جلسة 2 من فبراير سنة 2008
(الدائرة الأولى)
الطعن رقم 2242 لسنة 43 القضائية عليا.
– شركات القطاع العام- أثر تحولها إلى شركات قطاع أعمال عام في قيد التحكيم الإجباري.
المادة (56) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983– المواد (1) و (13) و (40) و (41) من قانون شركات قطاع الأعمال العام، الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991.
كانت المنازعات بين شركات القطاع العام والمحافظات وغيرها من الجهات التي حددها القانون يتم الفصل فيها بطريق التحكيم الإجباري طبقا لقانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983, وبعد العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991 أصبح التحكيم اختياريا كوسيلة لفض المنازعات بين شركات قطاع الأعمال العام وغيرها من الأشخاص الاعتبارية التي حددها القانون– حرص المشرع على تحقيق الاستقرار في المراكز القانونية بين الخصوم بالنسبة لطلبات التحكيم الإجباري المقدمة قبل العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991، فقرر استمرار تلك الهيئات في نظرها حتى يتم الفصل فيها مع إخضاعها للإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 97 لسنة 1983– نتيجة ذلك: زوال قيد التحكيم الإجباري عن شركات القطاع العام كوسيلة لفض منازعاتها بعد تحولها إلى شركات قطاع الأعمال العام، وأصبح التحكيم الاختياري أمرا جوازيا بالنسبة لها- تطبيق.
في يوم الأحد الموافق 2/3/1997 , أودعت هيئة قضايا الدولة –نيابة عن الطاعن– قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 2242 لسنة 43ق. عليا, في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا بجلسة 5/1/1997 في الدعوى رقم 2281 لسنة1ق, الذي قضي فيه بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن –للأسباب الواردة بتقرير الطعن-: قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً ببطلان الحكم الصادر في التحكيم رقم 289 لسنة 92 مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه: الحكم بقبول الطعن شكلا, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً ببطلان الحكم الصـــادر في التحكيم رقم 289 لسنة 1992 مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وتدوول الطعن أمام الدائرة الثالثة عليا (فحص طعون) على النحو الثابت بمحاضر جلساتها, وقدم الحاضر عن المطعون ضده حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من شهادة صادرة من قسم الجدول بالمحكمة الإدارية العليا بتاريخ 1/6/2006, كما قدم مذكرة بالدفاع طلب في ختامها : الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظره, وفي الموضوع برفض الطعن وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات. وأحيل الطعن إلى الدائرة الأولى عليا (فحص طعون), وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها, وقدم الحاضر عن هيئة قضايا الدولة مذكرة بالدفاع بالطلبات نفسها الواردة بتقرير الطعن. وأحيل الطعن إلى هذه الدائرة, وتدوول على النحو الثابت بمحاضر الجلسات, وبجلسة 24/11/2007 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم, وفيها صدر هذا الحكم, وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات, وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد المقرر قانوناً واستوفى إجراءاته الشكلية, فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن محافظة كفر الشيخ تعاقدت بتاريخ 15/8/1988 مع شركة المحمودية العامة للمقاولات على إنشاء مباني كلية الطب البيطري بكفر الشيخ, ونص البند السادس من العقد على أن ” كل نزاع ينشأ عن تنفيذ هذا العقد يخضع لولاية هيئات التحكيم المختصة “. وأقامت الشركة دعوى التحكيم رقم 289 لسنة 1992 أمام هيئة التحكيم بوزارة العدل, وبجلسة 16/11/1992 قضت هيئة التحكيم بإلزام المحافظة بسداد مبلغ 1661513.3 جنيهات قيمة الباقي من مستحقات الشركة بمقتضى المستخلص المؤرخ في 30/6/1992, وبزيادة في الأسعار مقدراها 20% من قيمة الأعمال التي تمت اعتباراً من 2/5/1991 حتى تمام التنفيذ. كما قضت بإلزام المحافظة بتعويض مقداره 1500000 جنيه عن التأخير في صرف مستحقات الشركة. وأقامت المحافظة دعواها أمام محكمة القضاء الإداري طالبة القضاء لها ببطلان حكم هيئة التحكيم المشار إليه. وأسست دعواها على أن العقد المشار إليه من العقود الإدارية التي تدخل في اختصاص القضاء الإداري ولا يجوز التحكيم فيه، وأن الشركة المذكورة أصبحت من شركات قطاع الأعمال العام , ولم تعد مخاطبة بقواعد التحكيم الإجباري المنصوص عليها بالقانون رقم 97 لسنة 1983 بشأن هيئات القطاع العام وشركاته, الذي لا يسري على شركات قطاع الأعمال العام بصريح نص المادة الأولى من القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام .
وبجلسة 5/1/1997 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه وقضت بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً , وشيدت قضاءها على أسباب تخلص في أن قضاء مجلس الدولة وإفتاءه قد استقرا على جواز الاتفاق على التحكيم في مجال العقود الإدارية, وأن زوال ولاية هيئات التحكيم الإجباري لشركات القطاع العام لا يمس التحكيم الاختياري الذي يجوز لشركات قطاع الأعمال العام اللجوء إليه طبقاً لنص المادة (40) من القانون رقم 203 لسنة 1991 المشار إليه, ويخضع التحكيم الاختياري لقواعد التحكيم المنصوص عليها في قانون المرافعات.
وأضافت المحكمة أن التحكيم مثار النزاع صدر استناداً إلى اتفاق التحكيم الاختياري المنصوص عليه في العقد مما لا وجه معه للنعي بالبطلان.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأسباب تخلص فيما يلي:
أولا- ليس صحيحا ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن إرادة الطرفين انصرفت إلى التحكيم الاختياري طبقاً لقانون المرافعات, فذلك مردود بأن البند السادس يشير إلى هيئة التحكيم المختصة, ولما كان العقد قد أبرم في 15/8/1988 مع شركة قطاع عام فإن التحكيم المقصود هو التحكيم الإجباري وليس الاختياري, والتحكيم الإجباري لا يسري على الشركة بعد أن تحولت إلى إحدى شركات قطاع الأعمال العام.
ثانيا- أن طرفي العقد لم يصدرا وثيقة تحكيم جديدة طبقا لقواعد التحكيم الاختياري وذلك بعد العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991 المشار إليه مما يشوب حكم التحكيم بالبطلان طبقا لنص المادة (512) من قانون المرافعات قبل إلغائها بقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل ينحصر في تحديد ما إذا كان شرط التحكيم المنصوص عليه في البند سادساً من العقد المبرم بين طرفي النزاع في 15/8/1998 إجباريا أو اختياريا, وذلك بعد أن تحولت الشركة المطعون ضدها من شركة قطاع عام إلى شركة قطاع أعمال عام.
وحيث إن المادة (56) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 تنص على أن: “يفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية وجهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى عن طريق التحكيم دون غيره على الوجه المبين في هذا القانون”.
وتنص المادة الأولى من القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام على أن: “يعمل في شأن قطاع الأعمال العام بأحكام القانون المرافق… ولا تسري أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 على الشركات المشار إليها”.
وتنص المادة الثالثة عشرة من القانون رقم 203 لسنة 1991 المشار إليه على أن: “ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به بعد ثلاثين يوماً من تاريخ نشره” , وقد نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 24 مكرراً في 19/6/1991 , وعمل به اعتباراً من 19/7/1991.
وقد نص القانون الأخير في المادة (40) على أن: “يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تقع بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأشخاص الاعتبارية من القطاع الخاص أو الأفراد وطنيين كانوا أو أجانب, وتطبق في هذا الشأن أحكام الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية”.
وتنص المادة (41) من القـــــانون رقم 203 لسنة 1991 المشـــار إليه على أن: “طلبات التحكيم بين شركات القطاع العام أو بينها وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة التي قدمت قبل تاريخ العمل بهذا القانون، وكذلك منازعات التنفيذ الوقتية في الأحكام الصادرة فيها، يستمر نظرها أمام هيئات التحكيم المشكلة طبقاً لأحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 وطبقا للأحكام والإجراءات المنصوص عليها فيه”.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أنه قبل 19/7/1991 (تاريخ العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991 المشار إليه) كانت المنازعات بين شركات القطاع العام والمحافظات وغيرها من الجهات التي حددها القانون يتم الفصل فيها بطريق التحكيم الإجباري طبقا لقانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983، وبعد العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991 المشار إليه أصبح التحكيم اختياريا كوسيلة لفض المنازعات بين شركات قطاع الأعمال العام وغيرها من الأشخاص الاعتبارية التي حددها القانون, وتطبق بشأنه أحكام الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية (المواد من 501 إلى 513 التي استمرت سارية حتى ألغيت بالقانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية) , وقد حرص المشرع على تحقيق الاستقرار في المراكز القانونية بين الخصوم بالنسبة لطلبات التحكيم الإجباري قبل 19/7/1991 فقرر استمرار تلك الهيئات في نظرها حتى يتم الفصل فيها مع إخضاعها للإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 97 لسنة 1983.
ومن حيث إنه وقت إبرام العقد في 15/8/1988 بين طرفي النزاع , كانت الشركة المطعون ضدها من شركات القطاع العام, وكانت منازعاتها خاضعة لقواعد وإجراءات التحكيم الإجباري المنصوص عليها في القانون رقم 97 لسنة 1983 بشأن هيئات القطاع العام وشركاته , ثم تحولت تلك الشركة إلى إحدى شركات قطاع الأعمال العام المخاطبة بأحكام القانون رقم 203 لسنة 1991 , ومن ثم فإنه اعتبارا من 19/7/1991 زال عنها قيد التحكيم الإجباري كوسيلة لفض منازعاتها وأصبح التحكيم الاختياري أمرا جوازيا بالنسبة لها.
ومن حيث إن الشركة المطعـــون ضدها قدمت طلب التحكيم بتاريخ 26/5/1992 بعد العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991 المشار إليه , وكان مقتضى ذلك ولازمه مراعاة قواعد التحكيم الاختياري المنصوص عليه في قانون المرافعات , ومن بينها ما نصت عليه المادة (501) قبل إلغائها بالقانون رقم 27 لسنة 1994 من أنه يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة يحدد فيها موضوع النزاع و إلا كان التحكيم باطلاً , لما كان ذلك وكانت الشركة المطعون ضدها قد لجأت إلى التحكيم بغير وثيقة تحكيم خاصة , وسلكت سبيل التحكيم الإجباري رغم أنها غير مخاطبة بأحكامه بعد أن تحولت إلى شركة من شركات قطاع الأعمال العام , ومن ثم يكون الحكم الصادر في التحكيم رقم 289 لسنة 1992 بجلسة 16/11/1992 هو حكما باطلاً لصدوره من هيئة تحكيم غير مختصة قانوناً بنظر النزاع .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير ما تقدم فإنه يكون مخالفا للقانون مستوجب الإلغاء وهو ما تقضى به المحكمة.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بنص المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وببطلان الحكم الصادر في التحكيم رقم 289 لسنة 92 بجلسة 16/11/1992 , وألزمت الشركة المطعون ضدها المصروفات .