جلسة 26 من أكتوبر سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى عبدالمجيد.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على محمد الششتاوى إبراهيم، وأحمد محمد حامد، ود. محمد كمال الدين منير، وسيد عبدالله سلطان.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين عبدالحميد حسين ريشه.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد سيف محمد حسين.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 2096 لسنة 43 قضائية عليا:
ـ مخالفات البناء ـ البناء على ضوائع التنظيم ـ السلطة المختصة بالإزالة.
المواد (4)، (13)، (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء.
ولئن كان المشرع لم يجز كأصل عام إنشاء مبانٍ أو إقامة أعمال إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، إلا أنه أورد قيداً على هذا الأصل مؤداه حظر القيام بأعمال البناء
أو التعلية فى الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم المعتمدة (ضوائع التنظيم) من تاريخ صدور القرار باعتمادها ـ هذا الحظر مطلق بحيث لا تملك الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم الترخيص بهذه الأعمال ومن ثم لا تملك التجاوز عن هذه المخالفة ـ أساس ذلك: ـ أن الأجزاء البارزة من خط التنظيم محظور البناء عليها قانوناً بصرف النظر عما إذا كان قد صدر قرار بنزع ملكيتها من عدمه، أو مازالت على ملكية أصحابها ــ مخالفة البناء على الأجزاء البارزة عن خط التنظيم (ضوائع التنظيم) تشكل فى حقيقتها مخالفة الاعتداء على خط التنظيم ـ أثر ذلك: ـ يكون المختص بالإزالة المحافظ المختص وحده دون جواز التفويض فى هذا الشأن ـ تطبيق.
فى يوم الثلاثاء الموافق 25/2/1997 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل والمقيد برقم 2096 لسنة 43 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة (دائرة منازعات الأفراد) (د) فى الشق الموضوعى من الدعويين رقمى 5351 لسنة 46 ق و2381 لسنة 47 ق بجلسة 28/12/1996 والقاضى فى منطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات فى الدعويين .
وطلبت الجهة الإدارية الطاعنة ـ للأسباب المبينة بتقرير الطعن ـ الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعويين المطعون فى حكمهما مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرها بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الطعن الماثل بجلسة 24/10/2000 وما تلاها من جلسات وخلالها قدمت الجهة الطاعنة مذكرة بدفاعها خلصت فيها إلى طلب الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى رقم 2381 لسنة 47 ق لعدم اقتران طلب وقف التنفيذ بطلب الإلغاء واحتياطيا برفض الدعويين وبجلسة 25/9/2001 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة/ موضوع) وحددت لنظره جلسة 2/12/2001 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة والجلسات التالية، وبجلسة 26/8/2001 تقرر إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 22/9/2002 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن أقيم فى الميعاد المقرر قانوناً واستوفى سائر أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الفصل فى الموضوع يغنى عن الفصل فى طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن المطعون ضدهما (المدعيين) أقاما الدعوى رقم 5351 لسنة 46 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى 2/5/1992 طالبين فى ختام صحيفتها بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار رقم (20) لسنة 1992 فيما تضمَّنه من إزالة الأعمال المقامة بالعقار رقم 29 شارع الجسر وناصية شارع مسيحه صالح قسم شبرا وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات تأسيساً على أن المدعى عليه الثانى (الطاعن الثانى) أصدر القرار المطعون فيه بإزالة الأعمال المقامة بالجزء القبلى من سطح العقار بالدور الثالث لبنائها بدون ترخيص وفى المنطقة الضائعة من خط التنظيم بمسطح (87.5)م2 ولما كان هذا القرار مخالفاً للقانون فقد أقاما دعواهما بطلباتهما آنفة البيان.
أما الدعوى رقم 2381 لسنة 47 ق فقد أقامها المطعون ضده الثانى (المدعى الثانى) بداءة بإيداع صحيفتها فى 10/5/1992 قلم كتاب محكمة القاهرة للأمور المستعجلة طالباً فى ختام صحيفتها الحكم بوقف تنفيذ القرار رقم 10 لسنة 1992 لحين الفصل فى الدعوى رقم 5351 لسنة 46 ق (الدعوى الأولى) حيث نظرت أمام المحكمة المذكورة وقضت بجلسة 24/11/1992 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة وإذ أحيل ملف الدعوى المذكورة قيد برقم2381 لسنة 47ق ونظرتها محكمة القضاء الإدارى مع الدعوى الأولى بعد أن قررت ضمها إليها ليصدر فيها حكم واحد، وبجلسة 17/2/1994 قضت المحكمة المذكورة برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فى الدعوى رقم 5351 لسنة 46 ق، وبعدم جواز نظر طلب وقف التنفيذ فى الدعوى رقم 2381 لسنة 47 ق. لسابقة الفصل فيها ثم نظرت المحكمة المشار إليها ـ بهيئة مغايرة الشق الموضوعى فى الدعويين وبجلسة 28/12/1996 قضت فى موضع الدعويين بحكمها المطعون فيه وشيدت قضاءها على أن الثابت من الأوراق وفى ضوء ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا أن المدعيين قاما ببناء الدور الثالث فوق الأرض بالعقار المذكور فى الوقت الذى تعتبر فيه أرض هذا العقار ضائعة فى خط التنظيم ومن ثم فإنه طبقًا للفقرة الأخيرة من المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء ينعقد الاختصاص بإزالة هذه الأعمال للمحافظ وحده دون جواز التفويض فى هذا الاختصاص ويكون القرار الصادر من رئيس حى شبرا استنادا للتفويض الصادر له من محافظة القاهرة رقم 199لسنة 1991 مخالفاً للقانون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله وفهم واقع الدعوى ذلك أن حقيقة المخالفة المنسوبة للمطعون ضدهما هى بناء الدور الثالث فوق الأرض بالعقار المشار إليه بدون ترخيص فى المنطقة الضائعة فى خط التنظيم ومن ثم فإنها تخضع لحكم الفقرة الأولى من المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليها والتى تجيز للمحافظ أو من ينيبه إزالتها بعد عرض المخالفة على اللجنة الفنية وبالتالى يكون القرار الصادر من رئيس حى شبرا المطعون فيه استنادًا إلى قرار التفويض رقم 199 لسنة 1991 قد صدر صحيحاً ومطابقاً للقانون ويكون الحكم المطعون فيه والحالة هذه مخالفاً للقانون خليقًا بالإلغاء والقضاء مجدداً برفض الدعويين، ثم أضافت الجهة الإدارية سبباً آخر للطعن فى مذكرة دفاعها المقدمة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة بجلسة 10/7/2001 يتمثل فى مخالفة القانون إذ كان يتعين على المحكمة أن تقضى فى الدعوى رقم 2381 لسنة 47 ق بعدم قبولها لعدم اقتران طلب وقف التنفيذ بطلب الإلغاء حيث إن المدعى أقامها بداءة أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه إلى أن يقضى فى الدعوى رقم 5351 لسنة 46 ق المقامة أمام محكمة القضاء الإدارى.
ومن حيث إنه عن السبب الجديد المبدى من الجهة الإدارية الطاعنة بعدم قبول الدعوى رقم 2381 لسنة 47ق لعدم اقتران طلب وقف التنفيذ بطلب الإلغاء فإن المحكمة وهى تتصدى لهذا السبب أولاً بحسبانه يتعلق بالشكل تشير إلى أن هذا السبب مردود عليه بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن القضاء الصادر فى طلب وقف التنفيذ يعتبر قضاء قطعياً تستنفد به المحكمة ولايتها فى نظر المسائل الفرعية مثل الاختصاص والقبول وبالتالى متى حاز هذا الحكم الحجية فإنه يمتنع معاودة النظر فيه مرة أخرى ويقيد المحكمة عند نظر دعوى الإلغاء (الطعن رقم 833 لسنة 36 ق عليا جلسة 12/12/1993) ولما كان الثابت من مطالعة الحكم الصادر فى الشق العاجل من الدعويين رقم 5351 لسنة 46ق. 2381 لسنة 47ق. أن المحكمة انتهت إلى تكييف الطلبات فى الدعوى رقم 2381 لسنة 47 ق إلى أنها تتمثل فى طلبى وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه ثم خلصت إلى القضاء بعدم جواز نظر الشق العاجل من الدعوى وأحالت طلب الإلغاء فى الدعويين إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيره وإعداد تقرير فيه وإذ خلت الأوراق مما يفيد الطعن على هذا الحكم ومن ثَمَّ فإن هذا القضاء يكون قد حاز الحجية وتتقيد محكمة القضاء الإدارى به عند نظر الموضوع وهو ما التزمت به المحكمة فعلاً عند إصدار حكمها المطعون فيه حالياً ومن ثم يكون هذا السبب فى غير محله متعينا الالتفات عنه.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن مناط الفصل فيه هو تبيان السلطة المختصة طبقاً للمادة 16 من القانون رقم (106) لسنة 6197 سالف الذكر فى إزالة أعمال البناء التى يتم إقامتها على الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم المعتمدة والتى اصطلح على إطلاق عبارة (ضوائع التنظيم) عليها حيث يقوم الطعن الماثل على أن هذه الأعمال هى فى حقيقتها أعمال بناء تجرى بدون ترخيص من السلطة المختصة فى المنطقة الضائعة فى خط التنظيم وبالتالى يسرى عليها حكم المادة 16 الفقرة الأولى وتكون السلطة المختصة هى المحافظ أو من ينيبه بعد أخذ رأى اللجنة الفنية، أم أن هذه الأعمال ـ وكما ذهب الحكم المطعون فيه ـ تشكل مخالفة لخط التنظيم ومن ثم يسرى عليها حكم الفقرة الأخيرة من المادة 16 سالفة الذكر بحيث يتعين صدور القرار بالإزالة من المحافظ وحده دون جواز التفويض فى ذلك، وفي هذا الشأن فإنه باستعراض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه يبين من مقارنة أحكام المواد 4، 13، 16 منه أن المشرع فى المادة 4 لم يجز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها :……….إلا بعد الحصول على ترخيص فى ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم كما حددت المادة 13 إجراءات اعتماد خطوط التنظيم للشوارع وحظرت من وقت صدور القرار باعتماد خطوط التنظيم إجراء أعمال البناء أو التعلية فى الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم على أن يعوض أصحاب الشأن تعويضاً عادلاً ..
كما ناطت المادة 16 فى فقرتها الأولى بالمحافظ أو من ينيبه بعد أخذ رأى لجنة تشكل بقرار من ثلاثة مهندسين إصدار قرار مسبب بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة بيد أنها فى فقرتها الأخيرة استثنت مخالفات بعينها من التجاوز عنها ومنها عدم الالتزام بخطوط التنظيم، حيث أوجبت على المحافظ المختص إصدار قراره فى هذه الحالات مباشرة دون الرجوع إلى اللجنة الفنية المشار إليها وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه لا يجوز للمحافظ المختص تفويض غيره فى هذه الحالات ويتعين عليه ممارسة هذا الاختصاص بنفسه.
والثابت مما تقدم أنه ولئن كان المشرع لم يجز كأصل عام إنشاء مبان أو إقامة أعمال إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهة المذكورة إلا أنه أورد قيداً على هذا الأصل فى المادة (13) مؤداه حظر القيام بأعمال البناء أو التعلية فى الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم المعتمدة من تاريخ صدور القرار باعتمادها، وهذا الحظر هو حظر مطلق بحيث لا تملك الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم الترخيص بهذه الأعمال أو عدم الترخيص بها ومن ثم فإنها من باب أولى لا تملك التجاوز عن هذه المخالفة، بحسبان أنه منذ اعتماد خطوط التنظيم أصبحت الأجزاء البارزة عن هذه الخطوط محظور البناء عليها قانوناً بصرف النظر عما إذا كان قد صدر قرار بنزع ملكيتها من عدمه أى مازالت على ملكية أصحابها إذ يتعين إعمال الأثر المترتب على اعتماد خطوط التنظيم على النحو المنصوص عليه قانوناً وبالتالى فإن مخالفة البناء على الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم تشكل فى حقيقتها مخالفة الاعتداء على خطوط التنظيم وبهذه المثابة ينطبق عليها حكم الفقرة الأخيرة من المادة 16 التى حددت السلطة المختصة بالإزالة فى هذه الحالة بالمحافظ المختص وحده دون جواز التفويض فى هذا الشأن، بحسبان أن أعمال البناء فى هذه الحالة غير قابلة للترخيص أصلاً وكذلك ليس من حق الجهة الإدارية التجاوز عنها أو تصحيحها.
ومتى كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم نسبت للمدعى الأول (المطعون ضده الأول) قيامه ببناء شقة بالجزء القبلى من سطح الدور الثالث فوق الأرض فى المنطقة الضائعة فى خط التنظيم بمساحة 87.5 م2 حيث اتخذت الإجراءات القانونية حيال المخالف بتحرير محضر المخالفة رقم 39 لسنة 1992 ثم إصدار قرار إيقاف الأعمال 130 لسنة 1992وأعقبت ذلك بإصدار رئيس حى شبرا قراره المطعون فيه بإزالة الأعمال محل المخالفة إعمالا لقرار التفويض رقم 199لسنة 1991 الصادر من محافظ القاهرة بتفويض رؤساء الأحياء فى اختصاصاته، فإن القرار المطعون فيه على ما سلف يكون قد صدر مخالفاً للقانون إذ يتعين صدوره فى هذه الحالة من محافظ القاهرة وحده ومن ثم يتعين القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه.
وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة محمولاً على ذات السبب وبالتالى فإنه يكون قد أعمل حكم القانون على النحو الصحيح ويضحى الطعن عليه فى غير محله ومفتقدا لأساسه القانونى ويتوجب القضاء برفضه مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات .
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارة الطاعنة المصروفات.