جلسة 1 من يوليو سنة 2013
الطعن رقم 17630 لسنة 57 القضائية (عليا)
(الدائرة الرابعة)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ لبيب حليم لبيب
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن عبد الحميد محمد البرعي وسعيد عبد الستار محمد سليمان وهشام السيد سليمان عزب ومصطفى محمد أحمد محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
تأديب- التحقيق في المخالفات المالية- تصرف الجهات الرئاسية فيها- يتعيَّن على الجهة الإدارية إخطارُ الجهاز المركزي للمحاسبات بالقرارات التأديبية الصادرة عنها بشأن المخالفات المالية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدورها، ولرئيس الجهاز أن يعترض على تلك القرارات ويطلب من الجهة الإدارية إعادةَ النظر في قرارها، فإذا لم تستجب الجهة الإدارية لطلب الجهاز كان لرئيسه أن يطلب من الجهة التأديبية المختصة تقديم العامل إلى المحاكمة التأديبية([1]).
– المادة (5/ ثالثًا) من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات الصادر بالقانون رقم 144 لسنة 1988.
تأديب- تأديب الموظفِ المنتدَب- الندبُ بطبيعته مؤَقَّتٌ، ولا يخوِّلُ صاحبَه حقًّا في الوظيفة المنتدَب إليها- من يُنتدَبُ لشغل وظيفة مدير عام (من درجةٍ أدنى منها)، ويرتكبُ مخالفةً، لا يُعامَل مُعامَلة المدير العام من حيث الاختصاص بالتحقيق معه، ولا من حيث نوع الجزاء الذي يُوقَّع عليه عند ثبوت المخالفة، بل يُعامَل مُعامَلة شاغلي الدرجات الأدنى من هذه الدرجة.
في يوم الخميس الموافق 24/2/2011 أودعت الأستاذة/… المحامية بصفتها وكيلة عن الطاعن قلمَ كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرَ الطعن الماثل طعنًا على الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية للتربية والتعليم وملحقاتها بجلسة 27/12/2010 في الدعوى رقم 166 لسنة 52ق. القاضي بمجازاة الطاعن بخصم شهرين من راتبه.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسبَّبًا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بمجازاة الطاعن بالعقوبة التى تقدرها المحكمة.
ونُظِرَ الطعنُ أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضرها، إلى أن تقررت إحالتُه إلى الدائرة الرابعة (موضوع)، وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقرَّرة، ومن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى رقم 166 لسنة 52ق. بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية للتربية والتعليم وملحقاتها بتاريخ 23/6/2010، مُتضمِّنةً ملفَ القضية رقم 182 لسنة 2009 نيابة الثقافة والسياحة والإعلام، ومذكرةَ التحقيق فيها وتقريرًا باتهام الطاعن، بأنه بوصفه مدير عام منطقة آثار الجمالية غرب ندبًا من المجلس الأعلى للآثار بالدرجة الأولى اعتبارًا من 1999 لم يؤدِ العمل المنوط به بدقة، وخالف الأحكام والقواعد المالية المعمول بها في هذا الشأن؛ لأنه لم يتخذ الإجراءات اللازمة حيال سداد القيمة الإيجارية بصفة شهرية للمحلين الكائنين في 115 شارع الجيش ميدان باب الشعرية بمحافظة القاهرة من قِبل المواطِنَين/… و/… دون المستأجرين الأصليين، مما أدى إلى تمكين المذكورَين من شغل المحلين دون سند قانوني.
……………………………………………………………..
وبجلسة 27/12/2010 قضت المحكمة التأديبية للتربية والتعليم وملحقاتها بمجازاة الطاعن بخصم شهرين من راتبه، وشيَّدت قضاءها على أن المخالفة المنسوبة إليه ثابتةٌ في حقه باعترافه بتحقيقات النيابة الإدارية، بأنه إبان شغله وظيفة مدير عام منطقة آثار الجمالية قد علم بسداد القيمة الإيجارية للمحلين الكائنين في 115 شارع الجيش ميدان باب الشعرية بمحافظة القاهرة من قِبل المواطنين… و… دون المستأجرين الأصليين منذ عام 1999، وتراخى في اتخاذ الإجراءات اللازمة حيالهما، مما أدى إلى تمكين المذكورَين من شغل المحلين دون سندٍ قانوني، في حين أنه كان يتعيَّن عليه إبلاغُ مسئولي المنطقة بذلك.
……………………………………………………………..
وحيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، وصدر مشوبًا بالقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، للأسباب الآتية:
1- أن الجهة الإدارية سبق أن أصدرت القرار رقم 43 لسنة 2010 بتاريخ 5/1/2010 بمجازاة الطاعن عن ذات المخالفة بخصمِ خمسة أيام من راتبه، وبناء على توصية لجنة التوفيق في المنازعات تمَّ تخفيضُ الجزاءِ ليصبح خصمَ يومين من راتبه، ولذلك لا يجوزُ إحالتُه إلى المحكمة التأديبية، لسبق مجازاتِه عن المخالفة المنسوبة إليه.
2- أن الجهاز المركزي للمحاسبات لم يعترض على تخفيض الجزاء الموقَّع على الطاعن، ولكنه طلب سحب قرار الجزاء المشار إليه، ومجازاة الطاعن بأحد الجزاءات المقرَّرة لشاغلي الوظائف العليا لندبه للعمل في وظيفة من وظائف الإدارة العليا.
3- أن الطاعن ليس من واجبات وظيفته التأكد من صفة من يقوم بتوريد الأجرة الشهرية للمحلات المؤجَّرة، وأن ذلك من اختصاص مسئول الخزينة والذي يعمل تحت رئاسة مدير عام الشئون المالية والإدارية بالمنطقة.
……………………………………………………………..
وحيث إن البند (ثالثًا) من المادة (الخامسة) من قانون الجهاز المركزى للمحاسبات الصادر بالقانون رقم 144 لسنة 1988 تنص على أن: “يختص الجهاز بفحص ومراجعة القرارات الصادرة من الجهات الخاضعة لرقابته في شأن المخالفات المالية التى تقع بها، وذلك للتأكد من أن الإجراءات المناسبة قد اتُخِذَت بالنسبة لتلك المخالفات، وأن المسئولية عنها قد حُدِّدَت، وتمَّت محاسبةُ المسئولين عن ارتكابها، ويتعيَّن موافاةُ الجهاز بالقرارات المشار إليها خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدورها مصحوبةً بكافة أوراق الموضوع، ولرئيس الجهاز ما يأتي:
1- أن يطلب خلال ثلاثين يومًا من تاريخ ورود الأوراق كاملة للجهاز -إذا رأى وجهًا لذلك- تقديمَ العامل إلى المحاكمة التأديبية، وعلى الجهة المختصة بالإحالة إلى المحاكمة التأديبية في هذه الحالة مباشرةُ الدعوى التأديبية خلال الثلاثين يومًا التالية.
2- أن يطلب إلى الجهة الإدارية مُصدِرَة القرار في شأن المخالفة المالية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ ورود الأوراق كاملةً للجهاز إعادة النظر في قرارها، وعليها أن توافي الجهاز بما اتخذته في هذا الصدد، خلال الثلاثين يومًا التالية لعلمها بطلب الجهاز. فإذا لم تستجب الجهة الإدارية لطلب الجهاز كان لرئيسه خلال الثلاثين يومًا التالية أن يطلب تقديمَ العامل إلى المحاكمة التأديبية، وعلى الجهة التأديبية المختصة مباشرةُ الدعوى التأديبية خلال الثلاثين يومًا التالية.
3- أن يطعن في القرارات أو الأحكام الصادرة من جهات التأديب في شأن المخالفات المالية، وعلى القائمين بأعمال السكرتارية بالجهات المذكورة موافاةُ الجهاز بصورةٍ من القرارات أو الأحكام الصادرة في شأن المخالفات المالية فور صدورها”.
وحيث إن مفاد النص المتقدم أنه يتعيَّن على الجهة الإدارية إخطارُ الجهاز المركزي للمحاسبات بالقرارات التأديبية الصادرة عنها بشأن المخالفات المالية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدورها، ولرئيس الجهاز أن يعترض على تلك القرارات التأديبية، وأن يطلب من الجهة الإدارية إعادة النظر في قرارها، فإذا لم تستجب الجهة الإدارية لطلب الجهاز، كان لرئيسه أن يطلب تقديم العامل إلى المحاكمة التأديبية، وعلى الجهة التأديبية المختصة مباشرة الدعوى التأديبية.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الندب بطبيعته مؤقَّت، ولا يُخوِّلُ صاحبَه حقًّا في الوظيفة المنتدَب إليها، والهدف منه تسيير أمور العمل بالمرفق، إلى أن يستقر الرأي على من يصلح لشغل هذه الوظيفة بصفة أصلية، وقد يكون المنتدَب لها أو غيره، وبالتالي فإن من يُنتدَبُ لشغل وظيفة مدير عام ويرتكبُ مخالفةً لا يُعامَل معاملة المدير العام من حيث الاختصاص بالتحقيق معه، ولا من حيث نوع الجزاء الذي يُوَقَّع عليه عند ثبوت المخالفة، بل يُعامَل معاملة شاغلي الدرجات الأدنى من هذه الدرجة.
وحيث إنه بتطبيق ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن يشغل وظيفة (مفتش آثار إسلامية) بالدرجة الأولى بالمجلس الأعلى للآثار، وتمَّ ندبُه مدير عام منطقة آثار الجمالية غرب، وقد أصدرت الجهة الإدارية القرار رقم 43 لسنة 2010 بتاريخ 5/1/2010 مُتضمِّنًا مُجازاتَه بخصم خمسة أيام من راتبه، وذلك استنادًا إلى ما نُسِبَ إليه بتحقيقات النيابة الإدارية في القضية رقم 182 لسنة 2009 نيابة الثقافة والسياحة والإعلام؛ من أنه اعتبارًا من عام 1999 لم يتخذ الإجراءات اللازمة حيال سداد القيمة الإيجارية بصفة شهرية للمحلين الكائنين في 115 شارع الجيش ميدان باب الشعرية بمحافظة القاهرة من قِبل المواطِنَين… و… دون المستأجِرَيْنِ الأصليين، مما أدى إلى تمكين المذكورَيْنِ من شغل هذين المحلين دون سندٍ قانوني، وبناءً على توصية لجنة التوفيق في المنازعات في الطلب رقم 581 لسنة 2010، أصدرت الجهة الإدارية القرار رقم 2624 لسنة 2010 بتاريخ 25/8/2010 بتعديل الجزاء الموَقَّع على الطاعن بالقرار رقم 43 لسنة 2010 المشار إليه؛ ليصبح بمجازاته بخصم يومين من راتبه، إلا أن الجهاز المركزي للمحاسبات اعترض على القرار الصادر بمجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه، وطلب مجازاته بأحد الجزاءات المقرَّرة لشاغلي الوظائف العليا؛ لأنه يشغل وظيفة مدير عام ندبًا، ثم طلب إحالته إلى المحاكمة التأديبية لعدم الاستجابة لطلب سحب قرار الجزاء.
وحيث إن المخالفة المنسوبة للطاعن تعد من المخالفات الإدارية، وليست من المخالفات المالية، فضلا عن أنه يشغل وظيفة من وظائف الدرجة الأولى، وبالتالي يُعامَل مُعامَلة شاغلي هذه الدرجة، وتُوَقَّعُ عليه إحدى العقوبات المقرَّرة لغير شاغلي الوظائف العليا المنصوص عليها بالمادة (80) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 74 لسنة 1978 المعدَّل بالقانون 115 لسنة 1983، ومن ثم فإن اعتراض الجهاز المركزي للمحاسبات على القرار رقم 43 لسنة 2010 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه يكون مخالفًا للقانون، ويكون القرار رقم 2624 لسنة 2010 بتعديل الجزاء الموَقَّع على الطاعن ليكون خصم يومين من راتبه قائمًا ومُرتِبًا لآثاره، الأمر الذي يتعيَّن معه إلغاءُ الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم جواز نظر الدعوى التأديبية رقم 166 لسنة 52ق. لسبق مُجازاةِ الطاعن.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم جواز نظر الدعوى التأديبية رقم 166 لسنة 52ق. لسبق مُجازاةِ الطاعن.
[1])) راجع حكم دائرة توحيد المبادئ الصادر بجلسة 2/5/2015 في دعوى البطلان الأصلية رقم 15280 لسنة 55 القضائية عليا (منشور بمجموعة المبادئ القانونية التي قررتها الدائرة في ثلاثين عامًا مكتب فني،= =المبدأ رقم109 ص1283)، حيث انتهت المحكمة إلى أن طبيعة الميعاد المقرَّر لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات للاعتراض على الجزاء الإداري وطلب إحالة العامل الذي ارتكب مخالفة مالية إلى المحاكمة التأديبية هو ميعاد سقوطٍ، فيسقطُ حقُّ الجهاز المركزي للمحاسبات في الاعتراض على قرار الجزاء بفواته، وأن الميعاد الذي يجب في خلاله على هيئة النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية بناء على طلب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هو كذلك ميعاد سقوطٍ، وأنه يجب على المحكمة التأديبية أن تقضي به من تلقاء نفسها.