جلسة الأربعاء الموافق 14 من أكتوبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / محمد عبدالرحمن الجراح – رئيس الدائرة ، وعضوية السادة القضاة / أشرف محمد شهاب و صبري شمس الدين.
الطعن رقم 227 لسنة 2020 اداري
الهيئة الاتحادية للضرائب . ضريبة . غرامة . غرامة تأخيرية . الإقرار الضريبي . التصريح الطوعي . قانون ” تطبيقه “. حكم ” تسبيب معيب “. نقض ” ما يقبل من الأسباب”.
– العلاقة بين الهيئة الاتحادية للضرائب والخاضع للضريبة ليست علاقة عقدية وإنما هي علاقة تنظيمية تحكمها قواعد قانونية آمرة.
– الزم المشرع الخاضع للضريبة بأدائها في ميعاد محدد حتى ولو تم تنظيم استيفائها عن طريق تقديم اقرارات أصلية أو فرعية لأنها إجراءات تنفيذية لاستيفاء حق الدولة في الضريبة التي أنشأها القانون وليس الإقرار.
– عدم تعليق المشرع اكتساب صفة الضريبة المستحقة على الإقرار وإنما أسبغ هذه الصفة على الضريبة التي حل موعد سدادها وفقا لتعريف المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2017 في شأن الإجراءات الضريبية والمادة الأولى من القانون رقم 8 لسنة 2017 بشأن ضريبة القيمة المضافة.
– التزام الخاضع للضريبة بتقديم إقرار ضريبي عن كل فترة ضريبة فإن كان الإقرار غير صحيح تدارك هذا الخطأ بتقديم تصريح طوعي بالمستحقات الضريبية الصحيحة وفقا للمادة 10 من القانون رقم 7 لسنة 2017 في شأن الإجراءات الضريبية.
– الإقرار والتصريح الطوعي يكونان عن الضريبة المستحقة الدفع التي حل موعد سدادها . ويستوجب توقيع غرامة تأخيرية عن التأخير في سداد الضريبة المستحقة الواردة بالتصريح الطوعي التي حل موعد سدادها طبقا للبند رقم 9 من الجدول رقم 1 المرفق بقرار مجلس الوزراء رقم 40 لسنة 2017 ولا يقدح في ذلك القول بأن قصر توقيع الغرامة التأخيرية يكون في حالة عدم سداد الضريبة المستحقة دون التصريح الطوعي.
– التصريح الطوعي يعد في حقيقته تعديلا للإقرار الأساسي ومن ثم ينسحب حكمه عليه باعتباره فرعا للأصل . علة ذلك؟
– الغرامة عن تقديم التصريح الطوعي تختلف عن غرامة التأخير المستحقة عن التأخير في سداد الضريبة الواردة بهذا التصريح باعتبار أن لكل غرامة مجال عملها وحكمها الذي لا يختلط بالآخر.
– القول بعدم فرض غرامة تأخيرية عن الضريبة الواردة بالتصريح الطوعي يعد ذريعة لحرمان خزانة الدولة من الضرائب المستحقة لمدة طويلة لحين تقديم التصريح التطوعي ويكون سدادها مرهون بمشيئة الخاضع للضريبة.
– التقاعس عن سداد الضريبة المستحقة في موعدها . يوجب انزال الغرامة التأخيرية سواء كانت واردة بالإقرار أو التصريح الطوعي.
– مثال لتسبيب معيب.
(الطعن رقم 227 لسنة 2020 اداري ، جلسة 14/10/2020)
____
لما كان من المقرر أن العلاقة بين الهيئة الاتحادية للضرائب والخاضع للضريبة ليست علاقة عقدية وإنما هي علاقة تنظيمية تحكمها قواعد قانونية آمرة ولذلك فإن الالتزام بالدين الضريبي المستحق الدفع مصدره القانون دائما، فإذا كان المشرع نص على استحقاق الضريبة، في ميعاد محدد أضحى هناك التزاما على الخاضع للضريبة بأداء الضريبة في هذا الميعاد حتى ولو تم تنظيم استيفاء هذه الضريبة عن طريق تقديم إقرارات أصلية أو فرعية باعتبار أن هذه الإقرارات هي مجرد إجراءات تنفيذية لاستيفاء حق الدولة في الضريبة التي أنشأها القانون وليس الإقرارات المذكورة ، كما أن المشرع لم يعلق اكتساب صفة الضريبة مستحقة الدفع على الإقرار وإنما أسبغ هذه الصفة على الضريبة التي حل موعد سدادها وفقا لتعريف الضريبة مستحقة الدفع الواردة في نص المادة الأولى من القانون رقم7 لسنة 2017 في شأن الإجراءات الضريبية وكذا المادة الأولى من القانون رقم 8 لسنة 2017 في شأن ضريبة القيمة المضافة، وعلى ذلك فإذا كان المشرع قد ألزم الخاضع للضريبة بتقديم إقرار ضريبي عن كل فترة ضريبية وكان هذا الإقرار غير صحيح فعليه أن يتدارك هذا الخطأ بتقديم تصريح طوعي بالمستحقات الضريبية الصحيحة اعمالًا للمادة 10 من القانون رقم 7 لسنة 2017 المشار إليه وفي الحالين فإن الإقرار والتصريح الطوعي يكونان عن الضريبة المستحقة الدفع التي حل موعد سدادها والتي تستوجب توقيع الغرامات التأخيرية عن التأخر في سدادها إعمالًا للبند 9 من الجدول رقم واحد المرفق بقرار مجلس الوزراء رقم 40 لسنة 2017، ولا يغني عن ذلك القول بأن المشرع قصر توقيع الغرامة الإدارية – في حالة عدم سداد الضريبة المستحقة – على الضريبة الواردة في الإقرار الضريبي دون الواردة في التصريح الطوعي بزعم أن المشرع لم ينص على تسديد غرامة على تأخير سداد فروق الضريبة الواردة في التصريح الطوعي إذ إن هذا الزعم هو خطأ في فهم طبيعة التصريح الطوعي الذي يعد في حقيقته تعديلا للإقرار الأساسي ومن ثم ينسحب حكمه عليه باعتباره – أي التصريح الطوعي – فرعا للأصل وهو الاقرار الأساسي خاصة أن الإقرار وكذا التصريح الطوعي ما هما إلا محض إجراءات تنفيذية لاستيفاء الضريبة المستحقة الأداء التي ليس من منشأها الإقرار أو التصريح الطوعي وإنما منشأها القانون الذي حددها بموجب قواعد آمرة ، كما أن القول بأن المشرع أفرد غرامة بعينها عن تقديم التصريح الطوعي بما لا يجوز معه فرض غرامات أخرى عن الضريبة المستحقة الدفع الواردة بهذا التصريح هو خطأ آخر في فهم ماهية الغرامة المذكورة إذ إن فرض هذه الغرامة مقرر عن مجرد تقديم التصريح الطوعي ذاته وهي تختلف عن غرامة التأخير في سداد الضريبة المستحقة الواردة في هذا التصريح والتي ينسحب عليها حكم التأخير في سداد الضريبة الواردة في الإقرار على نحو ما سبق تفصيله وبما يعني أن لكل غرامة مجال إعمالها وحكمها الذي لا يختلط بالآخر فضلا عن أن القول بعدم فرض غرامة تأخيرية عن الضريبة الواردة في التصريح الطوعي يعطي ذريعة أن تكون التصريحات الطوعية هي الأداة الغالبة للإفصاح عن المستحقات الضريبية مما يؤدي – دون مقتضى – إلى حرمان خزانة الدولة من الضرائب المستحقة لمدة طويلة إلى أن يتقدم الخاضع للضريبة بالتصريح الطوعي بفروق الضريبة ، وبالتالي يغدو ميعاد سدادها رهنا بمشيئة لا رهنا بحكم القانون وإعمالا لمقتضاه وهو غير مستساغ قانونا ومنطقا، ومن جماع ما تقدم فإن التقاعس عن سداد الضريبة المستحقة في موعدها المحدد قانونا يوجب إنزال الغرامة التأخيرية المقررة قانونا سواء أكانت هذه الضرائب واردة في الإقرار أو التصريح الطوعي على نحو ما سلف بيانه .
وحيث إنه لما كان مقطع النزاع الماثل يدور حول ما إذا كان البنك المطعون ضده ملتزما بسداد غرامة عن تأخيره في سداد الفروق الضريبية المستحقة الواردة في التصريح الطوعي من عدمه، ولما كان الطاعن ملتزما بسداد هذه الغرامة التأخيرية باعتبار أن سداده غرامة تقديم التصريح الطوعي لا تغني عن سداد الغرامة التأخيرية عن فروق الضرائب المستحقة الواردة بهذا التصريح وفقا لما سلف بيانه ومن ثم يكون قرار اللجنة المطعون فيه بإلغاء القرار المعترض عليه في شقه الخاص باحتساب غرامات تأخيرية – عن فروق الضرائب الواردة بالتصريح الطوعي – غير قائم على أساس ، دون أن ينال مما تقدم ما أثاره المطعون ضده من أن فرض غرامة تأخيرية عن الضرائب الواردة بالتصريح الطوعي يؤدي إلى أن مركز الخاضع للضريبة الذي يتقدم بالتصريح الطوعي ضمانا لخزانة الدولة أسوأ من الذي لم يتقدم بهذا التصريح من الأساس إذا إن ذلك مردود بأن التصريح الطوعي بما ورد فيه من فروق ضريبة ليس فقط ضمانه لخزانة الدولة وإنما هو أيضا وسيلة لتدارك خطأ الخاضع للضريبة ذاته في الإقرار – أو ما نتج عنه من تقييم للضريبة – ولذا كان على المذكور في جميع الأحوال التزاما بتصحيح ما ورد بإقراره من أخطاء حفاظا على مستحقات الدولة وإلا تعرض لجريمة التهرب الضريبي التي تستوجب مؤاخذته جزائيا ومن ثم يكون ما تداركه الخاضع للضريبة بالتصريح الطوعي هو تدارك لخطأه ذاته وحائلا دون تعرضه للمساءلة الجزائية ، كما لا ينال ما تقدم أيضا ما أثاره المطعون ضده من أن الغاية من التصريح الطوعي ليس تدارك خطأ الخاضع للضريبة فقط وإنما هو تدارك لخطأ الهيئة أيضا حال قيامها بتقييم الضريبة إذ إن ذلك مردود بأن الغاية من التصريح الطوعي هو تصحيح خطأ الخاضع للضريبة سواء في الإقرار ذاته أو التقييم المبني على إقراره إذ إنه في جميع الأحوال فإن الخطأ الذي جبره التصريح الطوعي منسوب للخاضع للضريبة الذي ينبغي عليه تحري الدقة في تقديم المعلومات والبيانات المحددة لغايات الضريبة بحسبان أنه لو كان الخاضع للضريبة أدى ما عليه من تحري الدقة في المعلومات المبينة بإقراره لأغنى عن أية أخطاء أخرى تم جبرها بالتصريح الطوعي سواء أكانت هذه الأخطاء في الإقرار أو التقييم، وهو ذاته ما حدا بالمشرع أن يفرض غرامة مستقلة حددها البند 11 من الجدول رقم 1 المرفق بقرار مجلس الوزراء المشار إليه على الخاضع للضريبة حال تقديمه التصريح الطوعي في جميع الأحوال.
وحيث إنه لما تقدم جميعه وكان القرار المطعون فيه غير قائم على أساس، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد حكم البداية القاضي برفض الدعوى المقامة بطلب إلغاء هذا القرار الأمر الذي يكون معه الحكم مخالفا للقانون بما يوجب نقضه.
_____
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 196 لسنة 2019 إداري كلي اتحادي أبوظبي بتاريخ 12/5/2019 اختصمت فيها المطعون ضده طالبة الحكم بإلغاء القرار رقم 10 لسنة 2019 وتأييد قرارات الهيئة بإلزام المطعون ضده بغرامات التأخير عن السداد ومقدارها 7,863,581,78 درهما، وقالت شرحا للدعوى إن المطعون ضده قام بتقديم إقرارات ضريبة عن الفترة من 1/1/2018 حتى 31/3/2018 والفترة من 1/4/2018 حتى 30/6/2018، وفي سبتمبر 2018 قدم المذكور أكثر من تصريح طوعي لورود أخطاء في الإقرارات الضريبية عن الفترتين المذكورتين، وأصدرت الطاعنة تقييما للغرامات الإدارية على المطعون ضده وفقا لأحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 40 لسنة 2017 و ترتب على ذلك غرامات عن تقديم التصريح الطوعي وأخرى عن التأخر في سداد الضريبة، وبتاريخ 2/1/2019 قدم المطعون ضده طلبا بإعادة النظر في قرار الهيئة بالتغريم وأيدت اللجنة الضريبية غرامات التصريح الطوعي وإعادة حساب الغرامات بما يؤدي إلى تخفيض الغرامات لصالح المطعون ضده، فتقدمت الطاعنة باعتراض للجنة فض المنازعات الضريبية بدبي، و بتاريخ 8/4/2019 أصدرت اللجنة قرارها بإلغاء القرار المعترض عليه في شقه الخاص باحتساب غرامات تأخير عن السداد بمبلغ 7,863,581,78 درهما وإلزام المعترض ضدها برد هذا المبلغ للمعترض، وأضافت الطاعنة أنها تنعى على هذا القرار مخالفته للقانون إذ إنه استند إلى أنه لا يوجد التزام قانوني على المطعون ضده بسداد غرامات تأخير عن فروق الضريبة الواردة بالتصريح الطوعي وذلك بالمخالفة للقانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2017 بشأن الإجراءات الضريبية، وانتهت الطاعنة الى طلباتها . وبجلسة 15/10/2019 قضت المحكمة برفض الدعوى . استأنفت الطاعنة الحكم المذكور بالاستئناف رقم 171 لسنة 2019 وبجلسة 28/1/2020 قضت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية برفض الاستئناف، فأقامت الطاعنة طعنها الماثل .
وحيث إن المحكمة نظرت الطعن في غرفة المشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره .
وحيث إن حاصل ما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه قضى برفض الدعوى استنادا إلى أن المشرع قصر الغرامة التأخيرية – في حالة عدم قيام الخاضع للضريبة بسداد الضريبة المستحقة في الموعد المحدد لها – على الضريبة الواردة بالإقرار وليس فروق الضريبة الواردة بالتصريح الطوعي التي لا يُستحق عنها بالتالي أية غرامات تأخيرية وأن ما انتهى إليه الحكم مخالف لمفهوم النصوص الضريبية ذلك أن الضريبة مصدرها القانون الذي أنشأ الالتزام القانوني بسدادها خلال المهلة التي حددها وليس مصدرها الإقرارات التي تعد مجرد قوالب تفرغ فيها هذه الضريبة، وأن فروق الضريبة الواردة بالتصريح الطوعي هي مجرد تدارك لخطأ الخاضع للضريبة في الإقرار الأساسي ومن ثم يعد هذا التصريح في حقيقته تعديلا للضريبة الواردة بالإقرار وبالتالي تفرض على فروق الضريبة الواردة بالتصريح الطوعي غرامة تأخير السداد شأنها شأن الضريبة الواردة بالإقرار الأساسي ولا يغير من ذلك سداد الغرامة عن التصريح الطوعي باعتبار أن هذه الغرامة مقررة عن مجرد تقديم هذا التصريح وهي تختلف عن غرامة تأخير سداد الضريبة فلكل غرامة مجال إعمالها كما أن عدم سداد الغرامة التأخيرية عن فروق الضريبة الواردة بالتصريح الطوعي يؤدي إلى اتخاذ هذا التأخير مطية يستغلها الخاضع للضريبة في تأخير مستحقات الخزانة العامة دون مقتضى الأمر الذي يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن العلاقة بين الهيئة الاتحادية للضرائب والخاضع للضريبة ليست علاقة عقدية وإنما هي علاقة تنظيمية تحكمها قواعد قانونية آمرة ولذلك فإن الالتزام بالدين الضريبي المستحق الدفع مصدره القانون دائما، فإذا كان المشرع نص على استحقاق الضريبة، في ميعاد محدد أضحى هناك التزاما على الخاضع للضريبة بأداء الضريبة في هذا الميعاد حتى ولو تم تنظيم استيفاء هذه الضريبة عن طريق تقديم إقرارات أصلية أو فرعية باعتبار أن هذه الإقرارات هي مجرد إجراءات تنفيذية لاستيفاء حق الدولة في الضريبة التي أنشأها القانون وليس الإقرارات المذكورة ، كما أن المشرع لم يعلق اكتساب صفة الضريبة مستحقة الدفع على الإقرار وإنما أسبغ هذه الصفة على الضريبة التي حل موعد سدادها وفقا لتعريف الضريبة مستحقة الدفع الواردة في نص المادة الأولى من القانون رقم7 لسنة 2017 في شأن الإجراءات الضريبية وكذا المادة الأولى من القانون رقم 8 لسنة 2017 في شأن ضريبة القيمة المضافة، وعلى ذلك فإذا كان المشرع قد ألزم الخاضع للضريبة بتقديم إقرار ضريبي عن كل فترة ضريبية وكان هذا الإقرار غير صحيح فعليه أن يتدارك هذا الخطأ بتقديم تصريح طوعي بالمستحقات الضريبية الصحيحة اعمالًا للمادة 10 من القانون رقم 7 لسنة 2017 المشار إليه وفي الحالين فإن الإقرار والتصريح الطوعي يكونان عن الضريبة المستحقة الدفع التي حل موعد سدادها والتي تستوجب توقيع الغرامات التأخيرية عن التأخر في سدادها إعمالًا للبند 9 من الجدول رقم واحد المرفق بقرار مجلس الوزراء رقم 40 لسنة 2017، ولا يغني عن ذلك القول بأن المشرع قصر توقيع الغرامة الإدارية – في حالة عدم سداد الضريبة المستحقة – على الضريبة الواردة في الإقرار الضريبي دون الواردة في التصريح الطوعي بزعم أن المشرع لم ينص على تسديد غرامة على تأخير سداد فروق الضريبة الواردة في التصريح الطوعي إذ إن هذا الزعم هو خطأ في فهم طبيعة التصريح الطوعي الذي يعد في حقيقته تعديلا للإقرار الأساسي ومن ثم ينسحب حكمه عليه باعتباره – أي التصريح الطوعي – فرعا للأصل وهو الاقرار الأساسي خاصة أن الإقرار وكذا التصريح الطوعي ما هما إلا محض إجراءات تنفيذية لاستيفاء الضريبة المستحقة الأداء التي ليس من منشأها الإقرار أو التصريح الطوعي وإنما منشأها القانون الذي حددها بموجب قواعد آمرة ، كما أن القول بأن المشرع أفرد غرامة بعينها عن تقديم التصريح الطوعي بما لا يجوز معه فرض غرامات أخرى عن الضريبة المستحقة الدفع الواردة بهذا التصريح هو خطأ آخر في فهم ماهية الغرامة المذكورة إذ إن فرض هذه الغرامة مقرر عن مجرد تقديم التصريح الطوعي ذاته وهي تختلف عن غرامة التأخير في سداد الضريبة المستحقة الواردة في هذا التصريح والتي ينسحب عليها حكم التأخير في سداد الضريبة الواردة في الإقرار على نحو ما سبق تفصيله وبما يعني أن لكل غرامة مجال إعمالها وحكمها الذي لا يختلط بالآخر فضلا عن أن القول بعدم فرض غرامة تأخيرية عن الضريبة الواردة في التصريح الطوعي يعطي ذريعة أن تكون التصريحات الطوعية هي الأداة الغالبة للإفصاح عن المستحقات الضريبية مما يؤدي – دون مقتضى – إلى حرمان خزانة الدولة من الضرائب المستحقة لمدة طويلة إلى أن يتقدم الخاضع للضريبة بالتصريح الطوعي بفروق الضريبة ، وبالتالي يغدو ميعاد سدادها رهنا بمشيئة لا رهنا بحكم القانون وإعمالا لمقتضاه وهو غير مستساغ قانونا ومنطقا، ومن جماع ما تقدم فإن التقاعس عن سداد الضريبة المستحقة في موعدها المحدد قانونا يوجب إنزال الغرامة التأخيرية المقررة قانونا سواء أكانت هذه الضرائب واردة في الإقرار أو التصريح الطوعي على نحو ما سلف بيانه .
وحيث إنه لما كان مقطع النزاع الماثل يدور حول ما إذا كان البنك المطعون ضده ملتزما بسداد غرامة عن تأخيره في سداد الفروق الضريبية المستحقة الواردة في التصريح الطوعي من عدمه، ولما كان الطاعن ملتزما بسداد هذه الغرامة التأخيرية باعتبار أن سداده غرامة تقديم التصريح الطوعي لا تغني عن سداد الغرامة التأخيرية عن فروق الضرائب المستحقة الواردة بهذا التصريح وفقا لما سلف بيانه ومن ثم يكون قرار اللجنة المطعون فيه بإلغاء القرار المعترض عليه في شقه الخاص باحتساب غرامات تأخيرية – عن فروق الضرائب الواردة بالتصريح الطوعي – غير قائم على أساس ، دون أن ينال مما تقدم ما أثاره المطعون ضده من أن فرض غرامة تأخيرية عن الضرائب الواردة بالتصريح الطوعي يؤدي إلى أن مركز الخاضع للضريبة الذي يتقدم بالتصريح الطوعي ضمانا لخزانة الدولة أسوأ من الذي لم يتقدم بهذا التصريح من الأساس إذا إن ذلك مردود بأن التصريح الطوعي بما ورد فيه من فروق ضريبة ليس فقط ضمانه لخزانة الدولة وإنما هو أيضا وسيلة لتدارك خطأ الخاضع للضريبة ذاته في الإقرار – أو ما نتج عنه من تقييم للضريبة – ولذا كان على المذكور في جميع الأحوال التزاما بتصحيح ما ورد بإقراره من أخطاء حفاظا على مستحقات الدولة وإلا تعرض لجريمة التهرب الضريبي التي تستوجب مؤاخذته جزائيا ومن ثم يكون ما تداركه الخاضع للضريبة بالتصريح الطوعي هو تدارك لخطأه ذاته وحائلا دون تعرضه للمساءلة الجزائية ، كما لا ينال ما تقدم أيضا ما أثاره المطعون ضده من أن الغاية من التصريح الطوعي ليس تدارك خطأ الخاضع للضريبة فقط وإنما هو تدارك لخطأ الهيئة أيضا حال قيامها بتقييم الضريبة إذ إن ذلك مردود بأن الغاية من التصريح الطوعي هو تصحيح خطأ الخاضع للضريبة سواء في الإقرار ذاته أو التقييم المبني على إقراره إذ إنه في جميع الأحوال فإن الخطأ الذي جبره التصريح الطوعي منسوب للخاضع للضريبة الذي ينبغي عليه تحري الدقة في تقديم المعلومات والبيانات المحددة لغايات الضريبة بحسبان أنه لو كان الخاضع للضريبة أدى ما عليه من تحري الدقة في المعلومات المبينة بإقراره لأغنى عن أية أخطاء أخرى تم جبرها بالتصريح الطوعي سواء أكانت هذه الأخطاء في الإقرار أو التقييم، وهو ذاته ما حدا بالمشرع أن يفرض غرامة مستقلة حددها البند 11 من الجدول رقم 1 المرفق بقرار مجلس الوزراء المشار إليه على الخاضع للضريبة حال تقديمه التصريح الطوعي في جميع الأحوال.
وحيث إنه لما تقدم جميعه وكان القرار المطعون فيه غير قائم على أساس، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد حكم البداية القاضي برفض الدعوى المقامة بطلب إلغاء هذا القرار الأمر الذي يكون معه الحكم مخالفا للقانون بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.