جلسة 5 من مايو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى مسلم
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ ممدوح حسن يوسف راضى، ومحمد الشيخ على أبو زيد حسن، وأحمد محمد حامد محمد حامد، وسيد عبد الله سلطان
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الاستاذ المستشار/ محمد الطاهر حفنى سيد
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد سيف محمد حسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 2259 لسنة 44 قضائية عليا
ـ القيود الواردة على حق مالك الجزء البارز عن خط التنظيم ـ الحق فى طلب التعويض.
المادة (13) من القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء.
ولئن كان يترتب على صدور قرار اعتماد خطوط التنظيم قيود قانونية على حق مالك الجزء البارز عن خط التنظيم إلا أنه لا يترتب على صدور القرار انتقال ملكية الأجزاء البارزة عن خط التنظيم إلى ملكية الدولة، بل تظل مملوكة لصاحبها حتى يتم اتخاذ إجراءات نزع الملكية وفقاً للأحكام التى يتضمنها قانون نزع الملكية رقم 577 لسنة 1954 ومن بعده القانون رقم 10 لسنة 1990 ويتم تعويض أصحاب الشأن عما يصيبهم من أضرار نتيجة صدور قرار اعتماد خط التنظيم ـ نزع الملكية للمنفعة العامة قد يكون مباشراً إذا ما اتبعت القواعد والإجراءات التى ينظمها القانون وقد يكون بطريقة غير مباشرة إما تنفيذاً للمرسوم الصادر باعتماد خطوط التنظيم قبل أن يصدر مرسوم نزع الملكية، وإما بضم الحكومة عقارًا مملوكاً لأحد الأفراد إلى المال العام ودون اتخاذ إجراءات نزع الملكية وأن يستتبع هذا الطريق غير المباشر نزع ملكية العقار بالفعل ونقل حيازته للدولة فإنه يتحقق بذلك حكمه ويتولد عنه أسوة بالصورة العادية المباشرة جميع ما يرتبه القانون من حقوق ومن ثَمَّ يكون حصول الاستيلاء الفعلى من الحكومة على أرض وإدخالها فى الطريق العام كافياً بذاته للمطالبة بتعويضه عن ذلك ولو لم يصدر مرسوم بنزع الملكية ـ تطبيق.
فى يوم الإثنين الموافق 26/1/1998 أودع الأستاذ/ بدوى عبد العليم سيد النائب بهيئة قضايا الدولة نائباً عن الطاعن بصفته قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل فى الحكم المشار إليه والقاضى … وبقبول الدعوى شكلاً فى مواجهة محافظ القاهرة، وفى الموضوع بإلزامه بأن يؤدى للمدعى مبلغاً مقداره خمسة آلاف جنيه والمصروفات.
وطلب الطاعن بصفته ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة، واحتياطياً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات فى الحالتين.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا جلسة ………. إلى أن قررت بجلسة 21/8/2000، إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 22/11/2000 وتمت إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة التى قررت بجلسة 22/11/2000، إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة/موضوع) للاختصاص لنظره بجلسة 24/12/2000. وقد نظرت هذه المحكمة الطعن بتلك الجلسة وما تلاها من جلسات، حيث قدم الحاضر عن الجهة الإدارية الطاعنة مذكرة بالدفاع وقدم الحاضر عن المطعون ضده حافظة مستندات ومذكرتى دفاع، وبجلسة 10/2/2002 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد تم تقديمه خلال الميعاد المقرر قانوناً، واستوفى سائر وأوضاعه الشكلية، ومن ثَمَّ فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق المرفقة ـ فى أنه بتاريخ 12/2/1991 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 6613/48 قضائية بموجب صحيفة أودعت ابتداءً قلم كتاب محكمة عابدين الجزئية، وقيدت بجدولها برقم 67/91 ضد الطاعن وورثة عبد الفتاح حسن غيث طالباً الحكم بإلزام محافظ القاهرة بصفته بدفع مبلغ (101 جنيه) على سبيل التعويض المؤقت عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته من جراء استيلاء المحافظ بدون وجه حق على مساحة 117 م2 ملكه والمصروفات.
وقال شرحاً لدعواه إنه يمتلك بموجب عقد بيع ابتدائى مؤرخ 12/4/1959 مساحة 150م2 على الشيوع بالقطعة رقم 33 كدستر حوض مارك ليفى الشرقى 6 بناحية الزهراء قسم المطرية، وأنه صرف مبلغ (15.65) جنيهًا تعويضًا عن مساحة (33) م2 نزعت لصالح مشروع الكهرباء، وفى أواخر سنة 1976 صدر القرار رقم 1065/76 بإدخال باقى المساحة (117م2) فى التنظيم مما ترتب عليه فقده لما تبقى من ملكه ونعى على هذا القرار صدوره دون سند قانونى مما يحق له طلب التعويض.
وقد تمت إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى، وقام المدعى بتعديل طلباته إلى طلب الحكم بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته من ضائع تنظيم بالقرار رقم 1065/1976 للمنفعة العامة وإلزام الإدارة المصروفات.
وبجلسة 30/11/1997 صدر الحكم المطعون فيه، وشيَّدت المحكمة قضاءها فيما يتعلق بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة على أساس أن جهة الإدارة لم تقدم المستندات التى تؤيد دفاعها كما أن المدعى يمتلك هذه القطعة بموجب عقد بيع ابتدائى ولم يشترط قانون نزع الملكية وقانون المبانى تسجيل الملكية كشرط للمطالبة بالتعويض الناشئ عنها وأضافت المحكمة أن المساحة ملك المدعى دخلت ضمن القرار الصادر باعتماد خطوط التنظيم ولم يصدر قرار بنزع ملكيتها للمنفعة العامة، وبالتالى لم تنتقل المساحة إلى الملكية العامة للدولة وعليه فإن القرار الصادر باعتماد خطوط التنظيم يكون منتجاً لكافة آثاره بالنسبة للقيود المفروضة على المساحة المشار اليها وعليه تقدر المحكمة التعويض المستحق عن ذلك بالمبلغ المشار إليه … ومن ثَمَّ خلصت المحكمة إلى قضائها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها أن المطعون ضده غير مالك للأرض المستولى عليها بعقد مسجل وبالتالى
لا يحق له المطالبة بالتعويض.
ومن حيث إن المادة (13) من القانون رقم 106/1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء تنص على أنه “يصدر باعتماد خطوط التنظيم للشوارع قرار من المحافظ بعد موافقة المجلس المحلى المختص”.
ومع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم 577/1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين, يحظر من وقت صدور القرار المشار إليه فى الفقرة السابقة إجراء أعمال البناء أو التعلية فى الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم على أن يعوض أصحاب الشأن تعويضًا عادلاً, أما أعمال التدعيم لإزالة الخلل، وكذلك أعمال البياض فيجوز القيام بها.
ومن حيث إن مفاد هذا النص ـ حسبما ذهبت إليه هذه المحكمة بحكمها الصادر بجلسة 18/12/1994 فى الطعن رقم 450/35ق. عليا ـ أن قرارات اعتماد خطوط التنظيم تصدر من الجهة الإدارية وعلى نحو ما قررته المادة (13) المشار إليها وقد جرى قضاء المحكمة على أنه ولئن كان يترتب على صدور قرار اعتماد خطوط التنظيم قيود قانونية على حق مالك الجزء البارز عن خط التنظيم من شأنها أن تمنعه من إجراء أعمال بناء أو تعلية على الجزء المذكور بعد صدور قرار اعتماد خط التنظيم إلا أنه لا يترتب على صدور القرار انتقال ملكية الأجزاء البارزة عن خط التنظيم إلى ملكية الدولة، بل تظل مملوكة لصاحبها حتى يتم اتخاذ إجراءات نزع الملكية وفقًا للأحكام التى يتضمنها قانون نزع الملكية رقم 577/54، ومن بعده القانون رقم 10/90، ويتم تعويض أصحاب الشأن عما يصيبهم من أضرار نتيجة صدور قرار اعتماد خط التنظيم.
وأخذًا بهذا الفكر القانونى ذهبت محكمة النقض بحكمها الصادر بجلسة 15/11/1962 إلى أن نزع الملكية للمنفعة العامة قد يكون مباشراً إذا ما اتبعت القواعد والإجراءات التى ينظمها القانون وقد يكون بطريقة غير مباشرة إما تنفيذًا للمرسوم الصادر باعتماد خط التنظيم قبل أن يصدر مرسوم نزع الملكية، أو بضم الحكومة عقاراً مملوكاً لأحد الأفراد إلى المال العام ودون اتخاذ إجراءات نزع الملكية وأن يستتبع هذا الطريق غير المباشر نزع ملكية العقار بالفعل ونقل حيازته للدولة فإنه يتحقق بذلك حكمه ويتولد عنه أسوة بالصورة العادية المباشرة جميع ما يرتبه القانون من حقوق ومن ثَمَّ يكون حصول الاستيلاء الفعلى من الحكومة على أرض وإدخالها فى الطريق العام كافياً بذاته للمطالبة بتعويضه عن ذلك ولو لم يصدر مرسوم بنزع الملكية.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم وكان الثابت من مطالعة الأوراق أن المطعون ضده يمتلك مساحة (150)م2 بحوض مارك ليفى الشرقى رقم 6 بناحية الزهراء قسم المطرية بمحافظة القاهرة بموجب عقد بيع ابتدائى مؤرخ 12/4/1959 وأنه سبق أن تداخل منها مساحة (33م) فى أعمال المنفعة العامة الخاصة بالمشروع رقم 43 كهرباء صرف المطعون ضده التعويض عنها وباقى المساحة ومقداره (117م) اعتبرت ضمن ضوائع التنظيم وقد خلت الأوراق مما يفيد صدور قرار بنزع ملكيتها للمنفعة العامة وتبعًا لذلك فإن القرار الصادر باعتماد خط التنظيم يكون منتجًا لآثاره بالنسبة للقيود المفروضة على المساحة المشار إليها من حيث إجراء أعمال البناء أو التعلية مما يكون معه للمطعون ضده أصل حق فى تعويضه عن تلك القيود المفروضة على ملكه ولو كان بعقد ابتدائى وبالتالى تؤيد هذه المحكمة محكمة أول درجة فيما قدرته من تعويض لجبر هذا الضرر.
ولا يغير من ذلك ما أوردته الجهة الإدارية الطاعنة بتقرير الطعن من عدم قبول دعوى الطعن لرفعها من غير ذى صفة لعدم تسجيل عقد البيع الابتدائى وبالتالى عدم أحقية المطعون ضده فى مبلغ التعويض، فذلك مردود عليه بأن المادة (14) من القانون رقم (10) لسنة 90 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة والمقابلة للمادة (16) من قانون نزع الملكية الملغى رقم 577/1954 تنص على أنه “يكون للجهة الطالبة نزع الملكية الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على العقارات التى تقرر لزومها للمنفعة العامة وذلك بقرار من رئيس الجمهورية
أو من يفوضه ….. ينشر فى الجريدة الرسمية ويشمل بيانًا إجماليًا بالعقار واسم المالك الظاهر فى الإشارة إلى القرار الصادر بتقرير المنفعة العامة ….. ويترتب على نشر قرار الاستيلاء اعتبار العقارات مخصصة للمنفعة العامة ويكون لذى الشأن الحق فى تعويض مقابل عدم الانتفاع بالعقار من تاريخ الاستيلاء الفعلى إلى حين دفع التعويض المستحق عن نزع الملكية”.
ومؤدى هذا النص أن التعويض عن الاستيلاء على العقارات اللازمة للمنفعة العامة، وكذا الحال بالنسبة لما يفرضه القرار الصادر باعتماد خطوط التنظيم من قيود على المساحة التى يستلزمها إنما يدفع للمالك الظاهر سواء كان بعقد مسجل أو غير مسجل أو حتى بوضع اليد غير المتنازع فيه. كما أن قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء الصادر بالقانون رقم 106/1976 لم يتضمن نصًا يحظر دفع التعويضات الناشئة عن اعتماد خطوط التنظيم إلى الحائز بموجب عقد بيع ابتدائى. كما أنه من ناحية أخرى فقد أقرت الهيئة العامة للمساحة وهى الجهة القائمة على نزع الملكية بأن المطعون ضده يمتلك المساحة المشار إليها لدى قيامها بنزع جزء من المساحة السابقة من ملكه، والتى تداخلت فى المشروع 43 كهرباء، وصرفت التعويض عنها إلى المطعون ضده.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد أصاب الحق فى قضائه، الأمر الذى يتعين معه رفض الطعن عليه.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بالمادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.