جلسة 30 من مارس سنة 2010
الطعن رقم 21192 لسنة 51 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)
الطلب العارض– طرق إبدائه– لا تقبل الطلبات العارضة بعد إقفال باب المرافعة– يجوز إبداء الطلب العارض بمذكرة، وأن تقدم في خلال المدة التي حددتها المحكمة لتبادل المذكرات عند حجز الدعوى للحكم، بشرط أن يتم اطلاع الخصم الآخر عليها([1]).
المادة (123) من قانون المرافعات.
في يوم الأربعاء الموافق 3/8/2005 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة السادسة عقود زوجي) بجلسة 4/7/2005 في الدعوى رقم 8376 لسنة 52 ق المقامة من المطعون ضده بصفته ضد الطاعنين بصفتيهما، القاضي (أولا) بقبول الدعوى الأصلية شكلا، وفي الموضوع بإلزام جهة الإدارة المدعى عليها أن تؤدي للمدعي بصفته مبلغًا مقداره خمسة وستون ألفا وست مئة واثنا عشر جنيهًا وخمسة وثمانون قرشًا، والفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية في 1/10/1995 حتى تمام السداد والمصروفات، و(ثانيًا) بعدم قبول الدعوى الفرعية لعدم مراعاة الطريق الذي رسمه القانون وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا:
(أصليا): (1) بالنسبة للدعوى الأصلية برفضها وإلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات. (2) بالنسبة للدعوى الفرعية بقبولها شكلا وبإلزام الشركة المطعون ضدها أن تؤدي للطاعنين بصفتيهما مبلغ 42577,134 جنيهًا والفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة.
و(احتياطيا) إجراء المقاصة بين ما هو مستحق للشركة المطعون ضدها وما هو مستحق للجهة الإدارية الطاعنة.
وقد أعلن الطعن المذكور على النحو الثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
ثم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث قررت بجلسة 21/5/2008 إحالته إلى الدائرة الثالثة عليا موضوع لنظره بجلسة 13/9/2008 وفيها نظرته المحكمة ثم تدوول بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 22/12/2009 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 2/3/2010 مع التصريح بتقديم مذكرات ومستندات خلال ثلاثة أسابيع، لم يقدم الطرفان خلالها شيئًا، وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 30/3/2010 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة في الطعن تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بإيداع صحيفتها ابتداء قلم كتاب محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 1/10/1995 حيث قيدت بجدولها تحت رقم 798 لسنة 1995 تجاري كلي جنوب القاهرة، وطلبت في ختامها إلزام الجهة الإدارية الطاعنة أن تؤدي للشركة الطالبة مبلغ 78688,18 جنيهًا، والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد.
وذكرت شرحًا لدعواها أن حي المطرية أسند إليها بعض العمليات المتعلقة به، ومنها عملية إنشاء سور جديد لحديقة جسر السويس بالعقد رقم 18 في 4/12/1985، وعملية تكسية بالحجر الفرعوني وتدبيش حديقة جسر السويس، وعملية إنشاء عدد (16) فصلا بمدرسة الزهراء ومحمود خاطر، وذلك بالعقد رقم 4/1988، وعملية رصف أرصفة شارع المطراوي بالعقد رقم 9/1986، وقد تقاعس الحي عن تسوية حساباتها عن مجمل هذه العمليات، وتم تشكيل لجنة لفحص أعمال الشركة وانتهت بتاريخ 17/7/1993 إلى أحقية الشركة لمستحقاتها، كما انتهت النيابة الإدارية لدى إحالة الموضوع إليها بموجب القضية رقم 177 لسنة 1994 إلى التزام الحي بتسوية مستحقات الشركة عن كافة العمليات التي قامت بتنفيذها، وقيد الواقعة مخالفة مالية قبل بعض المسئولين بالحي لتقاعسهم عن صرف مستحقات الشركة، وبالرغم من ذلك لم يبادر الحي بالصرف.
وقد تدوولت الدعوى أمام المحكمة المذكورة على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 31/12/1995 قضت قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل لتنفيذ المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وقد باشر الخبير المنتدب مهمته وأودع التقرير المرفق، وبجلسة 24/5/1998 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص، وقد وردت الدعوى إلى المحكمة الأخيرة حيث قيدت بجدولها تحت رقم 8376 لسنة 52 ق، وبجلسة 7/3/2004 وبموجب مذكرة دفاع معلنة إلى الشركة المدعية (المطعون ضدها) أقامت الجهة الإدارية المدعى عليها (الطاعنة) دعواها الفرعية المتضمنة أن الشركة المدعية صرفت مبلغ 42577,134 جنيهًا دون وجه حق وفقًا لما أظهره تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، مما يستوجب إجراء مقاصة بين ما هو مستحق لها وما هو مستحق عليها.
……………………………………………………………………..
وبجلسة 4/7/2005 أصدرت محكمة القضاء الإداري الحكم المطعون فيه، وشيدته على أسباب حاصلها أن الشركة المدعية قامت بتنفيذ كافة التزاماتها التعاقدية في جميع العمليات المسندة إليها، وأن الجهة الإدارية المدعى عليها أقرت بأحقيتها في صرف مستحقاتها، وتمت إحالة المسئولين عن عدم الصرف إلى النيابة الإدارية التي خلصت إلى وجوب تسوية مستحقات الشركة، وقد قدرت هذه المستحقات طبقًا لتقرير الخبير المودع بمبلغ 15612.85 جنيهًا، والفوائد القانونية بواقع 5%.
أما بالنسبة لطلب الجهة الإدارية في دعواها الفرعية فإن هذه الطلبات وردت في مذكرة دفاع بتاريخ 7/3/2004 دون مراعاة الطريق القانوني لإقامة الدعوى، كما أن ما ارتكنت إليه الجهة الإدارية في هذه المطالبة لا يبلغ حد كفاية تكوين عقيدة المحكمة في إثبات مديونية الشركة المدعية بهذه المبالغ حتى يمكن إجراء المقاصة التي تطالب بها الجهة الإدارية.
……………………………………………………………………..
ولما لم ترتض الجهة الإدارية الطاعنة ذلك الحكم فقد أقامت طعنها الماثل استنادًا إلى خروجه على مقتضى التطبيق الصحيح لأحكام القانون من وجهين:
(الأول) أنه قضى بإلزام الجهة الإدارية الطاعنة أن تؤدي للشركة المطعون ضدها المبلغ المشار إليه، رغم أن الشركة المطعون ضدها طلبت في صحيفة دعواها ما هو غير مستحق لها قانونا؛ حيث لم تقدم ما يثبت براءة ذمتها من الديون المستحقة للجهة الإدارية الطاعنة، وأن الخبير باشر مأموريته على خلاف الحكم التمهيدي.
و(الثاني) أن الحكم المطعون فيه أخطأ فيما قضى به من عدم قبول الدعوى الفرعية؛ لأن المحكمة قررت حجز الدعوى للحكم لجلسة 7/3/2004، وأثناء فترة الحجز قدمت الجهة الإدارية الطاعنة طلبًا لإعادة الدعوى للمرافعة متضمنًا مذكرة بالطلب العارض ومدعمًا بالمستندات، وعليه قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة، ثم تدوولت بالجلسات، وبجلسة 13/3/2005 قررت حجز الدعوى للحكم لجلسة 3/7/2005 مع التصريح بتقديم مذكرات في خلال شهر، وخلال هذا الأجل تم تقديم مذكرة متضمنة الطلب العارض، وقد قامت الجهة الإدارية بإعلان الشركة المطعون ضدها بهذه المذكرة، وعليه يكون الطلب العارض قد تم تقديمه بالطريق الذي رسمه القانون، هذا بالإضافة إلى أن مستحقات الجهة الإدارية ثابتة وفقًا لما هو مبين بتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، والناتجة عن فروق أسعار حديد وأسمنت وزيادة في أسعار الحديد، ومبالغ ناتجة عن تسويات خاطئة، وإغفال خصم نسبة 7%، كما جاء بعطاء الشركة المطعون ضدها.
……………………………………………………………………..
ومن حيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجب تنفيذ العقد الإداري طبقًا لما اشتملت عليه شروطه وبما يتفق ومبدأ حسن النية وفقًا للأصل العام المقرر في الالتزامات عمومًا، وأن ما اتفق عليه طرفا التعاقد هو شريعتهما التي تلاقت عندها إرادتهما ورتب على أساسها كل منهما حقوقه والتزاماته، ويعتبر حق المتعاقد في الحصول على المقابل المالي لالتزاماته التعاقدية من أهم حقوق المتعاقد والباعث إلى إبرام العقد وتلتزم جهة الإدارة بالوفاء به.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق وخاصة تقرير الخبير المودع أمام المحكمة المدعية أن الشركة المطعون ضدها قامت بتنفيذ العمليات المتعاقد عليها ولم يصدر عنها أي إخلال بالتزاماتها التعاقدية وفقًا لما هو ثابت بتحقيقات النيابة الإدارية في القضية رقم 177 لسنة 1994 وتقرير اللجنة المشكلة لبحث مستحقات الشركة المطعون ضدها لتحديد مسئولية عدم الصرف في حينه ومراجعة الديون الحكومية في ذمة الشركة، والمنتهي إلى أنه تم خصم غرامة تأخير وخصم مبالغ فرق زيادة أسعار أسمنت، وتم هذا الخصم بدون وجه حق، وأنه لا مانع من صرف مستحقات الشركة، والتي حددها الخبير المنتدب بمبلغ 65612.85 جنيهًا، ومن ثم يتعين إلزام الجهة الإدارية الطاعنة أداءه إلى الشركة المطعون ضدها والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة حتى السداد، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون متفقًا وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه في هذا الخصوص فاقدًا لسنده خليقًا بالرفض.
-أما بالنسبة لطلب الجهة الإدارية في الدعوى الفرعية فإنه ولئن كانت المادة 123 من قانون المرافعات قد حددت طريقة تقديم الطلبات العارضة سواء من المدعي أو المدعى عليه بأن تكون بالإجراءات المقررة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة، أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها، ولا تقبل الطلبات العارضة بعد إقفال باب المرافعة، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من إبداء الطلب العارض بمذكرة بشرط أن يتم اطلاع الخصم الآخر عليها، خاصة إذا قدم الطلب في خلال المدة التي حددتها المحكمة لتبادل المذكرات عند حجز الدعوى للحكم، ومتى قدم الطلب العارض بطريقة من هذه الطرق اعتبر معروضًا على المحكمة ويصبح متعينًا عليها الفصل فيه.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة قدمت الطلب العارض بموجب مذكرة دفاع معلنة بتاريخ 6/4/2005 خلال الفترة التي حددتها محكمة القضاء الإداري للمذكرات عند حجز الدعوى للحكم، فمن ثم يكون مقبولا شكلا، ويتعين تعديل الحكم المطعون فيه ليكون موافقا لذلك.
-أما عن موضوع الطلب العارض فإن الثابت من الأوراق التي تضمنتها حافظة المستندات المودعة من الجهة الإدارية الطاعنة أثناء فترة حجز الدعوى للحكم أمام محكمة القضاء الإداري، وخاصة صورة كتاب حي المطرية المؤرخ في 30/9/2001، أنه يتعذر الوصول إلى المستندات التي تم على أساسها قيد المديونيات على الشركة المطعون ضدها، ومن ثم تكون الجهة الإدارية الطاعنة قد عجزت عن إقامة الدليل على ما تدعيه قبل الشركة المطعون ضدها، ويتعذر من ثم إجراء أية مقاصة في هذا الخصوص، خاصة وأن تقرير اللجنة المشكلة بالجهة الإدارية الطاعنة لبحث مستحقات الشركة كان تحت نظرها تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات المتضمن المبالغ المشار إليها، ولم تثبت هذه المديونيات، وهو ما أكده تقرير الخبير المودع، ومن ثم يتعين رفض الدعوى الفرعية.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن الجهة الإدارية تلتزم بها عملا بالمادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة:
(أولا) بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام الجهة الإدارية الطاعنة أن تؤدي للشركة المطعون ضدها مبلغًا مقداره خمسة وستون ألفًا وست مئة واثنا عشر جنيهًا وخمسة وثمانون قرشًا، والفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد.
(ثانيا) بقبول الدعوى الفرعية شكلا، ورفضهًا موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
([1]) قارن بما انتهت إليه المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 26610 لسنة 52 ق عليا بجلسة 25/5/2008 (منشور بمجموعة السنة 53 مكتب فني جـ 2 رقم 168)، حيث قضت بعدم قبول طلب عارض أُبدي في مذكرة دفاع أمام المحكمة، على أساس أنه لم يتم إبداؤه بأي من الوسيلتين اللتين حددهما القانون.