جلسة 28 من مايو سنة 2013
الطعن رقم 2129 لسنة 46 القضائية (عليا)
(الدائرة الثالثة)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الحميد عبد اللطيف إبراهيم
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد عبد الراضي محمد حسن حماد وجمال يوسف زكي علي وعبد الفتاح السيد أحمد عبد العال الكاشف وسامح جمال وهبه.
نواب رئيس مجلس الدولة
ترخيص اللافتات الإعلانية- سلطة جهة الإدارة في تعديل الترخيص خلال فترة نفاذه- الترخيص الصادر باللافتة الإعلانية هو تصرف إداري مؤقت قابل للسحب أو التعديل في أي وقت طبقًا لمقتضيات المصلحة العامة أو الآداب العامة أو المعتقدات الدينية- يجوز للسلطة المختصة القائمة على منح التراخيص أن تطلب من أصحاب الشأن توفيق أوضاعهم الخاصة باللافتات الإعلانية في ضوء ما قد يُستجَد من قراراتٍ أو لوائح أثناء فترة سريان الترخيص يكون غايتُها تحقيق المصلحة العامة([1]).
– المواد أرقام (1) و(2) و(4) و(6) من القانون رقم 66 لسنة 1956 بشأن تنظيم الإعلانات.
– المادة رقم (7) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 66 لسنة 1956 المشار إليه، الصادرة بقرار وزير الشئون البلدية والقروية رقم 1692 لسنة 1958([2]).
سلطة الجهة الإدارية في إزالة الإعلانات المخالفة- أجاز المشرع لجهة الإدارة إزالة الإعلانات المخالفة في الحالات المنصوص عليها في القانون، من بينها أن يحدث الإشغال بدون ترخيص من الجهة الإدارية، ويكون من شأنه تعريض سلامة المنتفعين بالطريق والسكان للخطر، أو تشويه جمال المدينة وتنسيقها- لا صحة للقول بأن الإزالة في هذه المخالفات لا تملكها إلا المحكمة الجنائية.
– المواد أرقام (5) و(8) و(11) من القانون رقم 66 لسنة 1956 بشأن تنظيم الإعلانات.
– المادتان رقما (9) و(13) من قانون أشغال الطرق العامة رقم 140 لسنة 1956.
في يوم السبت 22/1/2000 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفاتهم سكرتارية المحكمة تقريرًا بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا (دائرة القليوبية) في الدعوى رقم 256 لسنة 1ق. بجلسة 23/11/1999، القاضي في منطوقه “بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار رقم 144 لسنة 1994 فيما تضمنه من إزالة الإعلان الخاص بمؤسسة المدعي، وما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الجهة الإدارية المصروفات”.
وطلب الطاعنون بصفاتهم -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبوله شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا، وبإلغاء قرار رئيس حي غرب شبرا الخيمة رقم 144 لسنة 1994 فيما تضمنه من إزالة الإعلان الذي قام المطعون ضده بوضعه بمدخل المؤسسة التجارية للاستيراد وأعمال النقل والتجارة إلغاءً مجردًا، وما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
ونظرته الدائرة السادسة فحص الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 29/9/2009 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة للاختصاص، والتي نظرته بجلساتها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 4/4/2012 قررت إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 19/6/2012، ونظرته المحكمة بتلك الجلسة وما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وأمامها قدم الحاضر عن الطاعنين بصفاتهم مذكرة دفاع، ثم قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 23/4/2013 ومذكرات في أسبوعين لمن يشاء بالإيداع، وقد انقضى هذا الأجل دون أن يقدم الخصوم شيئًا، ثم مُدَّ أجلُ النطق بالحكم لإتمام المداولة لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطاعنين بصفاتهم يطلبون الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وحيث إن الطعن استوفى جميع أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل -بحسب ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق والمستندات- في أنه بتاريخ 29/3/1994 أقام المدعي (المطعون ضده) الدعوى رقم 256 لسنة 1ق. أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا (دائرة القليوبية)، طالبًا الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس حي غرب شبرا الخيمة رقم 144 لسنة 1994 فيما تضمنه من إزالة الإعلان الخاص بمؤسسته التجارية بميدان المؤسسة العمالية، وما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر المدعي شرحًا لدعواه أنه يمتلك مؤسسة…، الكائنة بميدان المؤسسة العمالية أمام مجلس مدينة شبرا الخيمة، وقد قام بوضع لافتة بالاسم التجاري مضاءة بكشافات مسلطة عليها أعلى مدخل المؤسسة، وحصل على ترخيص في ذلك من مجلس مدينة شبرا الخيمة، ويقوم بسداد الرسوم والضرائب سنويا منذ أكثر من 15 عامًا، إلا أنه فُوجئ بقرار المدعى عليه الثاني بإزالة هذه اللافتة، ونعى المدعي على القرار الطعين صدوره مشوبًا بالبطلان؛ لعدم استناده للقانون، ولإهداره الحقوق الثابتة له وللتعسف، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه فاقدًا لسببه الصحيح في الواقع والقانون.
وقد تداولت المحكمة الشق العاجل من الدعوى على وفق ما هو ثابت بمحاضر الجلسات، وقدم الخصوم مذكراتهم ومستنداتهم، وبجلسة 12/12/1995 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها، وقد أودعت الهيئة تقريرًا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبرفضها موضوعًا، وإلزام المدعي المصروفات.
ونظرت المحكمة الدعوى بجلساتها، وبجلسة 23/11/1999 صدر الحكم المطعون فيه والمبين منطوقه سالفًا، وشيَّدت المحكمة قضاءها -بعد أن استعرضت نصوص المواد (الأولى) و(الثانية) و(الرابعة) و(الثامنة) و(الحادية عشرة) من القانون رقم 66 لسنة 1956 في شأن تنظيم الإعلانات- على أساس أن الثابت بالأوراق أن القرار المطعون فيه صدر متضمنًا إزالة الإعلان الذي قام المدعي بوضعه بمدخل المؤسسة التجارية للاستيراد وأعمال النقل والتجارة ملكه بميدان المؤسسة العمالية، والتي أطلق عليها القرار اسم مكتب نقل أحمد…، وذلك لعدم حصوله على ترخيص في ذلك من السلطة المختصة، كما ورد بمذكرة دفاع الجهة الإدارية، ولما كان هذا السبب والذي صدر القرار مُعتمِدًا على تحققه كواقعة مادية، لا يصلح سببًا لاستنهاض سلطة الجهة الإدارية بإصدار قرار بإزالة هذا الإعلان بالطريق الإداري؛ إذ لم يقم بموجب من موجبات تدخل الجهة الإدارية بهذا الطريق، بتحقق حالة من الحالات المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة (الثامنة) من القانون المشار إليه، وإن كان ذلك سببًا صالحًا بذاته لاتخاذ إجراءات محاكمته جنائيا، وإجراء الإزالة كعقوبةٍ تبعية متى صدر الحكم بذلك، وبناءً عليه يكون القرار المطعون فيه صادرًا عن غير مختص، مخالفًا لصحيح القانون، ويتعيَّن القضاءُ بإلغائه.
ولا يقدح في ذلك استناد مُصدِر القرار إلى أحكام القانون رقم 140 لسنة 1956 في شأن إشغال الطرق العامة، إذ خلت الأوراق مما يَبين معه أن الإعلان موضوع قرار الإزالة المطعون فيه يُمثل إشغالا للميدان الكائنة به مؤسسةُ المدعي أو للطريق العام، فضلا عن تبني القانون المشار إليه الأحكام ذاتها الخاصة بالإزالة قضاءً أو إداريا والمقرَّرة سالفًا على وفق مادتيه (13) و(14)، وخلصت المحكمة إلى القضاء بحكمها الطعين.
……………………………………………………………..
وحيث إن الجهة الإدارية لم ترتضِ حكم محكمة القضاء الإداري، فطعنت عليه بالطعن الماثل، وبنت طعنها على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لأن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده قام بوضع لافتة تحمل إعلانًا عن نشاطه بعرض متر وطول 16مترًا، مصنوعة من الخشب ومكتوبة بالنحاس، ومضاءة بكشافات مُسلَّطة عليها، وذلك بدون ترخيصٍ من الجهة الإدارية المختصة، وهذا الإعلان من شأنه تعريض سلامة المنتفعين بالطريق والسكان للخطر، كما من شأنه تشويه جمال المدينة وتنسيقها، فمن ثم يحق للجهة الإدارية إصدار قرارها الطعين بإزالة هذا الإعلان، ورغم ذلك صدر الحكم المطعون فيه مُهدِرًا كل ما تقدَّم، بما يجعله خليقًا بوقف التنفيذ ثم الإلغاء.
……………………………………………………………..
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 66 لسنة 1956 في شأن تنظيم الإعلانات تنص على أن: “يُقصَد بالإعلان في تطبيق أحكام هذا القانون أية وسيلةٍ أو تركيبة أو لوحة صُنِّعَت من الخشب أو المعدن أو الورق أو القماش أو البلاستيك أو الزجاج أو أية مادةٍ أخرى. وتكون مُعَدَّةً للعرض أو النشر بِقصد الإعلان بحيث تُشاهَد من الطريق أو بداخل أو خارج وسائل النقل العام”.
وتنص المادة (2) منه على أنه: “لا يجوز مباشرة الإعلان إلا بعد الحصول على ترخيصٍ في ذلك من السلطة المختصة… ويكون الترخيصُ شخصيا ونافذًا للمدة المحدَّدة فيه على ألا تجاوز سنة واحدة يجوز تجديدها… وتُبيِّن اللائحةُ التنفيذية شروطَ وأوضاع الإعلانِ والترخيصِ فيه ورسومَ منحِه وتجديدِه”.
وتنص المادة (4) منه على أن: “يُعفَى من الحصول على الترخيص: (أ) التركيبات أو اللوحات أو الوسائل غير المضيئة كهربائيا والموضوعة على المحال العامة أو التجارية أو الصناعية أو الملاهي أو الأماكن المعَدَّة لمزاولة إحدى المهن وذلك بقصد الإعلان عن العمل الذي يُزاوَل فيها على ألا يزيد ما يُوضَع أو يُباشَر منها على إعلانٍ واحد لكلِّ واجهةٍ مستقلة، وبشرطِ ألا تجاوز حدود المحل ولا تبرز عن واجهة البناء المثبتة به بأكثر من 20 سنتيمترًا، مع مراعاة ألاّ يقل ارتفاع حافتها السفلى عن ثلاثة أمتار من سطح الطريق إذا زاد هذا البروز عن 5 سنتيمترات. ويجوز وضعُ لوحةٍ أو لافتة أخرى حاملةً للاسم على أحد جوانب المداخل العمومية للمبنى وبشرط ألا تزيد أبعادها عن 30×40 سنتيمترًا ولا يجاوز بروزها 5 سنتيمترات…”.
وتنص المادة (5) من القانون المذكور على أن: “يُحظَر مباشرةُ الإعلان على:
(أ) المباني الأثرية ودور العبادة والأسوار المحيطة بها. (ب) أملاك الدولة العامة.
(ج) المباني أو أجزاء المباني التي تكون مُخصَّصةً لخدمةٍ عامة تباشرها الحكومة أو الهيئات العامة الإقليمية أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة. (د) النُّصُب والتماثيل المقامة على أرض مُخصَّصة للمنفعة العامة وقواعدها والمتنـزهات والأرصفة والأسوار المحيطة بها. (هـ) المنشآت والأعمدة والأجهزة وغيرها من التركيبات المخصَّصة لخدمةٍ عامة والمقامة على أرض مخصَّصة للمنفعة العامة.
ومع ذلك فللسلطة المختصة أن ترخِّص في مباشرة الإعلان على الأماكن المشار إليها في البندين (ب) و(هـ) طبقًا للشروط والأوضاع وبالرسوم التي يُعيِّنها الوزير المختص بقرارٍ يصدره”.
وتنص المادة (6) من القانون المذكور على أن: “للسلطة المختصة أن ترفض الترخيص في الإعلان لأسبابٍ تتعلق بمظهر المدينة أو تنسيقها أو بطابع المنطقة أو بتنظيم حركة المرور فيها أو بالأمن العام أو بالآداب أو بالعقائد الدينية”.
وتنص المادة (8) من القانون المذكور على أن: “كل من باشر إعلانًا أو تسبَّب في مباشرته بالمخالفة لهذا القانون والقرارات المنفِّذة له يُعاقَب بغرامةٍ لا تقل عن جنيه واحد ولا تجاوز عشرة جنيهات. وفي حالة تعدد الإعلانات المخالفة ولو كانت متماثلة تتعدد العقوبةُ بقدر عدد المخالفات. وفي جميع الأحوال يُقضَى بإزالة الإعلان وبإلزام المخالف رد الشيء إلى أصله، وأداء ضعف الرسوم المقرَّرة على الترخيص. فإذا لم يقم صاحبُ الشأن بتنفيذ الحكم الصادر بذلك في المدة التي تحدَّد لهذا الغرض جاز للسلطة المختصة إجراءُ هذه الأعمال على نفقته، ولا يجوز مطالبتُها بأيِّ تعويضٍ عن أيِّ تلفٍ يَلحَق الإعلانَ أو الأجهزةَ أو غيرها. ولصاحب الشأن خلال شهر من تاريخ إخطاره بحصول الإزالة أن يسترد الإعلان ومشتملاته بعد أدائه قيمة نفقات الإزالة وضعف الرسوم المقرَّرة على الترخيص. فإذا انقضَى هذا الميعاد جاز للسلطة المختصة بيعُ الإعلان ومشتملاته بالطريق الإداري وتحصيلُ المبالغ المستحَقة لها. وكلُّ إعلانٍ مخالفٌ للمادة (الخامسة) أو من شأنه إعاقة حركة المرور أو تعريض سلامة المنتفعين بالطريق أو السكان أو تعريض الممتلكات للخطر أو تشويه جمال المدينة أو تنسيقها أو المساس بالآداب العامة أو بالعقائد الدينية يجوز للسلطة المختصة إزالته فورًا بالطريق الإداري على نفقة المخالِف وتحصيل نفقات الإزالة بطريق الحجز الإداري”.
وتنص المادة (11) من القانون المذكور على أن: “لا يترتب على هذا القانون أيُّ إخلالٍ بتطبيق أحكام قوانين المباني والتنظيم وإشغال الطرق العامة والمحال الصناعية والتجارية”.
وتنص المادة (7) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 66 لسنة 1956 (المذكور سالفًا) الصادرة بقرار وزير الشئون البلدية والقروية رقم 1692 لسنة 1958 على أن: “يُؤدِي الطالبُ قبل الترخيص في الإعلان أو تجديده الرسوم الآتية:
(أ) رسم نظر قدره… (ب)… (ج)… (د)… (هـ)… وتُحدَّد مساحةُ الإعلان بالأبعاد الخارجية للوحات بما في ذلك الزخارف والإطارات…”.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الترخيص باللافتة الإعلانية مؤقتٌ بطبيعته، لأن المستفاد من أحكام المواد (1) و(2) و(6) من القانون رقم 66 لسنة 1956 في شأن تنظيم الإعلانات… أن الترخيص الصادر عن السلطة المختصة باللافتة الإعلانية هو تصرفٌ إداري يتمُّ بالقرار الصادر بمنحه، وهو بطبيعته تصرفٌ مؤقت قابل للسحب أو التعديل في أي وقت طبقًا لمقتضيات المصلحة العامة، لاسيما إذا تعلق الأمر بمظهر المدينة أو تنسيقها أو بطابع المنطقة أو بتنظيم حركة المرور فيها أو بالنظام العام أو بالآداب العامة أو بالعقائد الدينية، وبالتالي فإنه يجوز للسلطة المختصة القائمة على منح الترخيص أن تطلب من أصحاب الشأن توفيق أوضاعهم الخاصة باللافتات الإعلانية الخاصة بهم، وذلك في ضوء القرارات واللوائح التي تتعلق بنظافة المدينة ومظهرها وتجميلها والمحافظة على رونقها، والتي تصدر بعد صدور الترخيص، وفي فترة سريانه، ويكون غايتُها تحقيقَ المصلحة العامة. (المحكمة الإدارية العليا الطعن رقم 2181 لسنة 48ق.ع جلسة 21/12/2002).
وحيث إن المادة (9) من القانون رقم 140 لسنة 1956 بشأن إشغال الطرق العامة تنص على أن: “للسلطة المختصة وفقًا لمقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو الصحة أو حركة المرور أو الآداب العامة أو جمال تنسيق المدينة أن تصدر قرارًا بإلغاء الترخيص أو بإنقاص مدته أو المساحة المرخَّص في إشغالها، على أن ترد رسم الإشغال كله أو جزء منه بنسبة ما أُنْقِصَ من مدة الترخيص أو من مساحة الأشغال حسب الأحوال. وعلى المرخَّص له إزالة الإشغال في الأجل الذي تحدِّده السلطةُ المختصة، على ألا يقل هذا الأجل عن أربع وعشرين ساعة من وقت إبلاغه بالقرار المشار إليه بالطريق الإداري وإلا اتُبِعَت في شأنه أحكام المادة (13)”.
وحيث إن المادة (13) من القانون المذكور تنص على أنه: “إذا حدث إشغالٌ بغير ترخيصٍ جاز للسلطة المختصة إزالتُه بالطريق الإداري على نفقة المخالِف إذا كان هذا الإشغال مُخِلا بمقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو الصحة أو حركة المرور أو الآداب العامة أو جمال تنسيق المدينة، أو إذا كان المخالِف قد سبق الحكم عليه خلال سنة لمخالفة أحكام هذا القانون أو القرارات المنفِّذة له، وتُضبَط الأشياءُ الشاغلة للطريق وتُبيَّن مفرداتُها في محضر الضبط، ثم تُنقَل إلى محل تعدُّه السلطةُ المختصة لهذا الغرض”.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده قام بوضع لافتة تحمل إعلانًا عن نشاطه الذي يقوم به مُتضمِّنةً الاسم التجاري “…” مُضاءة بكشافاتٍ مُسلَّطة عليها للإضاءة ليلا أعلى مدخل المحل الكائن بميدان المؤسسة العمالية بشارع بورسعيد أمام مجلس مدينة شبرا الخيمة، وقد ذكرت الجهة الإدارية في تقرير طعنها الماثل أن تلك اللافتة بعرض متر وطول 16 مترًا، مصنوعة من الخشب ومكتوبة بالنحاس، ومضاءة بكشافات مُسلَّطة عليها، بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، وهذا الإعلان من شأنه تعرض سلامة المنتفعين بالطريق والسكان للخطر، كما أن من شأنه تشويه جمال المدينة وتنسيقها، بالمخالفة لأحكام القانون رقم 66 لسنة 1956 المشار إليه، ولم يقدم المطعون ضده ما يثبت مخالفة ما تقدم أمام محكمة أول درجة، وجاء دفاعه أقوالا مُرسَلة، بحسبان أن القرار يحمل على قرينة الصحة، وأن عبءَ الإثبات يقع أصلا على عاتق المدعي ما لم تقم موجبات نقله على الجهة الإدارية، والمدعي (المطعون ضده) لم يثبت حصوله على ترخيصٍ بتلك اللافتة أو عدم تعريضها المنتفعين بالطريق للخطر.
وإذ أصدر رئيس حي غرب شبرا الخيمة القرار رقم 144 لسنة 1994 متضمنًا إزالة تلك اللافتة مع 45 حالة أخرى، ما بين إعلانات وإشغالات طريق (بروز الواجهات والفترينات والإشغالات الخارجة عن المحلات)، ولما كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت مما يثبت حصول المطعون ضده على ترخيصٍ بتلك اللافتة، وبالتالي يكون هذا القرار قد صدر مستندًا إلى صحيح حكم القانون، وتضحى الدعوى بوقف تنفيذه وإلغائه مُفتَقِدَةً لسببِها القانوني، مُتعينًا رفضُها.
ولا يغير من ذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الإزالة لا تملكها إلا المحكمة الجنائية، فصريحُ نصِّ المادة (الثامنة) في فقرتها الأخيرة أجاز للجهة الإدارية سلطةَ الإزالة في الحالات المبينة بالنص، كما أن استناد القرار الطعين للقانون رقم 140 لسنة 1956 بشأن إشغال الطرق العامة، مرده أن القرار تضمن حالاتٍ أخرى لإشغالات الطريق على النحو المتقدم ذكره.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد صدر مخالفًا لصحيح حكم القانون، خليقًا بالإلغاء، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
([1]) راجع في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 21/12/2002 في الطعن رقم 2181 لسنة 48ق.عليا (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 48 مكتب فني- المبدأ رقم27 ص244).
([2]) هذا القرار ألغى القرار رقم 277 لسنة 1956 باللائحة التنفيذية القديمة للقانون المذكور.