جلسة 28 من مارس سنة 2012
الطعن رقم 16827 لسنة 57 القضائية (عليا)
(الدائرة السادسة)
– حالات إلغاء تخصيص الأراضي والعقارات– من بين هذه الحالات عدم قيام صاحب الشأن المخصص له الأرض أو العقار بأداء قسطين متتاليين في المواعيد المحددة بالنسبة لما تم تخصيصه بالتقسيط، وكذلك عدم الانتهاء من تنفيذ المشروع بالنسبة للمشروعات خلال ثلاث سنوات من تاريخ تسليمه الأرض، بشرط أن تكون المرافق الضرورية للمشروع قد تم توصيلها للمواقع التي تسمح بالاستفادة منها.
– المادة رقم (14) من القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة.
– اختصاصات اللجنة العقارية الرئيسة بالهيئة- اختصاصات اللجان العقارية الفرعية بأجهزة المدن الجديدة– لا تكون توصيات اللجان العقارية الفرعية نافذة إلا بعد اعتمادها من اللجنة العقارية الرئيسة، ثم اعتماد رئيس مجلس إدارة الهيئة لقرارات هذه اللجنة- لا يجوز للجنة العقارية الرئيسة أن تفوض اللجان العقارية الفرعية في ممارسة اختصاصاتها- إذا خالفت ذلك وقامت بتفويضها في بعض اختصاصاتها، ثم تداركت ذلك باعتماد قراراتها فإن هذا يصحح ما لحق بها من عيب عدم الاختصاص؛ ذلك أنه يجوز لجهة الإدارة تصحيح ما شاب القرار الإداري من عيب عدم الاختصاص قبل صدور الحكم النهائي في الدعوى أو الطعن، مادام هذا التصحيح لم يتضمن تغييرا في مضمون القرار أو ملاءمة إصداره.
– المادة رقم (39) من القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة.
– المواد أرقام (5) و(6) و(16) و(17) من اللائحة العقارية الخاصة بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والأجهزة التابعة لها، الصادرة بقرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 14 لسنة 1994 (المستبدلة لاحقا بموجب قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 3 لسنة 2001).
في يوم الخميس الموافق 21/6/2007 أودع الأستاذ/… نائبا عن الأستاذ/… المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 16827 لسنة 57 القضائية عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية أفراد) بجلسة 22/4/2007 في الدعوى رقم 27139 لسنة 58 القضائية الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن -للأسباب المبينة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء قرار رئيس جهاز مدينة الشيخ زايد الصادر بإلغاء تخصيص قطعة الأرض السابق تخصيصها للطاعن بالمجاورة الثالثة بالحي الأول بالمدينة بمساحة (3068م2) لإقامة سوق تجاري عليها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري على النحو المبين بأسباب التقرير، وإلزام الطاعن المصروفات.
وعينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 6/7/2011 وبها نظر والجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضرها، وخلال الجلسات أودع الحاضر عن الطاعن أربع حوافظ مستندات طويت كل منها على المستندات المبينة بواجهتها، كما أودع مذكرتين انتهى في الأولى إلى التصميم على الطلبات الواردة بتقرير الطعن، وانتهى في المذكرة الثانية إلى طلب الحكم (أصليا) بالطلبات الواردة بتقرير الطعن، و(احتياطيا) بندب لجنة فنية لأداء المهمة المبينة تفصيلا بهذه المذكرة، وبجلسة 18/1/2011 قررت دائرة فحص الطعون إصدار الحكم في الطعن بجلسة 15/11/2011 وصرحت للخصوم بإيداع مذكرات خلال أسبوع، وخلال هذا الأجل أودع الحاضر عن كل من المطعون ضده الثاني والثالث مذكرة دفاع انتهى كل منهما في مذكرته إلى طلب الحكم برفض الطعن، وإلزام الطاعن المصروفات عن درجتي التقاضي، وبجلسة 15/11/2011 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة (موضوع) بالمحكمة لنظره أمامها بجلسة 28/12/2011، وفي هذه الجلسة نظر الطعن أمام المحكمة وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 22/2/2012، وصرحت للخصوم بتقديم مذكرات خلال أسبوع، وخلال هذا الأجل أودع الحاضر عن الطاعن مذكرة خلص فيها إلى الطلبات نفسها الواردة بتقرير الطعن، وبجلسة 22/2/2012 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم في الطعن لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر المنازعة تتحصل –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 11/7/2004 أقام الطاعن الدعوى رقم 27139 لسنة 58 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية أفراد) ضد المطعون ضدهم، طالبا فيها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس جهاز مدينة الشيخ زايد الصادر بإلغاء تخصيص قطعة الأرض السابق تخصيصها له بالمجاورة الثالثة بالحي الأول بالمدينة والبالغ مساحتها (3068 م2) لإقامة سوق تجارى عليها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي بيانا لدعواه إنه أخطر بتاريخ 23/5/2004 بقرار رئيس جهاز مدينة الشيخ زايد المذكور سالفًا، وتضمن هذا الإخطار أن هذا القرار صدر لعدم قيام المدعي بأداء قسطين من الأقساط المستحقة على الأرض، بالإضافة إلى عدم قيامه بتنفيذ المشروع خلال ثلاث سنوات من تاريخ تسلم الأرض.
ونعى المدعي على هذا القرار صدوره عن غير مختص بحسبان أن المختص بإصدار هذا القرار هو رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، كما أن هذا القرار صدر بالمخالفة لأحكام القانون؛ لأن امتناع المدعي عن أداء القسطين المستحقين كان بسبب عدم إدخال المرافق للأرض، وهو التزام يقع على عاتق جهاز المدينة، وخلص المدعي إلى طلب الحكم بطلباته المذكورة سالفًا.
…………………………………
وبجلسة محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية أفراد) المنعقدة بتاريخ 2/4/2007 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه المتقدم إيراد منطوقه، وشيدت قضاءها على أساس أنه قد تم تخصيص قطعة الأرض موضوع الدعوى للمدعي لإقامة سوق تجاري عليها، وتسلم هذه الأرض بتاريخ 9/7/1998، واستُحِقَّ عليه قسطان من ثمنها: أحدهما بتاريخ 9/7/1999، والآخر بتاريخ 9/7/2000، وعرض الموضوع على اللجنة العقارية بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التي انتهت إلى منحه مهلة مدتها ثلاثون يوما لتصحيح موقفه طبقا لأحكام اللائحة العقارية الخاصة بالهيئة، وأنذر بتاريخ 15/3/2004، وبتاريخ 8/4/2004 إلا أنه لم يمتثل، وبناء عليه صدر القرار المطعون فيه بتاريخ 23/5/2004 بإلغاء ترخيص قطعة الأرض (موضوع الدعوى) له لعدم قيامه بأداء قسطين متتاليين، وعدم تنفيذ المشروع خلال المدة المحددة، وبذلك يكون هذا القرار صدر مطابقا لصحيح حكم القانون، وتضحى الدعوى الماثلة مفتقرة للسند القانوني جديرة بالرفض.
…………………………………
وحيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه؛ لأن القرار المطعون فيه صدر عن رئيس جهاز مدينة الشيخ زايد وهو لا يملك إصدار هذا القرار على وفق حكم المادة (5) من اللائحة العقارية الخاصة بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، كما أن عدم أداء الطاعن القسطين المستحقين عليه يرجع إلى عدم قيام جهاز المدينة بتوصيل المرافق للأرض طبقا لشروط بيعها، وأن هذه الأرض مخصصة لإقامة سوق تجاري عليها، وهذا السوق عبارة عن محلات تجارية يقوم الطاعن ببنائها وبيعها بعد ذلك بقصد الربح، وأداء ما هو مستحق عليه، وقد طالب جهاز المدينة مرارًا بإدخال المرافق للأرض حتى يتسنى له إكمال البناء وتجهيز المحلات وبيعها، إلا أن الجهاز لم يستجب، مما حداه على توصيل الكهرباء على نفقته الخاصة، وقد كلفه ذلك مبلغ 750 ألف جنيه، وقد أقام دعوى ضد الجهاز لمطالبته بهذا المبلغ، وأحيلت هذه الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل.
يضاف إلى ذلك أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة كانت قد أعطت المتعثرين في أداء الأقساط مهلة حتى 30/6/2004، ومهلة أخرى حتى 30/9/2006 طبقا لما ورد بالإعلانين الصادرين عن الهيئة في هذا الشأن، ولم يراع رئيس جهاز مدينة الشيخ زايد ذلك، وأصدر القرار المطعون فيه بإلغاء تخصيص قطعة الأرض للطاعن بتاريخ 23/5/2004 قبل انتهاء المهلة الأولى، وفضلا عن ذلك فقد ذهب الحكم المطعون فيه إلى صحة القرار الطعين الصادر بإلغاء التخصيص استنادا إلى حكم الفقرة (4) من المادة (16) من اللائحة العقارية الخاصة بالهيئة، وهذه الفقرة قضت بإلغاء التخصيص بالنسبة للمشروعات الصناعية فقط في حالة عدم الانتهاء من تنفيذ المشروع خلال ثلاث سنوات، ولم تشر هذه الفقرة إلى المشروعات التجارية كما هو الشأن بالنسبة للمشروع المخصصة له الأرض موضوع النزاع، وأن المشروعات التجارية ورد النص عليها في اللائحة العقارية المعدلة لسنة 2000، وهذه اللائحة المعدلة لا تطبق في شأن الطاعن؛ لأن قرار التخصيص صدر له في عام 1998 في ظل العمل باللائحة القديمة، وخلص الطاعن إلى طلب الحكم بطلباته المبينة سلفًا.
…………………………………….
وحيث إن المادة (14) من القانون رقم 59 لسنة 1979 بشأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة تنص على أن: “يكون الانتفاع بالأراضي والمنشآت الداخلة في المجتمعات العمرانية الجديدة طبقا للأغراض والأوضاع ووفقا للقواعد التي يضعها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة مع ذوى الشأن. وفي حالة المخالفة يكون لمجلس إدارة الهيئة إلغاء تراخيص الانتفاع أو حقوق الامتياز إذا لم يقم المخالف بإزالة المخالفة خلال المُدة التي تحددها له الهيئة بكتاب موصى عليه بعلم الوصول، وينفذ قرار الإلغاء بالطريق الإداري”.
وتنص المادة (39) من هذا القانون على أن: “يضع مجلس إدارة الهيئة اللوائح الداخلية للهيئة وذلك دون التقيد بالقوانين واللوائح والنظم المطبقة في الجهاز الإداري للدولة”.
ونفاذًا لحكم هذا النص أصدر مجلس إدارة الهيئة اللائحة العقارية الخاصة بالهيئة والأجهزة التابعة لها، وذلك بالقرار رقم 14 لسنة 1994، وتنص المادة (5) من هذه اللائحة على أن: “تشكل لجنة فرعية بكل جهاز مجتمع عمراني برئاسة رئيس الجهاز وعضوية… وتختص اللجنة بما يأتى:
1) … 2) … 3) …
10) إصدار التوصيات اللازمة للحالات المعروضة عليها تمهيدا لعرضها على اللجنة الرئيسية بالهيئة لاعتمادها. 11) …”.
وتنص المادة (6) منها على أن: “تشكل بقرار من رئيس مجلس إدارة الهيئة لجنة رئيسية بالهيئة من شاغلي الوظائف القيادية تختص هذه اللجنة بما يأتي:
ولا تعتبر قرارات هذه اللجنة نافذة إلا بعد اعتمادها من رئيس مجلس إدارة الهيئة أو من يفوضه”.
وتنص المادة (16) من هذه اللائحة على أن: “تتخذ إجراءات إلغاء تخصيص الأراضي والعقارات بالمجتمعات العمرانية الجديدة في الحالات الآتية:
3- عدم سداد قسطين متتاليين في المواعيد المحددة بالنسبة لما تم تخصيصه بالتقسيط.
4- عدم الانتهاء من تنفيذ المشروع بالنسبة لأراضى المشروعات الصناعية خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات من تاريخ استلام الأرض، بشرط أن تكون المرافق الضرورية تم توصيلها للمواقع التي تسمح بالاستفادة منها. 5- …”.
وتنص المادة (17) منها على أنه: “في حالة توفر حالة أو أكثر من الحالات المنصوص عليها في المادة السابقة يتم إخطار صاحب الشأن بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول على عنوانه المبين بالطلب، ويمنح مهلة (15) يوما لتصحيح موقفه، وفي حالة عدم استجابته يعرض الأمر على اللجنة الفرعية بالجهاز، ويتم رفع توصيتها بإلغاء التخصيص إلى اللجنة الرئيسية لاعتمادها”.
وحيث إن المستفاد من هذه النصوص أن المشرع في المادة (14) من القانون المذكور سالفاً تطَلَّب أن يكون الانتفاع بالأراضي والمنشآت الداخلة في نطاق المجتمعات العمرانية الجديدة طبقا للأغراض والأوضاع وعلى وفق القواعد التي وضعها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة مع ذوى الشأن، وخول المشرع في المادة (39) من هذا القانون مجلس إدارة الهيئة وضع اللوائح الداخلية للهيئة دون التقيد في هذا الشأن بالقوانين واللوائح والنظم المطبقة في الجهاز الإداري للدولة، ونفاذا لحكم هذا النص أصدر مجلس إدارة الهيئة اللائحة العقارية الخاصة بالهيئة وذلك بقراره رقم 14 لسنة 1994، وتضمنت المادة (5) من هذه اللائحة النص على تشكيل لجنة فرعية بكل جهاز مجتمع عمراني جديد تختص بعدة مسائل، وتصدر هذه اللجنة توصياتها في المسائل المعروضة عليها، ثم تعرض هذه التوصيات على اللجنة الرئيسة بالهيئة لاعتمادها، وتضمنت المادة (6) من هذه اللائحة النص على تشكيل لجنة رئيسة بالهيئة تختص كذلك بعدة أمور معينة من بينها مراجعة واعتماد توصيات اللجان الفرعية المشكلة بأجهزة المجتمعات العمرانية الجديدة، وحددت المادة (16) من تلك اللائحة على سبيل الحصر الحالات التي تتخذ فيها إجراءات إلغاء تخصيص الأراضي والعقارات بالمجتمعات العمرانية الجديدة، ومن بين هذه الحالات: عدم قيام صاحب الشأن المخصصة له الأرض أو العقار بأداء قسطين متتاليين في المواعيد المحددة بالنسبة لما تم تخصيصه بالتقسيط، وكذلك عدم الانتهاء من تنفيذ المشروع بالنسبة لأراضي المشروعات الصناعية خلال ثلاث سنوات من تاريخ تسليمه الأرض، بيد أن هذه الحالة الأخيرة مقيدة بشرط أن تكون المرافق الضرورية للمشروع قد تم توصيلها للمواقع التي تسمح بالاستفادة منها.
وحددت المادة (17) من هذه اللائحة الإجراءات التي تتخذ حتى يتم إلغاء التخصيص، وتبدأ هذه الإجراءات بإخطار صاحب الشأن بكتاب مصحوب بعلم الوصول على عنوانه المبين بالطلب المقدم منه مبينا به الحالة التي توفرت بشأنه من الحالات التي تؤدى إلى إلغاء التخصيص المنصوص عليها بالمادة (16) من اللائحة، ثم بمنحه مهلة مدتها خمسة عشر يوما لتصحيح موقفه، فإذا لم يستجب يعرض الأمر على اللجنة العقارية الفرعية بجهاز تنمية المدينة الواقع بها التخصيص والمنصوص عليها بالمادة (5) من اللائحة لتبدي توصيتها في الموضوع، فإذا ما كانت هذه التوصية بإلغاء التخصيص، ترفع إلى اللجنة العقارية الرئيسة المنصوص عليها بالمادة (6) من اللائحة لاعتمادها، ولا يعد القرار الذي تصدره اللجنة الرئيسة في هذا الشأن نافذا إلا بعد اعتماده من رئيس مجلس إدارة الهيئة أو من يفوضه.
وحيث إنه بتطبيق ما تقدم على واقعات النزاع الماثل، ولما كان الثابت من الأوراق أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة كانت قد خصصت للمكتب الهندسي للمقاولات الذي يمثله الطاعن قطعة الأرض موضوع النزاع لإقامة سوق تجاري عليها والبالغ مساحتها (3068م2) بالمجاورة الثالثة بالحي الأول بمدينة الشيخ زايد، وتسلم الطاعن هذه الأرض بتاريخ 9/7/1998 بموجب محضر تسليم، ودفع مقدم الحجز، واسْتُحِقَّ عليه القسطُ الثاني من ثمن هذه الأرض بتاريخ 9/7/1999، كما استحق عليه القسط الثالث بتاريخ 9/7/2000، ومنح مهلة للسداد وتم إنذاره من قبل جهاز المدينة أكثر من مرة لأداء المستحق عليه، كان آخرها بتاريخ 8/4/2004، إلا أنه لم يستجب، وبناء عليه أصدر رئيس جهاز المدينة بتاريخ 23/5/2004 القرار المطعون فيه بإلغاء تخصيص هذه الأرض للطاعن لعدم أدائه القسطين المستحقين عليه، ولعدم تنفيذ المشروع المخصصة له الأرض خلال ثلاث سنوات من تاريخ تسليمه الأرض.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه قد صدر عن رئيس جهاز المدينة ورئيس اللجنة الفرعية بها وهو غير مختص بإصدار هذا القرار على نحو ما سلف، إلا أن الثابت أنه قد تم تصحيح عيب عدم الاختصاص الذي شاب هذا القرار وذلك باعتماد اللجنة الرئيسة بالهيئة بجلستها رقم (16) المنعقدة بتاريخ 20/10/2011 توصية اللجنة الفرعية بجهاز المدينة بإلغاء تخصيص الأرض موضوع النزاع للطاعن، واعتمد قرار اللجنة الرئيسة من النائب الأول لرئيس مجلس إدارة الهيئة المفوض من رئيس مجلس الإدارة في مباشرة هذا الاختصاص، وذلك بموجب قرار التفويض رقم 220 لسنة 2011 الصادر بتاريخ 15/6/2011.
وحيث إنه وبعد تصحيح عيب عدم الاختصاص الذي كان قد شاب القرار المطعون فيه على نحو ما تقدم يضحى هذا القرار سليمًا، ومتفقًا مع حكم القانون، وأحكام نصوص اللائحة العقارية الخاصة بالهيئة المشار إليها فيما سبق، بحسبان أن المستقر عليه أن تصحيح جهة الإدارة لما شاب القرار الإداري من عيب عدم الاختصاص قبل صدور الحكم النهائي في الدعوى أو الطعن هو أمر جائز، مادام هذا التصحيح لم يتضمن تغييرا في مضمون القرار أو ملاءمة إصداره، وهو ما يتفق والتصحيح الذي تم بخصوص القرار المطعون فيه.
وحيث إنه لا ينال من صحة القرار المطعون فيه ما ذكره الطاعن من أن عدم أدائه القسطين المستحقين عليه من ثمن الأرض محل النزاع يرجع إلى عدم توصيل المرافق من قبل جهاز المدينة؛ ذلك لأن شرط توصيل المرافق للموقع هو شرط خاص فقط بالحالة الرابعة من الحالات التي تتخذ فيها إجراءات إلغاء التخصيص والمنصوص عليها بالفقرة (4) من المادة (16) من اللائحة العقارية الخاصة بالهيئة المشار إليها فيما سبق، وهي حالة عدم الانتهاء من تنفيذ المشروع خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات من تاريخ تسلم الأرض، بمعنى أنه في حالة عدم الانتهاء من تنفيذ المشروع خلال هذه المدة فلا تملك الجهة الإدارية اتخاذ إجراءات إلغاء التخصيص إلا إذا كانت قد قامت بتوصيل المرافق للموقع، أما في غير ذلك من الحالات التي تتخذ فيها إجراءات إلغاء التخصيص والمنصوص عليها في المادة المذكورة فلا يلزم توفر هذه الشروط.
والثابت أن الطاعن قد توفرت بشأنه حالة من حالات إلغاء التخصيص، وهي الحالة المنصوص عليها بالفقرة (3) من المادة (16) من اللائحة العقارية المشار إليها، وهي حالة عدم أداء قسطين متتاليين في موعد الاستحقاق، إذ الثابت أن الطاعن اسْـتُحِقِّ عليه قسطان متتاليان أحدهما بتاريخ 9/7/1999 والآخر بتاريخ 9/7/2000، ومنح أكثر من مهلة، وأنذر بأكثر من إنذار ولم يستجب على ما توضح سلفا.
وحيث إنه لا يؤثر في صحة القرار المطعون فيه كذلك ما أورده الطاعن في نهاية تقرير طعنه من أن الفقرة (4) من المادة (16) من اللائحة العقارية الخاصة بالهيئة الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 14 لسنة 1994 قضت باتخاذ إجراءات إلغاء التخصيص في حالة عدم تنفيذ المشروعات الصناعية فقط خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات من تاريخ تسلم الأرض، ولم تشر هذه الفقرة إلى المشروعات التجارية، وأن المشروع الخاص به هو مشروع تجاري، وأن المشروعات التجارية ورد النص عليها في الفقرة (4) من المادة (16) من اللائحة المعدلة بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 3 لسنة 2001، وأن هذه اللائحة المعدلة لا تطبق في شأن الأرض المخصصة له؛ لأنه قد تم تخصيص هذه الأرض له في عام 1998 في ظل العمل بأحكام اللائحة القديمة الصادرة بالقرار رقم 14 لسنة 1994، لا يؤثر كل ذلك الذي ذكره الطاعن أيضا في صحة القرار المطعون فيه؛ لأنه ودون النظر فيما إذا كانت اللائحة القديمة أو اللائحة المعدلة وأيهما التي تطبق في شأن الأرض المخصصة له، فإنه قد توفر بشأنه حالة من حالات إلغاء التخصيص المنصوص عليها بكلا اللائحتين، وهي الحالة المنصوص عليها بالفقرة (3) من المادة (16) من كل من اللائحتين، وهي حالة عدم أداء قسطين متتاليين في موعد الاستحقاق، وهذه الحالة وحدها كافية لحمل القرار المطعون فيه، وتصلح سببا له، دون النظر إلى الحالة الأخرى المنصوص عليها بالفقرة (4) من المادة نفسها الخاصة بعدم الانتهاء من تنفيذ المشروع خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات.
وحيث إنه وقد بان مما تقدم صحة القرار المطعون فيه بعد ما تم تصحيح عيب عدم الاختصاص الذي كان قد شابه على النحو الموضح تفصيلا فيما سبق، وإذ انتهى إلى تلك النتيجة الحكم المطعون فيه، فإنه يكون قد صادف وجه الحق فيما خَلُصَ إليه، ويغدو من ثم الطعن الماثل قائمًا على حجة داحضة، مما يتعين معه القضاء برفض الطعن، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات؛ بحسبان أنها لم تبادر إلى تصحيح العيب الذي شاب القرار إلا بعد اختصامه قضائيا.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.