جلسة 30 من نوفمبر سنة 2010
الطعن رقم 22367 لسنة 53 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)
تنفيذه– الخطأ العقدي– هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد أيا كان السبب فى ذلك– يكون للسلطة المختصة حالتئذ الحق في فسخ العقد، أو سحب العمل من المتعاقد والتنفيذ على حسابه– التنفيذ على الحساب هو من قبيل التنفيذ العيني، وبمقتضاه تقوم الإدارة بنفسها وعلى حساب المتعاقد معها وتحت مسئوليته المالية بتنفيذ العقد دون أن تلجأ فى ذلك إلى القضاء– لا يعتبر التنفيذ على الحساب عقوبة عقدية، لكنه إجراء تستهدف به الإدارة حسن سير المرفق العام([1]).
-المادتان (147) و (148) من القانون المدني.
-المواد (23) و (25) و (26) من قانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم (89) لسنة 1998.
-المواد (74) و (78) و (82) و (83) و (84) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون، الصادرة بقرار وزير المالية رقم (1367) لسنة 1998.
تنفيذه– حق الجهة الإدارية في تعديل العقد أثناء تنفيذه أو إنهائه بإرادتها المنفردة– ضوابط ممارسة هذا الحق– ترد على سلطة التعديل قيود معينة تقتضيها ضرورة التوفيق بين المصلحة العامة والمصالح الفردية، وما يترتب على التعديل من أعباء جديدة تقع على عاتق المتعاقد– يتعين أن تكون هذه الأعباء في الحدود الطبيعية والمعقولة من حيث نوعها وأهميتها، بحيث لا تتجاوز الإمكانات الفنية والمالية للمتعاقد، أو يكون من شأنها أن تقلب اقتصاديات العقد.
تنفيذه– نظرية الظروف الطارئة– تحرير سعر صرف العملة يعد ظرفا اقتصاديا طارئا– يقتضي هذا من طرفي التعاقد التساند والمشاركة للتغلب على ما يعترض تنفيذ العقد من صعوبات– يجب على جهة الإدارة مشاركة المتعاقد معها فى تحمل نصيبه من الخسارة التى حاقت به مدة قيام الظرف الطارئ– هذا رهين بألايكون تأخير تنفيذ الأعمال بعد تاريخ تحرير سعر الصرف لسبب يرجع إلى المتعاقد.
قرارا رئيس مجلس الوزراء رقما 1864 لسنة 2003 و229 لسنة 2004.
فى يوم السبت الموافق 18/8/2007 أودع الأستاذ/… المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن، قيد بجدولها برقم 22367 لسنة 53 ق عليا فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإدارى بقنا (الدائرة الأولى) بجلسة 28/6/2007 فى الدعوى رقم 3291 لسنة 11ق، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقريرالطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بكافه أجزائه، والقضاء مجددا:
1– بفسخ التعاقد المبرم بين الطاعن وجهة الإدارة والخاص بإنشاء 114 وحدة سكنية ضمن مشروع مبارك للشباب (موقع رقم 5 بمدينة الغردقة).
2– بأحقية الطاعن فى صرف التعويض المناسب له عن عملية إنشاء 95 وحدة سكنية بالموقع رقم 2 بمدينة القصير نظيرما أصابه من أضرار وخسارة فادحة، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وأودع الطاعن رفق عريضة الطعن حافظتي مستندات طويت كل منهما على المستندات المعلاة على غلافها، وأعلنت عريضة الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الطلب الأول موضوعا، وفى الطلب الثانى بإلزام جهة الإدارة تعويض الطاعن عن الأضرار التى لحقت به فى عملية إنشاء 95 وحدة سكنية بمدينة القصير –على النحو المبين بالأسباب–، مع إلزام الطاعن والإدارة المصروفات مناصفة عن درجتي التقاضي.
ونظر الطعن أمام هذه المحكمة –بعد إحالته إليها من الدائرة الثالثة (فحص)– على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 19/10/2010 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– فى أنه بتاريخ 28/5/2003 أقام الطاعن الدعوى رقم 3291 لسنة 11ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بقنا، طالبا الحكم بقبولها شكلا، وفى الموضوع:
1 – بفسخ التعاقد المبرم بينه وبين الجهة الإدارية والخاص بإنشاء 114 وحدة سكنية ضمن مشروع مبارك للشباب (موقع رقم 5 بمدينة الغردقة)؛ نتيجة الظروف القهرية التى لحقت بالمشروع، وأصبح معها تنفيذ العقد فيه إرهاق شديد وإجحاف صارخ للطاعن.
2 – أحقية الطاعن فى التعويض عما لحقه من أضرار وخسارة فادحة بالنسبة لعملية إنشاء 95 وحدة سكنية بالقصير (موقع رقم 2)؛ نظرا لتحرير سعر الصرف.
وقال شرحا لدعواه: إنه بمقتضى مناقصة عامة تعاقد مع مديرية الإسكان بالبحر الأحمر فى 4/7/2001 على تنفيذ العمليتين الآتيتين:
(الأولى) إنشاء 114 وحدة سكنية ضمن مشروع مبارك للشباب بمدينة الغردقة (موقع رقم 5) بقيمة إجمالية مقدارها 4949317 جنيها فى مدة تنفيذ مقدارها عشرون شهرا من تاريخ تسلم الموقع.
(الثانية) إنشاء 95 وحدة سكنية ضمن مشروع مبارك للشباب بمدينة القصير (موقع رقم 2) بقيمة إجمالية مقدارها 3934017 جنيها فى مدة تنفيذ مقدارها ثمانية عشر شهرا من تاريخ تسلم الموقع.
وقد تعرض عند التنفيذ للعديد من المعوقات، حيث تم تغيير موقع العملية الأولى، وترتب على ذلك تغيير فى الجسات نظرا لتغير طبيعة التربة وتغيير الرسوم الهندسية لتلائم طبيعة الموقع الجديد، وهو ما أدى إلى تعطيله عن العمل رغم قيامه بتشوين المواد والمعدات اللازمة لبدء العمل، مما ترتب عليه تلف الكثير منها، كما توقف العمل بالموقع الجديد بعد تسلمه لمدة 73 يوما بناءً على أمر جهة الإدارة لحين استكمال الجسات والرسوم الهندسية بمعرفة المهندس الاستشاري، وهو ما أصاب المدعي بأضرار جسيمة، إضافة إلى ما لحقه من خسارة نتيجة الزيادة فى أسعار مواد البناء (الحديد – الأسمنت – الأخشاب) نتيجة القرارات الاقتصادية التي صدرت بتحرير سعر صرف الدولار، الأمر الذى حداه على إقامة دعواه طالبا الحكم له بطلباته سالفة البيان.
…………………………………………………………………………………
وبجلسة 28/6/2007 حكمت محكمة القضاء الإدارى بقنا (الدائرة الأولى) بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا، وألزمت المدعي المصروفات.
وأقامت قضاءها على أن حقيقة طلب المدعي الأول هو الحكم بإلغاء قرار جهة الإدارة رقم 167 لسنة 2003 فيما تضمنه من سحب العملية الخاصة بإنشاء 114 وحدة سكنية ضمن مشروع مبارك للشباب (موقع رقم 5) بمدينة الغردقة، واستعرضت المحكمة أحكام المادتين 147و 148 من القانون المدني، والمادتين 23 و 25 من القانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن المناقصات والمزايدات، والمواد 82 و 83 و 84 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون، وانتهت إلى أن الثابت أنه بتاريخ 4/7/2001 تعاقدت جهة الإدارة مع المدعي على إنشاء 114 وحدة سكنية بمدينة الغردقة (الموقع رقم 5) ضمن مشروع مبارك للإسكان بقيمة إجمالية مقدارها 4949317 جنيها خلال مدة تنفيذ مقدارها 20 شهرا، وقد تسلم الموقع بتاريخ 8/7/2001، وتم تعديل الموقع وتسلمه فى 21/11/2001 ليكون ميعاد انتهاء الأعمال فى 20/7/2003، وبدأ المدعي فى تنفيذ الأعمال إلا أنه توقف بعد فترة عن العمل مما حدا جهة الإدارة على إنذاره أكثر من مرة لاستئناف العمل، ومنها كتابها رقم 1753 فى 15/10/2002 دون جدوى، ثم صدر القرار المطعون فيه، وإذ صدر هذا القرار مستنداً إلى صحيح أسبابه من الواقع والقانون فإنه يكون بمنأى عن الإلغاء ويغدو طلب المدعي بإلغائه فاقداً ما يبرره خليقا بالرفض.
وبالنسبة لطلب المدعي تعويضه عن الأضرار التى لحقته من جراء عملية إنشاء 95 وحدة سكنية بمدينة القصير (موقع رقم 2) نتيجة تحرير سعر الصرف وزيادة الأسعار أقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت أن المدعى تعاقد على إنشاء هذه الوحدات السكنية بقيمة إجمالية مقدارها 3934017 جنيها خلال مدة تنفيذ مقدارها 18 شهرا، وأثناء التنفيذ تم تحرير سعر الصرف مما أدى إلى زيادة أسعار مواد البناء والمواد الأولية، إلا أنه استنادا إلى حكم المادة 84 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات وما انتهت إليه الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع فى هذا الشأن لا ينهض للمدعي حق في تقاضي أي مبالغ زيادة أو تعويضات مهما كانت خسارته أو تكبده مصروفات إضافية، حتى لو بلغت هذه الزيادة حدا يجعل تنفيذ العقد عسيرا، ومن ثم يكون طلب المدعي غير قائم على سند صحيح من القانون خليقا بالرفض.
…………………………………………………………………………………
ومن حيث إن أسباب الطعن الماثل تتحصل فى أن الحكم المطعون فيه صدر مشوبا بعيوب الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع؛ ذلك أن الثابت أن الطاعن قد أسند إليه تنفيذ إنشاء 114 وحدة سكنية بالموقع رقم 5 بمدينة الغردقة وتم تسليم الموقع فى 28/7/2001، إلا أنه فوجئ أن الموقع لا يصلح لإقامة المبانى عليه، فأخطر جهة الإدارة بذلك فى 29/7/2001 التى قامت بتخصيص موقع آخر وتسليمه له فى 21/11/2001، وباشر الطاعن التنفيذ وأقام الهياكل الخرسانية طبقا للمواصفات، وأتم أعمال التشطيبات المطلوبة على وفق المراحل الزمنية المتفق عليها، إلا أن الخطأ كان راجعا لجهة الإدارة، حيث قامت بتغيير موقع تنفيذ الأعمال، ثم أصدرت قرارها بوقف الأعمال، كذلك خاطب الطاعن جهة الإدارة فى 5/6/2002 لإرسال مهندس فنى لتسلم أعمال النجارة، مما يعني أنه فى هذا التاريخ كان قد أنهى كافة الأعمال المكلف بها، ثم أصدرت جهة الإدارة قرارا فى 20/8/2003 بمد ميعاد إنهاء الأعمال حتى 13/2/2004، ومع ذلك قامت بإصدار قرار سحب الأعمال من الطاعن وإسنادها إلى مقاول آخر فى 5/8/2003، الأمر الذي يقطع بتخبط الإدارة فى قراراتها، ويُثبِت الخطأ فى جانبها، ومع التسليم فرضا بعدم إتمام الأعمال النهائية كاملة فإن ذلك مرجعه –بالإضافة إلى خطأ جهة الإدارة– إلى صدور قرار رئيس مجلس الوزراء فى 29/1/2003 بتحرير سعر صرف الجنيه المصري، وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، ويعد من قبيل الظروف الطارئة التى بات معها تنفيذ العقد كاملا أمرا مستحيلا، ويكون العقد المبرم بين الطاعن وجهة الإدارة مفسوخا من تلقاء نفسه بقوة القانون.
وقد ورد بالحكم المطعون فيه أن الطاعن تسلم الموقع فى 8/7/2001 فى حين أن التسليم الفعلى الثابت بالمستندات تم فى 28/7/2001، كما صدر قرار بمد مهلة الأعمال لتكون فى 13/2/2004 وليس فى 20/7/2003، كما فات على الحكم الطعين أن جهة الإدارة أصدرت قرارها فى 27/1/2002 بوقف الأعمال لحين صدور تعليمات أخرى، وأن الطاعن قد خاطب جهة الإدارة لإرسال مهندس مختص لتسلم أعمال النجارة فى 5/6/2002، كما تقدم فى 3/6/2002 بمستخلص لصرف مستحقاته ولم يتم صرفها إلا فى 17/6/2002، الأمر الذى يصم الحكم المطعون فيه بالفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب.
وأضاف الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد استند فى رفض طلب التعويض عن الأضرار التى لحقت به بسبب تنفيذ عملية إنشاء 95 وحدة سكنية بالموقع رقم 2 بمدينة القصير إلى المادة 84 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 89 لسنة 1998 رغم خلو الأوراق من أي مستند يفيد إخلاله بالتزاماته العقدية، وكان يتعين على الجهة الإدارية أن تقوم بتشكيل لجنة فنية لحصر الأعمال التى تمت، ومقارنتها بالجدول الزمنى المتفق عليه، وتقدير مدى مطابقتها للأوصاف والرسومات المتفق عليها، وتقديم ذلك للمحكمة لتراقب سلامة هذه الإجراءات من عدمه، حتى يمكن القول بأحقية الجهة الإدارية فى اتخاذ التدابير المنصوص عليها فى المادة 84 المشار إليها، بل الثابت أن الجهة الإدارية هى التى أخلت بالتزاماتها العقدية، حيث أخطرت الطاعن فى 13/11/2001 بإلغاء بنود تنفيذ الخزانات الأرضية والمواتير بعد قيامه بتنفيذها، كما قامت بتاريخ 7/4/2002 بتعديل بنود المقايسة بإضافة بعض الأعمال إليها لم تكن واردة بالمقايسة الأصلية، وبتاريخ 6/7/2002 أخطرت الطاعن بوقف أعمال تصنيع الطوب الأسمنتى وألزمته بتوريد الطوب من مصانع معتمدة واعتماد العينات بمعرفتها قبل بدء العمل، كما أخطرته فى 5/5/2003 بالالتزام بتسليم الوحدات كاملة التشطيب على خلاف عقد المقاولة، ورغم ذلك كله استمر الطاعن فى تنفيذ العقد، وبلغ ما تم تنفيذه ما يقرب من 75% من الأعمال، إلا أنه فوجئ بصدور القرار رقم 163 لسنة 2004 بسحب الأعمال منه دون سندٍ من القانون.
وقد أودع الطاعن بجلسة 26/5/2005 مذكرة طلب فيها ندب خبير لتحقيق أسباب التوقف القهرى الخارجة عن إرادته، وحصر الأعمال التى تم تنفيذها، وبيان مدى اتفاق ما تم تنفيذه مع الجدول الزمنى المحدد لذلك من عدمه، وما إذا كان هناك قصور من جانب الجهة الإدارية أو من جانبه أدى إلى عدم التنفيذ، وبيان أسباب عدم صرف مستحقاته المالية، وفروق تكلفة تنفيذ العقد فى ضوء القرارات المالية الخاصة بتحرير سعر الصرف لبيان ما إذا كان التنفيذ قد أصبح مستحيلا من عدمه، إلا أن الحكم المطعون فيه قد التفت عن ذلك، الأمر الذى يصمه بعيب الإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب، ومازال الطاعن متمسكا بهذا الطلب لتحقيق دفاعه.
واختتم الطاعن صحيفة طعنه طالبا الحكم له بطلباته سالفة البيان.
…………………………………………………………………………………
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب الطاعن الحكم بفسخ العقد المبرم بينه وبين الجهة الإدارية بشأن إنشاء 114 وحدة سكنية بمشروع مبارك للشباب (موقع رقم 5) بمدينة الغردقة، فإن المادة 147 من القانون المدنى تنص على أن: “العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون، ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن فى الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلا صار مرهقا للمدين، بحيث يهدده بخسارةٍ فادحة جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك”.
وتنص المادة رقم 148 من ذات القانون على أنه: “يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية”.
وتنص المادة (23) من قانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم (89) لسنة 1998 على أنه:”إذا تأخر المتعاقد فى تنفيذ العقد عن الميعاد المحدد له جاز للسلطة المختصة لدواعي المصلحة العامة إعطاء المتعاقد مهلة إضافية لإتمام التنفيذ، على أن توقع عليه غرامة عن مدة التأخير طبقا للأسس وبالنسب وفى الحدود التى تبينها اللائحة التنفيذية…
وتوقع الغرامة بمجرد حصول التأخير دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو اتخاذ أي إجراء آخر…
ولا يُخِل توقيع الغرامة بحق الجهة الإدارية فى الرجوع على المتعاقد بكامل التعويض المستحق عما أصابها من أضرار بسبب التأخير.
وفى حالة الادعاء بإخلال الجهة الإدارية بالتزاماتها الواردة بالعقد بخطأ منها يكون للمتعاقد الحق فى اللجوء للقضاء للمطالبة بتعويضه عما يكون قد لحقه من ضرر نتيجة لذلك….”.
وتنص المادة (25) من ذات القانون على أنه: “يجوز للجهة الإدارية فسخ العقد أو تنفيذه على حساب المتعاقد إذا أخل بأي شرط من شروطه.
ويكون الفسخ أو التنفيذ على حساب المتعاقد بقرار من السلطة المختصة يُعلَن للمتعاقد بكتاب موصى عليه بعلم الوصول على عنوانه المبين فى العقد”.
وتنص المادة (26) من القانون المشار إليه على أنه: “فى جميع حالات فسخ العقد وكذا فى حالة تنفيذه على حساب المتعاقد يصبح التأمين النهائى من حق الجهة الإدارية، كما يكون لها أن تخصم ما تستحقه من غرامات وقيمة كل خسارة تلحق بها من أية مبالغ مستحقة أو تستحق للمتعاقد لديها، وفى حالة عدم كفايتها تلجأ إلى خصمها من مستحقاته لدى أية جهة إدارية أخرى، أيا كان سبب الاستحقاق، دون حاجة إلى اتخاذ أية إجراءات قضائية، وذلك كله مع عدم الإخلال بحقها فى الرجوع عليه بما لم تتمكن من استيفائه من حقوق بالطريق الإداري”.
وتنص المادة (74) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 89 لسنة 1998 المشار إليه على أن:”…. وتبدأ المدة المحددة لتنفيذ عقود الأعمال من التاريخ الذى يسلم فيه الموقع للمقاول خاليا من الموانع إلا إذا اتفق على خلاف ذلك…. ويعتبر هذا التاريخ موعدا لبدء تنفيذ العمل”.
وتنص المادة (78) من ذات اللائحة على أنه: “يحق للجهة الإدارية تعديل كميات أو حجم عقودها بالزيادة أو النقص فى حدود 25% بالنسبة لكل بند بذات الشروط والأسعار، دون أن يكون للمتعاقد مع هذه الجهات الحق فى المطالبة بأي تعويض عن ذلك.
ويجوز فى حالات الضرورة الطارئة وبموافقة المتعاقد تجاوز النسبة الواردة بالفقرة السابقة.
ويجب فى جميع حالات تعديل العقد الحصول على موافقة السلطة المختصة ووجود الاعتماد المالي اللازم، وأن يصدر التعديل خلال فترة سريان العقد، وألا يؤثر ذلك على أولوية المتعاقد فى ترتيب عطائه….”.
وتنص المادة (82) من اللائحة التنفيذية المشار إليها على أن: “المقادير والأوزان الواردة بجداول الفئات هي مقادير وأوزان تقريبية قابلة للزيادة أو النقص تبعا لطبيعة العملية، والغرض منها هو بيان مقدار العمل بصفة عامة، والمبالغ التى تسدد للمقاول تكون على أساس الكميات التى تنفذ فعلا، سواء أكانت تلك الكميات أقل أم أكثر من الواردة بالمقايسة أو الرسومات، وسواء نشأت الزيادة أو العجز عن خطأ فى حساب المقايسة الابتدائية، أوعن تغييرات أدخلت فى العمل طبقاً لأحكام العقد…
ويعتبر المقاول مسئولا عن التحري بنفسه عن صحة المقادير والأوزان، وتُعتَبر كل فئة من الفئات المدرجة بجدول الفئات مُلزِمة للمقاول أثناء العقد وغير قابلة لإعادة النظر لأي سبب، ولا يكون للمقاول حق طلب مبالغ زيادة أوتعويضات مهما كانت خسارته أو تكبده مصروفات إضافية…”.
وتنص المادة (83) من ذات اللائحة التنفيذية على أن: “يلتزم المقاول بإنهاء الأعمال موضوع التعاقد بحيث تكون صالحة تماما للتسليم المؤقت فى المواعيد المحددة، فإذا تأخر جاز للسلطة المختصة إذا اقتضت المصلحة العامة إعطاءه مهلة إضافية لإتمام التنفيذ، على أن توقع عليه غرامة تأخير اعتبارا من بداية هذه المهلة إلى أن يتم التسليم الابتدائى…، وتوقع الغرامة بمجرد حصول التأخير دون حاجةٍ إلى تنبيهٍ أو إنذار، أواتخاذ أي إجراء آخر….
ولا يُخِلُّ توقيع الغرامة بحق الجهة الإدارية فى الرجوع على المتعاقد بكامل التعويض عما أصابها من أضرارٍ بسبب التأخير”.
وتنص المادة (84) من اللائحة التنفيذية سالف الإشارة إليها على أنه: “إذا أخل المقاول بأي شرط من شروط العقد أو أهملَ أو أغفلَ القيام بأحد التزاماته المقررة، ولم يُصلِح أثر ذلك خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إنذاره بكتاب موصى عليه بعلم الوصول على عنوانه المبين بالعقد بالقيام بإجراء هذا الإصلاح، كان للسلطة المختصة الحق فى اتخاذ أحد الإجراءين التاليين وفقاً لما تقتضيه المصلحة العامة:
أ – فسخ العقد.
ب – سحبُ العملِ من المقاولِ وتنفيذُه على حسابِه بذات الشروط والمواصفات المعلن عنها والمتعاقد عليها، وذلك بأحد طرق التعاقد المقررة بقانون تنظيم المناقصات والمزايدات والأحكام الواردة بهذه اللائحة….، على أنه فى حالة فسخ العقد أو تنفيذه على حساب المقاول يصبح التأمين النهائى من حق الجهة الإدارية، كما يكون لها أن تَخصم ما تستحقه من غرامات وقيمة كل خسارة تلحق بها –بما فى ذلك فروق الأسعار والمصاريف– من أي مبالغ مستحقة أو تُستَحَقُّ للمتعاقِد لديها، وفى حالة عدم كفايتها تلجأ إلى خَصمِها من مستحقاته لدى أية جهة إدارية أخرى، أيا كان سبب الاستحقاق، دون حاجةٍ إلى اتخاذ أي إجراءات قضائية، وذلك كله مع عدم الإخلال بحقها فى الرجوع عليه بما لم تتمكن من استيفائه من حقوق بالطريق الإداري”.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم –وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة– أن المشرع قد استَنَّ أصلا من أصول القانون ينطبق على العقود الإدارية والمدنية على السواء، مقتضاه أن العقدَ شريعة المتعاقدين، بحيث تقوم قواعدُه مقامَ قواعد القانون بالنسبة لطرفيه، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون، وأن العقود الإدارية شأنها شأن العقود المدنية يجب تنفيذها بما اشتملت عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وأن عقد المقاولة –شأنه شأن جميع العقود الإدارية– يمتازُ عن العقودِ المدنيةِ بطابعٍ خاصٍ مناطه احتياجات المرفق الذى يستهدف العقد الإدارى تسييره أو سد حاجته، وتغليب وجه المصلحة العامة على المصلحة الفردية الخاصة، فبينما تكون مصالح الطرفين فى العقود المدنية متوازنة ومتساوية فإنها تكون فى العقود الإدارية غير متكافئة، وهذه الفكرة هى مصدر الأصل المقرر فى العقود الإدارية، وهو أنه لا يجوز للمتعاقد مع الجهة الإدارية أن يتقاعس أو يتراخى فى تنفيذ التزاماته إذا تأخرت هذه الجهة فى تنفيذ التزاماتها المقابلة؛ لأن العقد الإداري يتجافى فى طبيعته مع الدفع بعدم التنفيذ، وإن كان يجوز للطرفين أن يتفقا على زيادة مدة التنفيذ بقدر ما تأخرت الجهة الإدارية فى تنفيذ التزاماتها.
كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن المشرع –مراعاة لظروف تنفيذ العقد وعلى وَفق ما تقتضيه المصلحة العامة– قرر للجهة الإدارية الحق فى تعديل كميات أو حجم عقودها بالزيادة أو النقصان فى حدود 25% بالنسبة لكل بند بذات الشروط والأسعار، دون أن يكون للمتعاقد معها الحق فى المطالبة بأي تعويض عن ذلك، ومنح الحق للجهة الإدارية –فى حالات الضرورة الطارئة– أن تتجاوز فى تعديل كميات أو حجم عقودها نسبة الـ 25% المنصوص عليها، شريطة موافقة المتعاقد معها، وأن يصدر التعديل فى كل الأحوال خلال فترة سريان العقد وبموافقة السلطة المختصة وتوافر الاعتماد المالى اللازم، وألا يؤثر ذلك على أولوية المتعاقد فى ترتيب عطائِه.
وقد ألزم المشرع المقاول أن يتحرى بنفسه طبيعة الأعمال وعمل كل ما يلزم لذلك من اختبارات للتأكد من صلاحية المواصفات والرسومات والتصميمات المعتمدة، وأن يخطر الجهة الإدارية فى الوقت المناسب بملاحظاته عليها، ويكون مسئولا تبعا لذلك عن صحة وسلامة جميع ما ورد بها كما لو كانت مقدمة منه، وقد وضع المشرع قاعدة عامة مُؤَدَّاها أن المقادير والأوزان الواردة بجداول الفئات هي مقادير وموازين تقريبية تقبل الزيادة والنقصان تبعاً لطبيعة العملية موضوع التعاقد، وأن الغرض منها هو بيان مقدار العمل بصفةٍ عامةٍ وعلى نحوٍ تقريبي، إذ من المتعذر أن يتم تحديد حجمها بدقة مسبقاً بالنظر إلى ما يفرضه سير العمل من ظروف، وأن المبالغ التى تسدد للمقاول تكون على أساس الكميات التى تنفذ فعلا، سواء كانت تلك الكميات أقل أم أكثر مما هو وارد بالمقايسات أو الرسومات، وسواء نشأت تلك الزيادة أو النقص عن خطأ فى حساب المقايسة الابتدائية أو عن تغييرات أُدخِلَت فى العمل طبقاً لأحكام العقد.
وقد تواتر قضاء هذه المحكمة على أن جهة الإدارة تملك بإرادتها المنفردة –وعلى خلاف المألوف فى معاملات الأفراد فيما بينهم– حقَّ تعديلِ العقد أثناء تنفيذه، وتعديل مدى التزام المتعاقد معها فتزيد الأعباء الملقاة على عاتقه أو تنقصها، وتتناول الأعمال المتعاقد عليها بالزيادة أو النقصان على خلاف ما يُنَصُّ عليه فى العقد، فضلاً عن إنهاء العقد إذا ما قَدَّرَت أن هذا الإجراء تقتضيه المصلحة العامة، دون أن يكون للمتعاقد معها الاحتجاج بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين أو بالحق المكتسب؛ لكن سلطة التعديل ليست مطلقة، بل تردُ عليها قيودٌ معينةٌ تقتضيها ضرورةُ التوفيق بين المصلحة العامة والمصالح الفردية، ومن هذه القيود ما يتصل بمقدار أو نطاق التعديل وما يترتب عليه من أعباء جديدةٍ تقعُ على عاتق المتعاقد، إذ يتعين أن تكون هذه الأعباء فى الحدود الطبيعية والمعقولة من حيث نوعها وأهميتها فى نطاق موضوع العقد، بحيث لا تتجاوز الإمكانات الفنية والمالية للمتعاقد، أو يكون من شأنها أن تقلب اقتصاديات العقد رأسا على عقب.
وجرى قضاء هذه المحكمة على أن الخطأ العقدي هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد أيا كان السبب فى ذلك، يستوي فى هذا أن يكون عدم التنفيذ ناشئا عن عمده أو إهماله، أو فعله دون عمدٍ أو إهمال، وأجاز المشرع لجهة الإدارة –في حالة تأخر المتعاقد معها فى تنفيذ التزاماته خلال الميعاد المحدد– منحه مهلة إضافية، على أن توقع عليه غرامة تأخير، وفى حالة عدم قيام المتعاقد بتنفيذ التزاماته، أو إخلاله بأي شرطٍ من شروطِ العقد دون أن يُصلِح أثرَ ذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إنذاره بكتاب موصى عليه بعلم الوصول، كان للسلطة المختصة الحق في اتخاذ أحد إجراءين: إما فسخ العقد أو سحب العمل من المقاول والتنفيذ على حسابه بذات الشروط والمواصفات المعلن عنها والمتعاقد عليها بأحد الطرق المقررة فى القانون، مع مصادرة التأمين النهائى والحصول على جميع ما تستحقه من غرامات وتعويضات واسترداد ما تكبدته من مصروفات وخسائر زيادة على قيمة العقد نتيجة لسحب العمل.
ومن حيث إنه من المستقر عليه قضاءً أن التنفيذ على الحساب فى مجال العقود الإدارية هو من قبيل التنفيذ العينى، وهو وسيلة شرعها المشرع للضغط على المقاول المُقَصِّر وذلك لحماية سير المرفق العام بانتظام واطِّراد، وبمقتضاه تقوم الإدارة بنفسها وعلى حساب المتعاقد معها وتحت مسئوليته المالية بتنفيذ العقد دون أن تلجأ فى ذلك إلى القضاء، ولا يعتبر التنفيذ على الحساب عقوبةً عقديةً تُوَقِّعُها جهة الإدارة على المتعاقد المقصر فى التنفيذ، لكنه إجراءٌ تستهدف به الإدارة حسن سير المرفق العام.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم جميعه وكان الثابت بالأوراق أنه بتاريخ 4/7/2001 تعاقدت جهة الإدارة مع الطاعن على إنشاء 114 وحدة سكنية بالموقع رقم 5 بمدينة الغردقة ضمن مشروع مبارك للشباب بقيمة إجمالية مقدارها 4949317 جنيها خلال مدة تنفيذ مقدارها عشرون شهرا، وقد تسلم الطاعن الموقع بتاريخ 8/7/2001 إلا أنه تم تعديل الموقع وتسلمه الطاعن فى 21/11/2001 ليكون إنهاء الأعمال في 20/7/2003، وبدأ الطاعن فى تنفيذ الأعمال، وتم إبلاغ الطاعن بوقف الأعمال مؤقتا اعتبارا من 28/1/2002، إلى أن تم استئنافها بتاريخ 16/3/2002، ونظرا لتأخر جهة الإدارة في صرف أحد المستخلصات المستحقة للطاعن والمقدم بتاريخ 14/7/2002 فقد وافقت جهة الإدارة على إضافة مدة التأخير فى صرف المستخلص ومقدارها 35 يوما إلى مدة تنفيذ العملية، ليكون تاريخ الإنهاء 25/8/2003، وكان يتعين على جهة الإدارة إضافة مدة توقف الأعمال من 28/1/2002 حتى 16/3/2002 إلى مدة تنفيذ العملية، وبعد فترة توقف الطاعن عن تنفيذ الأعمال، قامت جهة الإدارة بمخاطبته فى 5/10/2002 بكتابها رقم 1753 لسرعة استئناف الأعمال حتى يتم إنجازها فى موعدها، وإزاء عدم استجابته فقد أنذرته جهة الإدارة بكتابها رقم 951 بتاريخ 10/6/2003 باستئناف الأعمال في ميعاد غايته خمسة عشر يوما من تاريخ الإنذار، وإلا سوف يتم سحب الأعمال وتنفيذها على حسابه إعمالاً لأحكام القانون رقم 89 لسنة 1998 ولائحته التنفيذية وأحكام العقد المبرم بينهما، إلا أنه لم يستجب، فأصدر محافظ البحر الأحمر القرار رقم 167 فى 5/8/2003 متضمنا سحبَ الأعمالِ منه وإعادة طرحِها على حسابِه إعمالاً لحكم المادة 84 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن المناقصات والمزايدات.
ولما كان الثابت أن الطاعن قد أقام دعواه محل الطعن الماثل بتاريخ 28/5/2003 طالباً الحكم بفسخ العقد المبرم بينه وبين الجهة الإدارية استناداً إلى قيام الجهة الإدارية بتغيير موقع العملية ووقفها الأعمال وإلى الظروف القهرية والأضرار التى ألمت به من جراء تحرير سعر الصرف، فالثابت بالأوراق أن الطاعن كان متراخياً فى الوفاء بالتزاماته العقدية فى الفترة السابقة على تحرير سعر الصرف، بدليل أن جهة الإدارة قد خاطبته فى 5/10/2002 لسرعة استئناف الأعمال فى ضوء توقفه عن العمل، كما أن الثابت من كتاب جهة الإدارة رقم 886 المؤرخ 31/5/2003 المشار إليه بكتاب البنك الأهلى المصرى (فرع الغردقة) رقم 1548 بتاريخ 22/7/2003 أن نسبة تنفيذ الأعمال قُدِّرَت بنحو 9%، ومن ثَمَّ يكون مسلك جهة الإدارة متفقاً وصحيح حكم القانون، وتغدو مطالبة الطاعن بفسخ العقد غيرَ قائمةٍ على سندٍ صحيحٍ من القانونِ خليقةً بالرفضِ.
ومن حيث إنه بالنسبة لمطالبة الطاعن بصرف التعويض المناسب له عن الأضرار التى أصابته من جراء تنفيذ عملية إنشاء 95 وحدة سكنية بالموقع رقم (2) بمدينة القصير، فالثابت بالأوراق أنه بتاريخ 4/7/2001 تعاقدت جهة الإدارة مع الطاعن على إنشاء 95 وحدة سكنية بالموقع رقم (2) بمدينة القصير ضمن مشروع مبارك للشباب بقيمة إجمالية مقدارها 3934017 جنيهاً خلال مدة تنفيذ مقدارها 18 شهراً، وقد تسلم الطاعن الموقع فى 10/7/2001 وفى 21/7/2001 تم إيقاف الأعمال لاستدعاء الاستشارى، وتم استئنافها فى 6/8/2001، وقد وافقت جهة الإدارة على إضافة مدة توقف الأعمال إلى مدة تنفيذ العملية ليكون تاريخ الإنهاء 24/1/2003، ثم وافقت جهة الإدارة على إعطاء المقاول مدةً إضافيةً قدرُها عشرة أشهر ليكون تاريخ انتهاء الأعمال 24/11/2003، وإزاء بطء العمل وسيره بمعدلات لا يُرجى معها الانتهاء منه وتوقفه دون مبرر فقد وجهت جهة الإدارة عدة إنذارات للطاعن، وتلا ذلك صدور قرار محافظ البحر الأحمر رقم 163 لسنة 2004 فى 26/7/2004 بسحب الأعمال من الطاعن وإعادة طرحها على حسابه طبقاً لحكم المادة 84 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن المناقصات والمزايدات.
ومن حيث إنه فى ضوء تحرير سعر صرف الجنيه المصرى فى 29/1/2003 وما ترتب على ذلك من ارتفاع الأسعار ومنها أسعار مواد البناء كالحديد والأسمنت، فقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1864 لسنة 2003 فى 14/11/2003 بتشكيل لجان فنية لحصر عقود الأعمال متضمنا النص فى المادة الأولى منه على أن تشكل فى كل وزارة أو أية جهة من جهات الإسناد لجنة فنية من عناصر فنية ومالية وقانونية يختارهم الوزير أو رئيس الجهة وذلك على النحو التالى:
ممثل جهة الإسناد – ممثل لوزارة المالية – ممثل لوزارة التخطيط – ممثل لبنك الاستثمار القومي– ممثل الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء– المختصون بالأرقام القياسية للأسعار– ممثل للجهاز المركزى للمحاسبات – ممثل للجهة المنفذة للأعمال.
ونصت المادة الثانية من هذا القرار على أن: “تكون مهمة كل لجنة من اللجان المشار إليها فى المادة الأولى ما يأتي:
ونصت المادة الثالثة من ذات القرار على أن: “تؤدي اللجان المشار إليها أعمالها بمراعاة ما يأتي:
وبتاريخ 14/2/2004 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 229 لسنة 2004 بتعديل بعض أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1864 لسنة 2003، ونصت المادة الأولى منه على أن: “تضاف مادتان إلى قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1864 لسنة 2003 المشار إليه نصهما الآتي:
(المادة السادسة) تصرف نسبة مؤقتة فورية مقدارها 10% وذلك إلى حين انتهاء أعمال اللجان الفنية لحصر ومراجعة وتحديد الأعمال الصادر بتشكيلها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1864 لسنة 2003…
(المادة السابعة) تقوم الوزارات وجهات الإسناد الأخرى بدراسةٍ للمشروعاتِ الجارى تنفيذُها والعقودِ التى تم توقيعها قبل 29/1/2003 والعمل على تعديلها إذا توافرت مبرراتٌ فى ضوءِ ما تنتهى إليه اللجان الفنية التى تم تشكيلها طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1864 لسنة 2003، وذلك حتى يتم استكمال المشروعات التى توقف تنفيذها فى حدود الاعتمادات المالية المخصصة، ويجوز زيادة أو مد فترات تنفيذ المشروعات فى كل جهة تحتاج إلى اعتمادات مالية إضافية تزيد على المخصص لها خلال السنة، على أن يتم الرجوع إلى وزارتي المالية والتخطيط وبنك الاستثمار القومي”.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن تحرير سعر الصرف فى 29/1/2003 قد ترتب عليه ارتفاع فى الأسعار ومن بينِها أسعارُ موادِ البناء، وهو ما حدا رئيس مجلس الوزراء على أن يصدر قراريه رقمي 1864 لسنة 2003و 229 لسنة 2004 سالف الإشارة إليهما ابتغاء تعويض المقاولين المتعاقدين مع الجهات الإدارية قبل تاريخ تحرير سعر الصرف الذين أضيروا من جراءِ ذلك، بحسبان أن تحرير سعر الصرف إنما يمثل ظرفاً اقتصادياً طارئاً لم يكن فى حسبان المتعاقد عند إبرام العقد، ولا يملك له دفعاً، ومن شأنه أن يُنزِلَ به خسائرَ فادحة تختل معها اقتصاديات العقد اختلالاً جسيماً، وهو ما يقتضي من الطرفين التساند والمشاركة للتغلب على ما يعترض تنفيذ العقد من صعوبات وما يصادفه من عقبات، ومن ثم كان لزاماً على جهة الإدارة مشاركةُ المتعاقِدِ معها فى تَحَمُّلِ نصيبِه من الخسارةِ التى حاقت به طوال فترة قيام الظرف الطارئ وذلك ضماناً لتنفيذ العقود الإدارية واستمرار سير المرفق العام.
ومن حيث إنه ولئن كان ما تقدم إلا أن مشاركة جهة الإدارة المتعاقد معها فى تحمل نصيبه من الخسارة وفق أحكام قراري رئيس مجلس الوزراء سالف الإشارة إليهما رهينٌ بألا يكون تأخيرُ تنفيذِ الأعمال بعد 29 من يناير 2003 لسببٍ يرجعُ للمقاول، وذلك حتى لا يكون إخلال المتعاقد مع جهة الإدارة بالتزاماته العقدية وتراخيه فى الوفاء بها سبباً لإثرائه على حساب جهة الإدارة وهو أمرٌ يأباهُ العدلُ والمنطقُ.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم، وكان الثابتُ أن الطاعن قد تراخى فى الوفاء بالتزاماته العقدية، وهو ما حدا جهة الإدارة على إنذاره عدَّةَ مراتٍ على نحو ما سلف بيانه، كما أن الثابت من كتاب جهة الإدارة رقم 886 المؤرخ 31/5/2003 المشار إليه بكتاب البنك الأهلى المصرى (فرع الغردقة) رقم 1548 بتاريخ 22/7/2003 أن نسبة تنفيذ الأعمال قُدِّرَت بنحو 36.5%، وهو ما لم يجحده الطاعن، وكانت مدةُ التنفيذِ قد أوشكت على الانتهاء حيث تنتهى فى 24/11/2003، ومن ثم يكون مسلكُ الجهةِ الإدارية متفقاً وصحيحَ حكمِ القانون، وتغدو مطالبة الطاعن بالتعويض غير قائمةٍ على سندٍ صحيحٍ من القانونِ خليقةً بالرفض.
وإذ ذهبَ الحكمُ المطعونُ فيهِ هذا المذهب فى شقي الدعوى محل الطعن الماثل، وإن كان لغير ذلك من الأسباب فى الشق الثانى منها، إلا أنه يكونُ قد صادفَ صحيحَ القانونِ فيما انتهى إليهِ، ويكونُ الطعنُ الماثلُ غيرَ قائمٍ على سندٍ صحيحٍ من القانونِ خليقاً بالرفضِ.
ومن حيث إن مَن خَسِرَ الطعنَ يُلزَمُ المصروفاتِ عملاً بحكمِ المادةِ 184 من قانونِ المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.
([1]) قارن بالمبدأ رقم (77) في هذه المجموعة، حيث رأت المحكمة أن التنفيذ على الحساب جزاء توقعه الإدارة على المتعاقد المقصر، لا يجوز الجمع بينه وبين جزاء فسخ العقد.