جلسة 27 من مارس سنة 2002م
السيد الأستاذ المستشار/ السيد محمد السيد الطحان
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامى أحمد محمد الصباغ, وعبد الله عامر إبراهيم, ود. مصطفى محمد عبد المعطى, وحسونه توفيق حسونه
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين محمد صابر
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 1773 لسنة 45 قضائية عليا
ـ ملكية المساجد تعود لله ـ عدم جواز هدم أو بيع المسجد أو تحويله إلى غرض آخر غير المسجدية.
لما كان الإسلام هو دين الدولة وفقاً للدستور, وكان من المقرر فى الفقه الإسلامى أنه لا يجوز نقل المسجد ولا هدمه ولا تحويله إلى غرض آخر غير المسجدية، وأن أرض المسجد بعد بنائه باقية إلى قيام الساعة, وأنه يعتبر مسجدًا بمجرد البناء والصلاة فيه، ويصبح وقفًا لا يجوز بيعه ولا هدمه ولا يعود إلى ملك بانيه أو المتبرع بأرضه، بل إن البعض قرر بعدم جواز هدمه ولو كان واقعاً على أرض مر بها الطريق العام أو الترع والمصارف العامة إلا بعد إقامة مسجد بديل بذات المنطقة التى مر بها الطريق العام أو الترع والمصارف العامة لما للمسجد من حرمة تعلو فوق الصالح العام الذى يراه البشر, والتزامًا بالتوجيه القرآنى ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ـ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 6/2/1997 أودع وكيل الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا فى الدعوى رقم 690 لسنة 2ق بجلسة 22/12/1996 والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب, وطلب فى ختام تقرير الطعن ـ للأسباب الواردة به الحكم ـ بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقًا للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن انتهت فيه ـ للأسباب الواردة به ـ إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً, وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات وبجلسة 20/2/2001 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 18/4/2001 ونفاذًا لذلك ورد الطعن إلى هذه الدائرة ونظرته بعدة جلسات وبجلسة 27/2/2002 قررت حجز الطعن للحكم بجلسة 27/3/2002، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أنه بتاريخ 28/11/1994 أودع المطعون ضده عريضة الدعوى رقم 690 لسنة 2ق قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بطنطا طالباً فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ القرار رقم 65 لسنة 1986 الصادر من الهيئة المدعى عليها فيما تضمنه من إزالة المسجد والكافيتريا المقامين بطريق طنطا المحلة الكبرى, وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار, وذلك على سند من القول بأنه يمتلك قطعة أرض زراعية مساحتها 14.22 بناحية حوض البحيرة البحرية 46 زمام ناحية سيرباى مركز طنطا وأنه أقام بها كافتيريا ومسجدًا على جزء من هذه الأرض وقد فوجئ بتاريخ 16/11/1994 بإخطار بصدور قرار رقم 65 لسنة 1986 متضمناً إزالة المبانى والمنشآت التى أقامتها على جانب الطريق 23 المحلة ـ طنطا بناحية عزبة القسيس، وهذا القرار مخالف لأحكام القانون لأن الأرض التى أقام عليها تلك المنشآت ملكه وهى مقامة منذ أكثر من عشر سنوات وبمراعاة ترك المسافة القانونية اللازمة, كما أنه قيدت ضده الجنحة رقم 2439 لسنة 1992 جنح مركز طنطا وقضى فيها بجلسة 9/2/1994 بالبراءة. ونظرت محكمة القضاء الإدارى بطنطا الدعوى بعدة جلسات، وبجلسة 22/12/1996 أصدرت حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن وقف تنفيذ القرار الإدارى يتطلب توافر ركنى الجدية والاستعجال بأن يكون القرار بحسب الظاهر من الأوراق غير مشروع وأن يترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها, وفى مجال بحث ركن الجدية انتهت إلى أن المطعون ضده حرر ضده محضر مخالفة وقيدت الجنحة رقم 2439 لسنة 1992 جنح مستعجل طنطا وبجلسة 9/4/1994 أصدرت المحكمة حكمها ببراءة المدعى من الاتهام المسند إليه وجاء بأسباب الحكم أن تقرير الخبير المنتدب فى الدعوى أثبت انتفاء تعدى المدعى على الطريق العام وبناءً على صحة الحكم النهائى وفى المجال الإدارى يغدو القرار المطعون فيه بإزالة المبانى التى أقامها المدعى غير قائم بحسب الظاهر من الأوراق على سببه المبرر له قانوناً ويتوافر ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ, كما أن ركن الاستعجال متوافر كذلك لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من إزالة المبانى التى أقامها المدعى محل النزاع وهى عبارة عن مسجد وكافتيريا من أضرار يتعذر تداركها تتمثل فى حرمانه من مباشرة عمله الذى يقتات منه وأسرته، فضلاً عن هدم بيت من بيوت الله ولم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى جهة الإدارة فأقامت هذا الطعن ناعية على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون وتأويله لأن الثابت من مطالعة الحكم الجنائى أنه تأسس على أن المدعى لم يثبت تعديه على الطريق، وبالتالى فإن حجيته يتحدد نطاقها فيما أثبته فقط من قيام المذكور بالتعدى على أملاك الدولة دون تعرض لحكم المادة العاشرة من قانون الطرق العامة رقم 84 لسنة 1968.
ومــن حيث إنــه عــن المقـــرر أن وقف تنفيــذ القــرار الإدارى يتطلب تـوافــر ركنــى الجدية والاستعجال بأن يكون القرار حسب الظاهر من الأوراق غير مشروع وأن يترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة 10 من قانون الطرق العامة رقم 84 لسنة 1968 تنص على أن “تعتبر ملكية الأراضى الواقعة على جانبى الطرق العامة لمسافة خمسين متراً بالنسبة إلى الطرق السريعة، وخمسة وعشرين متراً بالنسبة إلى الطرق الرئيسية، وعشرة أمتار بالنسبة إلى الطرق الإقليمية، وذلك خارج الأرنيك النهائى المحدد بحدائد المساحة طبقًا لخرائط نزع الملكية المعتمدة لكل طريق محملة لخدمة أغراض هذا القانون بالأعباء الآتية:
أ ــ لا يجوز استغلال هذه الأراضى فى أى غرض غير الزراعة, ويشترط عدم قيام منشآت عليها.
ولا يسرى هذا الحكم داخل مجالس المدن إلا فى الأجزاء المارة بأرض زراعية ……..”.
وتنص المادة 12 من هذا القانون على أنه “مع عدم الإخلال بالمادة (10) لا يجوز بغير موافقة الجهة المشرفة على الطريق إقامة أية منشآت على الأراضى الواقعة على جانبى الطريق العام ولمسافة توازى مثلاً واحداً للمسافة المشار إليها فى المادة (10).
وعلى صاحب الشأن أن يقدم إلى الجهة المشرفة على الطريق الرسومات ……..”.
وتنص المادة 15 من القانون المذكور على أنه “……. وفى جميع الأحوال يكون للجهة المشرفة على الطريق إزالة المخالفات ـ إدارياً ــ على نفقة المخالف”.
ومن حيث إنه وإن كان المشرع بموجب النصوص سالفة الذكر حظر إقامة أيه منشآت على جانبى الطرق العامة للمسافة المحددة بالنسبة لكل طريق إلا بترخيص من الجهة المشرفة على الطريق, وفى حالة المخالفة خوَّل جهة الإدارة إزالة المخالفة على نفقة المخالف بالطريق الإدارى, إلا أنه لما كان الإسلام هو دين الدولة وفقًا للدستور وكان من المقرر فى الفقه الإسلامى أنه لا يجوز نقل المسجد ولا هدمه ولا تحويله إلى غرض آخر غير المسجدية وأن أرض المسجد وبعد بنائه باقية إلى قيام الساعة, وأنه يعتبر مسجدًا بمجرد البناء والصلاة فيه ويصبح وقفاً لا يجوز بيعه ولا هدمه ولا يعود إلى ملك بانيه أو المتبرع بأرضه بل إن البعض قرر بعدم جواز هدمه ولو كان واقعًا على أرض مر بها الطريق العام أو الترع والمصارف العامة إلا بعد إقامة مسجد بديل بذات المنطقة التى مرت بها الطرق العامة أو الترع والمصارف العامة لما للمسجد من حرمة تعلو فوق الصالح العام الذى يراه البشر, والتزامًا بالتوجيه القرآنى ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه .
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن المطعون ضده نسب إليه إقامة منشآت على جانب الطريق رقم 23 المحلة ـ طنطا بناحية عزبة القسيس وقيدت ضده الجنحة رقم 2439 لسنة 1992 جنح مركز طنطا وقضى فيها بجلسة 9/2/1994 ببراءته مما أسند إليه استناداً إلى ما جاء بتقرير الخبير الذى انتدبته تلك المحكمة من عدم وجود تعدٍ على الطريق العام وبناءً على ما لهذا الحكم الجنائى من حجية فى المجال الإدارى فى تلك الخصوصية فإن القرار المطعون فيه بإزالة المبانى التى أقامها المطعون ضده يكون حسب الظاهر من الأوراق غير قائم على أساس سليم من صحيح القانون ويتوافر ركن الجدية من طلب وقف تنفيذه, كما أن تنفيذ ذلك القرار يترتب عليه إزالة البناء وإصابة المطعون ضده بأضرار يتعذر تداركها ويكون طلب وقف التنفيذ لذلك القرار قائمًا على أساس من صحيح القانون, وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون قد صادف صواب القانون ومن المتعين رفض هذا الطعن وإلزام الجهة الإدارية المصروفات طبقًا لحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً ، ورفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.