جلسة 9 من فبراير سنة 2012
الطعن رقم 21854 لسنة 53 القضائية (عليا)
(الدائرة التاسعة)
– الحكم في الدعوى- الطعن في الأحكام- أثر إلغاء الحكم المطعون فيها فيما قضى به من عدم قبول الدعوى- إذا قضت محكمة الطعن بقبول الدعوى شكلا، فلها أن تتصدى للموضوع مادام أنه كان مهيأ للفصل فيه، دون حاجة إلى إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة.
– إنهاء خدمة- الاستقالة الضمنية بالانقطاع عن العمل- إعمال قرينة الاستقالة الضمنية مناطه الانقطاع عن العمل المدة المحددة قانونا، والتي تكشف عن اتجاه إرادة العامل إلى هجر الوظيفة، على أن يسبق إعمال حكم هذه القرينة إنذاره على الوجه الذي فصله القانون- إذا انتفت نية هجر الوظيفة والعزوف عنها، بأن كان الانقطاع لأسباب لا ترجع للعامل وخارجه عن إرادته، أو لم يتم إنذاره قبل إعمال مؤدى قرينة الاستقالة الضمنية على الوجه المقرر قانونا، تعذر إعمال تلك القرينة، وكان قرار إنهاء خدمته للانقطاع فاقدا لسببه.
– المادة (98) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978).
إنه في يوم الأحد الموافق 12/8/2007 أقيم الطعن الماثل بتقرير أودع سكرتارية المحكمة طعناً على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة العاشرة) بجلسة 25/6/2007 في الدعوى رقم 7547 لسنة 59 ق، القاضي بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد المقرر قانونا، وإلزام المدعية المصروفات.
وطلبت الطاعنة للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون عليه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقدم مفوض الدولة تقريرا بالرأي القانوني انتهى فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعنة بالمصروفات.
وأعلن الطعن على وفق الأوضاع المقررة قانونا. وجرى نظره أمام دائرة فحص الطعون المختصة التي قررت بجلستها المنعقدة في 23/9/2010 إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، حيث تدوول بجلساتها الثابتة بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 26/1/2012، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة بذات الجلسة لتغير التشكيل وإصدار الحكم آخر الجلسة، حيث صدر وأودعت مسودته.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر المنازعة موضوع الطعن الماثل تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 19/12/2004 أقامت الطاعنة (المدعية أصلا) الدعوى رقم 7547 لسنة 59ق بصحيفة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإداري (الدائرة العاشرة)، بغية الحكم لها بإعادتها إلى عملها من تاريخ الانقطاع، وحساب مدة الانقطاع عن العمل إجازة بأجر أو بدون أجر، وإحالتها إلى المعاش، وتسوية جميع مستحقاتها وإلزام جهة الإدارة المصروفات، وذلك على سند من القول بأنها تعمل موجه لغة إنجليزية بإدارة الوايلي التعليمية، وسافرت في غضون عام 1996 إلى أمريكا للعلاج على نفقتها الخاصة، وعاودها المرض في غضون شهر أغسطس 2001 مما أدى إلى انقطاعها عن العمل، ثم فوجئت بصدور القرار رقم 11 لسنة 2002 بإنهاء خدمتها للانقطاع دون أن يسبق ذلك إنذارها على الوجه المقرر قانونا، فتقدمت في نهاية شهر يوليو 2004 بطلب لجهة الإدارة لإعادتها إلى عملها، فرفضت طلبها، فأقامت دعواها الماثلة بعد اللجوء إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات المختصة للحكم لها بطلباتها المبينة آنفا.
…………………………………….
وجرى تداول الدعوى بجلسات محكمة القضاء الإداري (الدائرة العاشرة) الثابتة بالأوراق التي قضت –بعد أن أسبغت على طلبات المدعية تكييفا قانونيا مؤداه أنها تهدف إلى إلغاء القرار رقم 11 لسنة 2002 فيما تضمنه من إنهاء خدمتها للانقطاع عن العمل، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعادتها إلى عملها– بعدم قبول الدعوى شكلا؛ لرفعها بعد الميعاد المقرر قانونا، وإلزام المدعية المصروفات، وشيدت قضاءها على أسباب حاصلها أن ميعاد رفع الدعوى طبقا للمادة (24) من قانون مجلس الدولة ستون يوما من تاريخ نشر القرار أو العلم به، وأن المدعية علمت بالقرار المطعون فيه بتاريخ 26/2/2002، إلا أنها لم تقم دعواها إلا في 19/12/2004 بعد الميعاد المقرر قانونا لإقامة الدعوى.
…………………………………….
وحيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه جاء مجحفا بحقوقها؛ ذلك أنه لم يتم إعلانها بقرار إنهاء خدمتها، وتقدمت في نهاية يوليو 2004 فور العلم به بطلب إلى جهة الإدارة لإعادتها إلى عملها، ثم لجأت إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات المختصة في 2/8/2004 بالطلب رقم 1316 لسنة 2004 لإلغاء القرار المطعون عليه، فأوصت في 27/10/2004 بإلغائه، فأقامت دعواها في 19/12/2004 طعنا على القرار نفسه، ومن ثم فإن الدعوى تكون قد أقيمت في الميعاد القانوني، كما أن قرار إنهاء خدمتها صدر على خلاف أحكام المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة؛ لعدم توجيه إنذار قانوني لها قبل صدور القرار.
…………………………………….
وحيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن ميعاد دعوى الإلغاء المنصوص عليه في المادة (24) من قانون مجلس الدولة لا يجري تطبيقه في حق صاحب الشأن إلا من تاريخ إعلانه بالقرار أو علمه اليقيني به، وإذ خلت الأوراق التي طوي عليها ملف الطعن رغم طول أمد المنازعة التي بدأت منذ 19/12/2004 مما يفيد إعلان الطاعنة بالقرار المطعون فيه أو علمها اليقيني به قبل 31/7/2004 (تاريخ الطلب الذي تقدمت به إلى جهة الإدارة لإعادتها إلى عملها)، فإنه وقد ثبت لجوئها بعد ذلك إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات المختصة، ثم إقامتها دعواها في غضون الشهرين التاليين لصدور توصيتها في 27/10/2004، فإن الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه تكون قد أقيمت بمراعاة المواعيد القانونية المقررة لدعوى الإلغاء، ويعزز هذا النظر أن جهة الإدارة نكلت طوال مرحلة التقاضي عن إيداع قرار إنهاء الخدمة المطعون فيه وما سبقه من إنذارات، أو تقديم تاريخ الإعلان أو العلم به، رغم تكرار التأجيل في مراحل التقاضي المختلفة لهذا السبب، وتوقيع غرامة مالية عليها.
ولا يغير من النظر ما جاء في عريضة الدعوى أو الطلب المقدم لجهة الإدارة على لسان المدعية (الطاعنة) من أنها فوجئت بالقرار المطعون فيه في 26/2/2002، فقد أوردت الطاعنة في تقرير الطعن أن هذا هو تاريخ صدور القرار المطعون فيه، وليس تاريخ العلم به الذي لم يتحقق إلا في غضون عام 2004، وأجدبت الأوراق مما يدحض ذلك أو ينفيه، بل إن ظاهر الأوراق يدعمه ويسانده، ذلك أن الثابت بالأوراق أن الطاعنة كانت تحتاج العلاج بمستشفى الهرم التابع لوزارة الصحة في الفترة من 23/8/2001 إلى 30/3/2002 لإزالة أورام سرطانية بالغدة النخامية.
وحيث إنه متى ثبت ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى بعدم قبول دعوى الطاعنة شكلا لرفعها بعد الميعاد يكون قد خالف صحيح حكم القانون، بما يتعين معه القضاء بإلغائه، والحكم مجددا بقبول الدعوى رقم 7547 لسنة 59ق.
– وحيث إن قضاء هذه المحكمة يجري على أن المحكمة إذا قضت بقبول الدعوى شكلا، فلها أن تتصدى للموضوع مادام أنه كان مهيأ للفصل فيه دون حاجة إلى إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة.
– وحيث إن مقتضى حكم المادة (98) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978) أن إعمال قرينة الاستقالة الضمنية مناطه الانقطاع عن العمل المدة المذكورة في هذا النص، والتي تكشف عن اتجاه إرادة العامل إلى هجر الوظيفة، وأن يسبق إعمال حكم هذه القرينة إنذاره على الوجه الذي فصلته هذه المادة، فإذا انتفت نية هجر الوظيفة والعزوف عنها بأن كان الانقطاع لأسباب لا ترجع للعامل وخارجه عن إرادته، أو لم يتم إنذاره قبل إعمال مؤدى قرينة الاستقالة الضمنية على الوجه المقرر قانونا، تعذر تطبيق هذا النص، ومن ثم فإذا أنهيت خدمة العامل وكشفت الأوراق عن أن انقطاعه كان بعذر ولسبب لا يعود إلى اختياره ومحض إرادته، أو تم ذلك قبل أن يسبقه إنذار قانوني، غدا قرار إنهاء الخدمة للانقطاع فاقدا لسببه مجردا عن مشروعيته خليقا بإلغائه.
وحيث إنه على هدي ما تقدم، فإنه متى كان الثابت بالأوراق أن الطاعنة كانت خلال فترة الانقطاع تحت العلاج من ورم سرطاني، بما يكشف عن أن انقطاعها لم يكن وليد رغبة في ترك الوظيفة، كما خلت الأوراق مما يفيد أنه قد سبق صدور قرار إنهاء الخدمة للانقطاع توجيه إنذار لها على النحو المرسوم قانونا، فإن قرار إنهاء خدمة الطاعنة رقم 11 لسنة 2002 للانقطاع يكون معيبا ومجردا عن سبب صحيح يكفي لحمله، ومخالفا لإجراءات وأوضاع صدوره، مما يتحتم معه القضاء بإلغاء هذا القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعادة تسوية معاش الطاعنة ومستحقاتها باعتبار أن خدمتها متصلة حتى بلوغ سن الإحالة إلى المعاش.
وحيث إنه عن المصروفات، فتلزم بها جهة الإدارة عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء قرار جهة الإدارة المطعون ضدها رقم 11 لسنة 2002 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعنة للانقطاع، مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو الموضح في الأسباب، وألزمت جهة الإدارة المصروفات.