جلسة 19 من مايو سنة 2012
الطعن رقم 18078 لسنة 56 القضائية (عليا)
(الدائرة الأولى)
– اختصاصات اللجنة العقارية الرئيسة بالهيئة- اختصاصات اللجان العقارية الفرعية بأجهزة المدن الجديدة- اللجنة العقارية الرئيسة لها سلطة مراجعة واعتماد توصيات اللجان الفرعية المشكلة بأجهزة تنمية المدن بالمجتمعات العمرانية الجديدة، وسلطة البت في مقترحات تلك اللجان العقارية الفرعية- لا يجوز للجنة العقارية الرئيسة أن تفوض اللجان العقارية الفرعية في ممارسة اختصاصاتها؛ لأن ذلك يغل يد اللجنة العقارية الرئيسة عن إعمال سلطتها المخولة لها بالتعقيب على قرارات اللجان العقارية الفرعية- إلغاء تخصيص الأراضي يمر بعدة مراحل، تبدأ بتوصية من اللجنة العقارية الفرعية، ثم اعتماد تلك التوصية من اللجنة العقارية الرئيسة، ثم اعتماد رئيس مجلس إدارة الهيئة أو من يفوضه، وعلى ذلك فإن سلطة إلغاء التخصيص لا تملكها سوى الجهة المنوط بها هذا الاختصاص في الشكل المحدد لذلك إذا ما قامت موجباته؛ لما في ذلك من ضمانات لا تتحقق إلا بهذه الأوضاع، فلا يجوز التنازل عن هذا الاختصاص أو التفويض فيه- تحديد الاختصاص بإلغاء التخصيص يتنافى مع التفويض في الاختصاصات، ومن ثم لا يجوز الجمع بين هذين النظامين([1]).
– المادتان رقما (27) و(40) من القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة.
– المواد أرقام (5) و(6) و(16) و(17) من اللائحة العقارية الخاصة بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والأجهزة التابعة لها، الصادرة بقرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 14 لسنة 1994 (المستبدلة لاحقا بموجب قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 3 لسنة 2001).
– المادة رقم (5) من اللائحة العقارية المعدلة لسنة 2000 الخاصة بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والأجهزة التابعة لها، الصادرة بقرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 3 لسنة 2001.
في يوم الخميس الموافق 15/4/2010 أودعت شركة المحمودية العامة للمقاولات والاستثمارات العقارية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها برقم 18078 لسنة 56ق عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 21/2/2010 في الدعوى رقم 254 لسنة 62ق، القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وإلزام الشركة المدعية المصروفات.
وطلبت الشركة الطاعنة –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وندب خبير من وزارة العدل وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم بصفاتهم المصروفات.
وحددت لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى فحص طعون جلسة 3/5/2010، وتدوول نظره أمامها على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 16/5/2011 قدمت هيئة قضايا الدولة نائبة عن المطعون ضدهم الأول والرابع والخامس مذكرة دفاع طلبت في ختامها الحكم بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة لهم.
وبجلسة 20/6/2011 قدم الحاضر عن الشركة الطاعنة مذكرة دفاع التمس في ختامها: (أولا) الحكم بقبول الطعن شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار. (ثانيا) وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها قبول جهة الإدارة باقي الثمن لقطعة الأرض موضوع الدعوى طبقا للنظم المعمول بها بالهيئة بعد أن قامت الشركة بسداد مبلغ 1066149,02 جنيها، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وبجلسة 2/7/2011 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 1/10/2011، وفيها نظر الطعن وبالجلسات التالية لها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 15/10/2011 قدمت الحاضرة عن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة (المطعون ضدها الثالثة) حافظة مستندات أحاطت بها المحكمة ومذكرة دفاع طلبت في ختامها الحكم برفض الطعن موضوعا، وتأييد الحكم المطعون فيه، وإلزام الشركة الطاعنة المصاريف عن درجتي التقاضي.
وبجلسة 25/ 2/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 7/4/2012 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين قدمت خلالها الشركة الطاعنة مذكرة دفاع، كما قدمت المطعون ضدها الثالثة (هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة) مذكرة دفاع، ثم قررت المحكمة التأجيل إداريا لجلسة 14/4/2012 ثم لجلسة 21/4/2012، وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 28/4/2012 ثم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها بموجب عريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 2/10/2007، طلبت في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار اللجنة العقارية الفرعية بمدينة القاهرة الجديدة الصادر بجلستها رقم 223 بتاريخ 10/9/2007 فيما تضمنه من إلغاء تخصيص المساحة المقننة للشركة المدعية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إلزام الجهاز المدعى عليه تسلم باقي المبلغ المتفق عليه طبقا للنظم المعمول بها، وإلزام جهة الإدارة المصروفات، واحتياطيا بندب خبير في الدعوى، على سند من أن محافظة القاهرة سبق أن خصصت للشركة المدعية قطعة أرض مساحتها 40700 م2 تقع شمال طريق القطامية–العين السخنة، وذلك لإقامة الورش الإنتاجية لمواد البناء بسعر المثل وقت التخصيص والذي يبلغ 50 جنيها للمتر بموجب قرار المجلس التنفيذي للمحافظة رقم 147 لسنة 1985، الذى صدر بناء على خطاب وزارة الإسكان رقم 280 المؤرخ في 6/12/1984؛ باعتبار أن الشركة آنذاك كانت إحدى شركات القطاع العام التابعة لوزارة الإسكان، وقد وضعت الشركة يدها على هذه المساحة وقامت ببناء سور على كامل الأرض وبناء وتشغيل ورش ومصانع ومخازن دون حاجة لاستصدار ترخيص في ذلك طبقا لحكم المادة (1) من القانون 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، وظلت الشركة والمصانع والورش الإنتاجية تخضع لإشراف وزارة الإسكان ووزارة قطاع الأعمال خلال الفترة من عام 1988 حتى تم بيعُ الشركة في ظل قانون الخصخصة وطَرْحُ أسهمها في البورصة المصرية عام 1998، مع ضمان قانونية البيع لجميع الورش والجراجات والأبنية الخاصة بالشركة، ومن بينها الورش الإنتاجية بالقطامية، وقد ورد للشركة خطاب جهاز مدينة القاهرة الجديدة رقم 1271 المؤرخ في 16/6/1999 بشأن توفيق أوضاع الشركة فيما يخص المساحة المشار إليها، رغم أنها لم تقم بالتعدي عليها، وبتاريخ 10/9/2007 أُخْطِرَتْ الشركةُ بقرار اللجنة العقارية الفرعية بجهاز مدينة القاهرة الجديدة الصادر بجلستها رقم 223 بتاريخ 10/9/2007 الذي تضمن إلغاء تخصيص المساحة المشار إليها لعدم قيام الشركة باستكمال سداد قيمة المستحقات عن هذه المساحة، رغم أن الشركة أبدت استعدادها أكثر من مرة لسداد باقي المبلغ المستحق عليها بالسعر المتفق عليه وهو خمسون جنيها للمتر بدلا من مئة وعشرة جنيهات المقررة بمعرفة الجهاز، إلا أن الجهاز رفض ذلك. واختتمت صحيفة دعواها بطلباتها المبينة سالفا.
…………………………………….
وبجلسة 21/2/2010 أصدرت محكمة القضاء الإداري الحكم المطعون فيه الذي قضى بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام الشركة المدعية المصروفات، وشيدت المحكمة قضاءها على أنه بعد أن تم نقل ولاية الإشراف على الأرض محل النزاع إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة عرض على اللجنة العقارية الرئيسة بالهيئة أمر تقنين وضع يد الشركة المدعية على هذه المساحة، فوافقت على تقنين وضع يد الشركة بسعر المتر 110 جنيهات بدون المرافق، على أن يتم سداد 25% من القيمة الإجمالية للأرض ويسدد الباقي على ثلاثة أقساط سنوية متساوية، وتم إخطار الشركة بذلك بتاريخ 8/9/1999 على أن يتم السداد خلال أسبوعين من تاريخ الإخطار، إلا أن المهلة قد انقضت دون سداد هذه المبالغ، وبتاريخ 29/5/2002 قامت الهيئة بتوجيه إنذار على يد محضر إلى الشركة المدعية لسداد المبالغ المستحقة عليها ولكن دون جدوى، وبتاريخ 6/9/2006 تقدمت الشركة بطلب لاستكمال إجراءات التخصيص، فتم عرضه على اللجنة العقارية الفرعية بجهاز مدينة القاهرة الجديدة التي تبين لها أن الشركة لم تقم بسداد المقدم 25% من قيمة الأرض والقسط الأول والثاني والثالث المستحقة على التوالي في 4/10/1999 و4/10/2000 و4/10/2001، وبناء عليه قررت اللجنة الموافقة على استكمال الإجراءات على أن تقوم الشركة بسداد جميع المتأخرات شاملة الغرامات في مهلة مقدارها ثلاثون يوما، وكان ذلك بجلستها رقم 168 بتاريخ 9/10/2006، وبتاريخ 17/1/2007 تقدمت الشركة بطلب إلى الجهاز المدعى عليه لحساب سعر المتر بواقع خمسين جنيها للمتر، على أن يتم السداد بواقع 25% كدفعة أولى والباقي على ثلاثة أقساط سنوية. وبعرض هذا الطلب على اللجنة العقارية الفرعية قررت رفضه مع إنذار الشركة بضرورة الالتزام بالسداد خلال شهر دون جدوى، مما حدا اللجنة العقارية الفرعية على إصدار القرار المطعون فيه بجلستها رقم 223 المنعقدة بتاريخ 10/9/2007 بإلغاء التخصيص، وذلك بناء على التفويض المخول إليها من قبل اللجنة العقارية الرئيسة بموجب قرارها الصادر بجلستها رقم 18 بتاريخ 3/4/2004، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه صادرا عمن يملك سلطة إصداره وقائما على أسباب تبرره من صحيح الواقع وحكم القانون، وتكون الدعوى فاقدة لسندها، مما تقضي معه المحكمة برفضها.
…………………………………….
وحيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وصدر مشوبا بالبطلان للفساد والقصور في التسبيب والاستدلال والإخلال بحق الدفاع وإهداره، ذلك أن القانون رقم 59 لسنة 1979 بشأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة واللائحة العقارية الخاصة بالهيئة المذكورة قد نظما قواعد الانتفاع بالأراضي والمنشآت الداخلة في نطاق المجتمعات العمرانية الجديدة والتي يتم تخصيصها للمشروعات الصناعية والزراعية والتجارية، وناطا بمجلس إدارة الهيئة سلطة وضع القواعد المنظمة بالانتفاع، والتي تضمنت التزام المنتفع بسداد الأقساط المقررة في المواعيد كمقابل انتفاع، وفي حالة عدم السداد رتب المشرع نتيجة مفادها إلغاء التخصيص بمعرفة اللجنة الرئيسة المشكلة لهذا الغرض بعد توجيه اللجنة الفرعية بكل مجتمع عمراني، ومن ثم ليس من اختصاص اللجنة الفرعية سحب قطع أراضي بمساحات كبيرة.
وأن القرار المطعون فيه صدر بإلغاء تخصيص المساحة المقننة لعدم موافقة الشركة الطاعنة على السعر الجديد وهو 110 جنيهات للمتر، وعدم التزام المدعى عليهم بالسعر القديم، وهو 50 جنيها للمتر حسب الاتفاق المخصصة به قطعة الأرض للشركة الطاعنة، وأن القانون أناط باللجنة العقارية الرئيسة بالهيئة المدعى عليها اعتماد توصيات اللجنة العقارية الفرعية بأجهزة المدن العمرانية وذلك بعد رفعها إليها من الأخيرة وأخذ موافقة رئيس مجلس إدارة الهيئة، ومنها التوصيات الخاصة بإلغاء قرارات التخصيص الصادرة لمصلحة الأفراد أو الشركات لقطع الأراضي المملوكة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وهو ما لا يجوز معه أن تصدر اللجنة العقارية الفرعية بأجهزة المدن قرارا بإلغاء تخصيص قطعة أرض لأي سبب من الأسباب التي قررها القانون، وأن المشرع لم يمنحها إلا حق إصدار توصيات في هذا الخصوص تعتمدها بعد ذلك اللجنة العقارية الرئيسة، وأن القرار المطعون فيه موضوع الدعوى الماثلة قد صدر عن اللجنة العقارية الفرعية لجهاز مدينة القاهرة الجديدة، وقد خلت الأوراق مما يفيد اعتماد اللجنة العقارية الرئيسة بالهيئة للقرار الطعين، ومن ثم فإنه يكون قد صدر عن سلطة غير مختصة بإصداره، كما أنه علاوة على أن توصيات اللجنة العقارية الفرعية يلزم اعتمادها من اللجنة العقارية الرئيسة فإن قرارات اللجنة العقارية الرئيسة لا تصبح نهائية ونافذة إلا إذا اعتمدت من رئيس مجلس إدارة الهيئة أو من يفوضه في ذلك، وأن الشركة الطاعنة طلبت ندب خبير من وزارة العدل دون جدوى مما يعد إهدارا لحق الدفاع. واختتمت الشركة الطاعنة تقرير الطعن بطلباتها المبينة سالفا.
…………………………………….
وحيث إن المادة رقم (27) من القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة تنص على أن: “تنشأ هيئة تسمى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة تكون لها شخصية اعتبارية مستقلة تسري في شأنها أحكام قانون الهيئات العامة فيما لم يرد فيه نص في هذا القانون”.
وتنص المادة رقم (40) من القانون نفسه على أن: “يكون لرئيس مجلس إدارة الهيئة الاختصاصات الآتية:-…
ويجوز لرئيس مجلس إدارة الهيئة أن يفوض نوابه، أو رؤساء الأجهزة أو مديرا أو أكثر في أحد اختصاصاته…”.
وتنص المادة رقم (5) من اللائحة العقارية الخاصة بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والأجهزة التابعة لها (الصادرة بقرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 14 لسنة 1994) على أن: “تشكل لجنة فرعية بكل جهاز مجتمع عمراني برئاسة رئيس الجهاز وعضوية… وتختص اللجنة بما يأتي:… 1- تحديد احتياجات المجتمع العمراني الجديد… .
2- توزيع الصناعات حسب نوعيتها … .
3- دراسة واقتراح نسب التميز بالنسبة لقطع الأراضي والوحدات السكنية.
4- … .
5- فحص ودراسة طلبات الحجز التي ترد للجهاز المختص.
6- مراجعة البيانات والمستندات المرفقة بطلبات الحجز.
7- التوصية بتخصيص الأراضي… .
8- متابعة تنفيذ المشروعات الصناعية والسياحية والخدمية والسكنية… .
9- اقتراح الحلول بالنسبة للمشاكل التي تعترض جهاز المجتمع العمراني… .
10– إصدار التوصيات اللازمة للحالات المعروضة عليها تمهيدا لعرضها على اللجنة الرئيسة بالهيئة لاعتمادها.
11- دراسة ما يحال إليها من موضوعات أخرى سواء من رئيس الجهاز أو اللجنة الرئيسة بالهيئة”.
وتنص المادة رقم (6) من اللائحة العقارية المذكورة على أن: “تشكل بقرار من رئيس مجلس إدارة الهيئة لجنة رئيسية بالهيئة من شاغلي الوظائف القيادية بها، وتختص هذه اللجنة بما يأتي:
ولا تعتبر قرارات هذه اللجنة نافذة إلا بعد اعتمادها من رئيس مجلس إدارة الهيئة أو من يفوضه.
وتنص المادة رقم (16) من اللائحة العقارية المشار إليها على أن: “تتخذ إجراءات إلغاء تخصيص الأراضي والعقارات بالمجتمعات العمرانية الجديدة في الحالات الآتية:
1- … 2- …
3- عدم سداد قسطين متتاليين في المواعيد المحددة بالنسبة لما تم تخصيصه بالتقسيط.
وتنص المادة رقم (17) من اللائحة نفسها على أنه: “في حالة توفر حالة أو أكثر من الحالات المنصوص عليها في المادة السابقة يتم إخطار صاحب الشأن بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول على عنوانه المبين بالطلب، ويمنح مهلة (15) يوما لتصحيح موقفه، وفى حالة عدم استجابته يعرض الأمر على اللجنة الفرعية بالجهاز، ويتم رفع توصياتها بإلغاء التخصيص إلى اللجنة الرئيسة لاعتماده”.
وحيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أن المشرع بموجب القانون رقم 59 لسنة 1979 المشار إليه أنشأ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لها شخصية اعتبارية مستقلة، وتطبق في شأنها أحكام قانون الهيئات العامة فيما لم يرد فيه نص في هذا القانون. ويمثل الهيئة رئيسها أمام القضاء ولدى الغير. وحدد المشرع اختصاصات رئيس مجلس الإدارة وأجاز له أن يفوض نوابه أو رؤساء الأجهزة أو مديرا أو أكثر في أحد اختصاصاته.
ونصت اللائحة العقارية بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والأجهزة التابعة لها الصادرة بقرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 14 لسنة 1994 على تشكيل لجنة عقارية فرعية بكل جهاز مجتمع عمراني وكذلك تشكيل لجنة رئيسة بالهيئة، وبينت اللائحة العقارية المذكورة تشكيل كل من هاتين اللجنتين واختصاصات كل منهما، وقضت بأن قرارات اللجنة العقارية الرئيسة لا تعتبر نافذة إلا بعد اعتمادها من رئيس مجلس إدارة الهيئة أو من يفوضه. كما حددت تلك اللائحة أسباب إلغاء تخصيص الأراضي والعقارات ومنها عدم سداد قسطين متتاليين في مواعيد الاستحقاق المحددة، فإذا تحقق سبب من أسباب إلغاء التخصيص يتم إخطار صاحب الشأن بخطاب موصى عليه مصحوبا بعلم الوصول، ويمنح مهلة (15) يوما لتصحيح موقفه، وفي حالة عدم الاستجابة يعرض الأمر على اللجنة الفرعية بالجهاز، ويتم رفع توصياتها بإلغاء التخصيص إلى اللجنة الرئيسة لاعتماده.
وقد رددت اللائحة العقارية المعدلة لسنة 2000 الخاصة بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والأجهزة التابعة لها الصادرة بقرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 3 لسنة 2001 الأحكام والقواعد المذكورة سالفا التي تضمنتها اللائحة العقارية للهيئة الصادرة بقرار رئيس مجلس الإدارة رقم 14 لسنة 1994، إلا أنها استحدثت حكما جديدا بالمادة (5) بمقتضاه أجازت للجنة العقارية الرئيسة أن تفوض اللجان العقارية الفرعية بأجهزة المدن فيما تراه من موضوعات لها قواعد سارية ومعتمدة. كما زادت من المهلة الممنوحة لصاحب الشأن لتصحيح موقفه بجعلها ثلاثين يوما من تاريخ تسلم الإخطار بدلا من 15 يوما.
وناطت اللائحة العقارية المعدلة باللجنة العقارية الرئيسة الاختصاص بما يحال إليها من موضوعات من رئيس مجلس إدارة الهيئة أو نواب رئيس الهيئة بدلا من قصرها على الموضوعات التي تحال إليها من رئيس مجلس إدارة الهيئة أو النائب الأول لرئيس الهيئة على النحو الذى تضمنته اللائحة العقارية للهيئة الصادرة بقرار رئيس مجلس الإدارة رقم 14 لسنة 1994.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 2/6/1985 صدر قرار المجلس التنفيذي لمحافظة القاهرة رقم 47 لسنة 1985 بتخصيص قطعة أرض من أملاك الدولة الخاصة بالقطامية تبلغ مساحتها 40700 متر مربع للشركة الطاعنة لاستغلالها في أنشطتها الإنتاجية، وذلك مقابل قيام الشركة بسداد الثمن الفعلى لهذه المساحة على وفق ما تقدره اللجان المختصة بالمحافظة، وظلت الأرض تحت يد الشركة الطاعنة، وبعد أن تم نقل الإشراف على هذه الأرض إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة عرض على اللجنة العقارية الرئيسة بالهيئة أمر تقنين وضع يد الشركة على هذه المساحة، فوافقت بموجب قرارها رقم 270 الصادر بتاريخ 26/5/1998 على تقنين وضع يد الشركة على مساحة 40700 متر مربع شمال القطامية– العين السخنة بسعر المتر 110 جنيهات بدون المرافق، على أن يتم سـداد 25% من القيمة الإجمالية للأرض ويسدد الباقي على ثلاثة أقساط سنوية متساوية، وتم إخطار الشركة بتاريخ 8/9/1999 بضرورة سداد المقدم 25% من ثمن الأرض مضافا إليه المصاريف الإدارية ورسم المعاينة، وذلك خلال أسبوعين من تاريخ الإخطار، إلا أن المهلة قد انقضت دون أن تقوم الشركة بسداد تلك المبالغ، وبتاريخ 29/5/2002 قامت الهيئة بتوجيه إنذار على يد محضر إلى الشركة لسداد المبالغ المستحقة عليها وسرعة استخراج التراخيص اللازمة، إلا أن الشركة لم تلتزم.
وبتاريخ 6/9/2006 تقدمت الشركة الطاعنة بطلب إلى الهيئة لاستكمال إجراءات التخصيص، وتم عرض الطلب على اللجنة العقارية الفرعية بجهاز مدينة القاهرة الجديدة، فتبين لها أن الشركة لم تقم بسداد المقدم (25% من قيمة الأرض) والقسط الأول المستحق في 4/10/1999، والقسط الثاني المستحق في 4/10/2000، والقسط الثالث المستحق في 4/10/2001، وإزاء ذلك قررت اللجنة بجلستها رقم 68 المنعقدة بتاريخ 9/10/2006 الموافقة على استكمال الإجراءات، على أن تقوم الشركة بسداد المقدم والأقساط الثلاثة وكافة المتأخرات شاملة الغرامات، مع منح الشركة مهلة مقدارها ثلاثون يوما لتصحيح موقفها بسداد ما هو مستحق عليها واستخراج التراخيص اللازمة للمباني، إلا أن هذه المهلة قد انتهت أيضا دون تنفيذ الشركة لالتزاماتها.
وبتاريخ 17/1/2007 تقدمت الشركة بطلب لحساب سعر المتر بواقع خمسين جنيها على أن يتم السداد بواقع 25% كدفعة أولى والباقي على ثلاثة أقساط سنوية، وبعرض هذا الطلب على اللجنة العقارية الفرعية قررت رفضه مع إنذار الشركة بضرورة الالتزام بالسداد خلال شهر، وتم إخطار الشركة بذلك في 6/2/2007 ولكن دون جدوى، مما حدا اللجنة العقارية الفرعية على إصدار القرار المطعون فيه بجلستها رقم (223) المنعقدة بتاريخ 10/9/2007 متضمنا إلغاء التخصيص بناء على التفويض المخول لها من اللجنة العقارية الرئيسة بقرارها الصادر بجلستها رقم (18) بتاريخ 3/4/2004.
وحيث إنه أيا ما كان الرأي في مدى سلامة موقف الشركة الطاعنة من عدمه، فإن اللائحة العقارية قد حددت اختصاصات كل من اللجان العقارية الفرعية بكل جهاز مجتمع عمراني واللجنة العقارية الرئيسة بالهيئة على النحو السالف بيانه بالمادتين الخامسة والسادسة من اللائحة المذكورة، وناطت باللجنة العقارية الرئيسة سلطة مراجعة واعتماد توصيات اللجان الفرعية المشكلة بأجهزة المجتمعات الجديدة وسلطة البت في مقترحات تلك اللجان العقارية الفرعية، ومن ثم لا يجوز للجنة العقارية الرئيسة أن تفوض اللجان العقارية الفرعية في ممارسة اختصاصاتها؛ لأن ذلك يغل يد اللجنة العقارية الرئيسة عن إعمال سلطتها المخولة لها بالتعقيب على أعمال اللجان العقارية الفرعية.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه بإلغاء التخصيص قد صدر عن اللجنة العقارية الفرعية بناء على التفويض المخول لها من اللجنة العقارية الرئيسة، فإن هذا التفويض يكون قد صدر فيما لا يجوز التفويض فيه، خاصة أن إلغاء التخصيص يمر بعدة مراحل تبدأ بتوصية من اللجنة العقارية الفرعية، ثم اعتماد تلك التوصية من اللجنة العقارية الرئيسة، ثم اعتماد رئيس مجلس إدارة الهيئة أو من يفوضه، وعلى ذلك فإن سلطة إلغاء التخصيص لا تملكها سوى الجهة المنوط بها هذا الاختصاص في الشكل المحدد لذلك إذا ما قامت موجباته؛ لما في ذلك من ضمانات لا تتحقق إلا بهذه الأوضاع، ولا يجوز التنازل عن هذا الاختصاص أو التفويض فيه؛ تحقيقا للضمانات المتوخاة، ويتعين على اللجنة العقارية الرئيسة أن تتولى مباشرة الاختصاص المنوط بها دون أن يكون لها الحق في الخروج على هذا التقسيم والأخذ بنظام التفويض في الاختصاص؛ ذلك أن تحديد الاختصاص بإلغاء التخصيص يتنافى مع التفويض في الاختصاصات، ومن ثم لا يجوز الجمع بين هذين النظامين.
ولما كان القرار المطعون فيه صادرا عن اللجنة العقارية الفرعية بناء على تفويض اللجنة العقارية الرئيسة لها، وهو ما لا يجوز التفويض فيه –على النحو المبين سالفا-، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه تبعا لذلك صادرا عمن لا يملك سلطة إصداره، متعين الإلغاء، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف حكم القانون حريا بالإلغاء، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.
([1]) قارن بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 28/3/2012 في الطعن رقم 24007 لسنة 51 القضائية عليا (منشور بهذه المجموعة برقم 91)، حيث انتهت المحكمة إلى مشروعية قرار اللجنة العقارية= =الرئيسة بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بتفويض رؤساء أجهزة المدن في اختصاصها باعتماد قرارات اللجان العقارية الفرعية في حالات منها: تخصيص وإلغاء تخصيص أراضي الإسكان، واستبدال أخرى بها.