جلسة 12 من نوفمبر سنة 2011
الطعن رقم 20934 لسنة 51 القضائية (عليا)
(الدائرة الرابعة)
– عاملون بالتعليم- الاستبعاد من أعمال الامتحانات- الاستبعاد من أعمال الامتحانات قرار تنظيمي تصدره جهة الإدارة بما لها من سلطة تقديرية، غايته ضمان صحة أعمال الامتحانات- اقتران قرار الجزاء بالحرمان من أعمال الامتحانات لا يعد ازدواجا في الجزاء عن فعل واحد.
– المادة الأولى من قرار وزير التربية والتعليم رقم 113 لسنة 1992 بشأن الحرمان من أعمال الامتحانات.
– تأديب- مخالفة تأديبية- لا تستوي المخالفة التي يرتكبها العامل عن غفلة أو إهمال مع تلك التي ترتكب عن عمد أو استهتار.
بتاريخ 3/7/2005 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل في حكم المحكمة التأديبية بطنطا الصادر بجلسة 18/6/2005 في الطعن التأديبي رقم 545 لسنة 32ق والذي قضى بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 31/3/2004 فيما تضمنه من حرمان الطاعنة من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وطلب الطاعنان بصفتيهما –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حرمان الطاعنة من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات، ثم الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حرمان الطاعنة من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات، والقضاء مجددا برفض الطعن التأديبي رقم 545 لسنة 32ق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه –بعد اتخاذ إجراءات إعلان المطعون ضدها بتقرير الطعن الماثل قانونا– بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.
ونظر الطعن أمام الدائرة التاسعة (فحص) على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قدم الحاضر عن الدولة إقراراً موقعاً من المطعون ضدها يفيد علمها بجلسة 8/5/2008 وبتقرير الطعن المرافق، وبجلسة 22/5/2008 قررت إحالته إلى الدائرة التاسعة عليا (موضوع) وحددت لنظره جلسة 19/6/2008، وفيها نظر، ثم أحيل إلى الدائرة الرابعة (موضوع) ونظر على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قدم الحاضر عن الدولة حافظة مستندات طويت على إقرار المطعون ضدها بعلمها بجلسة 19/2/2011، وبجلسة 1/10/2011 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 22/10/2011، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الطعن أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا واستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى، فإنه يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن الفصل في الطعن يغنى عن التصدي للشق المستعجل منه.
وحيث إن عناصر الطعن تخلص –حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه– في أن المطعون ضدها أقامت الطعن التأديبي رقم 545 لسنة 32ق بإيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا بتاريخ 16/5/2004 طلبت في ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه بمجازاتها بخصم ثلاثة أيام من راتبها وحرمانها خمس سنوات من أعمال الامتحانات، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكرت الطاعنة شرحا لطعنها التأديبي أنها تعمل مدرسة لغة إنجليزية بمدرسة… بطنطا، وأسندت إليها النيابة الإدارية في القضية رقم 125 لسنة 2003 الإهمال في تقدير درجات الطالبات يومي 4و6/8/2001، وبناء عليه صدر القرار المطعون فيه برغم أنه لم يتوافر لديها سوء نية تجاه الطالبات أو الإهمال في تقدير الدرجات، إذ إنها قامت بتصحيح السؤال الخامس للصف الثاني الإعدادي وهو عبارة عن قطعة وعليها أسئلة، وإنها أعطت الدرجات على التخطيط الصحيح بالقطعة دون التقيد بكتابة الإجابة بالمكان المخصص لها، وذلك بناء على تعليمات المدرسين الأوائل، وقد تظلمت من قرار مجازاتها إلى المستشار مفوض الدولة برقم 606 بتاريخ 28/4/2004 وتقدمت إلى لجنة فض المنازعات بالطلب رقم 4501 بتاريخ 24/4/2004 ووافقت اللجنة على رفع الجزاء وخلصت إلى طلب الحكم بطلباتها السابق بيانها.
…………………………………
وبجلسة 18/6/2005 قضت المحكمة التأديبية بطنطا بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 31/3/2004 فيما تضمنه من حرمان الطاعنة من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وشيدت المحكمة قضاءها (فيما يتعلق برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعنة بخصم ثلاثة أيام من راتبها) على سند مما جاء بالأوراق وما كشفت عنه التحقيقات وتقرير اللجنة المشكلة من توجيه اللغة الإنجليزية بمديرية التربية والتعليم بالغربية المؤرخ في 20/10/2002، وما تبين من مطالعة أوراق إجابات الطالبات التي تم فحصها والتي ثبت منها وجود تعديل بالدرجات.
وبالنسبة لما قضى به الحكم المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حرمان الطاعنة من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات، وهو الشق محل الطعن الماثل، فقد شيدته المحكمة على سند من أن حرمان الطاعنة من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات قد صدر على أنه عقاب تأديبي، ولما كانت المادة (80) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978) قد حددت العقوبات التأديبية على سبيل الحصر، وليس من بينها عقوبة الحرمان من أعمال الامتحانات، الأمر الذي يكون معه هذا القرار-بالنسبة لهذا الشق- قد تضمن عقوبة لم ينص عليها القانون.
…………………………………
وحيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ وذلك لأن المقرر بقضاء المحكمة الإدارية العليا أن الحرمان من أعمال الامتحانات وإن اقترن بتوقيع الجزاء، إلا أنه لا يعد استطرادا أو استكمالا لقرار الجزاء، وإنما هو قرار تصدره جهة الإدارة بما لها من سلطة تقديرية في تنظيم أعمال الامتحانات واختيار من يصلحون لها من العاملين واستبعاد من قام في حقهم سبب يجعلهم غير أهل لها، ولا يعد جزاء متمما أضافته جهة الإدارة إلى جزاء الخصم من الأجر، متى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها قد ثبت في حقها أنها لم تؤد عملها بدقة وأمانة وخرجت على مقتضى الواجب الوظيفي بأن أعطت تقديرا للطالبات في مادة اللغة الإنجليزية على النحو الوارد بتحقيقات النيابة الإدارية في القضية رقم 125 لسنة 2003، وصدر القرار الطعين بمجازاتها بخصم ثلاثة أيام من راتبها، فإنه يكون قد توفر في شأنها السبب الذي يجعلها غير أهل للمشاركة في أعمال الامتحانات، وخلت الأوراق مما يفيد أن جهة الإدارة قد أساءت استعمال سلطتها أو انحرفت بها، ومن ثم يكون تقرير القرار المطعون فيه بحرمان المطعون ضدها من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات قد صدر متفقا وصحيح القانون.
…………………………………
وحيث إن المادة الأولى من قرار وزير التربية والتعليم رقم (113) لسنة 1992 بشأن الحرمان من أعمال الامتحانات تنص على أنه: “مع عدم الإخلال بالعقوبات المقررة، يحرم من أعمال الامتحانات كل من يرتكب إحدى المخالفات الآتية طبقا للمدد المحددة قرين كل منها:
أولا: يحرم من أعمال الامتحانات مدة خمس سنوات كل من يرتكب المخالفات الآتية:
1- …2-…3- مساعدة الطالب على الغش سواء بالقول أو بالفعل.
4- …5- إعطاء درجات بالزيادة أو النقص مخالفا لما ورد بنموذج الإجابة.
6-… 7-… 8-… 9-…”.
وحيث إن غاية هذا القرار هو ضمان صحة أعمال الامتحانات والإبقاء على من يصلحون للقيام بها من القائمين على عملية التدريس، واستبعاد من يثبت منهم أنه غير أهل لها سواء بإهماله في القيام بأعمال الامتحانات وتصحيحها وحتى رصد درجاتها أو بالتلاعب عن قصد في هذه الأعمال، بحرمان من يثبت ارتكابه عملا من هذه الأعمال أو غيرها لمدة خمس سنوات من أعمال الامتحانات؛ حتى تستقيم العملية التعليمية، مع عدم الإخلال بالعقوبات التأديبية المقررة قانونا عن ارتكاب هذه الجريمة التأديبية، وبناء عليه فإن اقتران قرار الجزاء بالحرمان من أعمال الامتحانات لا يعد ازدواجا في الجزاء عن فعل واحد، وهو لا ريب من صلاحيات الجهة الإدارية القائمة على مرفق التربية والتعليم بموجب ما لها من سلطة تقديرية، شريطة أن تستخدمها دون غلو أو شطط فيما يتعلق بتحديد مدة الحرمان من أعمال الامتحانات التي توقع على كل من يرتكب مخالفة من المخالفات المحددة بالقرار الوزاري المشار إليه؛ إذ لا تستوي المخالفة التي يرتكبها العامل عن غفلة أو إهمال مع تلك التي ترتكب عن عمد أو استهتار.
وحيث إن الثابت أن القرار المطعون فيه قد صدر بناء على ما انتهت إليه مذكرة النيابة الإدارية بطنطا في القضية رقم 125 لسنة 2003 بأن المطعون ضدها (وآخرين) لم تؤد العمل المنوط بها بدقة، بأن أهملت في تقدير درجات الطالبات بامتحانَي مادة اللغة الإنجليزية للصفين الأول والثاني الإعدادي “دور ثانٍ” بمدرسة… المنعقدين يومي 4و6/8/2002، وقرر القرار المطعون فيه بالبند الأول مجازاة المطعون ضدها بخصم ثلاثة أيام من راتبها، وهي عقوبة هَيَّنةٌ لم يرتب عليها المشرع في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة أي أثر، فمن ثم فإن تقريره حرمانها خمس سنوات من أعمال الامتحانات، وفي ضوء ظروف المخالفة وملابساتها والعقوبة التي قررها مصدر القرار لها يكون قد شابه خطأ بين في تقدير مدة حرمان المطعون ضدها من أعمال الامتحانات، مما يتعين معه تعديله ليكون بحرمانها مدة سنة من أعمال الامتحانات، وهو ما يستتبع إلغاء الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص، والقضاء مجددا بحرمان المطعون ضدها من أعمال الامتحانات لمدة سنة.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه بحرمان الطاعنة من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات، والقضاء مجددا بحرمان المطعون ضدها من أعمال الامتحانات لمدة سنة.