جلسة 27 من يناير سنة 2008
(الدائرة السابعة)
الطعن رقم 17883 لسنة 51 القضائية عليا.
– أمين شرطة- إنهاء الخدمة للحكم عليه في جريمة مخلة بالشرف والأمانة.
المادتان (71) و (77) من قانون هيئة الشرطة، الصادر بالقرار بقانون رقم 109 لسنة 1971، المعدل بالقانونين رقمي 218 لسنة 1991 و 20 لسنة 1998.
أوجب المشرع إنهاء خدمة الضابط أو أمين الشرطة في حالتين: الأولى- إذا حكم عليه بعقوبة جناية في جريمة منصوص عليها في قانون العقوبات أو ما يماثلها من جرائم منصوص عليها في قوانين أخرى. والثانية- في حالة الحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف والأمانة- يكون إنهاء الخدمة جوازيا إذا تضمن الحكم وقف تنفيذ العقوبة، أو إذا كان قد صدر في جريمة أو واقعة لا تفقد فرد هيئة الشرطة الثقة والاعتبار– لم يشترط المشرع في الحالة الثانية أن تكون الواقعة التي حكم فيها بعقوبة مقيدة للحرية ضمن الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات مثلما نص في الحالة الأولى- ترتيبا على ذلك: العقوبة المقيدة للحرية التي قد يترتب عليها إنهاء خدمة أمين الشرطة قد تكون عن أفعال متعلقة بسلوكه في العمل أو تأديته له، وصادرة عن المحاكم العسكرية المنصوص عليها في قانون هيئة الشرطة- تطبيق.
أقيم هذا الطعن يوم الأحد الموافق 3/7/2005 حيث أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة بمجلس الدولة (بصفته) تقريرا بالطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا حيث قيد برقم 17883 لسنة 51 ق. عليا وذلك في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثامنة– ترقيات) بهيئة استئنافية بجلسة 22/5/2005 في الطعن رقم 539 لسنة 34 ق س المقام من/ … ضد وزير الداخلية بصفته وآخرين، القاضي بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام جهة الإدارة المصروفات عن جميع درجات التقاضي.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المثبت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بإلغاء القرار رقم 590 لسنة 1999 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد نظرت دائرة فحص الطعون الطعن على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 18/4/2007 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة عليا – موضوع – والتي نظرته على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 11/11/2007 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين حيث لم يودع أي من أطراف المنازعة مذكرات خلال الأجل المحدد، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا مستوفيا سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم يتعين قبوله شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المدعي أقام الدعوى رقم 288 لسنة 47 ق بتاريخ 13/3/2000 أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها، طالباً الحكم بقبول دعواه شكلا وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه رقم 590 لسنة 1999 فيما تضمنه من إنهاء خدمته وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها الاستمرار في صرف راتبه مع إلزام جهة الإدارة المصروفات. وذكر شارحا لدعواه أنه يشغل وظيفة أمين شرطة، وأنه فوجئ بصدور القرار المطعون فيه رقم 590 لسنة 1999 بتاريخ 27/11/1999 متضمنا إنهاء خدمته بهيئة الشرطة للحكم عليه في الدعوى رقم 373 لسنة 1999مركزية بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، وأنه تظلم من القرار ولم يتلق ردا. ونعى على القرار مخالفته للقانون لصدوره عن جهة غير مختصة.
وقد نظرت المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 25/5/2002 أصدرت حكمها بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وقد قام المدعي بالطعن على الحكم السالف البيان أمام محكمة القضاء الإداري–الدائرة الثامنة – بهيئة استئنافية بالطعن رقم 539 لسنة 34 ق. س والتي نظرت الطعن على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 22/5/2005 أصدرت حكمها المطعون فيه السالف البيان. وشيدت قضاءها بعد استعراض نصي المادتين رقمي 71 و 77 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 المعدل بالقانون رقم 218 لسنة 1991 على أنه من أسباب إنهاء خدمة أمين الشرطة الحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، ويختص بإصدار قرار إنهاء خدمته مساعد الوزير لشئون الأفراد بوزارة الداخلية، وأن الثابت من الأوراق أن الطاعن اتهم في الدعوى رقم 373 لسنة 1999 عسكرية مركزية بالعثور على شنطة بها راديو ترانزستور خاص بإحدى المواطنات وقام بالاحتفاظ بالراديو لنفسه ولم يقم بتسليمه لمالكته أو إبلاغ جهة عمله، وثبتت المخالفة في حقه، وعوقب بالحبس شهراً ونصف شهر مع النفاذ، وأن ما أتاه الطاعن من فعل يفقده الثقة والاعتبار اللازمين للاستمرار في الوظيفة وباعتبار أن وظيفته تستوجب في شاغلها الأمانة والمحافظة على الأرواح والممتلكات، كما أن ما ارتكبه يعد مخالفاً للشرف والأمانة ، فيكون القرار المطعون فيه صادراً متفقاً مع حكم القانون والطعن عليه متعين الرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل هو أن المحكمة الإدارية العليا قد أوضحت اختلاف الجريمة الإدارية كلياً عن الجريمة الجنائية، وأن محكمة النقض قد جرى قضاؤها على أن المحاكم العسكرية تختص فقط بالجرائم النظامية، وأن المادتين 66 و 84 من قانون هيئة الشرطة قامتا بترتيب الآثار المترتبة على توقيع أي من الجزاءات التأديبية المشار إليها في القانون، وأن المحاكم العسكرية تعد محاكم استثنائية، ولا يجوز اعتبار أحكامها بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف مساوية للأحكام الصادرة عن المحاكم العادية، وأن المحكمة الإدارية العليا قد أكدت أن الجرائم المخلة بالشرف ليس لها معيار جامع مانع، وفسرتها بأنها تلك التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع، مع الأخذ في الاعتبار طبيعة الوظيفة والظروف المرتكبة فيها الجريمة، وأن الحكم الصادر على المدعي لا ينطبق عليه وصف الحكم الجنائي وإنما هو جزاء تأديبي طبقاً لحكم المادة 81/11 من قانون هيئة الشرطة، ولا يجوز ترتيب آثار قانونية بإنهاء خدمة المدعى عليه، وأن القرار المطعون فيه يعد متضمناً جزاء آخر عن ذات الفعل الذي عوقب المدعى عليه من المحكمة العسكرية مما يصمه بعدم المشروعية، وأن الجريمة المنسوبة للمدعي لا تعد جريمة جنائية مخلة بالشرف أو الأمانة ولا تفقده الثقة أو تنبئ عن انحراف في سلوكه.
ومن حيث إن المادة رقم (71) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 والمعدل بالقانونين رقمي 218 لسنة 1991 و 20 لسنة 1998 تنص على أن “تنتهي خدمة الضابط لأحد الأسباب التالية : 1-…2-… 3-… 8- الحكم عليه بعقوبة جناية في إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات أو ما يماثلها من جرائم منصوص عليها في القوانين الخاصة، أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة.
ويكون الفصل جوازيا للوزير إذا كان الحكم مع وقف تنفيذ العقوبة، ومع ذلك إذا كان الحكم قد صدر عليه لأول مرة في جريمة لا تفقده الثقة والاعتبار فلا يؤدي إلى إنهاء الخدمة إلا إذا قدر المجلس الأعلى للشرطة بقرار مسبب من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة أن بقاء الضابط يتعارض مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل…”.
وتنص المادة رقم (77) من ذات القانون على أن ” تسري على أفراد هيئة الشرطة أحكام المواد 10 و 13… و71 عدا البند 2 منها… وعلى أن يحل محل الوزير والمجلس الأعلى للشرطة مساعد الوزير المختص بالنسبة لأمناء ومساعدي الشرطة…”.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أن المشرع قد أوجب إنهاء خدمة ضابط أو أمين الشرطة إذا حكم عليه بعقوبة جناية في جريمة منصوص عليها في قانون العقوبات أو ما يماثلها من جرائم منصوص عليها في قوانين أخرى خاصة، وكذلك في حالة الحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، وأن المشرع في هذه الحالة الأخيرة لم ينص على أن تكون الواقعة التي حكم فيها بعقوبة مقيدة للحرية من ضمن الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات أو ما يماثلها، مثلما نص في الحالة الأولى الخاصة بعقوبة الجناية أو ما يماثلها، ومن ثم فإن العقوبة المقيدة للحرية قد تكون عن أفعال متعلقة بسلوكه في العمل أو تأديته له، وهو الأمر الذي تكون معه العقوبة المقيدة للحرية صادرة عن المحاكم العسكرية المنصوص عليها في قانون هيئة الشرطة، وأن المشرع استلزم فقط أن يكون الفعل المؤدي لتوقيع عقوبة مقيدة للحرية متعلقا بجرم أو فعل مخل بالشرف أو الأمانة، وأن إنهاء الخدمة أو الفصل يكون جوازياً في حالة تضمن الحكم وقف تنفيذ العقوبة، أو إذا كان الحكم قد صدر في جريمة أو واقعة لا تفقد فرد هيئة الشرطة الثقة والاعتبار، وجعل هذا الأمر الجوازي مرجعه للمجلس الأعلى للشرطة بالنسبة للضابط، ولمساعد الوزير المختص بالنسبة لأمناء الشرطة، على أن يكون قرار إنهاء الخدمة في تلك الحالة الأخيرة مسبباً من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة، وأن البقاء في الخدمة يتعارض مع مقتضيات الوظيفة وطبيعة العمل بهيئة الشرطة.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن أمين الشرطة الطاعن في الطعن محل الحكم الطعين في الطعن الماثل يعمل بوظيفة أمين شرطة في الإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات، وأن أحد أفراد النظافة في مرفق مترو الأنفاق عثر على شنطة تخص إحدى المواطنات، وقام بتسليمها للطاعن بوصفه في فترة خدمته بمحطة مترو أنفاق حدائق الزيتون، وأن الطاعن احتفظ لنفسه براديو ترانزستور كان موجوداً بالشنطة المعثور عليها والتي علم شخصية صاحبتها ولم يقم بتسليمه للمواطنة صاحبة الشنطة أو لجهة عمله، فأحيل للمحاكمة العسكرية عن تلك الواقعة في القضية العسكرية رقم 373 مركزية عام 1999، وبجلسة 4/8/1999 صدر ضده حكم بعقوبة الحبس لمدة شهر ونصف مع النفاذ بعد ثبوت واقعة استيلائه لنفسه على الراديو الذي عثر عليه ولم يقم برده لمالكته أو إبلاغ جهة عمله عن الواقعة، وتم التصديق على الحكم بتاريخ 29/8/1999، وبسبب توقيع عقوبة مقيدة للحرية على الطاعن متعلقة بواقعة وجريمة الاستيلاء على شئ مملوك للغير معلوم وعدم إبلاغ جهة عمله عنه مما يعد أمراً مخلاً بالشرف والأمانة، عرض أمره على مساعد وزير الداخلية لشئون الأفراد باعتباره مساعد الوزير المختص، فأصدر القرار المطعون فيه رقم 590 لسنة 1999 بتاريخ 25/11/1999 بإنهاء خدمة الطاعن إعمالاً لحكم البند الثامن من المادة رقم 71 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 وتعديلاته.
ومن حيث إن الثابت للمحكمة أن الحكم الصادر ضد الطاعن السالف الذكر عن المحكمة العسكرية يعد حكماً مقيداً للحرية في جريمة مخلة بالشرف والأمانة؛ لكون ما ارتكبه الطاعن من الاستيلاء لنفسه على الراديو الملوك لإحدى المواطنات، وأنه استولى عليه من داخل شنطتها التي عثر عليها أحد عاملي النظافة وقام بتسليمها له باعتباره ممثلاً للجهة المنوط بها الحفاظ على الأمن وممتلكات وأرواح المواطنين وفرداً من أفرادها وهي هيئة الشرطة، وأن الطاعن في وقت ارتكابه للمخالفة كان مكلفاً بأداء عمله في محل واقعة العثور على الشنطة المعلومة صاحبتها، وقام بالفعل بتسليم الشنطة بعد الاستيلاء على الراديو الذي كان بداخلها، وهو أمر بلا مجال للشك يتنافى مع الأمانة الواجبة في من ينتمي إلى هيئة الشرطة، وكذا يخالف الشرف الواجب التحلي به لمن يشغل وظيفته، ويعد مسلك الطاعن معوجاً يفقده الثقة والاعتبار اللازم توافرهما فيمن يشغل وظيفته بهيئة الشرطة، ويتنافى مع واجب الأمانة اللازم توافرها فيه باعتباره ينتمي إلى هيئة من صميم عملها المحافظة على الأمن وحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم والدفاع عنها، وأنه بارتكابه لتلك الواقعة استلزم التحوط من أفعاله وسلوكه المعوج لفقدانه للثقة والاعتبار اللازمين للاستمرار لشغل وظيفته باعتباره أحد أفراد هيئة الشرطة، فيكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء خدمته قائماً على سببه الصحيح مطابقاً لأحكام القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهج ذات النهج وقضى برفض طعن الطاعن موضوعاً وتأييد حكم المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية برفض الدعوى فإنه يكون قد صدر مصادفاً لصحيح حكم القانون، ويكون الطعن الماثل عليه قد جانبه الصواب غير قائم على سنده القانوني السليم خليقاً بالرفض.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.