جلسـة 22 من أكتوبر سنة 2011
الطعن رقم 15539 لسنة 51 القضائية (عليا)
(الدائرة الرابعة)
– عاملون بالتعليم- الاستبعاد من أعمال الامتحانات- قرار الاستبعاد من أعمال الامتحانات لا يعد استطرادا أو استكمالا لقرار الجزاء، وإنما هو محض قرار تنظيمي تمارسه الجهة الإدارية بما لها من سلطة تقديرية في تنظيم أعمال مراقبة الامتحان، واختيار من يصلحون لها من العاملين بها، واستبعاد من قام في حقهم سبب يجعلهم غير أهل لذلك- هذا القرار يدور وجودا وعدما مع قرار الجزاء- المحكمة في تقديرها لخطورة ما فرط من العامل تنعقد لها الولاية، ليس فحسب لتقدير تناسب الجزاء مع ما نسب إلى العامل، بل وكذلك مناسبة استبعاده من أعمال الامتحانات في ضوء تلك الخطورة، مدى ومقدارا.
– أحكام قرار وزير التربية والتعليم رقم 113 لسنة 1992 بشأن الحرمان من أعمال الامتحانات.
في يوم الثلاثاء الموافق 7/6/2005 أودع محامي الدولة نائبا عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة تقرير طعن في حكم المحكمة التأديبية بالمنصورة في الطعن رقم 412 لسنة 32 ق بجلسة 17/4/2005، القاضي بقبول الطلب الثاني شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 11/5/2004 بحرمان الطاعن من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلبت الجهة الإدارية الطاعنة استنادا إلى ما أوردته من أسباب الحكم:
(أولا) بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
(ثانيا) بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الطعن.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم –بعد إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده– بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء حرمان المطعون ضده من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات، والقضاء مجددا بتعديل القرار المطعون فيه ليكون بحرمان المطعون ضده من أعمال الامتحانات المدة المناسبة، ورفض الطعن الماثل فيما عدا ذلك.
وجرى تداول الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 1/10/2011 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر، وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن المطعون ضده أقام الطعن رقم 412 لسنة 32 ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة بتاريخ 17/8/2004، طالبا الحكم:
(أولا) بإلغاء القرار المؤرخ في 17/3/2004 بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من أجره.
(ثانيا) بإلغاء القرار المؤرخ في 11/5/2004 بحرمانه من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحا لطعنه إن جهة الإدارة قد وقعت عليه الجزاءين المطعون فيهما بدعوى اشتراكه في أعمال لجنة النظام والمراقبة لإتمام مرحلة التعليم الأساسي دور أول 2001/2002 بالمخالفة لأحكام النشرة العامة رقم (52) بتاريخ 8/10/2003 لوجود ابنة أخيه بالصف الثالث بمدرسة محلة دمنة الإعدادية التابعة لإدارة شرق المنصورة التعليمية في العام نفسه.
……………………………………….
وبجلسة 17/4/2005 أصدرت محكمة أول درجة حكمها المتقدم، وشيدته بالنسبة للشق محل الطعن على أن المشرع قد حدد العقوبات التي يجوز للسلطات التأديبية توقيعها علي العاملين بالجهاز الإداري للدولة في المادة (80) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، وليس من بين هذه العقوبات ما يعرف بعقوبة الحرمان من أعمال الامتحانات، حتى ولو كان مرجعها قرار وزير التربية والتعليم رقم 13 لسنة 1992 المؤرخ في 20/5/1992 والذي نص على مخالفات محددة، وحدد لكل مخالفة عقوبة معينة إضافة إلى العقوبات الواردة بالمادة (80) من القانون المذكور، وهو ما يشكل عقوبة تبعية لم يفوض وزير التربية والتعليم في استحداثها، ومن ثم يغدو القرار المطعون فيه بتوقيع تلك العقوبة لما ثبت في حق الطاعن من مخالفة مخالفا القانون، خليقا بالإلغاء.
……………………………………….
وحيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك أن الحرمان من أعمال الامتحانات وإن اقترن بتوقيع الجزاء إلا أنه لا يعد استطرادا واستكمالا لقرار الجزاء، وإنما هو قرار تصدره جهة الإدارة بما لها من سلطة تقديرية في تنظيم أعمال الامتحانات، واختيار من يصلحون لها من العاملين واستبعاد من قام في حقهم سبب يجعلهم غير أهل لها، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه إذ تضمن استبعاد المطعون ضده من أعمال الامتحانات لما ثبت في حقه من خروج على مقتضيات الوظيفة وإخلال بكرامتها، فإنه يكون قد قام على صحيح القانون.
……………………………………….
وحيث إنه لئن كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الاستبعاد من أعمال الامتحانات لا يعد استطرادا أو استكمالا لقرار الجزاء، وإنما هو محض قرار تنظيمي تمارسه الجهة الإدارية بما لها من سلطة تقديرية في تنظيم أعمال مراقبة الامتحان، واختيار من يصلحون لها من العاملين بها، واستبعاد من قام في حقهم سبب يجعلهم غير أهل لها ، فضلا عن أن قرار الاستبعاد من أعمال الامتحانات إنما يدور وجودا وعدما مع قرار الجزاء، قياما بقيامه -لئن كان ذلك- إلا أن المحكمة في تقديرها لخطورة ما فرط من العامل، تنعقد لها الولاية، ليس فحسب لتقدير تناسب الجزاء مع ما نسب إليه، بل وكذلك مناسبة استبعاده من أعمال الامتحانات في ضوء تلك الخطورة مدى ومقدارا.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن الشئون القانونية بإدارة دكرنس التعليمية قد أجرت تحقيقا في الشكوى المقدمة إلى وكيل وزارة التربية والتعليم بالدقهلية بشأن قيام المطعون ضده (الذي يعمل بالإدارة) بالاشتراك في أعمال لجنة النظام والمراقبة لإتمام مرحلة التعليم الأساسي 2001/2002 بالمخالفة للتعليمات، وذلك لوجود ابنة أخيه/… بالصف الثالث الإعدادي بمدرسة محلة دمنة الإعدادية التابعة لإدارة شرق المنصورة التعليمية بالمخالفة للتعليمات، وخلصت الشئون القانونية في تحقيقاتها إلى صحة ما ورد بالشكوى، وقيدت الواقعة مخالفة إدارية ضد المطعون ضده، وطلبت مجازاته تأديبيا، مع إحالة الأوراق إلى الإدارة القانونية بالمديرية، للنظر في تطبيق أحكام قرار وزير التربية والتعليم رقم 113 لسنة 1992 بشأن الحرمان من أعمال الامتحانات من عدمه، وعلى إثر ذلك صدر القرار المؤرخ في 17/3/2004 بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من أجره، وبتاريخ 11/5/2004 صدر قرار المديرية بحرمانه من أعمال الامتحانات لمدة خمسة أعوام.
لما كان ذلك فإنه ولئن كانت عيون الأوراق تنطق بأن المطعون ضده نقض الإقرار الذي قطعه على نفسه بانتفاء موانع العمل بلجنة النظام والمراقبة بشأنه طبقا للوائح والتعليمات المعمول بها بمرفق التربية والتعليم، ومن بينها عدم وجود صلة قرابة بأحد الطلاب المتقدمين للامتحان حتى الدرجة الرابعة، وإذ كان ذلك فإن المطعون ضده بقبوله الاشتراك في لجان النظام والمراقبة مع علمه بقيام المانع في شأنه، وهو وجود ابنة شقيقه ضمن الطلاب المتقدمين للامتحانات بهذه اللجان، يكون قد قارف المخالفة المنسوبة إليه سند قرار مجازاته بالخصم من راتبه.
ولئن كان ذلك إلا أن جهة الإدارة وقد رأت –وبحق– أن هذه المخالفة لا تستأهل سوى الخصم من الراتب مدة ثلاثة أيام، وهذا الجزاء (أي الخصم) لا يبلغ النصاب الموثر في العلاقة الوظيفة التي يحكمها قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978)، فضلا عن أن الأوراق قد جاءت خالية مما يفيد قيام المطعون ضده بمساعدة أو معاونة ابنة شقيقه على أي وجه من الوجوه، لما كان ذلك فإن الحرمان من أعمال الامتحانات مدة خمس سنوات يعد غلوا غير مبرر، إذ يتجاوز ما بدر منه مدى ومقدارا، ليس فحسب في تقدير المحكمة، بل ومن قبل في تقدير جهة الإدارة ذاتها بحسبانها القوامة على المرفق، بما تملكه حقا وعدلا من تقدير خطورة الذنب الإداري بما يتلاءم وسير المرفق بانتظام واضطراد.
وإذ كان ذلك فإن القرار المطعون فيه المؤرخ في 11/5/2004 بحرمان المطعون ضده من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات يكون قد خالف صحيح أحكام القانون، مما يذره مستوجب الإلغاء، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد أصاب وجه الحق في قضائه، ويكون النعي عليه بمخالفة القانون غير مصادف محله، ومن ثم تقضي المحكمة برفض الطعن الماثل.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.