جلسة 2 من مايو سنة 2012
الطعن رقم 20186 لسنة 53 القضائية (عليا)
(الدائرة العاشرة)
– شئون الأعضاء- اختصاص دائرة طلبات أعضاء مجلس الدولة بنظر الشئون الخاصة بهم- تختص هذه الدائرة بنظر طلبات إلغاء القرارات الخاصة بامتناع الهيئة العامة للتأمين الصحي عن صرف العلاج الخاص بهم؛ باعتبار أن ذلك يعد شأنا من شئونهم([1]).
– المادة رقم (104) من قانون مجلس الدولة (الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972).
في يوم الخميس الموافق 26/7/2007 أودع الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن الماثل على الحكم المطعون عليه القاضي منطوقه بـ: “قبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الهيئة المدعى عليها مصروفات هذا الطلب، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته ودون إعلان، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها”.
وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون عليه، وبقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مجددا برفض الدعوى الأصلية، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وتم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، ثم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت إحالته إلى هذه الدائرة التي نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث حضر المطعون ضده شخصيا وقدم مذكرتي دفاع التمس في ختامهما الحكم برفض الطعن، وبجلسة 28/3/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبهذه الجلسة صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة قانونا.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة ومن ثم يضحى مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر النزاع تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضده قد أقام دعواه أمام محكمة أول درجة ضد كل من الطاعن ومدير قطاع وسط الدلتا للتأمين الصحي بطنطا (بصفتيهما)، طالبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بامتناع منطقة الغربية للتأمين الصحي عن صرف الدواء الموضح بصدر الصحيفة له، مع تنفيذ الحكم بمسودته ودون إعلان، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات.
وذكر المدعي (المطعون ضده) شرحا للدعوى أنه يشغل وظيفة (مستشار مساعد بمجلس الدولة)، وحيث إنه يعاني من ارتفاع ضغط الدم الشرياني وارتفاع السكر في الدم والبول وتليف كبدي دهني واكتئاب نفسي والتهاب بالأعصاب الطرفية وقصور بالدورة الدموية، فإنه يحتاج إلى علاج عبارة عن (أماريل 3 مجم قرص يوميا، ليفر البومين كبسولة مرتان يوميا، أفانديا قرص يوميا، ترنتال 400 إس آر قرص مرتان يوميا، تريفستال ريتارد 50 مجم قرص يوميا، دوكسيل قرص مرتان يوميا، سربرولايسين 5 مجم حقنة كل 12 ساعة، بلفكس قرص يوميا، سبرلكس 10 مجم قرص يومياً، ليبتور 40 مجم قرص يوميا، ثبوتاسيد 600 مجم قرص يوميا، لمكتال 100 مجم قرص يوميا)، ونظرا إلى أنه يحمل بطاقة صحية برقم 16/2036/1 فقد تقدم إلى الهيئة العامة للتأمين الصحي لصرف العلاج إليه، إلا أنها رفضت بالمخالفة للقانون، مما دفعه لإقامة الدعوى للحكم له بالطلبات المشار إليها أعلاه.
…………………………………
وبجلسة 28/5/2007 صدر الحكم المطعون عليه، وشيدت المحكمة أسباب حكمها على أن المادة رقم (17) من الدستور قد كفلت خدمات التأمين الاجتماعي والصحي للمواطنين جميعا، وذلك على وفق أحكام التأمين الاجتماعي (الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975) الذي نص على أن الدولة ملتزمة بالعلاج والرعاية الطبية وصرف الأدوية اللازمة، وذلك في جميع الحالات المشار إليها في المادة رقم (47) من القانون المذكور.
وحيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون؛ ذلك أن الحكم استند إلى تقرير باطل صادر عن غير مختص، إضافة إلى أن الحكم اعتبر تشخيص المرض وتقرير العلاج قرارا إداريا، وهو غير ذلك، ومن ثم فإنه يكون قد جانبه الصواب، والتمس الطاعن الحكم له بالطلبات.
…………………………………
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن البحث في الاختصاص يسبق البحث في شكل الدعوى أو موضوعها؛ بحسبان أن قواعد الاختصاص، لاسيما الولائي والنوعي منها، تتعلق بالنظام العام، مما يوجب على المحكمة التعرض لها من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك بها أحد الخصوم في الطعن.
ولما كانت المادة رقم (104) من قانون مجلس الدولة (الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972) تنص على أن: “تختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال مجلس الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم، وذلك عدا النقل والندب، متى كان مبنى الطلب عيبا في الشكل أو مخالفة للقوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة، كما تختص الدائرة المذكورة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض عن تلك القرارات، وتختص أيضا دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لرجال مجلس الدولة أو لورثتهم… ولا تحصل رسوم على هذا الطلب”.
وحيث إن مفاد النص المتقدم -على ما جرى به قضاء هذه المحكمة– أن المشرع اختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها بالفصل في المسائل التي حددها حصرا؛ باعتبارها أَوْلىَ من غيرها ببحثها وإصدار حكم فيها؛ لتعلقها برجال مجلس الدولة والمستحقين عنهم في الشئون التي تعنيهم مباشرة، وقوامها الطلبات الخاصة بمرتباتهم ومكافآتهم ومعاشاتهم، وكذلك القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم، سواء تعلق الأمر بطلب إلغائها أو بالتعويض عنها، وتفصل الدائرة المذكورة في تلك المسائل بوصفها محكمة موضوع.
وعلى ضوء ذلك، وحيث جرى قضاء الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا (المختصة بنظر الطلبات التي يقدمها رجال مجلس الدولة) على اختصاصها بنظر طلبات إلغاء القرارات الخاصة بامتناع الهيئة العامة للتأمين الصحي عن صرف العلاج الخاص برجال مجلس الدولة؛ باعتبار تلك الحالات شأنا من شئونهم على وفق نص المادة (104) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه.
(يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 15752 لسنة 56ق. ع بجلسة 28/9/2010)
وعلى هدىً مما تقدم، ولما كان الثابت أن المدعى أحد رجال مجلس الدولة وحصر طلباته في وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بامتناع منطقة الغربية للتأمين الصحي عن صرف الدواء الموضح بصدر الصحيفة المقدمة لمحكمة أول درجة، فمن ثم يغدو تعرض محكمة القضاء الإداري بطنطا في حكمها المطعون عليه للشق العاجل من المنازعة محل الطعن الماثل والفصل فيه، بما يعني قضاءً ضمنيا منها بالاختصاص، مخالفا صحيح حكم القانون حريا بالإلغاء، والقضاء مجددا بعدم الاختصاص نوعيا بنظر الدعوى، والإحالة إلى الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا؛ عملا بحكم المادة رقم (110) من قانون المرافعات المدنية، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مجددا بعدم الاختصاص نوعيا بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها بحالتها إلى الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص، وأبقت الفصل في المصروفات.
([1]) على خلاف هذا النظر قضت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 21/2/2015 في الطعن رقم 27880 لسنة 60 ق ع (قيد النشر ضمن مجموعة السنة 60 مكتب فني) بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى المقامة من أحد أعضاء مجلس الدولة بطلب إلزام جهة الإدارة أن تؤدي له تكاليف العملية الجراحية التي أجراها، وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص، وأكدت في حكمها أنها في الأصل محكمة طعن، وأن المشرع قد ناط بها استثناء الفصل في طلبات أعضاء مجلس الدولة كمحكمة أول وآخر درجة في المسائل المتعلقة بأي شأن من شئونهم، والاستثناء لا يتوسع فيه ولا يقاس عليه، وبينت أن المقصود بعبارة: “بأي شأن من شئونهم” الواردة بالمادة (104) من قانون مجلس الدولة: تلك الشئون الوظيفية المتعلقة بهم بصفتهم أعضاء بمجلس الدولة، فلا يدخل في اختصاص هذه الدائرة أية مسائل تتعلق بشئون خاصة لعضو مجلس الدولة لا تتعلق بوظيفته، ومن بينها تلك المتعلقة بحقوقه الصحية تحاه الدولة.