جلسة 21 من إبريل سنة 2012
الطعن رقم 20073 لسنة 51 القضائية (عليا)
(الدائرة الأولى)
– التصرف فيها- الاختصاص بالتصرف في الأراضي المملوكة للدولة المعدة للبناء بات منذ العمل بقانون نظام الإدارة المحلية (الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979) معقودا للوحدات المحلية في إطار القواعد التي يقررها المحافظ، في ضوء ما يقرره مجلس الوزراء من قواعد- أحكام القانون رقم (100) لسنة 1964 (بشأن تنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها) أصبح لا مجال لتطبيقها في مجال الأراضي الواقعة داخل نطاق الوحدات المحلية- لئن كان نص المادة (28) من قانون نظام الإدارة المحلية لم يأتِ صريحا في شأن توسيد الاختصاص في التصرف في الأراضي التي تضمنتها هذه المادة إلى وحدات الإدارة المحلية، كما هو صريح نص المادة الرابعة من القانون رقم 7 لسنة 1991، إلا أن القول بأن هذا الاختصاص صار موسدا لها منذ العمل بالمادة (28) المشار إليها هو حتم بطريق اللزوم مقتضًى ومؤدَّى- ليس سائغا في منطق التشريع أن يقرر المحافظ قواعد التصرف في تلك الأراضي المعدة للبناء المملوكة للدولة أو لوحدات الإدارة المحلية في نطاق المحافظة، ثم يناط التصرف فيها للسلطة التى نيط بها ذلك على وفق أحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 قبل أن يتضمن تشريع الإدارة المحلية هذا الحكم، خاصة أنه ليس هناك موجب للخروج على هذا المنطق، وهو ما تأكد بصريح العبارة بدلا من صريح الدلالة بالقانون رقم 7 لسنة 1991 بمادته الرابعة- القول بخلاف ذلك يؤدي إلى امتداد تطبيق حكم قانوني بعد أن ألغي تشريعيا، ضمنا ثم صراحة، بتوالي تنظيم المسألة نفسها بقانون نظام الإدارة المحلية، ثم بالقانون رقم 7 لسنة 1991- مدلول الأراضي المعدة للبناء في مفهوم المادتين (28) من قانون نظام الإدارة المحلية و(4) من القانون رقم 7 لسنة 1991 يتسع ليشمل ما هو صالح للبناء، أو ما أقيم عليه بناء فعلا، أو ما شغل بمنشآت ثابتة أو غير ثابتة؛ إذ إن إقامة البناء على الأرض أو شغلها بمثل هذه المنشآت أو تلك ما هو إلا دليل صلاحيتها وكونها معدة لذلك متى اعتدت جهة الإدارة بوصف الأرض واعتبارها من تلك المقصودة للمشرع في كل من هاتين المادتين، وعدم اندراجها حقيقة على وفق صحيح حكم القانون ضمن تصنيف آخر من تصنيفات أملاك الدولة الخاصة.
– المادة (45) من القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها.
– اللائحة التنفيذية لهذا القانون، الصادرة بقرار وزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 63 لسنة 1965.
– المادة (28) من قانون نظام الإدارة المحلية (الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979).
– المادة (4) من القانون رقم 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة.
– التصرف فيها- تقدير ثمن الأرض- تقدير الجهة الإدارية لثمن الأرض توطئة للتصرف فيها بالبيع لواضع اليد هو من إطلاقات السلطة التقديرية لها، مادام قد تم على وفق الضوابط المقررة قانونا- ليس بلازم أن تتساوى أثمان جميع الأراضي في الناحية أو المدينة الواحدة، في تاريخ أو تواريخ محددة أو مختلفة؛ إذ يختلف الثمن باختلاف الموقع والمرافق والخدمات والزمن أيضا.
بتاريخ 24/7/2005 أودع الأستاذ/… المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام برقم 20073 لسنة 51 ق. عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا بجلسة 29/5/2005 في الدعوى رقم 4090 لسنة 8 ق الذي قضى بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء قرار لجنة التثمين العليا بالمحافظة بالنسبة للطاعن والتى قدرت سعر المتر بمبلغ أربعين جنيها ومساواته بحالة المثل باسم/… والتى قدرت اللجنة العليا له سعر المتر بخمسة عشر جنيها، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد حضرت هيئة قضايا الدولة نائبا عن المطعون ضدهم جلسات المحكمة على النحو المبين بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر عن محافظ الغربية فيما تضمنه من اعتماد تقدير اللجنة العليا للتثمين بالمحافظة بتحديد سعر المتر المربع بمبلغ أربعين جنيها، وذلك عن المساحة المملوكة للدولة ملكية خاصة والتى تقدر بـ 118 مترا مربعا وضع يد الطاعن بناحية منية البندرة مركز السنطة بالقطعة رقم 81 /7 حوض الجنينة نمرة (5)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها تقدير سعر المتر المربع من هذه المساحة بسعر المثل (15 جنيها)، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إحالته إلى الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 5/2/2011، حيث نظر الطعن بتلك الجلسة وبالجلسات التالية لها على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 15/10/2011 أصدرت المحكمة حكما تمهيديا في الطعن قضى بقبول الطعن شكلا، وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة الغربية ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين للقيام بالمأمورية المبينة بأسباب الحكم، وحددت جلسة 10/12/2011 في حالة عدم سداد الأمانة وقدرها خمس مئة جنيه، وجلسة 28/1/2012 حال سدادها وأبقت الفصل في المصروفات. إلا أن الطاعن لم يسدد الأمانة فقررت المحكمة نظر الطعن بجلسة10/12/2011، وتدوول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 25/2/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 7/4/2012، ثم قررت التأجيل إداريا لجلسة اليوم، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
وحيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بقبول الطعن شكلا بحكمها التمهيدى الصادر بجلسة 15/10/2011، ومن ثم يمتنع على المحكمة معاودة الفصل في شكل الطعن مرة أخرى لعدم جدواه.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 30/7/2001 أقام الطاعن دعواه الصادر فيها الحكم المطعون فيه أمام محكمة القضاء الإدارى بطنطا، قيدت بجدولها برقم 4090 لسنة 8 ق، طالبا الحكم بقبولها شكلا، وفى الموضوع بإلغاء قرار لجنة التثمين العليا بالمحافظة فيما تضمنه من تقدير سعر المتر للأرض وضع يده بمبلغ أربعين جنيها ومساواته بحالة المثل مع إلزام جهة الإدارة المصروفات، وذلك على سند من القول إنه يضع يده على قطعة أرض ملك الدولة بقرية منية البندرة مركز السنطة محافظة الغربية بحوض الجنينة/5 قبل عام 1965، وإن اللجنة الابتدائية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة السنطة قدرت تقديرا ابتدائيا له سعر المتر بـ 25 جنيها، إلا أن اللجنة العليا للتثمين بالمحافظة قدرت سعر المتر من الأرض وضع يده بمبلغ 40 جنيها للمتر، وهذا التقدير مرتفع بالنسبة لحالات المثل، وإنه تظلم من ذلك التقدير بتاريخ 9/1/2001، وتم الرد عليه من جهاز حماية أملاك الدولة بطنطا بتاريخ 4/2/2001 بأن السعر نهائي، وأن التظلم منه يكون أمام القضاء.
ونعى المدعى على القرار المطعون فيه والمعتمد من المحافظ مخالفته لأحكام القانون، لأن اللجنة العليا للتثمين لم تقم بمعاينة الأرض على الطبيعة وقدرت سعر المتر جزافيا، وأنه قد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1107 لسنة 1995 بأن يكون البيع بثمن المثل في تاريخ وضع اليد، وأن هناك حالة مثل لشخص يدعى/محمد… تم تقدير سعر المتر له من لجنة التثمين العليا بالمحافظة بمبلغ 15 جنيها في عام 1998 وهي في نفس الحوض والقرية والزمام، وأنه بالنسبة له تم تقدير سعر المتر عام 1994 بمبلغ 40 جنيها. واختتم عريضة دعواه بطلب مساواته بحالة المثل.
…………………………………..
وبجلسة 29/5/2005 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه الذي قضى بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا، وإلزام المدعي (الطاعن) المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أنه إذا ما تم تشكيل لجان ومارست عملها المنوط بها، وقدرت السعر المبدئى ثم النهائي واعتمد المحافظ هذا التقدير فلا معقب على هذا التقدير، مادام أنه خلا من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، ولما كان المدعى يضع يده على قطعة أرض مساحتها 118 مترا (محل النزاع)، وقد تم تقدير سعر المتر بصفة نهائية بمبلغ 40 جنيها، واعتمد هذا التقدير من المحافظ، ولم يقدم المدعي ما يفيد أن التقدير جاء مغاليا أو مغايرا للأسعار السائدة في المنطقة، فمن ثم تكون الدعوى قامت على غير سندها فوجب القضاء برفضها.
…………………………………..
وإذ لم يرتض الطاعن هذا القضاء فقد أقام طعنه الماثل لأسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه صدر على غير الحقيقة، ضارا بالطاعن، ومشوبا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع؛ ذلك أن حكم أول درجة ذكر في أسبابه أن القانون رقم 100 لسنة 1964 قد خول الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة التابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعى سلطة التصرف بطريق الممارسة في تلك الأراضي بالشروط الواردة باللائحة التنفيذية، ومن بينها تشكيل لجان ابتدائية لمعاينة الأرض وتقدير سعرها في ضوء مثيلتها وبالمقارنة بها، ثم لجنة عليا لتقدير الثمن بصفة نهائية، وذلك منعا من حدوث أي تفاوت في أسعار المنطقة الواحدة تحقيقا لمبدأ المساواة بين المتماثلين في الأوضاع والمراكز القانونية. وأن هذا المبدأ لم يطبق عليه (الطاعن)، ولم يقدر سعر الأرض وضع يده بمثيلتها في المنطقة الواحدة، وهذا إهدار لمبدأ المساواة في الأوضاع والمراكز القانونية، لاسيما وأنه قدم أمام محكمة أول درجة حالةَ مِثْلٍ لمنطقة واحدة بسعر المتر 15 جنيها عام 1998، في حين تم تقدير سعر المتر للطاعن عام 1994 بمبلغ 40 جنيها، كما أن الحكم المطعون فيه ذكر بأسبابه أن أوراق الدعوى خلت مما يفيد إساءة استعمال سلطة التقدير أو الانحراف بها، كما لم يقدم المدعي ما يفيد أن التقدير جاء مغاليا أو مغايرا للأسعار السائدة في المنطقة رغم أنه (الطاعن) قدم أمام محكمة أول درجة حافظة مستندات بها حالة المثل للمدعو/محمد… بسعر 15 جنيها للمتر بالمنطقة نفسها في عام 1998، مما يعد إخلالا بحق الدفاع، وأنه يرتكن لأهل الخبرة بإحالة الطعن إلى مكتب الخبراء. واختتم الطاعن تقرير الطعن بطلباته سالفة البيان.
…………………………………..
وحيث إن المادة (45) من القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها تنص على أنه: “يجوز التصرف في الأراضي المبنية أو المشغولة بمنشآت ثابتة أو غير ثابتة إلى شاغليها، وذلك بطريق الممارسة وفقا للقواعد والشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية”، وتضمنت مواد الباب الرابع من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بالقرار رقم 63 لسنة 1965 قواعد وشروط التصرف بطريق الممارسة إلى شاغلى الأراضى المبنية أو المشغولة بمنشآت ثابتة أو غير ثابتة، وناطت المادة (201) منها باللجان المشكلة على وفق نصها تقدير ثمن العقارات محل طلبات الشراء، على أن يتم مراجعتها من قبل اللجنة العليا لتقدير أثمان أراضى الدولة المنصوص عليها في المادة (22) من اللائحة.
وتنص المادة (28) من قانون نظام الإدارة المحلية (الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979) على أنه: “يجوز للمحافظ بعد موافقة المجلس الشعبى المحلى للمحافظة وفى حدود القواعد العامة التى يضعها مجلس الوزراء أن يقرر قواعد التصرف في الأراضي المعدة للبناء المملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية في نطاق المحافظة…”.
وتنص المادة (4) من القانون رقم 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة على أن: “تتولى وحدات الإدارة المحلية كل في نطاق اختصاصها إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي المعدة للبناء المملوكة لها أو للدولة… ويضع المحافظ بعد موافقة المجلس الشعبى المحلى للمحافظة طبقا للقواعد العامة التى يقررها مجلس الوزراء قواعد التصرف في هذه الأراضي…”.
وحيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن المشرع بناء على مصلحة قدرها أجاز بالقانون رقم 100 لسنة 1964 التصرف في الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة (مبنية كانت أو مشغولة بمنشآت ثابتة أو غير ثابتة) إلى شاغليها، وذلك بطريق الممارسة على وفق القواعد والشروط التى تضمنتها اللائحة التنفيذية لهذا القانون، والتى أوردت ضمن القواعد المتعلقة بتقدير ثمن الأرض محل التصرف أن يتم تقديرها بواسطة اللجان المشكلة وفق المادة (201) منها، ثم خول المشرع المحافظين على وفق المادة (28) من قانون نظام الإدارة المحلية المذكورة سالفا سلطة وضع قواعد التصرف في الأراضي المعدة للبناء المملوكة للدولة أو لوحدات الإدارة المحلية في نطاق المحافظة، وذلك بعد موافقة المجلس الشعبى المحلى للمحافظة، على أن يكون ما يوضع من قواعد في هذا الشأن طبقا لما يقرره مجلس الوزراء من قواعد عامة بخصوص ذلك. ثم أورد المشرع بالقانون رقم 7 لسنة 1991 بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة مصرحا ومؤكدا ولاية وحدات الإدارة المحلية –كل في نطاق اختصاصها– في إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي المعدة للبناء المملوكة لها أو للدولة، وموسدا وضع قواعد التصرف فيها للمحافظ بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة، على أن تصدر هذه القواعد طبقا للقواعد العامة التي يقررها مجلس الوزراء في هذا الشأن.
وحيث إنه ولئن كان المشرع لم يأت بنص المادة (28) من قانون نظام الإدارة المحلية صريحا في شأن توسيد الاختصاص في التصرف في الأراضي التي تضمنتها هذه المادة إلى وحدات الإدارة المحلية كما هو صريح نص المادة الرابعة من القانون رقم 7 لسنة 1991، إلا أن القول بأن هذا الاختصاص صار موسدا لها منذ العمل بالمادة (28) المشار إليها هو حتم بطريق اللزوم مقتضًى ومؤدَّى، إذ ليس سائغا في منطق التشريع أن يقرر المحافظ قواعد التصرف في تلك الأراضي المعدة للبناء المملوكة للدولة أو لوحدات الإدارة المحلية في نطاق المحافظة، ثم يناط التصرف فيها للسلطة التى نيط بها ذلك على وفق أحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 قبل أن يتضمن تشريع الإدارة المحلية المشار إليه هذا الحكم المذكور سالفا، خاصة أنه ليس هناك موجب للخروج على هذا المنطق، وهو ذات ما تأكد بصريح العبارة –بدلا من صريح الدلالة– بالقانون رقم 7 لسنة 1991 بمادته الرابعة، التي ليس هناك سند مع صريح عبارتها للقول بأن إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي المعدة للبناء المنوه عنها مخول لغير وحدات الإدارة المحلية، وإلا لكان لازم القول بخلاف ذلك هو امتداد حكم قانوني في الزمن تطبيقا بعد أن ألغي تشريعيا -ضمنا ثم صراحة- بتوالى تنظيم المسألة نفسها بقانون نظام الإدارة المحلية ثم بالقانون رقم 7 لسنة 1991، خاصة أنه ليس هناك مبرر للقول بوجود اختلاف بالنسبة لطبيعة الأراضي المنصوص عليها في المادة (45) (المبنية أو المشغولة بمنشآت ثابتة أو غير ثابتة)، والأخرى المنصوص عليها في المادتين الأخريين المذكورتين سالفا (الأراضي المعدة للبناء)؛ ذلك أن مصطلح (المعدة للبناء) يتسع ليشمل ما هو صالح للبناء، أو ما أقيم عليه بناء فعلا، أو ما شغل بمنشآت ثابتة أو غير ثابتة، إذ إن إقامة البناء على الأرض أو شغلها بمثل هذه المنشآت أو تلك ما هو إلا دليل صلاحيتها وكونها معدة لذلك متى اعتدت جهة الإدارة -بصفتها الأمينة على أملاك الدولة- بوصف الأرض واعتبارها من تلك المقصودة للمشرع بالمادتين المذكورتين آنفا، وعدم اندراجها حقيقة على وفق صحيح حكم القانون ضمن تصنيف آخر من تصنيفات أملاك الدولة الخاصة.
ومن ثم يكون لازم جميع ما تقدم ذكره وجوب تطبيق كل من القوانين المذكورة سالفا في نطاق تطبيقه الزمني دون امتداد أو رجعية؛ التزاما بالمبادئ المستقرة في شأن تطبيق القانون من حيث الزمن، كما أن مؤدى هذا اللزوم عدم جواز تطبيق أحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم 100 لسنة 1964 وما تضمنته من أحكام خاصة بتشكيل لجان تقدير ثمن العقارات محل طلبات الشراء، أو بتشكيل اللجنة العليا لتقدير أثمان أراضى الدولة، أو سلطة اعتماد ما تنتهي إليه هذه الأخيرة، إلا حيث تكون أحكام هذا القانون هي الواجب تطبيقها في ضوء ما سلف الإيماء إليه من قَصْرِ تطبيق الحكم المستمد منه بشأن التصرف في تلك الأراضي المشار إليها في نطاق تطبيق هذا الحكم زمانيا دون امتداد.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن واقعة التقدير الذي تم لسعر الأرض محل النزاع قد وقعت عام 1994، ومن ثم فإن أحكام القانون رقم 7 لسنة 1991 تكون هي الواجبة التطبيق بشأن هذا التقدير دون أي حكم من أحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 أو لائحته التنفيذية، وإلا لأدى تطبيق أي منها إلى امتداد حكم تم إلغاؤه بتنظيم المسألة التي كان يحكمها بقانون آخر.
وحيث إنه بإنزال ما تقدم على المنازعة الماثلة وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تقدم لشراء قطعة أرض مملوكة للدولة يضع اليد عليها مساحتها 118 مترا مربعا بناحية منية البندرة مركز السنطة بالقطعة رقم 81/7 حوض الجنينة نمرة (5) بمحافظة الغربية، وقد قامت اللجنة الابتدائية بتقدير سعر المتر بمبلغ خمسة وعشرين جنيها، ولدى عرض الأمر على اللجنة العليا لتقدير أثمان أرض الدولة بالمحافظة قررت رفع السعر ليكون بواقع أربعين جنيها للمتر، ثم أتبع ذلك اعتماد محافظ الغربية التقدير الأخير، ولما كانت هذه اللجان هي المختصة بتقدير أثمان أراضى الدولة الواقعة في زمام المحافظة، وكان تقدير الثمن قد تم بمراعاة القواعد والإجراءات القانونية الخاصة بالتصرف في أراضى الدولة المملوكة ملكية خاصة، ولم يثبت من الأوراق انحراف جهة الإدارة في استعمال سلطتها في هذا الشأن، فإنه لا يكون للطاعن سند في منازعته للتقدير الذي تم بمعرفة اللجنة العليا بواقع أربعين جنيها للمتر للأرض محل النزاع وضْعِ يدِه، مما يتعين معه الحكم برفض الدعوى.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد أصاب وجه الحق ولا مطعن على قضائه ويكون الطعن عليه جديرا بالرفض.
وحيث إنه لا ينال مما تقدم ما أثاره الطاعن من أن جهة الإدارة أساءت استعمال سلطتها وانحرفت بها بعدم مساواته بحالة المثل/محمد…، حيث قدرت اللجنة العليا ثمن المتر بواقع خمسة عشر جنيها؛ لأن ذلك مردود عليه بأن تقدير الجهة الإدارية لثمن قطعة أرض من أملاكها الخاصة توطئة للتصرف فيها بالبيع لواضع اليد هو من إطلاقات السلطة التقديرية للجهة الإدارية التي يكون لها وحدها تقدير قيمة أراضيها، وليس بلازم أن تتساوى أثمان جميع الأراضي في الناحية أو المدينة الواحدة في تاريخ أو تواريخ محددة أو مختلفة إذ يختلف الثمن باختلاف الموقع والمرافق والخدمات والزمن أيضا، ومادام تثمين الأرض محل النزاع قد تم على وفق الضوابط المقررة قانونا.
ولما كان الثابت من الأوراق -على نحو ما ذكرته جهة الإدارة غير المنكور من الطاعن- أنه تم تقدير سعر المتر لأرض النزاع بواقع أربعين جنيها على أساس أن تلك الأرض تقع داخل كردون المدينة ومزودة بخطوط المرافق العامة (مياه وكهرباء وصرف صحي)، وتقع على طريق رئيسي، فضلا عن أنه بمطالعة صورة كشف تقديرات أثمان الأراضى المملوكة للدولة رقم (2) المودع حافظة مستندات الجهة الإدارية المقدمة أمام هيئة مفوضي الدولة بمحكمة أول درجة تبين أن هذا الكشف تضمن خمس حالات لقطع أراضى بالحوض نفسه (الجنينة رقم 5) وبالقطعة نفسها (81/7)، منها حالة السيدة/خضرة… حيث تم تقدير سعر المتر لها بمبلغ خمسة وأربعين جنيها، أي بسعر أعلى مما تم بالنسبة للطاعن وللمساحة نفسها (118 مترا). وثلاث حالات أخرى لمساحات أقل بسعر المتر خمسة وثلاثين جنيها (أقل من السعر المقدر للأرض محل النزاع وضع يد الطاعن)؛ وذلك لأنه وكما سلف القول يختلف السعر بحسب ما إذا كانت الأرض محل التقدير مزودة بالمرافق والخدمات، وكذلك موقعها، فكل هذه الأمور تؤخذ في الاعتبار عند تقدير ثمن الأرض، وهو ما تم من قبل اللجنة العليا، مما يتعين معه الالتفات عما أثاره الطاعن في هذا الشأن.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.