جلسة 14 من يونيو سنة 2008
(الدائرة الأولى)
الطعن رقم 23686 لسنة 51 القضائية عليا.
– ما يدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة–المنازعة في البيانات المثبتة بالشهادة الخاصة بأداء الخدمة العسكرية والوطنية.
المادة (129) من قانون خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة، الصادر بالقانون رقم (123) لسنة 1981، والمادة (130) منه، معدلة بالقانون رقم (152) لسنة 2002– المادة (45) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية، الصادر بالقانون رقم (127) لسنة 1980.
اختصاص اللجان القضائية العسكرية بنظر المنازعات الإدارية طبقا لأحكام قانون خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة منوط بتوافر شرطين: الأول- أن تكون المنازعة متعلقة بضباط الصف والجنود ذوي الراتب العالي والمجندين بالقوات المسلحة، والثاني: أن تنصب المنازعة على تطبيق أحكام هذا القانون عدا ما استثني من طعن في العقوبات الانضباطية- مؤدى ذلك: أن اختصاص هذه اللجان لا يمتد إلى المنازعات المتعلقة بتطبيق أحكام قانون الخدمة العسكرية والوطنية– ترتيبا على ذلك: اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعة في البيانات المثبتة بالشهادة الخاصة بأداء الخدمة العسكرية والوطنية- تطبيق.
– طعن في الحكم – إلغاء المحكمة الإدارية العليا حكما مطعونا فيه أمامها، قاضيا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، لا يستوجب إعادة الدعوى إلى المحكمة المطعون في حكمها للفصل فيها مجددا([1]).
في يوم الأربعاء الموافق 24 من أغسطس سنة 2005 أودع الأستاذ/ … المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة تقرير طعن – قيد برقم 23686 لسنة 51 القضائية عليا– في الحكم المشار إليه بعاليه، القاضي في منطوقه بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى والأمر بإحالتها بحالتها إلى اللجان القضائية العسكرية بالقوات المسلحة للاختصاص وإبقاء الفصل في المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء القرار السلبي برفض تعديل ما ورد بشهادة الخدمة العسكرية الخاصة به من متخلف عن التجنيد إلى الإعفاء العائلى مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق. وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع أولا– بصفة أصلية: بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر النزاع على النحو المبين بالأسباب وإلزام الطاعن المصروفات. وثانيا– بصفة احتياطية: بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري وإلزام الطاعن المصروفات.
وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 4/2/2008 قررت الدائرة إحالته إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 8/3/2008. ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 15/5/2004 أقام الطاعن الدعوى رقم 20875 لسنة 58 ق المطعون على حكمها أمام محكمة القضاء الإداري/ الدائرة الأولى بالقاهرة، طالبا الحكم بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الصادر عن جهة الإدارة برفض تعديل ما ورد بشهادة الخدمة العسكرية الصادرة له من إدارة تجنيد طنطا من متخلف عن التجنيد إلى الإعفاء العائلى وإلزام المدعى عليهما المصروفات، وذلك للأسباب المبينة تفصيلا بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 28/6/2005 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى اللجان القضائية بالقوات المسلحة للاختصاص، وشيدت المحكمة قضاءها على أن النزاع يدخل في مفهوم المنازعات الإدارية الخاصة بتطبيق أحكام القانون رقم 123 لسنة 1981 بشأن خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة المعدل بالقانون رقم 152 لسنة 2002، مما تختص به اللجان القضائية العسكرية المنصوص عليها في هذا القانون، وبالتالي يخرج عن الاختصاص الولائى المعقود للقضاء الإداري.
إلا أن الحكم المذكور لم يلق قبولا من المدعي فأقام طعنه الماثل ينعي فيه على الحكم مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول بأنه طبقا للقرار رقم 116 لسنة 1981 بتشكيل وإجراءات لجنة التظلمات من قرارات التجنيد، فقد أصبح القضاء الإداري هو المختص بنظر الطعن في قرارات لجان التجنيد كما هي الحال بالنسبة للمنازعة الماثلة، كما أن المادة 18 من القانون رقم 127 لسنة 1980 أوضحت أن قرارات لجان التجنيد لا تكون نهائية إلا بعد التصديق عليها من وزير الدفاع، ولا تقبل الدعوى أمام القضاء بإلغاء هذه القرارات قبل التظلم منها، مما يعنى أن القضاء المختص هو القضاء الإداري، أما استناد الحكم المطعون فيه إلى المادة 130 من القانون رقم 123 لسنة 1981 فقد شابه الخطأ والقصور، لأن هذه المادة تخاطب ضباط الشرف والصف والمجندين بالقوات المسلحة ولا تنطبق على حالته لأنه لا يمت بصلة للقوات المسلحة.
ومن حيث إن المادة 129 من القانون رقم 123 لسنة 1981 بشأن خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة، تنص على أن: “تنشأ بالقوات المسلحة اللجان القضائية العسكرية الآتية: (أ) لجنة قضائية عسكرية فرعية… (ب) اللجنة القضائية العسكرية العليا على مستوى القوات المسلحة” كما تنص المادة 130 من القانون المذكور -معدلة بالقانون رقم 152 لسنة 2002– على أن “تختص اللجان القضائية العسكرية المشار إليها في المادة السابقة –دون غيرها– بالفصل في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الصف والجنود ذوي الراتب العالي والمجندين بالقوات المسلحة، المتعلقة بتطبيق أحكام هذا القانون وذلك عدا الطعن في العقوبات الانضباطية”.
وتنص المادة 45 من القانون رقم 127 لسنة 1980 بشأن الخدمة العسكرية والوطنية على أن: “تعطي وزارة الدفاع الشهادات والنماذج الآتية:
أولا– الشهادات:
أ) شهادة بالاستثناء من الخدمة العسكرية والوطنية طبقا للمادة (6).
ب) شهادة الإعفاء من الخدمة العسكرية والوطنية طبقا للمادة (7).
جـ) شهادة بتأجيل الخدمة الإلزامية طبقا لأحكام المادة (9).
د) شهادة بأن الفرد لم يصبه الدور للتجنيد طبقا للبند أولا من المادة (35).
ه) شهادة تأدية الخدمة العسكرية.
و) شهادة بالانتهاء من خدمة الاحتياط.
ثانيا– النماذج:…”.
ومن حيث إنه يبين من هذه النصوص أن اختصاص اللجان القضائية العسكرية بنظر المنازعات الإدارية طبقا لأحكام المادة 130 من القانون رقم 123 لسنة 1981 منوط بتوافر شرطين: الأول- أن تكون المنازعة متعلقة بضباط الصف والجنود ذوي الراتب العالي والمجندين بالقوات المسلحة. والثاني- أن تنصب المنازعة على تطبيق أحكام هذا القانون عدا ما استثنى من طعن في العقوبات الانضباطية، ومن ثم وتبعا لذلك فإن اختصاص هذه اللجان لا يمتد إلى المنازعات المتعلقة بتطبيق أحكام القانون رقم 127 لسنة 1980 بشأن الخدمة العسكرية والوطنية كما هو الشأن في المنازعة الماثلة، وذلك لتعلقها بإحدى الشهادات المنصوص عليها في هذا القانون وما تضمنته من بيانات خاصة بسبب عدم أداء الطاعن للخدمة العسكرية، حيث ينازع الطاعن الجهة الإدارية في بيان هذا السبب ويطلب تعديله من متخلف عن التجنيد إلى الإعفاء العائلي، وبالتالي فإن الاختصاص بنظر هذه المنازعة ينعقد للقضاء الإداري طبقا لاختصاصه العام بنظر دعاوى الإلغاء وسائر المنازعات الإدارية دون اللجان القضائية العسكرية.
(1) في حكمها في الطعن رقم 4539 لسنة 57 القضائية عليا بجلسة 25/11/2010 انتهت المحكمة الإدارية العليا إلى إلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته؛ لقضائها بعدم الاختصاص الولائي دون التعرض لموضوع المنازعة، ولكون الدعوى غير مهيأة للفصل فيها. (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في شأن الطعون الانتخابية والأحزاب السياسية في الفترة من 1/10/2010 إلى 30/6/2011- مكتب فني – رقم 10/ب ص 129).
وقارن هذين الحكمين بحكم دائرة توحيد المبادئ في الطعن رقم 1352 لسنة 33 القضائية عليا بجلسة 14/5/1988 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها منذ إنشائها حتى أول فبراير 2001، مكتب فني رقم 12 ص 132) حيث انتهت المحكمة إلى أنه إذا انتهت المحكمة الإدارية العليا إلى إلغاء حكم مطعون فيه أمامها لغير مخالفة قواعد الاختصاص، فعليها إذا كان موضوع الدعوى صالحا للفصل فيه أن تفصل فيه مباشرة، ولا تعيده إلى المحكمة التي أصدرت الحكم. ولم تشر الدائرة إلى جواز تصدي المحكمة الإدارية العليا للفصل في الموضوع في حالة مخالفة الحكم المطعون فيه لقواعد الاختصاص إذا كانت الدعوى مهيأة للفصل فيها.
ويلاحظ أن المادة (269) من قانون المرافعات كانت تنص على أنه: “إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص, وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة.
فإذا كان الحكم قد نقض لغير ذلك من الأسباب تحيل القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم. وفي هذه الحالة يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة. =
= ويجب ألا يكون من بين أعضاء المحكمة التي أحيلت إليها القضية أحد القضاة الذين اشتركوا في إصدار الحكم المطعون فيه.
ومع ذلك إذا حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه، وكان الموضوع صالحا للفصل فيه، أو كان الطعن للمرة الثانية، ورأت المحكمة نقض الحكم المطعون فيه وجب عليها أن تحكم في الموضوع”.
وقد صدر القانون رقم (76) لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات، ونصت المادة الثانية منه على استبدال النص التالي بنص الفقرة الرابعة من المادة المذكورة: “ومع ذلك إذا حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه، وكان الموضوع صالحا للفصل فيه، أو كان الطعن للمرة الثانية، ورأت المحكمة نقض الحكم المطعون فيه وجب عليها، أيا كان سبب النقض، أن تحكم في الموضوع”.