جلسة 23 من مايو سنة 2009
(الدائرة الخامسة)
الطعن رقم 18224 لسنة 50 القضائية عليا.
طوائف خاصة من العاملين- عاملون بالهيئة القومية للبريد- تأديب- سلطة توقيع جزاءي الإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة.
لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد غير مشروعة فيما نصت عليه من تخويل رئيس مجلس إدارة الهيئة سلطة فصل العاملين من الخدمة من شاغلي الدرجة الثالثة فما دونها- أساس ذلك: مخالفة ذلك حكم المادة 82 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة التي حددت السلطات التأديبية المختصة بتوقيع الجزاءات التأديبية تحديدا جامعا مانعا، وناطت بالمحكمة التأديبية المختصة دون غيرها سلطة توقيع جزاءي الإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة- يتعين على جهة الإدارة عند إصدار اللوائح الخاصة بالعاملين أن تتقيد بالأسس والضمانات، سواء ما ورد منها في الدستور أو قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة أو نظام العاملين بالقطاع العام– تطبيــــق.
في يوم الخميس الموافق 16/9/2004 أودع الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم المشار إليه الذي قضى في منطوقه بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة اعتبارا من 19/7/1999 وما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن بصفته للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الطعن التأديبي رقم 69 لسنة 36ق، وتأييد القرار المطعون فيه.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 9/2/2009 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) بهذه المحكمة لنظره بجلسة 7/3/2009 والتي نظرته بتلك الجلسة وبجلسة 4/4/2009 والتي فيها قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وصرحت بإيداع مذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين، حيث أصدرت هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع، تتحصل حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه في أنه بتاريخ 14/12/1999 أقام المطعون ضده ابتداء الدعوى رقم 123 لسنة 47ق وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الإدارية للنقل والمواصلات ضد الطاعن بصفته طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم (1397) لسنة 1999 الصادر بتاريخ 31/7/1999 من رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد فيما تضمنه من إنهاء خدمته، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
ونظرت المحكمة المذكورة الدعوى بجلساتها وبجلسة 15/10/2001 حكمت بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى المحكمة التأديبية للنقل والمواصلات بالقاهرة للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات، وتنفيذا لهذا الحكم أحيلت الدعوى إلى المحكمة الأخيرة حيث قيدت بجدولها (طعن تأديبي) برقم (69) لسنة 36 ق والتي نظرته بجلساتها، وبجلسة 25/7/2004 أصدرت الحكم المطعون فيه الذي قضى في منطوقه بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة اعتبارا من 19/7/1999 وما يترتب على ذلك من آثار.
وشيدت المحكمة قضاءها عقب استعراضها لنص المادة (172) من الدستور، والمادة (19) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، والمادتين (80) و (82) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة على أسباب خلاصتها أن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان من العاملين بالهيئة القومية للبريد، وأن القرار المطعون فيه قد صدر عن رئيس مجلس إدارتها (المطعون ضده بصفته) بتاريخ 19/7/1999 وصدر نفاذا له الأمر التنفيذي رقم (1397) في 31/7/1999، ولما كان جزاء الفصل من الخدمة لا يجوز توقيعه إلا من المحكمة التأديبية المختصة وليس من سلطة الجهة المطعون ضدها توقيع مثل هذا الجزاء، أي أنها غير مختصة به، فمن ثم وبالبناء على ذلك يكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة، وإذ صدر عن المطعون ضده بصفته دون المحكمة التأديبية قد صدر مشوبا بعيب عدم الاختصاص الذي ينحدر به لحد الانعدام، الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار، وأضافت المحكمة بأن القرار المطعون فيه قد أصابه الانعدام، فمن ثم فإنه يعد بمثابة عمل مادي لا تلحقه حصانة ولا يتقيد الطعن عليه بمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء المنصوص عليها بقانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يتعين الحكم بقبوله شكلا، وخلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه للأسباب المبينة تفصيلا بتقرير الطعن.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن البين من الأوراق أنه إبان عمل المطعون ضده بمنطقة بريد شرق القاهرة (مكتب بريد سنترال المطرية) نسب إليه الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي ومخالفة القواعد والأحكام المالية لاستيلائه على مبلغ (1353.75) جنيها، ولصق طوابع بريدية فئة (75) قرشا للسجل بالرغم من حصوله على مبلغ (130) قرشا من مندوبي المستشفى عن كل سجل، والتلاعب في دفتر التسجيل، وعلى إثر ذلك صدر القرار رقم (1397) لسنة 1999 بتاريخ 31/7/1999 متضمنا فصله من الخدمة اعتبارا من 19/7/1999 (تاريخ موافقة رئيس مجلس إدارة الهيئة على ذلك)، والذي قضي بإلغائه بموجب الحكم المطعون فيه لصدوره مشوبا بعيب عدم الاختصاص، وهو الحكم الذي تطلب الهيئة الطاعنة في الطعن الماثل الحكم بإلغائه، والقضاء مجددا برفض الطعن التأديبي المقام من المطعون ضده وتأييد القرار المطعون فيه للأسباب المبينة بتقرير الطعن.
ومن حيث إن المشرع قد حدد في القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 السلطات المختصة بتوقيع الجزاءات التأديبية على العاملين المخاطبين بأحكامه، فنصت المادة (82) من هذا القانون على أن: “يكون الاختصاص في التصرف في التحقيق كما يلي:
1- لشاغلي الوظائف العليا كل في حدود اختصاصاته توقيع جزاء الإنذار أو الخصم من المرتب بما لا يجاوز ثلاثين يوما في السنة…
2- للسلطة المختصة حفظ التحقيق أو توقيع الجزاءات الواردة في البنود من (1) إلى (6) من الفقرة الأولى من المادة (80) …
3- كما يجوز للسلطة المختصة توقيع الجزاءات الواردة في البنود 7، 8، 9 من المادة (80) وذلك في المخالفات الجسيمة التي تحددها لائحة الجزاءات.
4- تختص المحكمة التأديبية بتوقيع أي من الجزاءات المنصوص عليها في المادة (80)…”.
ومن حيث إن الجزاءات التأديبية التي حددتها المادة (80) من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه تتدرج من الإنذار (البند 1) وحتى الخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر إلى القدر الذي كان عليه قبل الترقية (البند 9)، وتضمن البند رقم (10) من هذه المادة جزاء الإحالة إلى المعاش، وتضمن البند رقم (11) جزاء الفصل من الخدمة، ومن ثم تكون المحكمة التأديبية المختصة هي وحدها صاحبة الاختصاص في توقيع عقوبتي الإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة دون غيرها.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على عدم مشروعية لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد فيما نصت عليه من تخويل رئيس مجلس إدارة الهيئة سلطة فصل العاملين من الخدمة من شاغلي الدرجة الثالثة فما دونها لمخالفة ذلك لحكم المادة (82) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 التي حددت السلطات التأديبية المختصة بتوقيع الجزاءات التأديبية تحديدا جامعا مانعا، حيث ناطت المادة سالفة الذكر بالمحكمة الإدارية المختصة دون غيرها سلطة توقيع جزائي الإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة وأنه يتعين على جهة الإدارة عند إصدار اللوائح الخاصة بالعاملين أن تتقيد بالأسس والضمانات، سواء ما ورد منها في الدستور أو قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة أو نظام العاملين بالقطاع العام.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه رقم (1397) لسنة 1999 الصادر بفصل الطاعن من الخدمة عما نسب إليه قد صدر عن رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد استنادا إلى ما نصت عليه لائحة العاملين بالهيئة في المادة (95) منها من منحه سلطة توقيع عقوبة الفصل من الخدمة بالنسبة للعاملين من شاغلي الدرجة الثالثة فما دونها، ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على عدم مشروعية اللائحة المذكورة فيما نصت عليه في هذا الخصوص، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر مشوبا بعيب عدم الاختصاص الجسيم لغصبه سلطة المحكمة التأديبية التي ناط بها القانون دون غيرها سلطة توقيع جزاء الفصل من الخدمة على العاملين المدنيين بالدولة أو القطاع العام، الأمر الذي يغدو معه القرار المطعون فيه قد صدر مخالفا لصحيح حكم القانون، مما يتعين معه القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة وقضى بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من فصل المطعون ضده من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار، فمن ثم فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون بلا مطعن عليه، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الطعن الماثل لافتقاده لسنده القانوني السليم.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا.