– المقصود بأعمال البناء عليها- ثبوت تمام إقامة المنزل وإمداده بالمرافق قبل إصدار جهة الإدارة قرار الإزالة- اختصاص القضاء الجنائي بالإزالة.
المادتان (151) و (156) من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983.
الأعمال التي حجب المشرع عن جهة الإدارة سلطة إزالتها وأناطها بالقاضي الجنائي وحده هي تلك التي اكتمل إنشاؤها وصارت مبنى صالحاً للاستخدام في الغرض الذي أقيم المبنى من أجله، أما غير ذلك من الأعمال كالتشوينات وأعمال الحفر والأساسات والسملات وغيرها من الأعمال التي تدل بذاتها على عدم إتمام البناء وتهيئته للاستخدام فيما أعد له، فيجوز لجهة الإدارة إصدار قرار بوقفها وإزالتها، ومن ثم فإذا ثبت تمام بناء المنزل محل المخالفة وإمداده بالمرافق قبل إصدار جهة الإدارة قرار الإزالة فإن الاختصاص بإزالته يكون معقوداً للمحكمة الجنائية وحدها حال الحكم بالإدانة- تطبيق.
في يوم الثلاثاء الموافق 3/12/2002 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن الماثل قيد بجدولها تحت رقم 1831 لسنة 49 ق عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بقنا بجلسة 24/10/2002 في الدعوى رقم 563 لسنة 8ق.القاضي بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للمدعية مبلغ 16500 جنيه على سبيل التعويض ، وإلزامها المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه –بعد إعلان المطعون ضدها بعريضة الطعن –الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وفيها أودعت هيئة قضايا الدولة إعلان المطعون ضدها بالطعن. كما أودع وكيل المطعون ضدها مذكرة دفاع طلب فيها الحكم برفض الطعن.
وبجلسة 18/7/2007 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 11/12/2007 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة 15/1/2008 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين حيث أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع طلبت فيها الحكم بطلباتها الواردة بعريضة الطعن ، وبتلك الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعن تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بصحيفة أودعت ابتداء بتاريخ 5/1/1999 قلم كتاب محكمة أسوان الابتدائية قيدت بجدولها برقم 4 لسنة 1999 م. ك طلبت في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهم بأن يؤدوا لها مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضا عن الأضرار التي أصابتها من جراء فعل المدعى عليهم. وذكرت المدعية شرحا لدعواها أنه بتاريخ 25/6/1996 أسندت إليها النيابة العامة تهمة البناء على الأرض الزراعية. وقيدت الواقعة جنحة برقم 1025 لسنة 1996 حيث ندبت المحكمة الجنائية خبيرا في الدعوى انتهى في تقريره إلى أن الأرض ليست أرضا زراعية. وبجلسة 6/8/1997 قضت المحكمة الجنائية ببراءتها من التهمة المسندة إليها. ومع ذلك فقد قام المدعى عليهم بإزالة منزلها بموجب قرار الإزالة الصادر عنهم. وأنه ترتب على هذا القرار أضرار حددها تقرير الخبير في الدعوى التي أقامتها والمبينة تفصيلا بعريضة الدعوى. وأضافت المدعية أنه ترتب على تنفيذ قرار الإزالة إصابتها بأضرار تقدرها بمبلغ خمسين ألف جنيه. وخلصت إلى طلب الحكم بطلباتها سالفة البيان.
وبجلسة 31/10/1999 حكمت المحكمة المدنية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بقنا. حيث وردت الدعوى إلى تلك المحكمة وقيدت بجدولها برقم 563 لسنة 8 ق. وبجلسة 11/4/2001 حكمت بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بأسوان لأداء المأمورية المبينة بأسباب الحكم. حيث باشر الخبير مأموريته وأودع تقريره المرفق بالأوراق.
وبجلسة 24/10/2002 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه. وأقامته على أن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 14/7/1996 أصدرت الجهة الإدارية المدعى عليها القرار رقم 47 لسنة 1996 متضمنا إزالة السور الذي أقامته المدعية (وصحته إزالة المبنى الذي أقامته المدعية) على قطعة أرض مساحتها قيراط واحد وعشرة أسهم بناحية همادون – بهريف مركز أسوان على سند من أنها أرض زراعية. وأنه تم تنفيذ قرار الإزالة بتاريخ 27/2/1997. وأن الثابت أنه صدر حكم محكمة مركز أسوان الجزئية في القضية رقم 1025 لسنة 1996 جنح مركز أسوان ببراءة المدعية مما نسب إليها من أنها تعدت بالبناء على الأرض الزراعية على أساس أن الأرض محل الاتهام ليست أرضا زراعية. وبذلك يكون السبب الذي ذكرته الجهة الإدارية لقرارها غير صحيح ومن ثم يكون هذا القرار مخالفا للقانون ويتوافر به ركن الخطأ في جانب تلك الجهة. كما يتوافر ركن الضرر بحسبان أن تنفيذ قرار الإزالة قد ترتب عليه هدم حوائط وأسقف وأبواب وشبابيك وتوصيلات كهربائية. وعليه تقوم أركان المسئولية الموجبة للتعويض.
وانتهت المحكمة إلى أنها تطمئن إلى النتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير وتقدر التعويض الجابر للأضرار التي أصابت المدعية بمبلغ 16500 جنيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أن المقرر أن مشروعية القرار تبحث في ضوء القواعد السارية وقت صدوره لا بما يستجد بعد ذلك وأن الثابت بالأوراق أن القرار الصادر بإزالة السور الذي أقامته المطعون ضدها تم تنفيذه بتاريخ 27/2/1997 –أي قبل صدور الحكم في القضية رقم 1025/1996 الذي قضى ببراءتها وبالتالي كان يجب بحث مشروعيته في ظل القواعد المقررة في قانون الزراعة رقم 53/1966، التي تعطى للجهة الإدارية حق إزالة التعدي على الأرض الزراعية. فضلا عن ذلك فإنه لم يثبت التصديق على الحكم الصادر في الجنحة رقم 1025/1996. كما أنه وعلى الفرض الجدلي أن البناء الذي أقامته المطعون ضدها يعد بناء على الأرض الزراعية، وأن المختص بإزالته هي المحكمة الجنائية وحدها، فإن العيب الذي أصاب القرار الصادر بالإزالة هو عيب عدم الاختصاص لا يترتب عليه تعويض، حيث إن القرار سليم في مضمونه محمولا على أسبابه.
ومن حيث إنه من المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية التي تصدرها هو قيام خطأ من جانبها بأن يكون القرار غير مشروع بسبب عيب لحقه من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إنه عن ركن الخطأ فإن المادة (152) من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 معدلا بالقانونين رقمي 116لسنة83 و 2 لسنة1985 تنص على أن: ” يحظر إقامة أي مبان أو منشآت في الأرض الزراعية أو اتخاذ أي إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها. ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية”.
وتنص المادة (156) منه على أن: “يعاقب على مخالفة أي حكم من أحكام المادة (152) من هذا القانون أو الشروع فيها بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه، وتتعدد العقوبة بتعدد المخالفات… ولوزير الزراعة حتى صدور الحكم في الدعوى وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف…”.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الأعمال التي حجب المشرع عن جهة الإدارة سلطة إزالتها وأناط بها للقاضي الجنائي وحده هي تلك التي اكتمل انشاؤها وصارت مبنى صالحا للاستخدام في الغرض الذي أقيم المبنى من أجله. أما غير ذلك من الأعمال، كالتشوينات وأعمال الحفر والأساسات والسملات وغيرها من الأعمال التي تدل بذاتها على عدم إتمام البناء وتهيئته للاستخدام فيما أعد له، فلا يقوم ما يبرر قانونا الحيلولة بين الجهة الإدارية وإصدار قرارها بوقف تلك الأعمال وإزالتها، بل إن ذلك واجب عليها، تلتزم بأن تهتم به وتبادر إليه حماية للأرض الزراعية كثروة قومية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها أقامت منزلا من الدبش على مساحة 18 م × 13 م من الأرض الزراعية بحوض همادون بناحية بهريف – مركز أسوان. وأن هذا المنزل يتكون من عدة حجرات. وتم توصيل التيار الكهربائي له. وتحرر لها محضر مخالفة بتاريخ 25/6/1996 وبتاريخ 14/7/1996 أصدر محافظ أسوان القرار رقم47 لسنة 1996 الذي نص في المادة الأولى منه على أن توقف بالطريق الإداري أعمال البناء التي أقامها المواطنون الآتي ذكرهم بالناحية المبينة قرين كل منهم ، ويعاد الحال إلى ما كان عليه بالطريق الإداري. وتضمن هذا القرار اسم المطعون ضدها تحت رقم “3”. كما حرر ضدها الجنحة رقم 1025/1996 التي قضي فيها بجلسة 8/10/1997 ببراءتها من التهمة المنسوبة إليها.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم، وإذ ثبت تمام بناء المنزل محل المخالفة وإمداده بالمرافق قبل إصدار القرار رقم 47 لسنة 1996 سالف الذكر ، فإن الاختصاص بإزالة هذا المنزل يكون معقودا للمحكمة الجنائية وحدها في حالة الحكم بالإدانة دون الجهة الإدارية الطاعنة التي يقتصر دورها في هذه الحالة -بصريح نص المادة 156 سالفة الذكر- على وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري دون إزالتها. مما يكون معه القرار رقم 47 لسنة 1996 الصادر بإزالة المنزل قد صدر من غير مختص بإصداره وفيه افتئات على اختصاص السلطة القضائية إلى الحد الذي ينحدر به إلى درجة الانعدام. مما يتوافر به ركن الخطأ في المسئولية الإدارية.
كما يتوافر أيضا ركن الضرر بما استظهره الحكم المطعون فيه من ثبوت التلفيات التي أصابت منزل المطعون ضدها بسبب تنفيذ قرار الإزالة بتاريخ 27/2/1997 وإذ قدر الحكم المطعون فيه التعويض المستحق للمطعون ضدها بمبلغ 16500 جنيه وأن هذا التقدير استند إلى ما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب في الدعوى الذي بنى تقديره على أسباب سائغة فمن ثم يكون هذا الحكم متفقا وأحكام القانون. ويكون الطعن عليه في غير محله جديرا بالرفض، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهــذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.