جلسة 30 من يناير سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 15282 لسنة 51 القضائية عليا.
– مدى جواز إعادة الدراسة في مرحلة التعليم الثانوي العام.
المادتان (24) و (29) من قانون التعليم، الصادر بالقانون رقم (139) لسنة 1981، والمعدل بالقانون رقم (160) لسنة 1997.
قصر المشرع جواز إعادة الدراسة في مرحلة التعليم الثانوي العام على الطالب الراسب فقط، وبشرط ألا يُمَكَّن من الإعادة سوى مرة واحدة فقط، فإذا رسب في الإعادة يتم فصله لاستنفاد مرات الرسوب، على أنه يجوز له التقدم لامتحان الصف الذي بلغه من الخارج، فإذا نجح أعيد قيده في الصف الذي يلي الصف الذي بلغه– لا يعرف التشريع المصري نظام إعادة الدراسة سوى للطالب الراسب فقط، أما الطالب الذي اجتاز الدراسة المقررة بنجاح فليس مسموحا له بإعادة الدراسة بالمرحلة كلها، كما لم يعد مسموحا له بإعادة الدراسة بهدف تحسين درجاته التي حصل عليها في إحدى السنوات– مؤدى ذلك: قيد الطالب في مرحلة الثانوي العام التي سبق له اجتيازها قيد جاء على غير نظام قانوني يحكمه فيكون معدوما– هذا القيد المنعدم لا يُجيز للغيرِ الاستنادَ إليه؛ لأن الخطأ لا يبرره خطأٌ مثلُه– تطبيق.
في يوم الأحد الموافق 5/6/2005 أودع الأستاذ/… المحامي، نائبا عن الأستاذ/… المحامي بالنقض والمحكمة الإدارية العليا، بصفته وكيلا عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن، قيد بجدولها برقم 15282 لسنة 51 ق.ع في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (دائرة بني سويف والفيوم) بجلسة 31/5/2005 في الدعوى رقم 3637 لسنة 5ق الذي قضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المدعي بصفته المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه تحديد أقرب جلسة ممكنة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتا حتى يفصل في موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بذات المحكمة لتقضي فيه بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها على النحو الثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا، وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة حتى قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع بذات المحكمة، التي نظرته أمامها بجلسات المرافعة وذلك على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حتى قررت بجلسة 21/11/2007 إصدار الحكم في الطعن بجلسة 30/1/2008 وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال أربعة أسابيع. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطاعن بصفته يطلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن بصفته وليا طبيعيا على نجله القاصر/ عمر كان قد أقام الدعوى رقم 3637 لسنة 5 ق ضد المطعون ضدهما بصفتيهما أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة الفيوم وبني سويف) بصحيفة أودعت قلم كتابها بتاريخ 18/4/2005، وطلب الحكم بقبولها شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار جهة الإدارة باستبعاد نجله من أداء امتحان آخر العام للعام الدراسي 2004/2005 للصفين الثاني والثالث الثانويين، ومنعه من الاستمرار في الدراسة، وإلزام الجهة الإدارية المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي شرحا لدعواه: إن نجله عمر أدى امتحان الصف الأول الثانوي العام في العام الدراسي 2003/2004 منازل، واجتازه بنجاح، وعندما تقدم طالبا تمكينه من أداء امتحان الصف الثاني الثانوي الذي نقل إليه في العام الدراسي 2004/2005 أفادته المدرسة في 2/4/2005 أنه مستبعد من أداء الامتحان لسبق حصوله على الثانوية العامة. وينعى المدعي على هذا القرار البطلان، حيث تم قبول نجله بالصف الأول، ومضى على قبوله أكثر من ستين يوما، بل اجتاز بنجاح امتحان الصف الأول، مما يتعين معه على جهة الإدارة تمكينه من الاستمرار في الدراسة حتى يكمل المرحلة الثانوية حتى نهايتها، شأنه شأن زملاء مثله حصلوا سلفا على الثانوية العامة ثم عاودوا الحصول عليها وهم حاليا بالجامعات. ومن أجل ذلك أقام دعواه منتهيا إلى سابق طلباته.
وبجلسة 31/5/2005 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون، وإلزام المدعي بصفته المصروفات، وذلك للأسباب التي جاءت بهذا الحكم.
ونظرا إلى أن هذا القضاء لم يلق قبولا من جانب الطاعن بصفته فقد أقام عليه الطعن الماثل، ناعيا عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله واتسامه بعيب إساءة استعمال السلطة، وذلك لذات الأسباب التي أقام عليها الدعوى أمام محكمة أول درجة. وطلب في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا مستقر في ضوء المادة 49 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 على أنه يشترط للقضاء بوقف تنفيذ القرار الإداري أن يطلب المدعي أو الطاعن ذلك مقترنا بطلب إلغاء القرار المطعون فيه، وأن يتوافر ركنان: الأول- ركن الجدية أو المشروعية، بأن تكون المطاعن الموجهة للقرار المطعون فيه من شأنها الحكم بإلغاء هذا القرار عند الفصل في هذا الطلب. الثاني- ركن الاستعجال وذلك بأن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه أضرار بذي الشأن يتعذر تداركها بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور هذا القرار وتنفيذه أو بالتعويض عن تلك الأضرار.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإن المادة 24 من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 160 لسنة 1997 تنص على أنه: “يجوز للطالب الراسب أن يعيد الدراسة مرة واحدة في الصف. ويجوز لمن فصل بسبب استنفاد مرات الرسوب التقدم من الخارج لامتحان الصف الذي بلغه وفق القواعد التي يصدر بها قرار من وزير التربية والتعليم. فإذا نجح أعيد قيده في الصف الذي يليه…”.
ومفاد ذلك النص أن المشرع قصر بموجبه إعادة الدراسة في مرحلة التعليم الثانوي العام -التي وردت هذه المادة في الباب الخاص به من القانون المذكور- على الطالب الراسب فقط، وبشرط ألا يُمَكَّن من الإعادة سوى مرة واحدة، فإذا رسب في مرحلة الإعادة يتم فصله بسبب استنفاد مرات الرسوب، على أنه يجوز له في هذه الحالة التقدم من الخارج لامتحان الصف الذي بلغه، فإذا نجح حال تقدمه للامتحان من الخارج أعيد قيده في الصف الذي يلي الصف الذي بلغه. وعلى ذلك فإن المشرع لم يعرف نظاما لإعادة الدراسة سوى للطالب الراسب فقط دون غيره، أما الطالب الذي اجتاز الدراسة المقررة بنجاح فلم يعد مسموحا له بإعادة الدراسة بهدف تحسين درجاته التي حصل عليها. وآية ذلك ما أورده القانون رقم 160 لسنة 1997 المشار إليه من تعديل باستبدال المادة 29 من القانون المذكور، التي كانت قبل استبدالها تجيز الإعادة بقصد التحسين للدرجات الحاصل عليها الطالب، حيث أضحت بموجب القانون 160 لسنة 1997 تقضي بنقل الناجحين في جميع مواد الصف الثاني الثانوي إلى الصف الثالث، أما من رسب في مادة أو مادتين فإنه يسمح له بالتقدم لامتحان الدور الثاني فيما رسب فيه، أما الراسب في مادة واحدة من مواد الصف الثاني فينتقل إلى الصف الثالث، على ألا يمنح شهادة الدراسة الثانوية العامة إلا بعد اجتياز امتحان تلك المادة بنجاح، فإذا التحـــق الطــالب بالصــف الثالث راسبا في مادة ثم رسب في مادتين في الدور الأول من السنة الثالثة أو في مادة واحدة فإنه يسمح له بالتقدم لامتحان تلك المواد التي رسب فيها في الدور الثاني، فإذا رسب فيها أو في بعضها أعاد الامتحان في المواد التي رسب فيها. على أن المادة 29 المشار إليها قصرت التقدم لامتحان شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة على ثلاث مرات، على أن تقتصر المرتان الثانية والثالثة على الراسب فقط، وعلى أن يكون التقدم للمرة الثالثة من الخارج.
ومن حيث إن مؤدى كل ما تقدم أن المشرع لا يعرف نظام إعادة المرحلة الدراسية كاملة، كما ألغى نظام إعادة الدراسة لتحسين المجموع، ولم يعد نظام إعادة الدراسة إلا وقفا على الراسبين في أوضاع معينة. ومن ثم ولما كان البادي من ظاهر الأوراق أن نجل المدعي حاصل على الثانوية العامة، فإنه لم يعد يحق له وفقا للنظام القانوني الحالي إعادة دراسة المرحلة الثانوية من نظام التعليم الثانوي العام، وبذلك ينتفي ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ، مما يتعين معه رفض هذا الطلب، دون حاجة لبحث مدى توافر ركن الاستعجال من عدمه لعدم جدواه.
ومن حيث إنه لا يسوغ التحدي بما ذهب إليه المدعي من تحصن قرار قبول نجله بالصف الأول الثانوي مما يتعين معه إعمال مقتضاه من إلحاقه بالسنوات التالية؛ ذلك أن القيد الباطل لا يرتب أثرا في هذه الحالة؛ لأنه جاء على غير نظام قانوني يحكمه، بل يجافيه السياق العام للتشريع في مجال التعليم، الأمر الذي يجعل هذا القيد كأن لم يكن، ويضحى هو والعدم سواء، الأمر الذي لا يمكن معه الاعتداد به أو إعمال أثره.
كما لا يسوغ القول بأن الإدارة قبلت قرناء لنجل المدعي سبق حصولهم على الثانوية العامة ثم التحقوا مرة أخرى بالصف الأول الثانوي حتى حصلوا ثانية على الثانوية العامة، وأتبعوها بالالتحاق بالجامعة؛ ذلك أن الخطأ لا يبرره خطأ مثله، ولا يجوز انتهاك حرمة القانون تذرعا بسبق مخالفته، ومن ثم يتعين الحكم كما سلف القول برفض طلب وقف التنفيذ وإلزام المدعي مصروفاته ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بذلك فإنه يكون قد صدر مطابقا للقانون ويضحى الطعن عليه فاقدا سنده خليقا بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن بصفته يكون بذلك قد خسر الطعن فمن ثم حق إلزامه المصروفات عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.