جلسة 24 من ديسمبر سنة 2011
الطعن رقم 22886 لسنة 51 القضائية (عليا)
(الدائرة الأولى)
– ما يدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة- الطعن على قرار جهة الإدارة برفض الإفراج الشرطي عن المسجون- اختصاص النائب العام بالنظر في الشكاوى التي تقدم بشأن الإفراج الشرطي؛ لا يمثل مانعا يحول دون صاحب الشأن ومخاصمة القرار الإداري الذي يمس مركزه القانوني أمام القضاء المختص، وهو ما يتفق مع المبادئ الدستورية التي يتأبى مع صريح أحكامها تحصين أي عمل من رقابة القضاء.
– المادتان رقما (53) و(63) من القانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون.
– شرط المصلحة– وجوب توفره ابتداءً عند إقامة الدعوى واستمراره حتى يصدر فيها حكم نهائي.
– المادة (12) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.
– بسط رقابة القضاء الإداري على قرارات الإدارة، سواء من حيث مشروعيتها أو ملاءمتها، لا يعني حلولا محل جهة الإدارة في مباشرة الاختصاصات الموكولة لها، أو اعتداء على مبدأ الفصل بين السلطات.
في يوم السبت الموافق 20/8/2005 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتيهما، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم المبين عاليه، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 17779 لسنة 9 ق بجلسة 28/6/2005، القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها الإفراج الشرطي عن المدعي، وإلزام الجهة الإدارية مصروفات الطلب العاجل.
وطلبت الجهة الطاعنة –للأسباب الواردة في تقرير الطعن– تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء (أصليا) بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، و(احتياطيا) بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار المطعون فيه، و(على سبيل الاحتياط) برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضده في أي من الحالات المصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان الطعن على النحو الوارد بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا برأيها القانوني في الطعن ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وعينت جلسة 17/5/2010 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وبجلسة 21/2/2011 أحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 23/4/2011 حيث نظرته على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 17779 لسنة 59 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، طالبا الحكم بقبولها شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من رفض الإفراج الشرطي عن المدعي، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها الإفراج عن المدعي وإخلاء سبيله من أي سجن.
وذكر المدعي شرحا لدعواه أن محكمة أمن الدولة عليا طوارئ كانت قد أصدرت حكما في الجناية رقم 451 لسنة 1994، المقيدة برقم 33/94 كلي السويس، بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما، وتم تنفيذ العقوبة من 7/10/1993، وأمضى أكثر من ثلاثة أرباع المدة في أكتوبر 2004، وتقدم بطلب للإفراج عنه في 15/2/2004، إلا أن الجهة الإدارية رفضت، ونعى المدعى على قرارها صدوره مخالفا للقانون وإساءة استخدام السلطة.
………………………………..
وبجلسة 28/6/2005 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيسا على ما بان لها من ظاهر الأوراق من أن المدعي قد اتهم في قضية النيابة العامة رقم 451 لسنة 1994 الأربعين ورقم 33/1994 كلي السويس، ونسب إليه ولآخرين الانضمام إلى جماعة الغرض منها تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع السلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، وقضت المحكمة بمعاقبة المدعي بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما لثبوت ارتكابه الانضمام إلى جماعة الغرض منها الدعوة إلى تعطيل الدستور والاشتراك في تجمهر، غير أن أوراق الدعـوى –على ما جاء بأسباب الحكم المطعون فيه– قد أجدبت من ارتكاب المدعي مخالفات مسلكية أثناء مدة العقوبة المقضي بها، كما أن المدعي حصل أثناء محبسه على دبلوم الدراسات العليا في الشريعة الإسلامية، وهو ما ينبئ بأن السياسة العقابية قد أتت بثمارها وهيأته ليؤدي دوره مواطنا صالحا، ويكون رفض الجهة الإدارية للإفراج الشرطي عنه بحسب الظاهر مخالفا للقانون والواقع، ويضحى طلب المدعي وقف تنفيذ هذا القرار قائما على سند جدي يبرره.
………………………………..
وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه شابه عوار مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله حيث أخطأ في تكييف المنازعة تكييفا قانونيا مما أوقعه في مخالفة قواعد الاختصاص، إذ التكييف القانوني لها أنها تظلُّمٌ من عدم الإفراج الشرطي عن المطعون ضده، وليس الطعن على قرار الجهة الإدارية برفض الإفراج الشرطي عنه، والأول منوط بالنائب العام طبقا لأحكام القانون رقم 369 لسنة 1956 ، ومن ثم يخرج الطعن عليه عن ولاية واختصاص محاكم مجلس الدولة، هذا فضلا عن مخالفة الحكم لمبدأ الفصل بين السلطات وذلك على النحو الوارد تفصيلا بتقرير الطعن، والذي تحيل إليه هذه المحكمة تفاديا للتكرار.
………………………………..
– وحيث إنه عن الدفع المبدى من الجهة الإدارية بعدم الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى الأصلية فإن هذا الدفع مردود عليه بما استقر عليه قضاء مجلس الدولة من أن المشرع إذ ناط في المادة (53) من القانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون بمدير مصلحة السجون إصدار الأمر بالإفراج الشرطي، فإن من مقتضى ذلك ولزومه خضوع القرارات الصادرة في هذا الشأن للرقابة القضائية، وهو ما يتفق مع المبادئ الدستورية التي يتأبى مع صريح أحكامها تحصين أي عمل من رقابة القضاء، ودون أن يغير من ذلك أن المشرع في المادة (63) من القانون نفسه قد نص على أن: “للنائب العام النظر في الشكاوى التي تقدم بشأن الإفراج تحت شرط وفحصها واتخاذ ما يراه كفيلا برفع أسبابها”؛ إذ إن ذلك لا يمثل مانعا لصاحب الشأن من مخاصمة القرار الإداري الذي يمس مركزه القانوني أمام القضاء المختص، هذا فضلا عن أن بسط رقابة القضاء الإداري على قرارات الإدارة، سواء من حيث مشروعيتها أو ملاءمتها لا يعني حلولا محل جهة الإدارة في مباشرة الاختصاصات الموكولة لها، أو اعتداء على مبدأ الفصل بين السلطات. ومتى كان ذلك فإن الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى يكون غير قائم على سند من الواقع والقانون، وتقضي المحكمة برفضه.
– وحيث إن المادة (12) من قانون مجلس الدولة (الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972) تنص على أنه: “لا تقبل الطلبات الآتية: (أ) الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية. (ب)…”.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن شرط المصلحة في الدعوى يتعين توفره ابتداء، كما يتعين استمرار قيامه حتى صدور حكم نهائي، وأن لفظ “الطلبات” كما يشمل الدعاوى، يشمل أيضا الطعون المقامة على الأحكام؛ باعتبار أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يعيد طرح النزاع برمته شكلا وموضوعا أمامها لتنزل فيه صحيح حكم القانون.
لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده كان قد صدر حكم بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما لما ثبت في حقه في قضية النيابة العامة رقم 451 لسنة 1994 الأربعين ورقم 33/94 كلي السويس من ارتكابه الانضمام إلى جماعة الغرض منها الدعوة إلى تعطيل الدستور والاشتراك في تجمهر، وبدأ المطعون ضده تنفيذ العقوبة المقضي بها اعتبارا من 7/10/1993، أي مضى على بدء التنفيذ أكثر من خمسة عشر عاماً، مما تغدو معه مصلحة الجهة الإدارية في الطعن على الحكم المطعون فيه فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من رفض الإفراج الشرطي عنه قد زالت مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن لزوال المصلحة في الاستمرار فيه.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن لزوال شرط المصلحة في الاستمرار فيه، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.