جلسة 18 من إبريل سنة 2012
الطعن رقم 21265 لسنة 53 القضائية (عليا)
(الدائرة السادسة)
– شركات سياحية– شروط الترخيص في إنشائها– حظر المشرع على أية شركة سياحية مزاولة أي من الأعمال المنصوص عليها في قانون تنظيم الشركات السياحية إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من وزارة السياحة- منح المشرع وزير السياحة سلطة تقديرية واسعة في إصدار قرار بوقف قبول طلبات إنشاء شركات سياحية جديدة إذا رأت الوزارة في فترة من الفترات عدم حاجة البلاد لها- حَدُّه في ذلك عدم إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها- مَنْح تراخيص لبعض الشركات خلال فترة وقف قبول طلبات إنشاء شركات سياحية جديدة هو أمر تم على سبيل الخطأ، والخطأ لا يقاس عليه.
– المواد أرقام (1) و(2) و(3) و(4) و(7) و(31) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، معدلا بموجب القانون رقم 118 لسنة 1983.
– الخطأ لا يقاس عليه ولا يبرر الاستمرار في الخطأ- تطبيق: إصدار ترخيص لإحدى شركات السياحة بالمخالفة للقانون لا يصلح سندا لإصدار تراخيص لشركات سياحية أخرى بالمخالفة للقانون.
في يوم الأحد الموافق 5/8/2007 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب هذه المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن، قيد بجدولها العام برقم 21265 لسنة 53ق عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثالثة) بجلسة 26/6/2007 في الدعوى رقم 34997 لسنة 60ق، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وجرى إعلان الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 21/12/2011، حيث تدوول نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، ثم قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق ومن الحكم المطعون فيه- في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 34997 لسنة 60ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 22/7/2006 طالبا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إصدار ترخيص مباشرة نشاط سياحي لشركة… التي يمثلها، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحا للدعوى إنه تقدم بطلب لوزارة السياحة لترخيص شركة سياحة عامة فقرة (أ) على وفق أحكام القانون رقم 38 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 118 لسنة 1983 الخاص بتنظيم الشركات السياحية وذلك لمباشرة جميع أنواع الأعمال السياحية المنصوص عليها في الفقرة (أ) من المادة الأولى من القانون المذكور، إلا أن وزارة السياحة اشترطت عليه عدة شروط لمنح الترخيص، وهي أن يكون رأسمال الشركة 2 مليون جنيه، وأن يكون خطاب الضمان بقيمة أربع مئة ألف جنيه بدلا من عشرين ألفا، وأن يتبرع طالب الترخيص بمبلغ ستين ألف دولار أمريكي كمساهمة إجبارية في جهود التنشيط السياحي وعدم مزاولة أعمال الحج والعمرة خلال مدة الثلاث السنوات الأولى من تاريخ منح الترخيص، وأن هذه الاشتراطات مخالفة للقانون، وفيها إساءة لاستعمال السلطة.
……………………………………..
وبجلسة 26/6/2007 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وشيدت قضاءها على أن الثابت من مطالعة حافظة المستندات المقدمة من المدعى بصفته بقبول الطلب المقدم منه لإنشاء الشركة محل التداعي على وفق معايير المفاضلة المعتمدة من وزير السياحة بتاريخ 23/2/1997، وهي المعايير التي تضمنت قيدا على إنشاء شركات سياحية من النوع (أ)، ومنحها تصريحا مؤقتا لمدة ثلاث سنوات لحين تحقيق حجم أعمال يعادل ستة ملايين جنيه، دون سند من القانون رقم 38 لسنة 1977 المشار إليه، والذي حدد شروط إصدار الترخيص، وليس منها الاشتراطات التي وضعتها الجهة الإدارية، ومن ثم يتعين القضاء بإلغاء القرار السلبي الصادر عن وزارة السياحة بالامتناع عن الترخيص للمدعى بصفته بمباشرة نشاط السياحة العامة فقرة (أ).
……………………………………..
وحيث إن الطعن الماثل يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ وذلك لأن الثابت -وبإقرار المطعون ضده– أنه تقدم إلى جهة الإدارة بطلب ترخيص للشركة التي يمثلها لمزاولة نشاطها في مجال السياحة، غير أن الظروف والأوضاع الأمنية بطابا -على حد قوله- لم تكن في أحسن أحوالها، ومن ثم لم يستمر في إجراءات استصدار الترخيص، غير أنه عاد في 2006 وتقدم بطلب إلى وزير السياحة للموافقة على إعادة استكمال الأوراق الخاصة بالترخيص، وذلك بعد حفظ الأوراق لدى جهة الإدارة لعدم جديته في طلبه المقدم من قبل عام 2002، ونظرا إلى أن وزير السياحة -وعلى وفق السلطة التي منحه إياها القانون- سبق أن أصدر قراره رقم 519 لسنة 2005 بإيقاف قبول ترخيص شركات سياحية جديدة لمدة عام اعتبارا من 19/11/2005، فقد رفض طلب المطعون ضده، ومن ثم لم يمنح الترخيص المطالب به على وفق هذا السبب، وليس كما انتهى الحكم المطعون فيه بسبب عدم استيفاء معايير المفاضلة والتي ألغيت في 31/1/2005، ومن ثم يكون قرار جهة الإدارة في محله ولا مطعن عليه.
……………………………………..
وحيث إن المادة رقم (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، معدلا بالقانون رقم 118 لسنة 1983 تنص على أن: “تسرى أحكام هذا القانون على الشركات السياحية، ويقصد بالشركات السياحية الشركات التي تقوم بكل أو بعض الأعمال الآتية:
1- تنظيم رحلات سياحية جماعية أو فردية داخل مصر أو خارجها وفقا لبرامج معينة وتنفيذ ما يتصل بها من نقل وإقامة وما يلحق بها من خدمات0
2- بيع أو صرف تذاكر السفر وتيسير نقل الأمتعة وحجز الأماكن على وسائل النقل المختلفة، وكذلك الوكالة عن شركات الطيران والملاحة وشركات النقل الأخرى0
3- تشغيل وسائل النقل من برية وبحرية وجوية ونهرية لنقل السائحين0
ولوزير السياحة أن يضيف إلى تلك الأعمال أعمالا أخرى تتصل بالسياحة وخدمة السائحين”.
وتنص المادة رقم (2) منه على أن “تنقسم الشركات السياحية الخاضعة لأحكام هذا القانون بالنظر إلى طبيعة النشاط الذي تمارسه إلى:
(أ) شركات يرخص لها في مباشرة جميع الأعمال الواردة في البند 1 من المادة 1 المشار اليها0
(ب) شركات يرخص لها في مباشرة الأعمال الواردة في البند 2 من المادة 1 المشار اليها0
(ت) شركات يرخص لها في مباشرة الأعمال الواردة في البند 3 من المادة 1 المشار إليها”.
وتنص المادة رقم (3) على أنه “لا يجوز لأية شركة سياحية مزاولة الأعمال المنصوص عليها في هذا القانون إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من وزارة السياحة، وتحدد اللائحة التنفيذية قواعد وإجراءات ورسوم منح الترخيص على ألا تجاوز خمسمائة جنيه كما تحدد اللائحة المذكورة نموذج الترخيص. ولوزير السياحة أن يصدر قرارا بوقف قبول طلبات إنشاء شركات سياحية جديدة إذا رأت الوزارة في فترة من الفترات عدم حاجة البلاد إليها…”.
وتنص المادة (4) من القانون المذكور على أنه: “يشترط لمنح الترخيص المنصوص عليه في المادة 3:
(أ) أن تتخذ المنشأة طالبة الترخيص شكل الشركة وفقا لأحكام القوانين المعمول بها0
(ب) ألا يتضمن عقد الشركة المشهر أغراضا تجاوز تلك المنصوص عليها في هذا القانون0
(ج) أن تتخذ الشركة مقرا لها في جمهورية مصر العربية تتوفر فيه الشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية.
(د) أن يكون للشركة مدير عام مصري الجنسية وتحدد اللائحة التنفيذية الشروط اللازم توفرها فيه.
(ه ) ألا يقل رأس مال الشركة عن المبالغ الآتية :…”.
وتنص المادة رقم (7) من ذلك القانون على أنه: “لا يجوز التنازل عن الترخيص الصادر للشركة أو التغيير في نوعية نشاطها المسجلة به أو شكلها القانوني أو في الشركاء المسئولين بالنسبة لشركات الأشخاص إلا بموافقة وزير السياحة”.
وتنص المادة رقم (31) منه على أن: “يصدر وزير السياحة القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون”.
وحيث إنه يستفاد من النصوص السابقة أن المشرع حدد الشركات التي تطبق عليها أحكام القانون رقم 38 لسنة 1997 المشار إليه بأنها تلك التي تقوم بكل أو بعض الأعمال المنصوص عليها فيه، وتقسم هذه الشركات بحسب طبيعة النشاط الذي تمارسه إلى ثلاثة أنواع، وحظر على أية شركة سياحية مزاولة أي من الأعمال المنصوص عليها فيه إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من وزارة السياحة، كما حدد الشروط اللازم توفرها لمنح هذا الترخيص، وخول المشرع وزير السياحة سلطة تقديرية في إصدار قرار بوقف قبول طلبات إنشاء شركات سياحية جديدة إذا رأت الوزارة في فترة من الفترات عدم حاجة البلاد لها، سواء بسبب تزايد أعداد هذه الشركات، أو تغير اتجاهات الحركة السياحية الوافدة إلى البلاد، أو عدم كفاية المنشآت السياحية المؤهلة لاستيعاب مزيد من السياحة الوافدة، أو بسبب ظروف البلاد الأمنية غير القادرة على توفير المناخ الملائم للحركة السياحية، أو لغير ذلك مما تقدره الوزارة مبتغية فيه وجه المصلحة العامة للدولة، ولا يحد سلطتها التقديرية الواسعة في ذلك إلا قيد عدم إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها.
وحيث إن الثابت من الاطلاع على المستندات المقدمة من المطعون ضده أمام محكمة أول درجة أن الشركة محل التداعي (…) الكائن مقرها… تم إنشاؤها بموجب عقد تكوين شركة توصية بسيطة محرر في 1/2/2006، وأن عقد إيجار مقر الشركة المذكورة محرر في 7/1/2006، وتم قيدها في السجل التجاري بمحافظة الجيزة في 22/8/2006.
وحيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 19/11/2005 أصدر وزير السياحة قراره رقم 519 لسنة 2005 متضمنا وقف قبول طلبات إنشاء شركات سياحية بفئاتها المختلفة بصفة مؤقتة لمدة عام، وأن هذا القرار تجدد بالقرار الوزاري رقم 568 لسنة 2006 الصادر في 19/11/2006 ولمدة عام آخر ينتهي في 18/11/2007، وذلك بعد أن رأت الوزارة عدم حاجة البلاد إلى المزيد من الشركات السياحية بعد أن اكتظ سوق السياحة بعدد هائل منها، مما أدى إلى وجود مضاربة على الأسعار أساءت إلى سمعة السياحة المصرية وأثرت في نوعية الخدمة السياحية.
ولما كانت الشركة المطعون ضدها قد تم إنشاؤها في ظل الحظر المذكور والذي استمر حتى تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، ومن ثم يكون من المتيقن تقديم الشركة المطعون ضدها طلب الترخيص خلال فترة الحظر المذكورة، وإذ أشارت الجهة الإدارية الطاعنة إلى أن رفض طلب الترخيص تم بناء على تقديمه خلال فترة الحظر، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه بالامتناع عن السير في إجراءات ترخيص الشركة المطعون ضدها يكون قائما على سبب صحيح يبرره قانونا، مما تكون معه دعوى الشركة المطعون ضدها غير قائمة على سند من القانون خليقة بالرفض.
ولا ينال مما تقدم ما أثارته الشركة المطعون ضدها أمام محكمة أول درجة من أن الوزارة الطاعنة قد قامت بالسير في إجراءات ترخيص بعض الشركات السياحية خلال فترة الحظر المشار إليها وعلى وفق الموافقة الصادرة عن وزير السياحة في 18/5/2006؛ وذلك لأن هذه الموافقة لا تعد موافقة على الترخيص بصفة نهائية، بل تعد مجرد إجراءات تمهيدية قد تنتهي إلى إصدار الترخيص أو رفضه، وأنه على فرض صدور تراخيص لهذه الشركات خلال فترة الوقف المشار إليها فإنها تكون صادرة على سبيل الخطأ، والخطأ لا يقاس عليه، ولا يبرر الاستمرار في الخطأ.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير ذلك فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون حقيقا بالإلغاء، وبرفض الدعوى المبتدأة.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة رقم 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات.