جلسة 25 من مايو سنة 2013
الطعن رقم 1676 لسنة 55 القضائية (عليا)
(الدائرة الأولى)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ غبريال جاد عبد الملاك
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد وجدي عبد الفتاح علي فاضل وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد ومنير عبد القدوس عبد الله عبد الجواد وإبراهيم سيد أحمد الطحان
نواب رئيس مجلس الدولة
مدارس خاصة- مفهومها، والترخيص في إنشائها- المدرسة الخاصة هي مُنشَأة غير حكومية تُنشأ بترخيصٍ من مديرية التربية والتعليم المختصة، أو بقرارٍ من وزير التعليم، وتخضع لإشراف وزارة التربية والتعليم والمديريات التعليمية- يُشترَط في صاحب المدرسة كقاعدةٍ عامة: أن يكون شخصًا اعتباريا متمتعًا بجنسية جمهورية مصر العربية- استثناءً من ذلك: أجاز المشرِّع استمرارَ المدارس القائمة وقت صدور قانون التعليم (الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981) غير المملوكة لأشخاصٍ اعتبارية، وكذا المدارس المعانة، وجعلها مُرخَّصًا لها حُكمًا طوال مدة بقاء صاحبها على قيد الحياة.
تعليم خاص- المدارس الخاصة المجانية (المعانة)- هذه المدارس هي بحسب الأصل مدارس خاصة يديرها أصحابها بمصروفات دراسية تغطي نفقاتها إلى جانب هامش ربح- بمجرد خضوع هذه المدارس لنظام الإعانة تحلُّ التربية والتعليم محل أصحابها في إدارتها بلا مصروفات دراسية على وفق نظام المجانية، في مقابل تعويضٍ تؤديه لأصحابها عن القيمة الإيجارية وعن هامش الربح- تولي وزارة التربية والتعليم إدارة المدرسة بدلا من صاحبها لا يُغيِّر من طبيعتها كمدرسةٍ خاصة مملوكة لصاحبها- يحقُّ لورثة صاحب المدرسة بعد وفاته الاختيار بين استمرار المدرسة في نشاطها التعليمي، أو إنهاء هذا النشاط واسترداد المباني المملوكة لمورثهم.
– المواد أرقام (54) و(56) و(57) و(58) و(63) و(66) و(69) من قانون التعليم، الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981.
– المواد من (19) إلى (22) ومن (111) إلى (119) من قرار وزير التعليم رقم 306 بتاريخ 6/12/1993 بشأن التعليم الخاص، والمعدَّل بموجب القرار الوزاري رقم 441 بتاريخ 30/7/1998، (الملغى لاحقًا بموجب القرار الوزاري رقم 449 لسنة 2013).
في يوم السبت الموافق 25 من أكتوبر سنة 2008 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبةً عن الطاعنين سكرتاريةَ هذه المحكمة عريضةَ طعنٍ، قُيِّدَ بجدولها برقم 1676 لسنة 55 القضائية (عليا)، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الأولى) بجلسة 28/8/2008 في الدعوى رقم 12332 لسنة 57ق، المقامة من ورثة المرحوم/… ضد محافظ الإسكندرية ووكيل وزارة التربية والتعليم بالإسكندرية ومدير عام هيئة الأبنية التعليمية بالإسكندرية ومدير مدرسة نهضة المعارف الابتدائية الخاصة المعانة بالإسكندرية (بصفاتهم)، القاضي بقبول طلب الإلغاء شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وبعدم قبول طلب التعويض، وإلزام الطرفين المصروفات مناصفةً فيما بينهما.
وطلبت الهيئة الطاعنة للأسباب التى استندت إليها في عريضة الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسبَّبًا بالرأي القانوني في الطعن، انتهت فيه لِما أبدته من أسبابٍ إلى أنها ترى -بعد إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الابتدائية بالإسكندرية للاختصاص، وإبقاء الفصل في المصروفات.
وعُيِّنَت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة السادسة جلسة 17/5/2011، وفيها حضر/… عن نفسه وبالوكالة عن إخوته/… و/… و/… و/… و/…، وقدم مذكرة وحافظة مستندات، وبجلسة 5/7/2011 قدم مذكرة وحافظة مستندات.
وقدمت هيئة قضايا صحيفة إعلان تقرير الطعن لورثة المرحوم/… وتصحيح شكل الطعن باختصام ورثة المرحومة/… الذين لم يعلنوا لعدم الاستدلال.
وقد تقرر إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى، وتدوول أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بالمحاضر، حيث حضر/… بجلسة 21/5/2012 عن نفسه وبالوكالة عن بعض ورثة المرحوم/… وقدم مذكرة، وأودعت هيئة قضايا الدولة بتاريخ 28/5/2012 مذكرة بتصريحٍ سابق من المحكمة بجلسة 21/5/2012.
وبجلسة 22/9/2012 تقرر إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع، وأمامها قدم/… بجلسة 12/1/2013 مذكرة وحافظة مستندات. وبجلسة 23/3/2013 قررت المحكمة تكليف الجهة الإدارية الطاعنة بإعلان من لم يُعلَن ولم يحضر من المطعون ضدهم وهما/… ومدير مدرسة نهضة المعارف الابتدائية (بصفته)، وبجلسة 13/4/2013 حضر/… عن نفسه. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لِزُومًا لسماعه، قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد أقيم خلال الميعاد القانوني، واستوفى أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلا.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة -حسبما يبين من الأوراق- تتحصل في أن ورثة المرحوم/… أقاموا الدعوى رقم 12332 لسنة 57ق. بتاريخ 26/7/2002 ضد محافظ الإسكندرية، ووكيل وزارة التربية والتعليم بالإسكندرية، ومدير عام هيئة الأبنية التعليمية بالإسكندرية، ومدير مدرسة نهضة المعارف الابتدائية الخاصة المعانة بالإسكندرية (بصفاتهم)، يطلبون الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تصفية وإخلاء المدرسة المذكورة، وتسليمها لأصحابها الورثة الشرعيين، والتعويض عن الأضرار التى أصابتهم جراء استمرار الاستيلاء والانتفاع بالمدرسة دون سندٍ من الواقع والدستور.
وتوجز أسانيد الدعوى في أن المدعين يمتلكون عن مورثهم مدرسة نهضة المعارف الابتدائية الخاصة المعانة، بالقطعة رقم 27 شارع بن عائشة بالحضرة قبلي إسكندرية، وقد بدأت هذه المدرسة ككُتَّاب لتحفيظ القرآن الكريم، تحوَّل بعد ذلك إلى مدرسة ابتدائية خاصة، وبسبب الظروف الصحية لمورثهم تقدم لوزارة المعارف سنة 1940 بطلب إخضاع المدرسة لإشراف وزارة التربية والتعليم مقابل تعويض شهري (نظام الإعانة)، وبعد وفاة مورثهم في 1/11/1999 وانتهاء ترخيص المدرسة، طلبوا من المسئولين بالتربية والتعليم والمحافظة تصفية المدرسة وتوزيع التلاميذ على المدارس المجاورة، وتسليمها لهم خالية؛ وذلك لعدم كفاية التعويض الذي كان يُدفَع لوالدهم، إلا أن المسئولين راوغوا في ذلك بزعم عزمهم تسليم المدارس المشغولة حكوميا لأصحابها تنفيذًا لقرار رئيس مجلس الوزراء، ولم يلتزموا بهذا الوعد، بل على العكس أدرجت جهة الإدارة اسم المدرسة ضمن كشف المدارس المؤجَّرة برغم عدم وجود عقد إيجار، وبرغم أن المدرسة خاصة تخضع لنظام الإعانة رهن إرادة ملاكها، وأن استمرار الاستيلاء عليها يعد استيلاءً على ملكيةٍ خاصة دون حقٍّ أو سند من الواقع والقانون.
ولم تجب الجهة الإدارية على الدعوى بأية مذكراتٍ أو مستندات.
……………………………………………………………..
وفي 28 من أغسطس سنة 2008 حكمت المحكمة بقبول طلب الإلغاء شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وبعدم قبول طلب التعويض، وبإلزام الطرفين المصروفات مناصفةً بينهما.
وشيَّدت المحكمة قضاءها على أن قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر بجلسة 2/4/1997 إنما ينصرفُ فحسب إلى المدارس التى تشغلها الجهة الإدارية بطريق الإيجار، ولا يطبق بحالٍ من الأحوال على المدارس التى تشغلها التربية والتعليم استنادًا إلى نظام (الإعانة الشهرية)، ومنها المدرسة محل الدعوى، إلا أنه وبغض النظر عن أحكام هذا القرار ومضمونه، فإن هناك مبدأ يحكم علاقة الإدارة بالأفراد يُعرَف بمبدأ الثقة في تعاملات الإدارة، هذه الثقة تقتضي أن تلتزم جهة الإدارة بالمواثيق التى تأخذها على نفسها، وأن تفي بما وعدت به، ولا يجوز لها بأية حالٍ أن تقعد عن الوفاء بما التزمت به، أو تتحلل من التزاماتها، مادامت هذه الالتزامات موافقةً للقانون.
وذكر الحكم أن الهيئة العامة للأبنية التعليمية كانت قد قامت خلال عام 1997 بإعداد حصرٍ للمدارس التى لا تنطبق عليها معايير الشراء، ومقترح ردها خلال السنوات الخمس اللاحقة، ومن بينها مدرسة نهضة المعارف الابتدائية، كما أن المحافظة أخطرت المدعين بكتابٍ مُؤرَّخ في 19/10/2000 بأن المدرسة مُدرجَةٌ ضمن المدارس المؤجِّرة والمقترَح ردُّها خلال خمس سنوات تنتهي خلال عام 2002، ويعد ذلك بمثابة التزامٍ من جهة الإدارة، وبمثابة وعد قطعته على نفسها، يتعيَّن عليها الوفاءُ به في الميعاد الذي حدَّدته، مادامت لا تنتوى شراء المدرسة ولا تراها صالحة لذلك، والقول بغير ذلك يُهدِر الثقة في معاملات وتصرفات الجهة الإدارية، ويضرُّ بالمتعاملين معها الذين يُرتِبون أوضاعهم استنادًا إلى ما تقرره في شئونهم، وبهذه المثابة فإن القرار المطعون فيه يغدو مخالفًا للقانون. أما طلب التعويض فإنه لم يُعرَض على لجنة التوفيق في بعض المنازعات، على وفق أحكام القانون رقم 7 لسنة 2000، ومن ثم يكون غير مقبول.
……………………………………………………………..
وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لأنه لا يوجد نصٌّ في قانون التعليم ولا بلائحة التعليم الخاص تُخول المطعون ضدهم الحق في استرداد المدرسة، حال كونها مدرسةً معانة تخضع لإشراف التربية والتعليم، وأن علاقة المطعون ضدهم ومن قبلهم مورثهم بجهة الإدارة لا تعدو أن تكون علاقةَ مساهمةٍ في مشروعٍ ذي نفعٍ عام من مشروعات المرافق العامة، يَنشأ بموجبها الالتزامُ في جانب المتعهد وحده. فضلا عن أن الحكم المطعون فيه قد غلَّب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة التى توجِب التمسك بالمدرسة؛ لحاجة جهة الإدارة إليها وعدم وجود بديلٍ عنها.
……………………………………………………………..
وحيث إن المادة (54) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 تنص على أن: “تعتبر مدرسة خاصة، كل منشأةٍ غير حكومية تقوم أصلا أو بصفةٍ فرعية بالتعليم أو الإعداد المهني والفني قبل مرحلة التعليم الجامعي…”.
وتنص المادة (56) على أن: “تخضع المدارس الخاصة لإشراف وزارة التربية والتعليم والمديريات التعليمية بالمحافظات…”.
وتنص المادة (57) على أن: “لا يجوز إنشاءُ مدرسةٍ خاصة، أو التوسع فيها، أو تنظيم دروسٍ للتقوية إلا بترخيصٍ سابق من مديرية التربية والتعليم المختصة…”.
وتنص المادة (58) على أن: “يُشترَط في صاحب المدرسة الخاصة ما يأتي:
– أن يكون شخصًا اعتباريا مُتمَتِعًا بجنسية جمهورية مصر العربية…
على أنه بالنسبة للمدارس القائمة وقت صدور هذا القانون ولا يملكها أشخاصُ اعتباريون تعتبر مُرخَّصًا لها بالعمل طوال مدة بقاء صاحبها على قيد الحياة”.
وتنص المادة (63) على أن: “تكون لكل مدرسةٍ موازنةٌ خاصة تشمل الإيرادات والمصروفات وتُودَع إيراداتُ المدرسة في حسابٍ خاص بأحد المصارف أو مكاتب البريد…”.
وتنص المادة (66) على أن: “تتولى المديرية التعليمية المختصة الإشراف على المدارس الخاصة من كافة النواحي، شأنها شأن المدارس الرسمية…”.
وتنص المادة (69) من القانون ذاته على أن: “تستمر المدارس الخاصة المجانية (المعانة) التى أنشئت بمقتضى قوانين سابقة، في أداء رسالتها، مع توفير الإمكانيات اللازمة لها وفقًا للمعايير التى يصدر بها قرارٌ من وزير التعليم بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم”.
وحيث إن المادة (19) من قرار وزير التعليم رقم 306 بتاريخ 6/12/1993 بشأن التعليم الخاص تنص على أنه: “إذا رغب صاحبُ المدرسة تصفيةَ مدرسته يتقدم بطلبٍ بذلك إلى الإدارة أو المديرية التعليمية المختصة قبل بداية العام الدراسي الذي يرغب تصفية المدرسة فيه بثلاثة أشهر على الأقل، على أن تكون التصفية بإغلاق صف دراسي واحد كل عام دراسي ابتداء من الصف الأول بالمدرسة بعد عرض الأمر على جهة الاختصاص بالنسبة للثانوي العام. ويتعين إيقاف العمل بالمدرسة إذا اقتضى الأمر ذلك بناء على أمر صادر من جهات الاختصاص”.
وتنص المادة (20) على أنه: “مع مُراعاة أحكام المادة (58) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 وتعديلاته، يُشترَط في صاحب المدرسة الخاصة ما يأتي:
(أ) أن يكون شخصية اعتبارية مُتمَتِعًا بجنسية جمهورية مصر العربية…”.
وتنص المادة (21) على أنه: “يجب أن يتوافر فيمن يمثل الشخصية الاعتبارية صاحب المدرسة ما يأتي: (أ) أن يكون من مواطني جمهورية مصر العربية مُتمَتعًا بحقوقه المدنية والسياسية كاملة…”.
وتنص المادة (22) -مُعدَّلة بالقرار الوزاري رقم 441 بتاريخ 30/7/1998- على أنه: “في حالة فقدِ ممثل الشخصية الاعتبارية لأحد الشروط أو كلها أو وفاة أحد الأشخاص المكونة للشخص الاعتباري أو صاحب المدرسة أو حدوث خلافٍ بين الشركاء حول ممثل الشخص الاعتباري، يكون تحديدُ ممثلٍ جديد للشخص الاعتباري طبقًا لأغلبية الأنصبة، وإذا ما تساوت الأنصبة تختار المديرية أو الإدارة التعليمية أحد المرشحين ممثلا قانونيا لأصحاب المدرسة لمدة لا تزيد عن عامين دراسيين أو حتى يتم الاتفاق بين الشركاء على اختيار ممثل، فإذا لم يتحقق ذلك وانقضت المدة المشار إليها (العامين الدراسيين) يتمُّ اختيارُ ممثلٍ جديد من الطرف الآخر”.
وتنص المادة (111) على أنه: “يجب أن يتوافر في صاحب المدرسة الخاصة المجانية (المعانة) أو من يمثله نفس الشروط المحدَّدة لصاحب المدرسة الخاصة بمصروفات أو من يمثله المنصوص عليها في المادتين (20 و21) من هذا القرار”.
وتنص المادة (112) على أن: “تتولى وزارة التربية والتعليم تعيين جميع العاملين بالمدرسة الخاصة المجانية (المعانة) ويعمل هؤلاء وفقًا للأحكام والقرارات المنظِّمة لشئون العاملين المدنيين بالدولة، ولصاحب المدرسة الخاصة المجانية (المعانة) أن يتولى نظارتها أو أي عملٍ فني أو إداري بها… وفي جميع الأحوال لا يجوز لصاحب المدرسة الخاصة (المجانية) أن يتدخل في الشئون التربوية أو التعليمية للمدرسة إلا إذا كان مُتوَليا نظارتها وفق القواعد المقرَّرة. وتخضع المدرسة الخاصة المجانية (المعانة) لإشراف الوزارة والمديرية أو الإدارة التعليمية فنيا وماليا وإداريا، كما تُطبَّق عليها جميعُ التعليمات والقرارات الصادرة شأنها في ذلك شأن المدارس الرسمية”.
وتنص المادة (113) على أنه: “لا يجوز للمدرسة الخاصة المجانية (المعانة) أن تتقاضى من الدارسين بها سوى مقابل الخدمات الإضافية المقرَّرة على نظرائهم من الدارسين في المدارس من الرسمية…”.
وتنص المادة (114) على أن: “يتكفل صاحب المدرسة الخاصة المجانية (المعانة) بإيجار المدرسة، وتتحمل المديريات والإدارات التعليمية بالمحافظات من موازنتها تكاليف ترميم وصيانة مباني المدارس الخاصة المجانية المعانة وتزويدها بالأثاث المدرسي اللازم وصيانته…”.
وتنص المادة (115) على أن: “تتكفل المديرية أو الإدارة التعليمية المختصة بتزويد المدرسة الخاصة المجانية (المعانة) وفقًا للقرارات المعمول بها بالمدرسة الرسمية المماثلة بما يأتي: (أ) أجور العاملين بها وحوافزهم وبدلاتهم المقرَّرة. (ب) المعدات والآلات والأدوات التعليمية… (جـ) الوسائل التعليمية. (د) التجهيزات غير الثابتة… (هـ) الكتب الدراسية… (و)… (ز) قيمة استهلاك المياه والإضاءة واشتراك التليفون…”.
وتنص المادة (117) على أن: “يستحِق صاحبُ المدرسة الخاصة المجانية (المعانة) ما يأتي: (أ) مقابل إيجار المكان الذي تشغله المدرسة. (ب) تعويض مقابل تطبيق نظام المجانية.
وتكون هذه المستحقات عن سنة كاملة…”.
وتنص المادة (118) على أن: “يُقَدَّر مقابلُ الإيجار الذي يُؤدَى للمدرسة الخاصة المجانية (المعانة) على أساس القيمة الإيجارية التى يؤديها صاحب المدرسة بمقتضى العقد المبرَم بينه وبين صاحب المبنى. ويُراعى عند صرف مقابل الإيجار ما يلي: (أ) إذا كان مبنى المدرسة مملوكًا لصاحبِها فإن مقابل الإيجار يُقدَّر على أساس القيمة الإيجارية القانونية للمبنى…”.
وتنص المادة (119) على أن: “يُحتسَب مبلغُ التعويض الذي يُصرَف لصاحب المدرسة الخاصة المجانية (المعانة) على الوجه الآتي:…
200 جنيه سنويا للفصل في الحلقة الابتدائية من مرحلة التعليم الأساسي…”.
وحيث إن مفاد ما تقدم أن قانون التعليم المشار إليه قد أفسح مجالا للتعليم الخاص إلى جانب التعليم الحكومي، وأفرد له مجموعة من القواعد العامة الحاكمة، وقوامها: أن المدرسة الخاصة هي منشأة غير حكومية تُنشأ بترخيصٍ من مديرية التربية والتعليم المختصة، أو بقرارٍ من وزير التعليم -بحسب الأحوال-، وتخضع لإشراف وزارة التربية والتعليم والمديرية التعليمية، وهدفُها المعاونة في مجال التعليم الأساسي أو الثانوي (العام والفني) بمقابل (المصروفات الدراسية)، ويُشترَط في صاحب المدرسة الخاصة أن يكون شخصًا اعتباريا مُتمَتِعًا بجنسية جمهورية مصر العربية، وتكون تصفية المدرسة الخاصة -بناء على رغبة صاحب المدرسة- بإغلاق صف دراسي واحد كل عام دراسي ابتداء من الصف الأول بالمدرسة.
وحيث إنه استثناءً من القواعد العامة المبينة سالفًا، سمح المشرع بموجب نص المادة (57) من القانون المشار إليه باستمرار المدارس القائمة وقت صدور القانون غير المملوكة لأشخاصٍ اعتبارية، واعتبارها مُرخَّصًا لها -حُكمًا- طوال مدة بقاء صاحبها على قيد الحياة. كما سمح كذلك باستمرار المدارس الخاصة المجانية (المعانة) التى أنشئت بمقتضى قوانين سابقة في أداء رسالتها مع توفير الإمكانيات اللازمة لها.
وحيث إنه ولئن كان المشرع قد اختص المدارس الخاصة المملوكة لأشخاص طبيعيين، وكذا المدارس الخاصة المجانية (المعانة)، ببعض الأحكام الخاصة الانتقالية، فإن هاتين النوعيتين من المدارس الخاصة تخضعان كذلك -وبحسب الأصل العام- لمنظومة القواعد العامة للتعليم الخاص، وأخصها ارتهان الترخيص بحياة صاحب المدرسة الخاصة، سواء كانت مدرسة خاصة بمصروفات مملوكة لشخص طبيعي، أو مدرسة خاصة معانة مملوكة لشخص طبيعي، إذ ينقضي الترخيص في الحالتين بوفاة صاحب المدرسة، ما لم يتفق الورثة على استمرار المدرسة في نشاطها التعليمي، وقيامهم باختيار ممثلٍ قانوني لهم كأصحاب المدرسة طبقًا لأغلبية الأنصبة، أما إذا أجمع ورثة صاحب المدرسة عن رغبتهم في عدم الاستمرار في النشاط التعليمي، فإن الترخيص حالئذٍ يعد مُنتهِيا بقوة القانون اعتبارًا من تاريخ وفاة صاحب المدرسة، وذلك عملا بنص الفقرة الأخيرة من نص المادة (58) من القانون، ويتعيَّن عندئذ على المديرية التعليمية المتخصصة إيقافُ الدراسة بالمدرسة لانقضاء الترخيص، عملا بنص الفقرة الأخيرة من المادة (19) من القرار رقم 306 لسنة 1993 المشار إليه.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن مدرسة نهضة المعارف الابتدائية الخاصة محل النـزاع بدأت على يد مورث المطعون ضدهم المرحوم/… “كُتَّاب لتحفيظ القرآن”، ثم تحوَّلت إلى مدرسةٍ بنظام الإعانة باسم مدرسة نهضة المعارف الأولية بتاريخ 7/7/1940، بمقرها القديم شارع ثقيف رقم 1 بسراي 3 بالحضرة، ثم نُقِلَت بموافقة منطقة الإسكندرية التعليمية 17/1/1954 إلى شارع ثقيف رقم 7 بسراي 3 بالحضرة -والذي عُدِّل لاحقًا إلى العنوان المبين بعريضة الدعوى-، واستمرت المدرسة في أداء رسالتها التعليمية كمدرسةٍ خاصة مجانية (معانة) مقابل تعويضٍ يُصرَف لصاحبها (مورث المطعون ضدهم) حتى تُوفي إلى رحمة الله في 1/11/1999، حيث تقدم ورثته بطلبٍ إلى وكيل وزارة التربية والتعليم بالإسكندرية بتاريخ 9/11/1999 لإخلاء المدرسة، ونقل تلاميذها إلى المدرسة المجاورة، وتسليمهم المبنى، وامتنعوا عن تعيين ممثلٍ قانوني لأصحاب المدرسة، مما حدا إدارة وسط التعليمية على وقف صرف الإعانة الخاصة بالمدرسة لهم ابتداءً من قسط يناير سنة 2002.
وحيث إنه وعلى مقتضى ما تقدم، فلا مراء في أن المدرسة محل النـزاع هي مدرسة خاصة مجانية (معانة)، تُدار من قبل التربية والتعليم مقابل تعويضٍ على وفق النظام القانوني للمدارس المعانة، لاسيما أن الجهة الإدارية الطاعنة لم تنكر أو تشكك في هذا الوصف، بل أقرَّت صراحةً بأن هذا هو الوضع القانوني للمدرسة، وذلك في رد هيئة قضايا الدولة المودَع صورته حافظة المستندات المقدَّمة من المطعون ضدهم إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 25/10/2008، حيث أفادت بأن: “حقيقة العلاقة التى تربط مورث المدعين بالمدعى عليهم بصفاتهم هي علاقة إعانة وليست علاقة إيجارية، وأن المدرسة محل النـزاع من المدارس المعانة على وفق نظام التعليم الخاص، وأن الوزارة لا تستأجر هذه المدرسة، ولا يوجد عقد إيجار بين الوزارة ومورث المدعين”، فضلا عن أن المستندات المودَعة الحافظة المقدَّمة من المطعون ضدهم أمام هذه المحكمة بجلسة 4/10/2011، وهى عبارة عن كُتب متبادَلة بين إدارة وسط التعليمية ومديرية التربية والتعليم بالإسكندرية ومحافظة الإسكندرية، تؤكِّد كلُّها أن المدرسة محل النـزاع هي مدرسة خاصة معانة خاضعة لإشراف وزارة التربية والتعليم وليست مؤجَّرة من مالكها المرحوم/… .
وحيث إن الفارق جد كبير بين المدارس التى تستأجر التربية والتعليم مبانيها من مُلاكِها لإداراتها كمدرسةٍ حكومية، والتي تخضع عقود إيجارها للامتداد القانوني، وبين المدارس المعانة، وهى بحسب الأصل مدارس خاصة يُديرُها أصحابُها بمصروفاتٍ دراسية تغطي نفقاتها إلى جانب هامش ربح، وبمجرد خضوعها لنظام الإعانة تحلُّ التربية والتعليم محل أصحابها في إدارتها بلا مصروفات دراسية على وفق نظام المجانية، في مقابل تعويضٍ تؤديه لأصحابها عن القيمة الإيجارية وعن هامش الربح، وأن تولي التربية والتعليم إدارة المدرسة بدلا من صاحبها لا يُغيِّر من طبيعتها كمدرسةٍ خاصة مملوكة لصاحبها، ومن ثم يحق لورثته بعد وفاته الاختيار بين استمرار المدرسة في نشاطها التعليمي أو إنهاء هذا النشاط واسترداد المباني المملوكة لمورثهم على الوجه المبين سالفًا.
وحيث إن الثابت من الأوراق تكرار مطالبة المطعون ضدهم للجهات القائمة على شئون التربية والتعليم بمحافظة الإسكندرية بإخلاء المدرسة محل النـزاع، ونقل تلاميذها إلى المدارس المجاورة؛ لعدم رغبتهم في استمرار النشاط التعليمي بالمدرسة بعد وفاة مورثهم، ورغم ذلك استمر امتناع تلك الجهات عن إجابتهم إلى طلبهم، فإن هذا الامتناع يُشكِّل في جانب المديرية التعليمية بالإسكندرية ومحافظ الإسكندرية قرارًا سلبيا مخالفًا للقانون، والذي يوجِب عليهما إصدار الأمر بوقف النشاط التعليمي بالمدرسة فور وفاة مورث المطعون ضدهم (صاحب المدرسة) وطلب الورثة ذلك، عملا بنص المادة (19) من القرار الوزاري رقم 306 لسنة 1993، الصادر تنفيذًا لنص المادة (69) من القانون رقم 139 لسنة 1981 المشار إليها، الأمر الذي يتعيَّن معه إلغاءُ القرار السلبي المخالف للقانون المشار إليه سالفًا، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها تسليم العقار الذي تشغله المدرسة للمطعون ضدهم خاليا مما يشغله.
وحيث إن الحكم المطعون فيه -وبقطع النظر عن الأسباب التى استند إليها- قد خلص إلى النتيجة نفسها، فإنه يكون قد أصاب وجه الحق فيما قضى به، ويغدو الطعن عليه عاريا من السند الصحيح في الواقع والقانون خليقًا بالرفض، مع إلزام الطاعنين مصروفات الطعن عملا بالمادتين (184) و(240) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وألزمت الطاعنين بصفاتهم المصروفات.