جلسة 24 من يناير سنة 2012
الطعن رقم 19184 لسنة 51 القضائية (عليا)
(الدائرة الثالثة)
– لجان التوفيق في بعض المنازعات- ما لا يلزم اللجوء إليها بشأنه من منازعات- الحقوق العينية العقارية- عدم الوفاء بالالتزام الناتج عن العقد (كعدم أداء كامل الثمن في عقد بيع)، ينفي ثبوت ملكية العين، ومن ثم تدخل المنازعة بشأن هذا العقد في اختصاص هذه اللجان.
– المادتان رقما (4) و(11) من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية طرفا فيها.
– لجان التوفيق في بعض المنازعات- ما يلزم اللجوء إليها بشأنه من منازعات- قرار الجهة الإدارية الصادر بفسخ العقد، إعمالا لبنود التعاقد؛ يستوجب عرضه عليها قبل إقامة الدعوى؛ بحسبانه لا يعد قرارا إداريا مقترنا بطلب وقف تنفيذ، وإنما يعد إجراء تتخذه جهة الإدارة كجهة متعاقدة، وليس كسلطة عامة.
– تنفيذه- المنازعات الناشئة عنه- الإجراءات التي تتخذها الإدارة استنادا إلى العقود التي تبرمها أو إجراءات تنفيذها لا تكون محلا لدعوى الإلغاء- لا يمكن الاستناد إلى مخالفة الإدارة لالتزاماتها التعاقدية كسبب من الأسباب التي تجيز طلب إلغاء ما اتخذته الإدارة- دعوى الإلغاء هي جزاء لمخالفة المشروعية، بينما الالتزامات المترتبة على العقود الإدارية هي التزامات شخصية.
– تنفيذه- المنازعات الناشئة عنه- طبيعة القرار الصادر بفسخ العقد- هذا القرار لا يعد من القرارات الإدارية المنفصلة التي يجوز مخاصمتها بدعوى الإلغاء، ولا يعدو أن يكون إجراء تتخذه الإدارة كجهة متعاقدة، وليس كسلطة عامة.
في يوم الإثنين الموافق 18/7/2005 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن المقيد بالرقم عاليه في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الأولى بقنا) في الدعوى رقم 229 لسنة 9ق بجلسة 26/5/2005، القاضي في منطوقه بعدم قبول الدعوى، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن -للأسباب المبينة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وببطلان القرار المطعون فيه رقم 547 لسنة 2000 وتجريده من كل آثار، وبإلزام المطعون ضده تعويضا مقداره 250 ألف جنيه والمصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على وفق الثابت بالأوراق، كما قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرها بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون السادسة بالمحكمة الطعن الماثل بالجلسات المحددة لذلك ثم قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة فحص) للاختصاص حيث نظرته الدائرة على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 17/3/2010 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة موضوع)، ثم توالى نظر الطعن بالجلسات وخلالها قدم الطاعن العديد من حوافظ المستندات ومذكرات الدفاع، بينما قدمت الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها، وبجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في إقامة المدعي (الطاعن) الدعوى رقم 229 لسنة 9ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (الدائرة الأولى بقنا) في 30/11/2000، طالبا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار محافظ قنا رقم 547 لسنة 2000 بفسخ عقد بيع كازينو قنا السياحي، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليه أن يؤدي له تعويضا مقداره مئتان وخمسون ألف جنيه مع المصروفات، تأسيسا على ما ورد بصحيفة الدعوى من أسباب.
ونظرت المحكمة المذكورة الشق العاجل من الدعوى على النحو المبين بالجلسات، وبجلسة 2/12/2000 قررت إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها، وإثر تقديم هيئة مفوضي الدولة لتقريرها عاودت المحكمة نظر الدعوى بالجلسات المحددة لذلك، وبجلسة 26/5/2005 قضت بحكمها المطعون فيه، وشيدت قضاءها بعد استعراض ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، وأحكام المادتين (1) و(11) من القانون رقم (7) لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات، على أن المنازعات المعروضة هي من المنازعات التي تتولد عن الإجراءات التعاقدية في ولاية القضاء الكامل تنفيذاً للعقد، وبالتالي لا يعد قرار فسخ العقد من القرارات الإدارية المنفصلة التي يجوز مخاصمتها بدعوى الإلغاء، ومن ثم كان يتعين على المدعي اللجوء إلى لجنة فض المنازعات قبل إقامة دعواه، وإذ لم يفعل فإن الدعوى تكون غير مقبولة.
– وحيث إن مبنى الطعن الماثل الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره والقصور في الأسباب والقضاء بخلاف ما هو ثابت بالأوراق، ذلك أن الدعوى انصبت على قرار إداري اقترن طلب إلغائه بطلب عاجل لوقف تنفيذه، فضلا عن أن المنازعة تتعلق بحق عيني عقاري هو حق الملكية التي انتقلت ملكية الكازينو بموجب العقد للطاعن، كما أن السبب الذي ارتكنت إليه الجهة الإدارية لفسخ العقد وهو عدم سداد المشتري للثمن يدحضه ما ورد بالعقد المؤرخ 7/7/1999 في البند (ثالثا) من أن المشتري (الطاعن) قام بسداد الثمن كاملا، وبذلك خلص الطاعن إلى طلباته.
– وحيث إنه عن الموضوع فإن البين من أحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية طرفا فيها أن المشرع أنشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات والعاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة، وأخرج بموجب المادتين الرابعة والحادية عشرة بعض الجهات والمنازعات عن اختصاص هذه اللجان، ومنها المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية، وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلب وقف التنفيذ، وأوجب اللجوء إلى لجنة فض المنازعات قبل رفع الدعوى إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون وإلا قضى بعدم قبول الدعوى.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن كل ما يصدر عن الإدارة استنادا إلى أحكام العقود التي تبرمها الجهة الإدارية من إجراءات استنادا إلى نصوص العقود أو تنفيذا لها، لا يكتسب صفة القرار الإداري الذي هو إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح، وبالتالي فلا تكون الإجراءات التي تتخذها الإدارة استناداً إلى العقود التي تبرمها أو إجراءات تنفيذها محلاً لدعوى الإلغاء، وإنما تدخل المنازعات التي تتولد عن تلك الإجراءات التعاقدية في ولاية القضاء الكامل؛ ذلك لأنه لا يمكن الاستناد إلى مخالفة الإدارة لالتزاماتها التعاقدية كسبب من الأسباب التي تجيز طلب إلغاء ما اتخذته الإدارة بحسبان دعوى الإلغاء هي جزاء لمخالفة المشروعية، بينما الالتزامات المترتبة على العقود الإدارية هي التزامات شخصية، وعليه فإن القرار الصادر بفسخ العقد لا يعد من القرارات الإدارية المنفصلة التي يجوز مخاصمتها بدعوى الإلغاء، بحسبان أن فسخ العقد لا يعدو أن يكون إجراء تتخذه الإدارة كمتعاقدة وليس كسلطة عامة.
(يراجع الحكم الصادر في الطعن رقم 1645لسنة 36ق. عليا جلسة 22/3/1994)
ومتى كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن ما اتخذته الجهة الإدارية من فسخ العقد مع الطاعن كان بمثابة إجراء اتخذ إعمالا للعقد، ومن ثم فإن إقامة المدعي (الطاعن) لدعواه قبل اللجوء إلى لجنة فض المنازعات يتوجب القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى ذات القضاء، فإنه يكون صحيحا ومطابقا للقانون.
ولا ينال من ذلك القضاء ما أشار إليه الطاعن من أن النزاع الماثل يعد من الحقوق العينية العقارية؛ إذ إن ذلك الادعاء غير صحيح؛ بحسبان أن ملكية العين محل النزاع لم تثبت للطاعن نتيجة عدم قيامه بالوفاء بالالتزام الناتج عن العقد، وهو أداء كامل الثمن، وهو التزام شخصي في ذمة الطاعن، ومن ثم يلتفت عما أثير في هذا الشأن.
وحيث إن الطعن الماثل قد جاء منهار الأركان فإنه يكون جديرا بالرفض، مع إلزام الطاعن المصروفات عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.