الصحيح لقواعد الرأفة التى صدق عليها مجلس الكلية فى 13/7/2003 بالنسبة لنتيجة العام الجامعى 2002/2003 بالنسبة للطاعنة فإن رسوبها فى المادتين التى رسبت فيهما يكون صحيحًا، وإعلان نتيجته لهذا العام صحيحة، ولا يجوز تجزئة قواعد الرأفة وبنودها وجعل لها صدر وعجز والانتهاء بذلك إلى تفسير غير صحيح لهذه القواعد حسبما انتهى إلى ذلك الحكم المطعون فيه.
واختتم الطاعنان تقرير الطعن بطلب الحكم بطلباتهما.
ومن حيث إن المادة (1) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 تنص على أن “تختص الجامعات بكل ما يتعلق بالتعليم الجامعى والبحث العلمى الذى تقوم به كلياتها ومعاهدها فى سبيل خدمة المجتمع والارتقاء به حضاريًا متوخية فى ذلك المساهمة فى رقى الفكر وتقدم العلم وتنمية القيم الإنسانية، وتزويد البلاد بالمتخصصين والفنيين والخبراء فى مختلف المجالات وإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدم والقيم الرفيعة ليسهم فى بناء وتدعيم المجتمع وصنع مستقبل الوطن وخدمة الإنسانية .
كما نصت المادة (173) من ذات القانون على أن “يشترط لنجاح الطالب فى الامتحانات أن ترضى لجنة الامتحانات عن فهمه وتحصيله وذلك وفق أحكام اللائحة التنفيذية وأحكام اللائحة الداخلية المختصة”.
ومن حيث جرى العمل على أنه فى نهاية كل عام جامعى وقبل إعلان نتيجة امتحان الطالب تضع لجنة الامتحانات ما يسمى بقواعد الرأفة، وذلك بمنح الطالب الراسب فى مادة أو أكثر بعض الدرجات لإقالته من عثرته وتغيير حالته من راسب إلى ناجح، أو منقول بمادتين إلى منقول بمادة أو بدون مواد، وذلك وفق ضوابط وشروط معينة تحددها تبعًا لظروف الامتحان فى كل عام، فهى إذن قواعد استثنائية تختلف من كلية لأخرى، ومن فرقة لأخرى، ومن عام لآخر حسب نتيجة الامتحان، وهى بهذه المثابة بالنظر إلى طبيعتها الاستثنائية لا يقاس عليها ولا يتوسع فى تفسيرها حيث تترخص كل كلية فى وضع تلك القواعد وتحديد مناط تطبيقها بمقتضى سلطتها التقديرية بلا معقب عليها طالما جاءت هذه القواعد مستهدفة تحقيق الصالح العام ، وفى صيغة عامة مجردة تطبق على الطلبة كافة بغير استثناء احترامًا للمبدأ الدستورى، وهو مبدأ المساواة، وطالما كان إعمالها لا يترتب عليه مفارقات شاذة عند تطبيقها أو إخلالاً بأى مبدأ دستورى أو قانونى أو مركز قانونى ذاتى مستقر ويحدها فى النهاية القيد العام للسلطة التقديرية بألا تكون مشوبة بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها.
ومن حيث إن مجلس كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية وضع قواعد الرأفة التى تطبق على نتيجة العام الدراسى 2002/2003 وصدق عليها بجلسته المنعقدة فى 13/7/2003 وهى القواعد الواجبة التطبيق فى الطعن الماثل دون سواها من قواعد كان مقررًا تطبيقها خلال سنوات سابقة.
ومن حيث إن هذه القواعد تنص فى البند أولاً منها على أن “يمنح الطالب ست درجات لتغيير حالته، سواء فى مادة أو أكثر بشرط ألا يقل تقديره فى أى منها عن ضعيف”.
وتنص فى البند خامسًا على أن “يجبر النصف إلى واحد صحيح فى المجموع أو فى مادة واحدة فقط إذا كان يترتب على ذلك استفادة الطالب من قاعدة من قواعد الرأفة السابقة”.
ومن حيث إن المستفاد من هذين النصين أن الطالب يمنح ست درجات رأفة بشرطين الأول: أن يترتب على ذلك تغيير حالته من راسب إلى ناجح أو منقول بمادتين أو بمادة واحدة أو بدون مواد، والشرط الثانى: أن الطالب يمنح هذه الدرجات الست سواء فى مادة أو أكثر على ألا يقل تقديره فى أيها عن ضعيف ولا يمنح أى من هذه الدرجات بالتالى فى أى مادة تقديره فيها ضعيف جدًا، وفى جميع الحالات يجبر نصف الدرجة إلى واحد صحيح.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على وقائع الطعن الماثل، فإنه لما كان البادى من ظاهر الأوراق أن الطالبة المطعون ضدها كانت مقيدة بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية بالفرقة الرابعة خلال العام الجامعى 2002 /2003 وعند ظهور نتيجتها نهاية العام تبين رسوبها فى مادة القانون البحرى والجوى وحصلت فيها على 8/20 درجة والإجراءات الجنائية وحصلت فيها على 6/20.
ومن حيث إن تقدير الطالبة فى مادة الإجراءات الجنائية بتقدير ضعيف جدًا فمن ثَمَّ لا تنطبق عليها شروط إعمال قواعد الرأفة المشار إليها وتكون راسبة فيها ولا يجوز استفادتها منها؛ حيث إن شرط ذلك ألا يكون تقديرها فى المادة أقل من ضعيف، ومن ثَمَّ ما كان يجوز منحها أربع درجات فى هذه المادة واعتبارها ناجحة فيها، حيث إن تقديرها فيها ضعيف جدًا ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى غير هذا المذهب واعتبر الطالبة ناجحة فى تلك المادة فإنه يكون قد خالف التطبيق الصحيح للقانون جديرًَا بالإلغاء ويكون الطعن عليه قائم على سنده الصحيح.
ولا ينال من ذلك القول بأن صدر البند الأول من قواعد الرأفة يتناقض مع عجزه بمقولة إن منح الطالب ست درجات فى مادة يفترض حصوله فيها على 4/20 أى ضعيف جدًا فكيف يشترط ألا يقل تقديره فيها عن ضعيف فهذا الذى ذهب إليه الحكم المطعون فيه مردود بأن قواعد الرأفة حسبما انتهت هذه المحكمة فيما تقدم هى قواعد استثنائية لا يجوز بالتالى القياس عليها أو التوسع فى تفسيرها، وبالتالى لا يجوز استفادة الطالب من تلك القواعد إلا إذا تحقق فى شأنه مناط وشروط استحقاقها، فلا يحصل على تلك الدرجات الست إذا كان تقديره فى المادة ضعيف جدًا وهو ما يتفق وصراحة ووضوح النص ويجعل لجنة الامتحان ترضى عن فهمه وتحصيله فى هذه الحالة.
كما لا ينال منه المطالبة بتطبيق قواعد الرأفة التى كان معمولاً بها فى العام السابق بمنح الطالب أربع درجات فى المادة بغض النظر عن تقديره فيها حتى لو قل عن ضعيف ذلك لأن هذا القول غير جائز؛ حيث إن قواعد الرأفة التى وضعتها الكلية للعام الجامعى 2002/2003 هى الواجبة التطبيق على نتيجة نهاية هذا العام دون سواها إعمالاً للأثر الفورى للقرار الإدارى، حيث إن تلك القواعد نسخت قواعد الرأفة التى كان معمولاً بها فى الأعوام السابقة على هذا العام بحسبانها قواعد سنوية.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضدها المصروفات.