جلسة 22 من مايو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبدالمقصود فرحات.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وسامى أحمد محمد الضباغ، وعبدالله عامر إبراهيم، وحسونة توفيق حسونة.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين محمد صابر.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 2217 لسنة 48 قضائية عليا
ـ جامعة الأزهر ـ شئون الطلاب ـ شروط القبول بالكليات ـ تخصيص كليات للبنين وأخرى للبنات ـ مناط إعمال مبدأ المساواة.
المادتان (18)، (40) من الدستور .
القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التى يشملها ـ ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الجمهورى رقم 250 لسنة 1975.
خوَّل المشرع المجلس الأعلى للأزهر رسم السياسة التعليمية التى تسير عليها جامعة الأزهر وتحديد عدد الطلاب الذين يتعين قبولهم كل عام دراسى بناءً على اقتراح مجلس الجامعة بعد أخذ رأى مجالس الكليات على أن يكون القبول بترتيب درجات النجاح مع استيفاء الشروط الأخرى ــ لمجلس الجامعة تحديد شروط قبول الطلاب وتناول القانون واللائحة تحديد نوعيات الكليات بالجامعة ومن بينها فرع الجامعة للبنات ــ وبذلك يكون المشرع قد خصص فرعًا مستقلاً لكليات البنين وآخر لكليات البنات وأجاز وضع قواعد للكل وفق إمكانيات كل كلية ــ مؤدى ذلك ــ إذا كان مجموع الدرجات يبقى الأساس الحاكم للالتحاق بالكليات فإن التنافس على شغل المقاعد بها يظل فى نطاق كل فرع على استقلال وفقًا لإمكانياته ــ هذا لايخل بمفهوم مبدأ المساواة بين المواطنين باعتباره حقًا دستورياً لأن المساواة هى مساواة قانونية ويستطيع المشرع بسلطته التقديرية وضع الشروط الموضوعية التى تتحدد بها المراكز القانونية التى يتساوى بها الأفراد أمام القانون ــ بحيث إذا توافرت هذه الشروط فى طائفة من الأفراد وجب إعمال المساواة بينهم لتماثل ظروفهم ومراكزهم القانونية ـ مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق لا يعنى أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تباين فى مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة ــ التمييز المنهى عنه ذلك الذى يكون تحكميًا ـ أساس ذلك: أن كل تشريع لا يعتبر مقصوداً لذاته بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها فى إطار المصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء التنظيم ــ تطبيق.
إنه فى يوم الأربعاء الموافق 2/1/2002 أودع الأستاذ/ عبدالوهاب عربى المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن المذكور فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 23/12/2001 فى الدعوى رقم 507 لسنة 56 ق. والذى قضى فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم قبول نجلات المدعين بكلية الصيدلة جامعه الأزهر بالقاهرة فى العام الجامعى 2001/2002 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المدعى عليها المصروفات، وطلب الطاعن ــ للأسباب المبينة بتقرير الطعن ــ تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفه مستعجلة ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات وأتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وتم إعلان الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلب تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
تدوول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة فحص إلى أن قررت بجلسة 19/2/2002 إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 13/3/2002 وتنفيذاً لذلك ورد الطعن إلى المحكمة وتدوول نظره أمامها إلى أن قررت بجلسة 17/4/2002 إصدار الحكم بجلسة 15/5/2002 ومذكرات فى أسبوع وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن المطعون ضدهم قد أقاموا الدعوى رقم 507/56ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة ـ الدائرة الثانية ـ بتاريخ 11/10/2001 طلبوا فيها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس جامعة الأزهر برفض قبول نجلاتهم بكلية الصيدلة جامعه الأزهر للعام الجامعى 2001/2002، مع ما يترتب على ذلك من آثار وذلك على سند من القول بأن نجلاتهم حصلن على شهادة إتمام الدراسة الثانوية الأزهرية القسم العلمى علوم نظام قديم أربع سنوات بمجموع 621 درجة لنجلة المدعية الأولى (رانيا) 619 درجة لنجلة المدعى الثانى (رحاب) 621.5 لنجلة المدعى الثالث (هناء) عن مجموع الدرجات الكلى 650درجة ثم تقدموا بأوراقهم إلى مكتب تنسيق القبول بجامعة الأزهر ودونت رغباتهم الأولى الالتحاق بكلية الصيدلة إلا أنه فوجئوا بتاريخ 4/10/2001 بإعلان نتيجة التنسيق التى فرقت بين البنين والبنات فى درجات الالتحاق بالكلية المذكورة فبينما تم توزيع الطلاب نظام قديم أربع سنوات بمجموع 613 درجة على تلك الكلية تم توزيع الطالبات بمجموع 630 درجة مما يترتب عليه حرمان نجلات المدعيين من الالتحاق بالكلية طبقاً لرغبتهم الأولى فى هذا المخالفة لنص المادة 18 من الدستور التى تنص على أن التعليم حق تكفله الدولة والمادة 40 التى تقضى بأن المواطنين لدى القانون سواء لا تفرقة بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، كما أن القرار خالف أحكام القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التى يشملها وكذا لائحته التنفيذية حيث لا يجوز لقاعدة تنظيمية بلائحة أو قرار أن تخل بهذا الحق بالنسبة لأصحاب المراكز القانونية المتماثلة لتعلق ذلك بالنظام العام واختتم المدعون عريضة طعنهم بطلباتهم ـ سالفه الذكر.
وبجلسة / /2001 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بوقف القرار المطعون بعدم قبول نجلات المدعيين بكلية الصيدلة جامعة الأزهر بالقاهرة، وألزمت الجامعة المدعى عليها المصروفات وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أنه لا يجوز أن يقام بين أصحاب المراكز القانونية الواحدة تمييزاً غير مبرر فى شأن إعمال قواعد موحدة فى مجال التعليم استناداً إلى الجنس فضلاً عن أنه بتأبى مع قواعد الشريعة الإسلامية العزاء فإنه يتعارض مع التطور الراهن للحقوق الأساسية للإنسان فاختيار الطالب للدراسة المناسبة له فى ضوء القواعد المقررة هو حق يأبى التفرقة بين الجنسين خاصة أن ما يبرره به كمانع يزول بعد التخرج بالاندماج فى موقع عمل واحد، وأضافت المحكمة أنها وهى بصدد وزن القرار المطعون فيه بميزان
المشروعية ـ وفى ضوء الظاهر من الأوراق ـ فإنها ترى فيما اتخذته الجهة الإدارية من مبرر لإصدارها قرارها بقيام التعليم فى الأزهر الشريف على الفصل التام بين الإناث والذكور وهو ما يترتب عليه بحكم اللزوم تنافس الإناث الحاصلات على شهادة إتمام الدراسة الثانوية الأزهرية نظام الأربع سنوات فيما بينهن فى الفرع المخصص لهن دون ذلك المقرر للبنين، ذلك لأن هذا الاعتبار لا يجوز أن يكون مبررًا للتفرقة بين أصحاب المراكز القانونية التى تتحد، ووفق شروط موضوعية واحدة يتكافأ فيها الذكور مع الإناث، فضلاً عن أن القانون رقم 103 لسنة 1961 ولائحته التنفيذية لم يرد بهما مع عساه أن يكون سنداً للمغايرة أو انتقاضًا لمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين الجميع.
وخلصت المحكمة من ذلك إلى أنه فى ضوء ماتقدم يكون القرار الطعين صدر مخالفًا للقانون مشوباً بعيب عدم الاختصاص حيث لا يجوز للمجلس الأعلى الأزهر أن يفوض رئيس الجامعة فى مباشرة اختصاصه مما يجعل القرار مرجح الإلغاء، ومن ثَمَّ يتحقق ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه إلى جانب توافر ركن الاستعجال القائم على حدوث نتائج يتعذر تداركها فيما لو تم التنفيذ وذلك بحرمان الطالبة من الكلية التى يؤهلها لها مجموعها وانتظامها بالدراسة بها مما يمس مستقبلها التعليمى. وإذ لم يلق الحكم المطعون فيه قبولاً من جانب الجامعة المدعى عليها فقد طعنت عليه بطعنها الماثل على سند من مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتفسيره وتأويله، ذلك لأن الحكم أقام قضاءه على أمرين اتخذهما أساسًا لما انتهى إليه أولهما: عدم جواز التفويض الصادر من المجلس الأعلى للأزهر لرئيس الجامعة إذا اعتبر الحكم ما نصت عليه المادة (96) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 والتى نص على أن “تحدد مجالس الكليات المختلفة عدد الطلاب المصريين الذين يمكن قبولهم فى العام الدراسى التالى من بين الحاصلين على شهادة الثانوية الأزهرية أو الشهادات المعادلة….. اختصاصًا محجوزاً للمجلس المذكور لا يجوز أن يجرى عليه أحكام التفويض، بينما أن المادة (48) من القانون خوَّلت مجلس الجامعة حق النظر فى شروط قبول الطلاب وهى من العموم بحيث تتسع لكافة أوضاع القبول بمختلف نواحيه ولا يحد من هذا الاختصاص نص صدر بأداة أدنى وهى القرار الجمهورى الصادر باللائحة التنفيذية للقانون المذكور لأن القاعدة الأصولية تقوم على أن القاعدة الأدنى فى التدرج التشريعى يجب ألا تخالف القاعدة الأعلى. مما يؤيد هذا النهج ويسايره ما أفتت به الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بالفتوى رقم86/2/179 بجلسة 16/5/1984 من أن مجلس جامعة الأزهر هو صاحب الاختصاص الأصيل فيما يتصل بإدارة شئون الجامعة، أما فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر فولايته فى هذه الشئون مقصورة على ما ورد بنصوص صريحة فى القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن تنظيم الأزهر والهيئات التى يشملها، وتعتبر قرارات مجلس جامعة الأزهر فى حدود الاختصاصات المنوطة به غير مرتبطة بتصديق سلطة أخرى فهى قرارات باتة ونهائية يتم تنفيذها بقرار من رئيسه.
الأمر الثانى: هو أن الحكم أقام قضاءه على أساس أن المختص بتحديد أعداد قبول الطلاب هو المجلس الأعلى للأزهر مغايرًا فى ذلك لأنه وإن كان نص المادة (99) من اللائحة التنفيذية ناط بالمجلس الأعلى أن يحدد فى نهاية كل عام دراسى بناءً على اقتراح مجلس الجامعة بعد أخذ رأى مجلس الكليات المختلفة عدد الطلاب المصريين الذين يمكن قبولهم فى العام الدراسى التالى …. فإن تحديد العدد فى الأصل يقوم به مجلس الجامعة ودور المجلس الأعلى للأزهر مجرد تصديق كاشف لواقع مقرر من جانب مجلس الجامعة يضاف إلى ذلك أن أمر التفويض فى حالة التسليم باحتجاز هذا الاختصاص للمجلس الأعلى للأزهر هو أمر جائز إذ خلا القانون رقم 103 لسنة 1961 ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الجمهورى رقم 250 لسنة 1975 من أى نص ـ يمنح التفويض ومن ثَمَّ يكون أمر هذه الحالة محكوماً بما نص عليه قانون الهيئات العامة رقم 61 لسنة 1963 الذى ينص من مادته (7/5) على أنه “يجوز لمجلس الإدارة أن يعهد إلى لجنة من بين أعضائه أو إلى رئيس المجلس أو مدير الهيئة ببعض اختصاصاته. كما يجوز للمجلس تفويض أحد أعضائه أو أحد المديرين فى القيام بمهمة محددة. ولما كان مدير جامعة الأزهر هو أحد أعضاء المجلس الأعلى للأزهر فمن ثَمَّ يكون تفويضه فى أحد اختصاصات المجلس أمرًا جائزًا. حيث إن الأزهر يعتبر هيئة عامة فى مفهوم القانون رقم 61 لسنة 1963 المشار إليه طبقاً لما خلص إليه إفتاء الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع فى هذا الشأن.
وذكر الطاعن بأن مبدأ المساواة فى القبول بين الطلبة والطالبات الذى تضمّنه الحكم وعبَّر بأنه لايجوز أن يقام بين أصحاب المراكز القانونية تـميز غير مبرر فى شأن إعمال قواعد موحدة فى مجال التعليم، فذلك مردود عليه بأن المحكمة الدستورية العليا فى معرض تطبيقاتها لحكم المادة (40) من الدستور جرى قضاؤها على أن المساواة التى تعنيها هذه المادة ليست مساواة حسابية بل هى مساواة قانونية رهينة بشروطها الموضوعية التى ترد فى أساسها لطبيعة الحق الذى يكون محلاً لها وما تقتضيه ممارسته من متطلبات، ذلك أن المشرع يملك بسلطته التقديرية ولمقتضيات الصالح العام وضع شروط موضوعية تتحدد بها المراكز القانونية التى يتساوى بها الأفراد أمام القانون. حيث إذا توافرت هذه الشروط فى طائفة من الأفراد أمام القانون يتعين المساواة بينهم لتماثل مراكزهم القانونية وإن اختلفت هذه المراكز وتوافرت فى البعض دون البعض الآخر انتفى مناط التسوية بينهم. ولما كانت المراكز غير متماثلة فى الحالة المعروضة، فإنه لا يجوز الاستناد لمبدأ المساواة كتبرير للنيل من صحة القرار الطعين، ذلك لأن لكل من الطلبة والطلبات كليات بذاتها تمثل وحدة مستقلة ولكل إمكانياتها وأساتذتها ووحداتها والمدن الجامعية التى تحتويها ومن ثَمَّ فلم يكن هناك تنسيق واحد لهما معا منذ إنشاء هذه الكليات، وإنما جرى الواقع على تنسيق للطلبة وتنسيق للطالبات ولكل جنس حق التنافس على مقاعد الكليات المخصصة لكليهما على انفراد.
واختتمت الجامعة عريضة طعنها بأن الحكم الطعين خالف أحكامًا أخرى صدرت من محكمة القضاء الإدارى مقررة مبدأ الفصل فى الالتحاق بجامعة الأزهر بين البنين والبنات وأن لكل فرع كلياته المستقلة بقواعدها وفقًا لطبيعة الدراسة والإمكانيات المتاحة، ومن ثَمَّ يكون الاختلاف فى الحد الأدنى للقبول بالنسبة لهما أمرًا واردًا يحكمه عدد المقاعد المحددة فى كل كلية للجنسين.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن ولاية محاكم مجلس الدولة فى وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من ولايتها فى الإلغاء وفرع منها ومردها إلى الرقابة القانونية التى بسطها القضاء الإدارى على أساس وزنه بميزان القانون وزنًا مناطه مبدأ المشروعية إذ يتعين على القضاء الإدارى ألا يوقف قرارًا إداريًا إلاَّ إذا تبين له ـ بحسب الظاهر من الأوراق ودون مساس بأصل الحق ـ أن طلب وقف التنفيذ توافر فيه ركنان:
أولهما: ركن الجدية ويتمثل فى قيام الطعن فى القرار على أسباب جدية من حيث الواقع والقانون تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع. ثانيهما: ركن الاستعجال بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لوقضى بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة (18) من الدستور تنص على أن “التعليم حق تكفله الدولة”. وتنص المادة (40) على أن “المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة …….”.
وتنص المادة (2) من القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التى تشملها على أن “الأزهر هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التى تقوم على حفظ التراث الإسلامى ودراسته ونشره وتحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب ……..”. وتنص المادة (8) على أنه “يشمل الأزهر الهيئات الآتية:1 ـ المجلس الأعلى للأزهر. 2ـ مجمع البحوث الإسلامية. 3 ـ ادارة الثقافة والبحوث الإسلامية. 4 ـ جامعة الأزهر. 5 ـ المعاهد الأزهرية.
وتنص المادة التاسعة على أن “يكون للأزهر مجلس يسمى المجلس الأعلى للأزهر ويتكون على النحو الآتى: شيخ الأزهر وله رئاسته ـ وكيل الأزهر ـ رئيس جامعة الأزهر ـ نواب رئيس جامعة الأزهر…….”.
كما تنص المادة (10) على أن “يختص المجلس الأعلى للأزهر بالنظر فى الأمور الآتية:
1ـ ……………….. 2 ـ رسم السياسات التعليمية التى تسير عليها جامعة الأزهر والمعاهد الأزهرية…3ـ ……………….. 4 ـ اقتراح إنشاء الكليات والمعاهد الأزهرية والأقسام التعليمية”.
وتنص المادة (34) على أن “تتكون جامعة الأزهر من الكليات والمعاهد الآتية:
أـ الكليات….. كلية الطب….. كلية البنات الإسلامية…. ب ـ المعاهد…. ويجوز إنشاء كليات أخرى أو معاهد عالية بقرار من رئيس الجمهورية”.
وتنص المادة (39) من ذات القانون على أن “يتولى إدارة جامعة الأزهر: (1) رئيس جامعة الأزهر. (2) مجلس الجامعـــة”.
وتقضى المادة (48) بأن “يختص مجلس جامعة الأزهر بالنظر فى الأمور الآتية: ……
4 ـ شروط قبول الطلاب”.
ومن حيث إنه صدر القرار الجمهورى رقم 250 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 المنظمة لاختصاص المجلس الأعلى للأزهر فيما يتعلق بالشئون الطلابية واختصاصات جامعة الأزهر وإدارتها بالنسبة للشئون التعليمية والطلابية وما أدخل عليها من تعديلات منها ما جاء فى القرار الجمهورى رقم 175/1994 من استبدال عبارة “كلية البنات الإسلامية” أينما وردت فى اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 بعبارة “فرع جامعة الأزهر للبنات بالقاهرة” وما نصت عليه المادة الثانية من ذات القرار من استبدال نص المادتين 289، 299 من اللائحة التنفيذية بالنصين الآتيين:
مادة (289) “يمنح مجلس جامعة الأزهر بناءً على طلب مجالس كليات فرع جامعة الأزهر للبنات الدرجات العلمية الآتية وفقاً لما تبينه اللائحة الداخلية لكل كلية…. 5 ـ كليه الطب…. ثَمَّ أضاف القرار الجمهورى رقم 88 لسنه1998 إلى هذا البند وكلية طب الأسنان”.
ومن حيث إن المادة (111) من ذات اللائحة تنص على أن “تتكون جامعة الأزهر من الكليات والمعاهد الآتية: (1) كلية أصول الدين …. (11) فرع جامعة الأزهر للبنات بالقاهرة”. وتنص المادة (196) على أن “يحدد المجلس الأعلى للأزهر فى نهاية كل عام دراسى بناءً على اقتراح مجلس الجامعة بعد أخذ رأى مجالس الكليات المختلفة عدد الطلاب المصريين الذين يمكن قبولهم فى العام الدراسى التالى من بين الحاصلين على شهادة الثانوية الأزهرية
أو الشهادات المعادلة لها ….”.
وتنص المادة (197) على أن “…… ويكون القبول بترتيب درجات النجاح وفقًا لما يقرره المجلس الأعلى للأزهر بعد أخذ رأى مجلس الجامعة ومجالس الكليات”.
كما تنص المادة (299) على أن “تكون مدة الدراسة والشروط اللازمة لنيل أىَّ من الدرجات العلمية من كليات فرع جامعة الأزهر للبنات وفقًا لما يأتى:……………..”.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أن المشرع خوَّل المجلس الأعلى للأزهر رسم السياسة التعليمية التى تسير عليها جامعة الأزهر وأسندت اللائحة التنفيذية له تحديد عدد الطلاب الذين يتعين قبولهم كل عام دراسى بناءً على اقتراح مجلس الجامعة بعد أخذ رأى مجالس الكليات على أن يكون القبول بترتيب درجات النجاح مع استيفاء الشروط الأخرى.
كما أعطى المشرع لمجلس الكلية سلطة تحديد شروط قبول الطلاب، وتناول القانون واللائحة تحديد نوعيات الكليات بالجامعة ومن بينها فرع الجامعة للبنات. وأجازت اللائحة التنفيذية إنشاء فروع أخرى تضم ذات النوعية من الكليات على أن يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية. كما تضمنت تحديد الدرجات العلمية التى يمنحها مجلس الجامعة لفرع الجامعة للبنات وشروطها وفق تنظيم قانون خاص،ولذلك يكون المشرع قد خصص فرعاً مستقلاً لكليات البنين وأخرى لكليات البنات وأجاز وضع قواعد لكلٍّ وفق إمكانيات كل كلية، وعلى ذلك فإذا كان مجموع الدرجات يبقى الأساس الحاكم للالتحاق بالكليات، فإن التنافس على شغل المقاعد بها يظل فى نطاق كل فرع على استقلال وفقاً لإمكانياته.
وهذا لا يخل ـ فى حد ذاته ـ بمفهوم المساواة بين المواطنين باعتباره حقًا دستوريًا لأن المساواة ـ على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ هى مساواة قانونية ويستطيع المشرع بسلطته التقديرية وضع الشروط الموضوعية التى تحدد بها المراكز القانونية التى يتساوى بها الأفراد أمام القانون بحيث إذا توافرت هذه الشروط فى طائفة من الأفراد وجب إعمال المساواة بينهم لتماثل ظروفهم ومراكزهم القانونية أما إذا اختلفت هذه الظروف بأن توافرت الشروط فى بعض الأفراد دون البعض الأخر انتفى مناط التسوية بينهم وكان لمن توافرت فيهم الشروط دون سواهم أن يمارسوا الحقوق التى كفلها القانون لهم. كما أن المحكمة الدستورية العليا قضت بأن مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق لايعنى أن ـ تعامل فئاتهم على ما بينهم من تباين فى مراكزهم القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لايقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها ذلك لأن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوى ـ بالتالى على مخالفة لنص المادة (40) المشار إليها بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها ذلك الذى يكون تحكميًا وأساس ذلك أن كل تشريع لا يعتبر مقصوداً لذاته بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها فى إطار المصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان مركز الطالب أو الطالبة من الحاصلين على الثانوية الأزهرية فى الالتحاق بجامعة الأزهر وبكلية معينة تنشأ من أحكام القانون ذاتها متمثلاً فى القواعد العامة التى تضمنها ومن أحكام اللائحة التنفيذية ثم مايصدر عن المجلس الأعلى للأزهر من قواعد تنظيمية وهى لا تخرج عن تلك الواردة بالقانون واللائحة ويجرى تطبيقها على جميع المخاطبين بها فعلى ذلك يكون ما جاء بقرار المجلس الأعلى للأزهر من تحديد لعدد الطلاب الذين سيجرى قبولهم فى العام الدراسى التالى وعدد من سيلحق بكل كلية مرجع تقديره فى الأصل إلى تحديد من مجلس الكلية طبقًا للإمكانيات وما يتراءى لمجلس الجامعة الذى يرأسه رئيس الجامعة ومن ثَمَّ فلا تنازع فى الاختصاص بينها، إذ إن أمر تحديد العدد ينبع من مشاركة الجميع فى رسم السياسة التعليمية والتنسيق بينها باعتبارها مؤسسة علمية واحدة.
ومن حيث إن المجلس الأعلى للأزهر قرر بجلسة (140) فى 9/5/2001 تفويض رئيس الجامعة فى تحديد أعداد الطلاب والطالبات المقبولين بكليات الجامعة بنين وبنات فى العام الجامعى 2001/2002 على ضوء الأعداد التى قبلتها كليات الجامعة فى العام الماضى مع زيادتها لمواجهة الدفعة المزدوجة مع مراعاة الناحية الفنية بالزيادة أوالنقصان وأن يكون القبول بكلية الطب بنين ـ بالقاهرة ودمياط وأسيوط والطب والصيدلة للبنات بالقاهرة خارج نطاق التوزيع الجغرافى. وقد أردف ذلك مذكرة رئيس الجامعة المؤرخة 5/9/2001 التى عُرضت على فضيلة شيخ الأزهر والتى تضمنت توزيع أعداد المقبولين على الشهادتين (قديم وحديث) بنسبة عدد المتقدمين من الفرقتين واعتمد فضيلته هذا التوزيع فى 8/9/2001.
ومن حيث إنه وإن كان المجلس الأعلى للأزهر قد اختص بالنظر فى السياسة التعليمية التى تسير عليها جامعة الأزهر وفقًا للمادة (10) من القانون رقم 103 لسنة 1961 فإن المادة (196) من اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بالقرار الجمهورى رقم 251 لسنة 1975 هى التى ناطت به تحديد عدد الطلاب المصريين الذين يمكن قبولهم فى نهاية كل عام دراسى بناءً على اقتراح مجلس الجامعة بعد أخذ رأى مجالس الكليات المختلفة وأن المادة (48) من القانون هى التى منحت حق تحديد شروط قبول الطلاب لمجلس الجامعة. وخوَّلت المادة (42) لرئيسها إدارة شئون الجامعة العلمية والإدارية والمالية وجعلته المسئول عن تنفيذ القرارات واللوائح بها وقرارات مجلس الجامعة فى حدود هذه القوانين واللوائح، وعلى ذلك يكون أمر تحديد عدد الطلاب أو شروط القبول وإن كان مما يندرج فى رسم السياسة التعليمية التى يشارك فيها المجلس الأعلى للأزهر ومجلس الجامعة فإن تحديد الأعداد يظل مرده إلى حكم اللائحة التنفيذية للقانون التى ناطت به للمجلس الأعلى ومن ثَمَّ فلا يجوز التذرع فى هذا الخصوص للنيل من مشروعية القرار الصادر من رئيس الجامعة بأنه صدر من سلطة غير مختصة على الرغم من أن القانون لم يمنح المجلس الأعلى للأزهر حق التفويض فيه، فذلك مردود بأنه مع مسايرة الأخذ بهذا النظر فإن المسألة تعتبر سكوتًا عن حكمها، ومن ثَمَّ يتعين الالتماس فى شأنها بما نص عليه قانون الهيئات العامة 103/1961 القاضى بأنه يجوز لمجلس إدارة الهيئة أن يعهد إلى لجنة من بين أعضائه أو إلى رئيس المجلس أو مدير الهيئة ببعض اختصاصاته. كما يجوز للمجلس تفويض أحد أعضائه أو أحد المديرين فى القيام بمهمة محددة، مما يفيد بأنه يجوز قانوناً أن يفوض المجلس الأعلى للأزهر فضيلة شيخ الأزهر فى بعض اختصاصاته وكذلك أحد أعضائه.
ولما كان رئيس جامعة الأزهر هو أحد أعضاء المجلس الأعلى للأزهر فمن ثَمَّ يكون التفويض الصادر له بالجلسة رقم 140 فى 9/5/2001 بشأن تحديد أعداد المقبولين من الطلبة فى العام الدراسى 2001/2002 صحيحاً لا مطعن عليه يضاف إلى ذلك أن رئيس الجامعة عندما قام بتحديد هذه الأعداد فإنه أطلع شيخ الأزهر عليها بصفته رئيسًا للمجلس، وقد أعتمد فضيلته ذلك فى 18/9/2001.
وإذا كان التحديد على النحو السابق ترتب عليه وجود مغايرة فى الحد الذى وصل إليه القبول بين كليات البنين والبنات فإن مرد ذلك أن المشرع خصص فرعًا يضم كليات للبنين وآخر يضم كليات البنات وجعل التنافس فى شغل المقاعد فيها بالنسبة لكل فرع على استقلال وهذا ما يبدو واضحًا من نص المادة (111) من اللائحة التنفيذية حين نصت على أن “تتكون جامعة الأزهر من الكليات والمعاهد الآتيه: ـ فرع جامعة الأزهر للبنات بالقاهرة …….. ويجوز إنشاء فروع للجامعة تضم كل أو بعض هذه الكليات خارج مدينة القاهرة …….”.
وما نصت عليه المادة (298) من أن “يمنح مجلس جامعة الأزهر بناءً على طلب مجالس كليات فروع جامعة الازهر للبنات الدرجات العلمية الآتية وفقاً لما تبينه اللائحة الداخلية لكل ـ كلية………. خامسًا: كلية الطب ….. ثانيًا: كلية الصيدلة وما قضت المادة (299) من ذات اللائحة بأن “تكون مدة الدراسة والشروط اللازمة لنيل أى من الدرجات العلمية من كليات فرع جامعة الأزهر للبنات وفقًا لما يأتى:………………”.
ومن ثَمَّ فلا يوجد إخلال بمبدأ المساواة طبقًا للمفهوم الذى أرسته هذه المحكمة والمحكمة الدستورية على النحو السابق بيانه وذلك لاختلاف ظروف عملية القبول بالنسبة لكليات البنين عن كليات البنات بسبب قيام النظامين على قاعدة الفصل الكامل بينهما فى الدراسة واستقلال كل فرع بأساتذته وأماكن الدراسة والمعامل والأدوات واختلاف الإمكانيات مما يؤثر بالتالى على عدد المقبولين وعلى ذلك يكون القرار الطعين صحيحًا من تحديد أعداد للقبول بكلية الصيدلة بنين عن الصيدلة بنات رغم ما أسفر عنه من اختلاف الحد الأدنى فى مجموع الدرجات بالنسبة للمقبولين.
ومن حيث إنه لا وجه لهذا النعى سواء ما كان مؤسسًا على صدور القرار من غير مختص وانعدام صحة التفويض أو الإخلال بمبدأ المساواة وإهدار مبدأ تكافؤ الفرص على نحو ماسبق مما يجعل طلب وقف تنفيذ القرار محل الطعن قد افتقد ـ بحسب الظاهر من الأوراق ـ ركن الجدية ومن ثَمَّ يكون متعينًا القضاء برفضه.
وإذ انتهى قضاء الحكم الطعين لغير ذلك فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون متعين الإلغاء والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدها مصروفات الطعن عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضدها المصروفات.