جلسة 24 من مارس سنة 2012
الطعن رقم 16565 لسنة 50 القضائية (عليا)
(الدائرة الخامسة)
– توصيل المرافق للمباني المخالفة- حظر المشرع على الجهات القائمة على شئون المرافق (الكهرباء والمياه وغيرها) تزويد العقارات المبنية أو أية وحدة من وحداتها بخدمات هذه المرافق إلا بعد تقديم صاحب الشأن شهادة تفيد أن المبنى المطلوب تزويده بالمرافق صدر له ترخيص في البناء، وأنه مطابق لشروط الترخيص- إذا كانت الإدارة قد قعدت عن اتخاذ الإجراءات القانونية لوقف الأعمال المخالفة والحيلولة دون إتمامها وشغلها بالسكان، ولم يصدر حكم جنائي بإدانة المخالف أو بإزالة الأعمال، أو ألغيت قرارات الإزالة، أو صدرت أحكام بوقف تنفيذها، بحيث أضحى العقار قائما؛ فإنه يجب توصيل المرافق لهذا المبنى.
– المادة 17 مكررا من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء (الملغى لاحقا -عدا المادة 13 مكررا منه- بموجب القانون رقم 119 لسنة 2008)، المضافة بالقانون رقم 25 لسنة 1992.
في يوم الثلاثاء الموافق 24/8/2004 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الرابعة) في الدعوى رقم 8815 لسنة 58 ق بجلسة 8/7/2000، القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان، وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
وطلبت الجهة الإدارية الطاعنة -للأسباب المبينة بتقرير الطعن- الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه، والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مُجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضرها حيث قدمت الجهة الإدارية الطاعنة حافظة مستندات، وحضر المطعون ضده وقدم حافظة مستندات ومذكرة، وبعد أن أحالت دائرة فحص الطعون الطعن إلى دائرة الموضوع بهذه المحكمة نظرته أمامها بجلسة 25/2/ 2012 حيث قدم المطعون ضده مذكرة دفاع، وبالجلسة نفسها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن أقيم في الميعاد المقرر قانونا مستوفيا جميع أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 8815 لسنة 58ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الرابعة) في 17/1/ 2004، طالبا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بامتناع رئيس حي المطرية عن الموافقة على توصيل الكهرباء للعقار رقم 4 شارع محمود سعيد من شارع التوفيقية من شارع المشروع بقسم المطرية بالقاهرة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع تنفيذ الحكم بمسودته ودون إعلان، استنادا إلى أن مسلك الجهة الإدارية بهذا الامتناع مُخالف للقانون، حيث اشترى العقار المذكور واتخذ منه مسكنا ومكتبا له، وتم توصيل المياه والتليفون، إلا أن الجهة الإدارية ممتنعة عن منحه شهادة للجهة القائمة على شئون الكهرباء لتوصيل الكهرباء للعقار مما حرمه من أحد أهم ضرورات الحياة.
………………………………………
وبجلسة 8/7/ 2004 قضت المحكمة بحكمها المطعون فيه، وشيدت قضاءها على أنه من حق الجهة الإدارية عدم توصيل المرافق للعقار على وفق نص المادة 17 مكررا من القانون رقم 106 لسنة 1976 متى كانت المخالفة ثابتة في حق صاحب الشأن بأحكام قضائية صادرة بالإدانة، أما إذا وقف الأمر عند حد تحرير محاضر المخالفات وعدم النهوض إلى وقف الأعمال والحيلولة دون إتمامها وشغلها بالسكان، فإن ذلك لا يصلح سندا للامتناع عن توصيل التيار الكهربائي، ولما كان العقار محل التداعي قد تم تزويده بخدمة مرفق المياه والاتصالات دون وجود مخالفات صدرت فيها أحكام جنائية بالإدانة، فمن ثم يكون القرار المطعون فيه -وبحسب الظاهر من الأوراق- قد افتقد السبب الذي يبرره، مما يجعله مرجح الإلغاء، ويتحقق بذلك ركن الجدية إلى جانب ركن الاستعجال، حيث يقيم المدعى في العقار ويمارس عمله فيه، وعدم دخول الكهرباء للعقار يعوق إقامته وعمله، وهو ما تترتب عليه نتائج يتعذر تداركها، وانتهت المحكمة لذلك إلى حكمها المتقدم.
………………………………………
ولم يلق هذا القضاء قبولا لدى الجهة الإدارية، فأقامت طعنها الماثل ناعية على هذا الحكم مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ ذلك أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده خالف أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، وأن عدم الإزالة لا يعنى التنازل عنها، ومن ثم يكون امتناع الجهة الإدارية عن توصيل التيار الكهربائي لمنزل المطعون ضده مطابقا لحكم المادة (17) من القانون رقم 106 لسنة 1976.
………………………………………
وحيث إنه عن موضوع الطعن فإنه من المستقر عليه أن سلطة وقف التنفيذ مشتقة من سلطة الإلغاء ومردها إلى توفر ركنين أساسين: أولهما: ركن الجدية بأن يقوم الطلب بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب جدية يرجح معها إلغاء القرار: والثاني: ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
وحيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة (17) مكررا من القانون رقم 106 سنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، المضافة بالقانون رقم 25 لسنة 1992 تنص على أنه: “لا يجوز للجهات القائمة على شئون المرافق تزويد العقارات المبنية أو أي من وحداتها بخدماتها إلا بعد تقديم صاحب الشأن شهادة من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم تفيد صدور ترخيص بالمباني المقامة ومطابقتها لشروط الترخيص ولأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية”.
ومفاد نص هذه المادة –على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة- أن المشرع اعتبارا من تاريخ العمل بالقانون رقم 25 لسنة 1992 حظر على الجهات القائمة على شئون المرافق (الكهرباء والمياه وغيرها) تزويد العقارات المبنية أو أية وحدة من وحداتها بخدمات هذه المرافق إلا بعد تقديم صاحب الشأن شهادة تفيد أن المبنى المطلوب تزويده بالمرافق صدر له ترخيص في البناء، وأنه مطابق لشروط الترخيص وأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه ولائحته التنفيذية، وإذا ما حررت مخالفات بشأن العقار كان من حق الجهة الإدارية رفض إصدار هذه الشهادة أو الامتناع عن ذلك إذا كانت هذه المخالفات ثابتة في حق صاحب الشأن بأحكام قضائية صادرة بالإدانة، أما إذا وقف الأمر عند حد تحرير محاضر مُخالفات وعدم نهوض جهة الإدارة المختصة لوقف الأعمال المخالفة والحيلولة دون إتمامها وشغلها بالسكان، أو ألغيت قرارات الإزالة التي صدرت بشأن العقار، أو صدرت أحكام بوقف تنفيذها بحيث أضحى العقار قائما، فإن ذلك لا يصلح سندا للامتناع عن توصيل التيار الكهربائي.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن العقار محل التداعي قد أقامته السيدة/… بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، وتحرر لها محضر المخالفة رقم 126 لسنة 2003، ثم صدر القرار رقم 35 لسنة 2003 بوقف هذه الأعمال، ثم القرار رقم 59 لسنة 2003 بإزالتها، واستند هذا المحضر والقراران إلى أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه، وَقُدِّمت المذكورة في حينه إلى المحاكمة الجنائية في القضية رقم 246 لسنة 2004 جنح المطرية بتهمة عدم تنفيذ قرار الإزالة رقم 59 لسنة 2003 المشار إليه، وقضي فيها استئنافيا بالبراءة بعد الإدانة في الحكم الابتدائي، كما صدر حكم في القضية رقم 33719 لسنة 2004 المطرية بشأن ما نسب إليها من إقامة العقار المُشار إليه بدون ترخيص بانقضاء الدعوى الجنائية لوفاة المتهمة، وكانت المذكورة قد أقامت الدعوى رقم 13317 لسنة 57ق بتاريخ 10/3/2003 أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الحادية عشرة)، طالبة وقف تنفيذ وإلغاء قرار الإزالة المشار إليه وتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان، وصدر الحكم بجلسة 15/5/2005 بوقف تنفيذ القرار وتنفيذ الحكم بمسودته ودون إعلان، وتأيد هذا الحكم بما قضت به المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 18044 لسنة 51 ق.عليا بجلسة 22/1/2011، وبني هذا الحكم وتأييده على أن العقار المشار إليه أقيم وقت إنشائه في منطقة لم يكن قد تم اعتمادها تخطيطيا، حيث تم هذا الاعتماد عام 2000، ومن ثم يكون العقار وقت إنشائه قبل عام 2000 غير خاضع للقانون 106 لسنة 1976، وأنه كان يتعين تطبيق أحكام القانون رقم 3 لسنة 1982 بشأن التخطيط العمراني وليس القانون رقم 106 لسنة 1976 الذي استند إليه قرار الإزالة، مما يكون معه هذا القرار مُخالفا للقانون.
وحيث إنه يبين مما تقدم -وأيا كان وجه الرأي بشأن صدور حكمي وقف تنفيذ قرار الإزالة في مواجهة المذكورة بعد وفاتها- فإنه قد تم وقف تنفيذ القرار الصادر بإزالة هذا العقار، وأيدت المحكمة الإدارية العليا هذا الوقف، كما صدر حكم جنائي ببراءة المذكورة مما نسب إليها من الامتناع عن تنفيذ قرار الإزالة، وحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بشأن إقامة البناء بدون ترخيص، ومن ثم أصبح العقار قائما، بما لا يجوز معه للجهة الإدارية الامتناع عن مخاطبة الجهة المختصة بتزويد هذا العقار بالكهرباء استكمالا للمرافق التي تم توصيلها إليه، ويشكل امتناعها عن ذلك قرارا سلبيا بالامتناع مرجح الإلغاء، مما يتوفر معه ركن الجدية إلى جانب ركن الاستعجال الذي يتمثل في أن عدم توصيل الكهرباء يعوق المطعون ضده في كسب عيشه والإقامة في منزله، ويستقيم بذلك طلب وقف تنفيذ هذا القرار على سببه الصحيح متعينا القضاء به.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه الوجهة من النظر فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه بما لا مطعن عليه، وهو ما يتعين معه رفض الطعن وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.