جلسة 4 من مايو سنة 2008
(الدائرة السابعة)
الطعن رقم 1544 لسنة 52 القضائية عليا.
– طوائف خاصة من العاملين- عاملون بمكتبة الإسكندرية- نقل- ضوابطه.
المادتان رقما 1 و 4 من القانون رقم 1 لسنة 2001 بشأن مكتبة الإسكندرية- المادة 14 من لائحة شئون العاملين بمكتبة الإسكندرية- المادة رقم 54 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
لائحة شئون العاملين بمكتبة الإسكندرية وإن كانت هي الواجبة التطبيق دون غيرها من النظم والقوانين على العاملين بمكتبة الإسكندرية فيما يتعلق بما جاء بها من أحكام, إلا أنه يبقى ثمة مجال لسريان أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 على هؤلاء العاملين، وذلك فيما يتعلق بالأحكام التي سكتت اللائحة عن تنظيمها؛ عملا بنص المادة الأولى من هذا القانون, وذلك باعتبار أن هذا القانون يمثل الشريعة العامة التي تحكم العاملين بالجهاز الإداري للدولة- لما كانت أحكام اللائحة المذكورة قد خلت من مسألة تنظيم نقل العامل إلى خارج المكتبة فمن ثم يتعين الاحتكام إلى قانون العاملين المدنيين بالدولة في هذا الصدد- علاقة الموظف بالجهة الإدارية هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح, ومركزه مركز قانوني يجوز تغييره أو تعديله في أي وقت وفقا لمقتضيات المصلحة العامة, ولا يتمتع بحق مكتسب في البقاء في وظيفة معينة أو في جهة بعينها- قرارات النقل التي تصدرها الجهة الإدارية لا معقب عليها من القضاء ما دامت قد خلت من عيب إساءة استعمال السلطة- تطبيق.
– نقل- مدى مشروعية قرار النقل الذي يتم بمناسبة اتهام العامل بجرم يخل بواجبات وظيفته.
تتوافر مبررات ممارسة جهة الإدارة اختصاصها بنقل العامل كلما دعت اعتبارات المصلحة العامة إلى وجوب التدخل لإجرائه، يستوي في ذلك أن يتم النقل بمناسبة اتهام العامل بجرم يخل بواجبات وظيفته من عدمه، ما دام النقل قد استهدف تحقيق المصلحة العامة– تطبيق.
في يوم السبت الموافق 27/10/2005 أودع السيد/… المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، طلب في ختامه الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ قرار النقل المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار الصادر بنقل الطاعن من مكتبة الإسكندرية إلى جامعة الإسكندرية رقم 55 لسنة 2005 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن الطعن على الوجه الثابت بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه– للأسباب المبينة به- الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد نظرت المحكمة الطعن الماثل فحصا وموضوعا على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات حيث أودع طرفا الخصومة ما عَنَّ لهما من مستندات ومذكرات دفاع، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 6511 لسنة 59 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بتاريخ 28/2/2005 طالبا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار رقم 55 لسنة 2005 فيما تضمنه من نقل المدعي من مكتبة الإسكندرية إلى جامعة الإسكندرية مع ما يترتب على ذلك من آثار ؛ وذلك على سند من أنه كان من العاملين المعينين على وظائف دائمة بمكتبة الإسكندرية منذ عام 1998، إلا أنه فوجئ بصدور القرار رقم (155) بتاريخ 5/10/2002 بإعادة هيكلة مكتبة الإسكندرية، ولم يدرج اسمه بهذا القرار، رغم كونه من العاملين الدائميــــن بالمكتبة، ثم صدر القرار المطعون فيه رقم 55 لسنة 2005 بتاريخ 17/2/2005 بنقله من المكتبة إلى جامعة الإسكندرية، ونعى الطاعن على هذا القرار مخالفته للقانون وإساءة استعمال السلطة.
وبجلسة 30/8/2005 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام المدعي المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها – بعد أن استعرضت أحكام المواد 1 و 54 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن العاملين المدنيين بالدولة، والمادة 43 من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه، والمادة الرابعة من القانون رقم 1 لسنة 2001 الصادر بإنشاء مكتبة الإسكندرية، والمادة (14) من لائحة شئون العاملين بمكتبة الإسكندرية – على أن مسألة نقل العامل من المكتبة إلى جهة أخرى خارجها محكومة بالقواعد الواردة بقانون العاملين المدنيين بالدولة، والتى تجيز للسلطة المختصة نقل العامل من الوحدة التي يعمل بها إلى وحدة أخرى بعد موافقة لجنتي شئون العاملين بالجهتين المنقول منها العامل والمنقول إليها، وذلك شريطة ألا يكون النقل إلى وظيفة درجتها أقل، وألا يترتب عليه تفويت دور العامل في الترقية بالأقدمية، وأن يكون الباعث عليه المصلحة العامة، وأضافت المحكمة أنه لما كان القرار المطعون فيه قد صدر صحيحا ومطابقا لأحكام القانون ومراعيا للأحكام والقواعد والقيود الواردة بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه؛ فإنه يتعين القضاء برفض الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وانعدام ركن السبب، ومخالفة القانون؛ وذلك على سند من أن المحكمة أغفلت الرد على جميع وجوه دفاع الطاعن الجوهرية، إذ قدم الطاعن ما يفيد أن جهة الإدارة قد خيرته بين قبول العمل بعقد مؤقت أو النقل خارج المكتبة، مما أدى بالطاعن إلى الطعن على هذا القرار، الأمر الذي قامت إدارة المكتبة على أثره بنقل الطاعن للعمل بمقر المكتبة بمنطقة الشلالات، وهو مقر غير مأهول بأي عمل منتج، كما رفض الطاعن التوقيع على عقد العمل المؤقت، فقامت الإدارة بإصدار قرارها المطعون فيه بنقله إلى جامعة الإسكندرية ، ومن ثم فإن قرار النقل يعد جزاءً مقنعا وقع عليه، كما أن القرار المطعون فيه قد صدر غير قائم على سبب يبرره، فقد قامت جهة الإدارة بتحويل موظفين دائمين لديها إلى موظفين مؤقتين دون سبب معقول، وقد أسس الحكم المطعون فيه قضاءه على صحة القرار بنقل الطاعن دون بحث البواعث الداعية إلى إصدار هذا القرار، ودون بحث الاشتراطات المنصوص عليها في المادة (55) من قانون العاملين المدنيين بالدولة.
وخلص الطاعن إلى طلب الحكم له بالطلبات آنفة الذكر.
ومن حيث إنه بمطالعة أحكام القانون رقم 1 لسنة 2001 الصادر بإنشاء مكتبة الإسكندرية يبين أنه ينص في المادة الأولى منه على أن: “مكتبة الإسكندرية شخص اعتباري عام مقره مدينة الإسكندرية يتبع رئيس الجمهورية…”.
وتنص المادة الرابعة منه على أن: “يحدد رئيس الجمهورية بقرار منه أساليب الإشراف على المكتبة وإدارتها وتصريف شئونها المالية والإدارية، وذلك على النحو الذي يتفق مع طبيعة نشاط المكتبة ويمكنها من تحقيق رسالتها، ودون التقيد بنظم الإدارة المنصوص عليها في أي قانون آخر”.
ومن حيث إن المادة (14) من لائحة شئون العاملين بمكتبة الإسكندرية الصادرة بقرار مدير المكتبة رقم 135 لسنة 2002 تنص على أنه: “يجوز لمدير المكتبة بعد العرض على لجنة شئون العاملين نقل العامل الفائض عن حاجة العمل، أو الذي تم إعادة تقييم مستوى الوظيفة التي يشغلها إلى مستوى أقل، أو العامل الذي تقتضي دواعي المصلحة العامة نقله، أو تلبية لطلبه الشخصي، أو لأسباب طبية، وذلك إلى وظيفة أقل، وفي جميع الأحوال يكون قرار النقل نافذا بمجرد صدوره من مدير المكتبة…”. وقد وردت هذه المادة تحت عنوان” (النقل لوظائف ذات مستوى أقل).
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن لائحة شئون العاملين بمكتبة الإسكندرية، وإن كانت هي الواجبة التطبيق دون غيرها من النظم والقوانين على العاملين بمكتبة الإسكندرية فيما يتعلق بما جاء بها من أحكام؛ عملا بصريح نص المادة الرابعة من القانون رقم 1 لسنة 2001 المشار إليه، إلا أنه يبقى ثمة مجال لسريان أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 على هؤلاء العاملين، وذلك فيما يتعلق بالأحكام التي سكتت اللائحة عن تنظيمها؛ عملا بصريح نص المادة الأولى من هذا القانون التي تقضي بأن تسري أحكامه على: 1-… 2- العاملين بالهيئات العامة فيما لم تنص عليه اللوائح الخاصة بهم؛ وذلك باعتبار أن هذا القانون يمثل الشريعة العامة التي تحكم العاملين بالجهاز الإداري للدولة، ولا محل لاستبعاد أحكام هذا القانون بسند من أن قانون إنشاء المكتبة قد تضمن في المادة الرابعة منه النص على عدم التقيد بنظم الإدارة المنصوص عليها في القوانين الأخرى، إذ إن هذا النص يخاطب رئيس الجمهورية وهو بصدد إصدار القرار الجمهوري الذي ينظم أمور المكتبة، إذ يكون له في هذه الحالة ألا يتقيد بأي نظم إدارة في قوانين أخرى، فإن هو أصدر قراره دون أن يضمنه تنظيم مسألة معينة من المسائل المتعلقة بشئون العاملين بالمكتبة، فإنه لا مناص من إعمال القواعد والأحكام الواردة بالقانون رقم 47 لسنة 1978 بحسبانه الشريعة العامة في شئون التوظف.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن لائحة شئون العاملين قد خلت أحكامها من تنظيم مسألة نقل العامل إلى خارج المكتبة، إذ تناولت المادة (14) منها تنظيم نقل العامل من الوظيفة التي يشغلها إلى وظيفة ذات مستوى أقل، ولم تتطرق إلى مسألة نقل العامل إلى خارج المكتبة، ومن ثم فإنه يتعين الاحتكام إلى قانون العاملين المدنيين بالدولة في هذا الصدد باعتباره الشريعة العامة المكملة لأحكام اللائحة.
ومن حيث إنه وفقا لنص المادة (54) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة فإنه يجوز نقل العامل من وحدة إلى أخرى من الوحدات التي تسري عليها أحكامه، كما يجوز نقله إلى الهيئات العامة والأجهزة الحكومية ذات الموازنة الخاصة بها ووحدات القطاع العام والعكس، وذلك إذا كان النقل لا يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية، أو كان بناء على طلبه… ولا يجوز نقل العامل من وظيفة إلى وظيفة أخرى درجتها أقل…”.
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن علاقة الموظف بالجهة الإدارية هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، وأن مركزه هو مركز قانوني يجوز تغييره أو تعديله في أي وقت وفقا لمقتضيات المصلحة العامة، وأنه لا يتمتع بحق مكتسب في البقاء في وظيفة معينة أو في جهة بعينها، وأن قرارات النقل التي تصدرها الجهة الإدارية لا معقب عليها من القضاء ما دامت قد خلت من عيب إساءة استعمال السلطة، ولم تفوت على العامل دوره في الترقية بالأقدمية، ولم تتضمن نقله إلى وظيفة تقل درجتها عن درجة الوظيفة التي يشغلها، فمناط النقل هو تحقيق المصلحة العامة وما تتطلبه من حماية حسن سير العمل وانتظامه، وبهذه المثابة فإن مبررات ممارسة هذا الاختصاص تتوافر كلما دعت اعتبارات المصلحة العامة إلى وجوب التدخل لإجرائه، يستوي في ذلك أن يتم النقل بمناسبة اتهام العامل بجرم يخل بواجبات وظيفته من عدمه، ما دام النقل قد استهدف تحقيق المصلحة العامة.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن كان من العاملين الدائمين بمكتبة الإسكندرية بوظيفة صراف رابع، وإذ صدر القانون رقم 1 لسنة 2001، ثم صدرت لائحة شئون العاملين التي جعلت علاقة المكتبة بالعاملين بها علاقة تعاقدية، وإذ صدر القرار رقم 155 لسنة 2001 بالهيكل الوظيفي للمكتبة، والذي تم تسكين العاملين المتعاقدين به فقط، ولما كان الطاعن قد رفض التوقيع على عقد العمل مع المكتبة، فقد صدر القرار المطعون فيه بنقله إلى جامعة الإسكندرية بذات درجته المالية وبذات وظيفته مع احتفاظه بكافة المزايا المالية، وذلك بعد موافقة لجنة شئون العاملين بالمكتبة بتاريخ 27/9/2004 ، وموافقة لجنة شئون العاملين بالجامعة بتاريخ 30/12/2004 و 15/5/2006 ، وقرار وزارة المالية رقم 50 لسنة 2006.
ومن حيث إنه لما كان القرار المطعون فيه لم يتضمن تنـزيلا في وظيفة الطاعن أو اعتداء على حقوقه القانونية، وكان هذا النقل قد استهدف المصلحة العامة وما يتطلبه من حسن سير العمل وانتظامه، وإذا كان الأمر كذلك؛ فإن الجهة الإدارية تكون قد مارست سلطتها التقديرية في نقل الطاعن دون أي انحراف، ولا ينطوي الأمر على أي جزاء، ومن ثم يكون النعي على قرار النقل المطعون فيه غير قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون جديرا بالرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر، فإنه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه، ويغدو الطعن عليه بغير سند سليم من القانون خليقا بالرفض.
ومن حيث إن المصروفات يلزم بها من أصابه الخسر في الطعن عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.