جلسة 15من ديسمبر سنة 2007
(الدائرة الرابعة)
الطعن رقم 18244 لسنة 50 القضائية عليا.
– تأديب- دعوى تأديبية- جواز وقف نظرها في حالة وجود تحقيق جنائي عن ذات الوقائع محل الاتهام.
المادة رقم (39) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.
أوجب المشرع وقف الدعوى التأديبية لحين الفصل في الدعوى الجنائية إذا كان الحكم في الدعوى التأديبية يتوقف على نتيجة الفصل في الدعوى الجنائية- يجوز للمحكمة التأديبية أن توقف الدعوى التأديبية إذا ما تبين لها أن هناك تحقيقا جنائيا عن ذات الوقائع المنسوبة للمتهم في المحاكمة التأديبية؛ وذلك تفاديا لما قد يحدث من تعارض بين الحكم التأديبي في حالة صدوره، وما قد ينتهي إليه التحقيق الجنائي عن ذات الواقعة- أساس ذلك: أن الدعوى الجنائية تستمد مصدرها وبدايتها من التحقيق الجنائي الذي قد ينتهي إلى حكم جنائي قد يتعارض مع الحكم التأديبي- تطبيق.
في يوم السبت الموافق 18/9/2004، أودع الأستاذ/ … نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية نائباً عن الأستاذ المستشار/ رئيس الهيئة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 18244 لسنة 50 ق. عليا، طعنا في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية بالإسكندرية (الدائرة الأولى) في الدعوى رقم 21لسنة 46 ق، فيما قضى به من وقف الدعوى لحين الفصل في الشق الجنائي، وعلى النيابة الإدارية تعجيل نظرها بمجرد زوال سبب الوقف.
وخلصت الطاعنة بصفتها -للأسباب الواردة بتقرير الطعن – إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ومعاقبة المطعون ضدهم بالعقوبة المناسبة لما اقترفوه من جرم موضح بتقرير الاتهام.
وجرى إعلان الطعن على النحو الموضح بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإعادة الدعوى التأديبية رقم 121 لسنة 46 ق للمحكمة التأديبية بالإسكندرية (الدائرة الأولى) للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى.
وعينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 27/12/2006 وبجلسة 9/5/2007 حضر المطعون ضدهما الثاني والثالث وقدما شهادة وفاة المطعون ضده السادس/… في 19/1/2005، وبجلسة 13/6/2007 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 1/9/2007، وتدوول نظره بجلسات المحكمة على النحو الموضح بمحاضرها، وبجلسة 20/10/2007 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وإتمام المداولة.
وحيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الثابت من الأوراق وفاة المطعون ضده السادس… بتاريخ 19/1/2005 على النحو الوارد بشهادة وفاته الصادرة عن مكتب صحة المندرة بالإسكندرية المؤرخة 24/1/2005، الأمر الذي يتعين معه الحكم بانقضاء الدعوى التأديبية قبل المذكور.
وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة، تتحصل –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 20/10/2003 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 21 لسنة 46 ق أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية (الدائرة الأولى) بتقرير اتهام ضد كل من:
1 – … وكيل ثم مدير قسم مكافحة البلهارسيا، وحاليا بقسم مكافحة الجرزان بمديرية الشئون الصحية – الدرجة الأولى.
2 –… مهندس زراعي بقسم مكافحة البلهارسيا – الدرجة الأولى.
3 – ….مهندس زراعي بقسم مكافحة البلهارسيا – الدرجة الأولى.
4 – … ملاحظ صحي بقسم مكافحة البلهارسيا – الدرجة الأولى – وحاليا بالمعاش.
5 – … سائق بقسم مكافحة البلهارسيا – الدرجة الأولى – وحاليا بالمعاش.
6 –… ملاحظ صحي بقسم مكافحة البلهارسيا – الدرجة الثالثة – وحاليا بالمعاش.
7 – … فني هندسة مساعدة بالقسم الهندسي – الدرجة الأولى.
ونسبت إليهم أنهم بوصفهم السابق خلال الفترة من عام 1987 وحتى 18/8/2003:
الأولى: (1) قامت بتسلم وتسليم عدد 12 وحدة سكنية للعاملين بالقسم كسكن إداري دون اتباع الإجراءات المنصوص عليها وتقاعسها عن إخطار المديرية بتسلمها هذه الوحدات.
(2) تقاعست عن تحصيل مقابل انتفاع عن شغل الوحدات المذكورة والكائنة ببنجر السكر وكذلك استرداده بعد انتهاء سبب شغلها.
(3) تقاعست عن متابعة كتابها المؤرخ في 29/1/2000 الموجه إلى الأسر المتوطنة.
(4) حررت إخلاء طرف في 7/11/1999 باسم المرحومة/….، وضمنته ما يفيد خلو طرفها على خلاف الحقيقة مما مكن ورثتها من استمرار حيازتهم للسكن الإداري.
(5) سلمت نفسها وعدد ثمانية من العاملين بقسم مكافحة البلهارسيا وحدات سكن إداري حال أنهم غير مقيمين بها إقامة دائمة.
(6) أدرجت بمحاضر تسليم العاملين وحدات السكن الإداري ما يفيد أنها سكن خاص على خلاف الحقيقة.
(7) تقاعست عن اتخاذ الإجراءات القانونية حيال قيام بعض العاملين بأعمال بناء بالسكن الإداري المسلم إليهم.
الثاني والثالث: تسلما الشقتين رقمي 11 و 12 ببنجر السكر رغم عدم أحقيتهما لعدم الإقامة الدائمة بهما، وتقاعسهما عن إعمال قرار رئيس الجمهورية رقم 2095 لسنة 1969 وما ورد بمحضر التسليم المؤرخ في 5/12/1987.
من الرابع إلى السادس: رفضوا إخلاء السكن الإداري رغم إحالتهم إلى المعاش.
السادس منفردا: أنشأ محلا بالوحدة رقم 134 لممارسة نشاط الحلاقة.
السابع: تسلم مكاتبة المحالة الأولى بتوقيعه على دفتر صادر الشئون المالية والإدارية مع تعهده بتسليم صورة منها إلى الشئون القانونية لاتخاذ أي إجراء حيال تلك المكاتبة.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المذكورين تأديبيا طبقا للمواد الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 25/7/2004 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وشيدت قضاءها على أساس أنه لما كان الثابت من مطالعة مذكرة النيابة الإدارية بشأن الدعوى الماثلة أنها قامت بإبلاغ النيابة العامة حيال المخالفات المنسوبة إلى المحالين لما تشكله من جريمة من جرائم الباب الرابع من قانون العقوبات، ومن ثم إزاء ارتباط الدعوى التأديبية محل التداعي بالفصل في الشق الجنائي، فإنه يتعين وقف الدعوى لحين الفصل في الشق الجنائي.
وخلصت المحكمة إلى قضائها سالف البيان.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل ينحصر في مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك على سند من القول بأنه وفقا للمادة (39) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، وقضاء المحكمة الإدارية العليا في شأن إعمال هذه المادة، ولما كان الثابت من الأوراق أنه ليست ثمة دعوى جنائية مقامة أمام المحكمة الجنائية المختصة بشأن الوقائع مناط الاتهام المنسوبة للمطعون ضدهم، فمن ثم لا يجوز للمحكمة التأديبية أن توقف الفصل في الدعوى التأديبية لمجرد أن الوقائع محل الاتهام تشكل جريمة جنائية، وإنما كان يتعين على المحكمة التأديبية مصدرة الحكم المطعون فيه أن تفصل في الوقائع محل الاتهام موضوع التداعي، إذ إنه يشترط لوقف الدعوى التأديبية لحين الفصل في الشق الجنائي شرطان أساسيان هما: أن تكون هناك دعوى جنائية مقامة بالفعل عن ذات الوقائع محل الاتهام التأديبي، وأن يتوقف الفصل في هذا الاتهام على نتيجة الفصل في الدعوى الجنائية. وهذان الشرطان لا يتوافران في الدعوى موضوع الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن المادة 39 من قانون مجلس الدولة المشار إليه تنص على أنه: “إذا رأت المحكمة أن الواقعة التي وردت بأمر الإحالة أو غيرها من الوقائع التي تضمنها التحقيق تكون جريمة جنائية أحالتها إلى النيابة العامة للتصرف فيها وفصلت في الدعوى التأديبية.
ومع ذلك إذا كان الحكم في دعوى تأديبية يتوقف على الفصل في دعوى جنائية وجب وقف الأولى حتى يتم الفصل في الثانية، ولا يمنع وقف الدعوى من استمرار وقف العامل. وعلى النيابة الإدارية تعجيل نظر الدعوى بمجرد زوال سبب الوقف”0
ومن حيث إنه يبين من النص سالف الذكر أن المشرع تناول به حالات الارتباط بين الدعوى التأديبية المقامة والمنظورة أمام المحكمة التأديبية ودعوى جنائية أخرى قائمة ومنظورة أمام المحاكم الجنائية، ففي هذه الحالة أوجب المشرع وقف الدعوى التأديبية لحين الفصل في الدعوى الجنائية إذا كان الحكم في الدعوى التأديبية يتوقف على نتيجة الفصل في الدعوى الجنائية للارتباط الكامل بينهما ولذات الوصف الوارد بأمر الإحالة أمام المحكمة التأديبية. كما عالج المشرع حالة ما إذا تبين للمحكمة التأديبية أن الواقعة الواردة بأمر الإحالة أو غيرها من الوقائع التي تضمنها التحقيق تكون جريمة جنائية، ففي هذه الحالة قرر إحالة أوراق هذه الواقعة للنيابة العامة للتصرف فيها.
ويبين مما تقدم أن وقف الدعوى التأديبية – وكما استقرت عليه أحكام هذه المحكمة- لحين الفصل في الشق الجنائي يكون وجوبيا في حالة ما إذا كانت هناك دعوى جنائية قائمة ومنظورة عن ذات الوقائع المنسوبة للمخالف بالدعوى التأديبية، ويتوقف الفصل في الأخيرة على الفصل في الشق الجنائي، إلا أن هذا الحكم لا يغل يد المحكمة التأديبية ولا يقضي على سلطتها التقديرية في أن توقف الدعوى التأديبية إذا ما تبين لها أن هناك تحقيقا جنائيا عن ذات الوقائع المنسوبة للمتهم في المحاكمة التأديبية؛ وذلك تفاديا لما قد يحدث من تعارض بين الحكم التأديبي في حالة صدوره وما قد ينتهي إليه التحقيق الجنائي عن ذات الواقعة، كما أن الدعوى الجنائية تستمد مصدرها وبدايتها أصلا من التحقيق الجنائي الذي قد ينتهي إلى حكم جنائي قد يتعارض مع الحكم التأديبي.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن النيابة الإدارية قد تولت التحقيقات مع المطعون ضدهم فيما نسب إليهم من وقائع – على النحو السالف بيانه – وانتهت بمذكرتها المؤرخة في 19/8/2003 إلى أن الواقعة نفسها تشكل الجريمة المؤثمة بنص المادة 115 مكررا من قانون العقوبات، فضلا عن الجريمة المؤثمة بنص المادة 213 من قانون العقوبات وهي من جرائم الباب الرابع من هذا القانون، وإخطار النيابة العامة لإعمال شئونها، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ صدر بوقف الدعوى التأديبية لحين الفصل في الشق الجنائي، ويكون قد صادف صحيح حكم القانون ويتعين معه رفض الطعن الماثل.
حكمت المحكمة:
أولا- بانقضاء الدعوى التأديبية بالنسبة للمطعون ضده السادس… لوفاته.
ثانيا- بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.