جلسة 26 من يناير سنة 2010
الطعن رقم 18724 لسنة 51 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)
تنفيذه– مبدأ أولوية العطاءات– يتعين تطبيق الأولوية على جميع الأعمال الإضافية التى تم تنفيذها طبقا للعقد، سواء كانت تدخل ضمن نسبة الـ 25% أو تجاوزها ، مادامت كلها أعمالا تدخل ضمن حجم الكميات المنفذة طبقا للعقد– الأعمال المستجدة غير الواردة بالتعاقد لا تدخل في حساب أولوية العطاء، لعدم وجود ما يماثلها في العطاءات الأخرى.
-المادة (18) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم (9) لسنة 1983 (الملغى).
-المادتان (76 مكررا) و (80) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون، الصادرة بقرار وزير المالية رقم (157) لسنة 1983 (الملغى).
في يوم الأربعاء الموافق 13/7/2005 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل، قيد بجدولها العام تحت رقم 18724 لسنة 51 ق عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية بجلسة 24/5/2005 في الدعوى رقم 2004 لسنة 3 ق، القاضي بقبول الدعوى شكلا وإلزام الجهة الإدارية أن تؤدي للمدعى مبلغا وقدره: 57000 جنيه (سبعة وخمسون ألف جنيه لا غير) والمصروفات.
وطلب الطاعنان – للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى المطعون في حكمها، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وتم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19/3/2008 حيث تدوول على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 16/7/2008 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة عليا (موضوع) لنظره بجلسة 18/11/2008، حيث تم نظره بتلك الجلسة وما تلاها من جلسات، وبجلسة 20/10/2009 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه في ذات جلسة النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن المطعون ضده أقام بتاريخ 4/6/1998 الدعوى رقم 2004 لسنة 3 ق المطعون في حكمها أمام محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية، وطلب فيها الحكم بإلزام المدعى عليهما (الطاعنان) متضامنين أن يؤديا له مبلغا مقداره: 57000 جنيه (سبعة وخمسون ألف جنيه لا غير)، بخلاف الفوائد القانونية المستحقة له من تاريخ صرف ختامي العملية مع إلزامهما المصروفات؛ وذلك على سند من القول إنه بتاريخ 9/11/1994 تعاقد مع مديرية الإسكان والمرافق بالإسماعيلية على إنشاء عمارات إسكان منخفض التكاليف بمدينة القنطرة شرق بمحافظة الإسماعيلية وذلك نظير مبلغ مقداره (3038354,500) جنيها، وعلى أن تكون مدة التنفيذ عشرين شهرا، وتم تنفيذ العملية بالكامل، وبلغت قيمة الختامي للأعمال المنفذة: (3208037,500)جنيها، بزيادة مقدارهــا: (169683,00)جنيها؛ نتيجة زيادة الأعمال بموافقة السلطة المختصة، إلا أنه فوجئ عند صرف مستحقاته بأن الجهة الإدارية قامت بخصم مبلغ (57000)جنيه بزعم فرق أولوية العطاء نتيجة لقيامه بتنفيذ أعمال زائدة على التعاقد، ولما كانت هذه الأعمال قد تمت بتكليف من محافظ الإسماعيلية، فإن خصم هذا المبلغ يكون قد تم بالمخالفة لأحكام القانون.
……………………………………………………………………..
وبعد أن تدوولت الدعوى أمام المحكمة المذكورة أصدرت بجلسة 24/5/2005 الحكم المطعون فيه، وشيدت قضاءها على أساس أن الثابت أن الجهة الإدارية قامت بخصم المبلغ المطالب به باعتباره يمثل فرق أولوية عطاء المدعي نتيجة لقيامه بتنفيذ الأعمال الزائدة على التعاقد، ولما كانت هذه الأعمال تمثل نسبة 5,58 % من قيمة الأعمال المتعاقد عليها، ومن ثم فإنها لا تتجاوز نسبة الـ 25% المشار إليها بالمادة 76 مكررا فقرة 2 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات، الأمر الذي لا يجوز معه للجهة الإدارية خصم المبلغ المطالب به بزعم أن ذلك يمثل فرق أولوية عطاء، وانتهت المحكمة إلى قضائها المطعون فيه.
……………………………………………………………………..
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الجهة الإدارية، فقد بادرت بإقامة الطعن الماثل ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون؛ ذلك أن العلة من تقرير مبدأ أولوية العطاء الوارد بالمادتين 76 مكررا و 80 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 هي أن يبقى عطاء المقاول هو أقل العطاءات من بداية العملية وحتى نهايتها، وهو ما يستوجب تطبيق المبدأ والالتزام به، سواء كانت الزيادة في حجم الأعمال في حدود نسبة 25% أو تجاوزت هذه النسبة دون تفرقة؛ والقول بغير ذلك سوف يؤدي إلى أن يجاوز العطاء الذي تمت الترسية عليه العطاء التالي له، وتصبح الأولوية مجرد أولوية خادعة تؤدي إلى الإخلال بمبدأ المساواة بين المتناقصين.
……………………………………………………………………..
ومن حيث إن المادة رقم (147/1) من القانون المدني تنص على أن: “العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون”.
وتنص المادة رقم (18) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 –الذي تم إسناد العملية في ظل العمل به–على أنه: “يجب إرساء المناقصة على صاحب العطاء الأفضل شروطا والأقل سعرا”.
وتنص المادة رقم (76 مكررا) من ذات اللائحة على أنه: “يحق للجهات الإدارية التي تسري عليها أحكام هذه اللائحة تعديل كميات أو حجم عقودها بالزيــــادة أو النقص في حدود 15% في عقود التوريد، و30% في عقود توريد الأغذية، و25 % في عقود الأعمال، بذات الشروط والأسعار، دون أن يكون للمتعاقد مع هذه الجهات الحق في المطالبة بأي تعويض عن ذلك.
ويجوز بقرار من السلطة المختصة وبموافقة المتعاقد تجاوز الحدود الواردة بالفقرة السابقة في حالات الضرورة الطارئة، بشرط ألا يؤثر ذلك على أولوية المتعاقد في ترتيب عطائه ووجود الاعتماد المالي اللازم”.
وتنص المادة رقم (80) من اللائحة سالفة الذكر على أن: “المقادير والأوزان الواردة بجدول الفئات هي مقادير وأوزان تقريبية قابلة للزيادة والعجز تبعا لطبيعة العملية، والغرض منها هو بيان مقدار العمل بصفة عامة، والأثمان التى تدفع للمقاول تكون على أساس الكميات التى تنفذ فعلا، سواء أكانت تلك الكميات أقل أم أكثر من الوارد بالمقايسة أو الرسومات، وسواء نشأت الزيادة أو العجز عن خطأ في حساب المقايسة الابتدائية أو عن تغييرات أدخلت في العمل طبقا لأحكام العقد، وبمراعاة ألا يؤثر ذلك على أولوية المقاول في ترتيب عطائه”.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع أوجب على جهة الإدارة ترسية المناقصة على صاحب العطاء الأفضل شروطا والأقل سعرا، وأجاز لها في ضوء التنفيذ الفعلي إجراء تعديل في كميات أو حجم العقد بالزيادة أو النقص في حدود نسب معينة، منها 25% من قيمة عقود الأعمال بذات الشروط والأسعار دون موافقة المتعاقد، وبموافقته فيما يجاوز ذلك، وتلتزم الإدارة بمحاسبة المقاول المتعاقد معها على أساس كميات الأعمال المنفذة بالفعل وفقا لأسعار عطائه، بشرط ألا يؤدي ذلك إلى الإخلال بأولويته في ترتيب عطائه باعتباره الأفضل شروطا والأقل سعرا، وعلى أن تستمر تلك الأولوية منذ بداية العقد حتى تمام تنفيذه، فلا تنتهي بمجرد إرساء المناقصة وإبرام العقد؛ حتى لا تكون أولوية خادعة تضر بالمصلحة العامة.
وغني عن البيان أنه يتعين تطبيق الأولوية على جميع الأعمال الإضافية التى تم تنفيذها طبقا للعقد في حالة زيادة حجم التعاقد نتيجة أعمال إضافية، وسواء كانت تلك الأعمال تدخل ضمن نسبة الـ 25% أو تجاوز هذه النسبة، مادامت كلها أعمالا تدخل ضمن حجم الكميات المنفذة طبقا للعقد، وتلتزم جهة الإدارة بتطبيق مبدأ أولوية العطاء عليها.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أنه تم إسناد عملية إنشاء عشر عمارات إسكان منخفض التكاليف بمدينة القنطرة شرق إلى المطعون ضده بقيمة إجمالية مقدارها (3038354,500) جنيها؛ باعتبار عطائه الأقل سعرًا، وأثناء تنفيذ العملية تم زيادة الأعمال بنسبة 5,85 %، وقد تمثلت هذه الزيادة في إضافة طبقة إحلال، وردم أتربة لتسوية الموقع وضبط المناسيب، وزيادة كمية الحفر للوصول إلى منسوب التأسيس، وزيادة كمية الخرسانة المسلحة المنفذة على الطبيعة وذلك لتعديل أساسات السلم، بالإضافة إلى عمل التوصيلات الخارجية الخاصة بالتغذية من مواسير قطر 4 بمشتملاتها، وهي بنود غير مدرجة بالعقد، وقد ترتب على هذه الزيادات فرق في أولوية العطاء بمبلغ (57000) جنيه، قامت الجهة الإدارية بخصمها من مستحقات المقاول المطعون ضده.
ومن حيث إن مبلغ الـ (57000) جنيه الذي يمثل فرق أولوية العطاء يشمل مبلغ (18816,00)جنيها قيمة البنود المستجدة غير الواردة بالعقد؛ فإنه يتعين خصم هذا المبلغ من المبلغ الخاص بفرق أولوية العطاء، ليصبح المبلغ الذي يتعين على الجهة الإدارية خصمه من مستحقات المقاول هو (38184,00) جنيها، حيث إن الأعمال المستجدة وغير الواردة بالتعاقد لا تدخل في حساب أولوية العطاء، لعدم وجود ما يماثلها في العطاءات الأخرى، ومن ثم فإنه يتعين رد قيمتها إلى المقاول.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب مذهبا مغايرا لهذا المذهب، فإنه يكون قد جانبه الصواب، الأمر الذي يتعين معه القضاء بتعديله، والقضاء بإلزام الجهة الإدارية أن تؤدي للمدعي المطعون ضده مبلغ 18816,00جنيها (ثمانية عشر ألفا وثمان مئة وستة عشر جنيها فقط لا غير).
ومن حيث إن كلا من طرفي النزاع قد أخفق في جزء من طلباته وأجيب إلى الجزء الآخر منها فإنه يتعين إلزامهما المصروفات مناصفة عملا بحكم المادة 186 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام الجهة الإدارية أن تؤدي للمدعي مبلغ 18816,00 جنيها (ثمانية عشر ألفا وثمان مئة وستة عشرة جنيها فقط لا غير)، وألزمت الجهة الإدارية والمطعون ضده المصروفات مناصفة.