جلسة 13 يناير سنة2007م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / السيد محمد السيد الطحان نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم نائب رئيس مجلس الدولة
/ أحمد محمد حامد محمد نائب رئيس مجلس الدولة
/ عادل سيد عبد الرحيم بريك نائب رئيس مجلس الدولة / سراج الدين عبد الحافظ عثمان نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشـــــــــار / محمد عبد المنعم شلقامي مفــــــــوض الدولــــــــة
الطعن رقم (1577) لسنة49 قضائية .عليا.
– شئون أعضاء – نقل -ضماناته.
– المادة 87 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة1972.
قانون مجلس الدولة فرد لأعضائه تنظيماً خاصاً حدد المشرع قواعده وفقاً لأسس موضوعية لا تقيم تمييزاً فى مجال تطبيقها بين المخاطبين بأحكامها من أعضاء مجلس الدولة المتكافئة مراكزهم القانونية والمتساوية فى سائر شئونهم الوظيفية وجاء هذا التنظيم لتحقيق أغراض بعينها تقتضيها المصلحة العامة حماية للوظيفة القضائية وصوناً للقائمين بها من العسف بهم وذلك نظراً لعلو شأنها وسمو رسالتها وجسامة المهام التى يضطلع بها القضاة وإذ كانت هذه هى شيمة المشرع الذى حرص فى نصوص قانون مجلس الدولة على توكيد الأسس الموضوعية لأحكامه مما لا يضع تمييزاً بين أعضائه وهى غاية فى شأنها ترسيخ مبدأ المساواة بينهم ضماناً لمباشرة العضو لرسالته فى نطاق سياج من الحماية القانونية فإنه من المتعين أيضاً أن تكون هذه هى شيمة جهة الإدارة وهى بصدد وضع نصوص القانون موضوع التطبيق أو عند مباشرتها لاختصاصاتها المنوطة بها سواء اتخذت هذه المباشرة صورة إصدار قرارات أو اتخاذ إجراءات إذ يجب أن تجئ دوماً تصرفاتها موافقة للأسس الموضوعية التى يقوم عليها القانون ولمبدأ المساواة بين المتكافئين فى المراكز القانونية كى لا تنال من مضمون الحقوق التى يتمتع بها الأعضاء كذلك فإنه من المسلم به وفقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة إنه ليس ثمة ما يمنع من أن تستن جهة الإدارة لنفسها قاعدة تضبط بها ممارستها لسلطتها وهى إذا استثنت مثل هذه القاعدة واعتبرتها أساسا تتخذه تجاه أعضائها فإن أعمال هذه القاعدة يتعين أن يكون عاماً فى التطبيق لا يميز بين عضو وآخر ما دام الجميع يتماثلون فى المراكز القانونية ويتكافئون إزاءها ومن ثم فإن أعملت جهة الإدارة هذه القاعدة بالنسبة للبعض وأغفلتها بالنسبة للبعض الآخر فإن هذا المسلك يعد مساساً بمضمون الحقوق التى يتمتع بها المتماثلون فى المراكز القانونية وخروجاً من جهة الإدارة على مبدأ المشروعية التى يتعين أن يكون رائدها فى كافة تصرفاتها القانونية وإجراءاتها الإدارية.
فى يوم الخميس الموافق 14/11/2002 أودع الأستاذ/عبد المنصف محمد خليل المحامى نائبا عن الأستاذ الدكتور فتحى فكرى المحامى المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلا عن السيد الأستاذ المستشار الدكتور محمد ظهرى محمود المستشار بمجلس الدولة قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 1577 لسنة 49ق. عليا التمس فى ختامه الحكم بإلزام السيد المستشار رئيس مجلس الدولة بصفته بأن يؤدى مبلغا قدره مائتان وخمسون ألف جنيه تعويضا من جراء نقله من إدارة الفتوى الرئاسية الجمهورية وملحقاتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية.
وقد أعلن الطعن المشار إليه إلى السيد المستشار رئيس مجلس الدولة بصفته على النحو المبين بالأوراق كما أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى طلبت فيه الحكم بقبوله شكلا ورفضه موضوعا.
تدوول الطعن أمام الدائرة السابعة بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 24/4/2005 قررت الدائرة التنحى عن نظر الطلب وإحالته إلى هذه الدائرة حيث نظرته بجلستها المنعقدة بتاريخ 1/10/2005 وتدوول أمامها إلى أن قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 4/2/2006 إصدار الحكم فى الطلب المشار إليه بجلسة 8/9/2006 بيد أنها قررت إعادته للمرافعة بجلسة 29/4/2006 وتكلف جهة الإدارة بإيداع رد تفصيلى على موضوع الطعن وبيان أسباب نقل مقدمه من أسباب إدارة الفتوى لرئاسة الجمهورية إلى محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية والقواعد والضوابط التى استند إليها هذا النقل وتأجل نظر الطعن لجلسة 3/6/2000 للقرار السابق مع التحذير بتوقيع أقصى غرامة على الجهة المطعون ضدها وإخطار السيد المستشار رئيس مجلس الدولة بذلك وأن عدم الرد يعتبر تسليما بصحة جميع المطاعن على النحو الوارد بالطعن وبجلسة 3/6/2006 تأجل الطعن للقرار السابق مع تغريم مجلس الدولة مائة جنيه وإعذاره بتكرار الغرامة والتسليم بصحة طلبات الطاعنة فى حالة عدم الرد وبجلسة 8/7/2006 تقرر التأجيل لجلسة 14/10/2006 مع تغريم مجلس الدولة مائة جنيه أخرى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات بيد أن جهة الإدارة لم تتمثل لقرارات المحكمة بالرغم من إيقاع الغرامة عليها أكثر من مرة.
وبجلسة 14/10/2006 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطلب بجلسة 2/12/2006 وبها قررت المحكمة مد أجل النطق به لجلسة اليوم لاستمرار المداولة حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن الماثل ليس من طلبات الإلغاء التى تتقيد بإجراءات ومواعيد دعوى الإلغاء وإذ استوفى سائر أوضاعه المقررة قانونا فمن ثم يكون مقبول شكلا.
ومن حيث إن مساق الواقعات مستقاة من عيون الأوراق تخلص فى أنه صدر قرار رئيس مجلس الدولة رقم 246 لسنة 2001 بالحركة القضائية للعام القضائى 2001/2002 لأعضاء مجلس الدولة تضمن نقل الطالب من إدارة الفتوى لرئاسة الجمهورية والمحافظات إلى محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية الأمر الذى حدا به إلى التظلم من قرار نقله بسند من أنه لم يمض خمس سنوات على عمله بالإدارة المذكورة أسوة بنظرائه من الزملاء بإدارة الفتوى المختلفة بيد أن تظلمه قوبل بالرفض ومن ثم أقام طلبه الماثل ملتمسا الحكم له بتعويض قدره مائتان وخمسون ألف جنيه عن الأضرار المادية والمعنوية التى أصابته من جراء النقل بركيزة من أن أركان المسئولية الإدارية اتصلت حلقاتها وتكاملت أركانها من خطأ وضرر وعلاقة سببية فى جانب جهة الإدارة إذ وأن على القرار الطعين انحراف بالسلطة لإخلاله بمبدأ المساواة بينه وبين نظرائه كما صدر مفتقرا لسببه وعلى الأقل عدم كفايته فضلا عن مخالفته للأعراف والتقاليد القضائية المستقرة وهو ما يتوافر به ركن الخطأ أما عن ركن الضرر فقد وقع على الطالب ضرران أولهما مادى بحرمانه من المكافآت المقررة لعضوية لجان البت وثانيهما معنوى يتمثل فى شعوره بالدونية والمساس بكرامته الأمر الذى أوقعه فى براثن المرض وزيادة وطأته عليه وتتكامل أركان المسئولية الإدارية بتوافر علاقة السببية بين الخطأ المنسوب إلى جهة الإدارة ارتكابه والأضرار التى لحقت بالطالب من جراء هذا الخطأ.
ومن حيث إنه عن موضوع الطلب الماثل فإن مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها غير المشروعة هو ثبوت الخطأ فى جانبها بصدور قرارها غير المشروع معثورا بعيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر من جراء هذا القرار وأن تقوم رابطة سببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إن المادة 87 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن “يتم إلحاق أعضاء مجلس الدولة بأقسامه المختلفة وندبهم من قسم إلى آخر أو بين فروع القسم الواحد بقرار من رئيس مجلس الدولة…”.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر بقضاء متواتر على أن المشرع قد جعل بملاك يد جهة الإدارة سلطة تقديرية فى شأن نقل الموظف العام من مكان لآخر أو من وظيفة لأخرى نزولا على مقتضيات حسن سير العمل فى المرفق العام وانتظامه فمن ثم فإن ممارسة الإدارة لسلطتها التقديرية فى النقل تتوافر كلما دعته اعتبارات المصلحة العامة إلى وجوب التدخل لإجرائه دون أن ينهض للموظف أصل حق فى البقاء فى موقع عمل معين أو وظيفة محددة إذ قد تجد اعتبارات يكون من شأنها لمصلحة العمل إخلائه منها إلى موقع آخر بيد أنه إذا صدر قرار النقل مخالفا للحدود المقررة قانونا أو صدر مخالفا لقاعدة التزمت بها الإدارة عند إجرائه أو انحرفت بالنقل عن استهداف المصلحة العامة وقع قرارها فى حومة مخالفة القانون وخضع لرقابة القضاء الإداري.
ومن حيث إن قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 قد أفرد لأعضائه تنظيما خاصا حدد المشرع قواعده وفقا أسس موضوعية لا تقيم تميزا فى مجال تطبيقها بين المخاطبين بأحكامها من أعضاء مجلس الدولة المتكافئة مراكزهم القانونية والمتساوية فى سائر شئونهم الوظيفية وجاء هذا التنظيم لتحقيق أغراض بعينها تقتضيها المصلحة العامة حماية للوظيفة القضائية وصوتا للقائمين بها من العسف بهم وذلك نظرا لعلو شأنها وسمو رسالتها وجسامة المهام التى يضطلع بها القضاة وإذ كانت هذه هى شيمة المشرع الذى حرص فى نصوص قانون مجلس الدولة على توكيد الأسس الموضوعية لأحكامه بما لا يقع تميزا بين أعضائه وهى غاية من شأنها ترسيخ مبدأ المساواة بينهم ضمانا لمباشرة العضو لرسالته فى نطاق سياج من الحماية القانونية فإنه من المتعين أيضا أن تكون هذه هى شيمة جهة الإدارة وهى بصدد وضع نصوص القانون موضع التطبيق أو عند مباشرتها لاختصاصاتها المنوطة بها سواء اتخذت هذه المباشرة صورة إصدار قرارات أو اتخاذ إجراءات إذ يجب أن تجئ دوما تصرفاتها موافقة للأسس الموضوعية التى يقوم عليها القانون ولمبدأ المساواة بين المتكافئتين فى المراكز القانونية كى لا تنال من مضمون الحقوق التى يتمتع بها الأعضاء كذلك فإنه من المسلم به وفقا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أنه ليس ثمة ما يمنع من أن تستن جهة الإدارة لنفسها قاعدة تضبط بها ممارستها لسلطتها وهى إذ استثنت مثل هذه القاعدة واعتبرتها أساسا تتخذه تجاه أعضائها فإن إعمال هذه القاعدة يتعين أن يكون عاما فى التطبيق لا يميز بين عضو وآخر ما دام الجميع يتماثلون فى المراكز القانونية ويتكافئون إزاءها ومن ثم فإن أعملت جهة الإدارة هذه القاعدة بالنسبة للبعض وأغفلتها بالنسبة للبعض الآخر فإن هذا المسلك يعد مساسا بمضمون الحقوق التى يتمتع بها المتماثلون فى المراكز القانونية وخروجا من جهة الإدارة على مبدأ المشروعية التى يتعين أن يكون رائدها فى كافة تصرفاتها القانونية وإجراءاتها الإدارية.
ومن حيث إن الثابت من حافظة مستندات جهة الإدارة أن الطالب قد ألحق بإدارة الفتوى لرئاسة الجمهورية والمحافظات فى العام القضائى 97/1998 ثم صدر قرار رئيس مجلس الدولة بنقله إلى محكمة القضاء الإدارى اعتبارا من العام القضائى 2001/2002 قبل أن يمضى بإدارة الفتوى المذكورة خمس سنوات على نحو ما أدعى الطالب ولم تنكره جهة الإدارة أو تدفعه بثمة دفع أو دفاع بالرغم من أن هذه المحكمة قد أفسدت لها صدرا وأفرغت لها صبرا وأجلت نظر الطلب الماثل عديدا من الجلسات لتودع الأسباب التى استندت إليها فى إصدار قرارها المشار إليه بنقل الطالب بيد أنها أعرضت عن ذلك ونأت بجانبها ولم تحرك ساكنا الأمر الذى يغدو معه قرارها بنقل الطالب قبل مضى المدة المشار إليها مخالفا لقاعدة استنتها والتزمت بها قوامها عدم جواز نقل عضو إدارة الفتوى قبل قضائه خمس سنوات بقسم الفتوى بما يتمخض عنه ذلك من افتئات على مبدأ المساواة بين أصحاب المراكز المتماثلة ونيلا من ضمانة مقررة للقضاة وهى عدم قابليتهم للعزل إذ أن هذه الضمانة تنتقص و*** من عقالها بنقل الطالب عسفا ودون سند موضوعى يرتكز إلى معايير واضحة وضوابط محددة ومن ثم يضحى قرار جهة الإدارة المشار إليه مخالفا للقانون ويقوم به ركن الخطأ فى مسئوليتها الإدارية وإذ ترتب على هذا القرار أن حاق بالطالب ضرر معنوى أصابه تمثل فى المساس بكرامته بحسبان أن النقل قد وقع عليه وحده دون بقية نظرائه من الزملاء بما قد يعكسه ذلك بينهم من قدح فى كفاءته فى القيام بالأعمال الموكولة إليه أو أن مسلكه قدران عليه ريب وشبهات وهو شعور ليس يهين وعند القاضى عظيم.
أما عن الضرر المادى فإن الأوراق قد أجدبت عن بيان ثمة ضرر مادى محقق الوقوع لحق بالطالب من صدور القرار المشار إليه إذ أن راتبه وبدلاته والمزايا المالية المقررة لوظيفته التى يشغلها لم تنتقص من جراء هذا النقل كما أخفق الطالب فى إثبات أن المرض الذى أصيب به ترتب مباشرة على ذلك وكان لاحقا عليه كذلك فإن قاله حرمانه من البدل المقرر قانونا لحضور لجان البت فى المناقصات أو المزايدات لا يعدو أن يكون ضرر احتمالى غير محقق الوقوع لا يسوغ التعويض عنه قانونا.
ومن حيث إنه قد قامت بين الخطأ الذى ثبت فى جانب جهة الإدارة والضرر الذى لحق بالطالب علاقة سببية فمن ثم تكون قد تكاملت فى جانبها أركان المسئولية الإدارية والتزمت بجبر الضرر الذى أصابه وتعويضه عنه والذى تقدره المحكمة بمبلغ خمسة آلاف جنيه.
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للطاعن تعويضا مقداره خمسة آلاف جنيه فقط.