جلسة 11 من مايو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ويحيى خضرى نوبى محمد، و أحمد عبد الحميد حسن عبود، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو
مفوض الدولة
وبحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 24 لسنة 45 قضائية عليا
ـ مفهومها ـ مدى حجية الأوراق الرسمية فى إثبات الجنسية.
نظَّم المشرع أحكام الجنسية بحسبانها رابطة قانونية وسياسية بين المواطن المصرى والدولة على نمط منضبط يجعل من انتساب المواطن لدولته مركزاً تنظيمياً يكتسبه المصرى من أحكام القانون مباشرة إذا ما توافرت فى حقه الاشتراطات التى أوجبها القانون دون أن يكون للمواطن أو السلطة القائمة على إثبات الجنسية دخل فى اكتسابها أو ثبوتها فى حقه, فتلتزم السلطة المختصة بالاعتراف بحق المواطن فى التمتع بالجنسية المصرية متى تحققت من قيام حالة من الحالات الواردة فى القانون فى حالة المواطن المصرى تسوغ تمتع من قامت به بالجنسية المصرية ـ يقع عبء إثبات الجنسية على من يتمسك بها أو يدفع بعدم دخوله فيها ـ لا يكفى فى إثبات الجنسية أو التنصل منها ظهور الشخص بمظهر المتمتع بها ولو تأكد بأوراق رسمية صدرت من جهات إدارية ما دامت هذه الأوراق لم تعد أصلاً لإثبات الجنسية ـ لا يسوغ من ناحية أخرى حرمان المواطن من حقه فى التمتع بالجنسية ظهوره لدى بعض الجهات بمظهر الأجنبى غير المتمتع بالجنسية المصرية لإعداد الجهة الإدارية ملف إقامة لأحد الأشخاص التى رفضت من جانبها إثبات جنسيته المصرية ـ مرد اكتساب الجنسية أو عدم اكتسابها إلى أحكام قانون الجنسية الواجب التطبيق والذى تحدد أحكامه الاشتراطات الواجب توافرها فيمن يعتبر مصرياً طبقاً لأحكامها دون أن يكون للمواطن المصرى أو الجهة الإدارية سلطة تقديرية فى تحديد استحقاق طالب الجنسية لها من عدمه.
المسوغات والمستندات الصادرة طبقاً لأحكام قوانين الأحوال المدنية وجوازات السفر وتشريعات الأحوال الشخصية والخدمة العسكرية وقوانين التعليم ومباشرة الحقوق السياسية، مثل: شهادة الميلاد ـ البطاقة الشخصية والعائلية ـ قسائم الزواج ـ شهادة تأدية الخدمة العسكرية والوطنية ـ المؤهلات الدراسية ـ بطاقات الانتخاب ـ جواز السفر ـ هذه المستندات وإن كانت تُظهر حاملها بمظهر المتمتع بالجنسية المصرية إلا أنها غير معدة أصلاً لإثبات الجنسية وإنما صادرة من جهات غير مختصة بذلك وما يثبت فيها بشأن الجنسية يكون بناءً على إقرار صاحب الشأن دون أن تجرى الجهة الإدارية تحرياتها فى شأن صحتها وحقيقتها، فضلاً عن أن قوانين الجنسية لم تشر إلى هذه المستندات كدليل على ثبوت الجنسية, وعلى ذلك لا تعد هذه الأوراق الرسمية دليلاً قاطعًا على ثبوت الجنسية المصرية, بل تعد قرينة بسيطة على ثبوت الجنسية قابلة لإثبات العكس ـ إثبات الجنسية وفقًا للحالة الظاهرة بناءً على المستندات المشار إليها ليست لها حجية قطعية, وإنما يجوز إقامة الدليل على عكس ما تشهد به هذه الحالة ـ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 1/10/1998 أودع الأستاذ/ عبد الغفار فهمى النائب بهيئة قضايا الدولة نائباً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن ـ قيد بجدولها تحت رقم 24 لسنة 45ق. عليا ـ فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية فى الدعوي رقم 4258 لسنة 1ق. بجلسة 17/8/1998 والذي قضي فى منطوقه: “بقبول الدعوى شكلاً وبثبوت الجنسية المصرية للمدعيين، مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة المصروفات”.
وطلب الطاعنان ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجدداً برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسببًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً, وإلزام جهة الإدارة الطاعنة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 5/6/2000 وتداولت نظره على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 16/10/2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا “الدائرة الأولى ـ موضوع” وأحيل الطعن إلى هذه المحكمة وحدد لنظره أمامها جلسة 20/1/2001م، وتدوول نظره بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 12/1/2002 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 11/5/2002 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء فى شهر . ومضى الأجل المصرح به دون إيداع ثمة مذكرات.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة ـ تخلص حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ فى أن المطعون ضدهما أقاما دعواهما ابتداءً أمام محكمة القضاء الإدارى ببورسعيد بموجب عريضة مودعة قلم كتابها بتاريخ 25/1/1994 وقيدت بجدولها برقم 551 لسنة 3 ق بطلب الحكم: أولاً: بصفة أصلية : بثبوت الجنسية المصرية لهما طبقًا للقانون رقم 391 لسنة 1956. ثانياً: وبصفة احتياطية بثبوت الجنسية المصرية لهما طبقًا لحكم القانون رقم 26 لسنة 1975 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات؛ على سند من القول إنهما من مواليد بورسعيد ويقيمان بمصر منذ ميلادهما إقامة دائمة, وأتما دراستهما بمدارس وجامعات مصر ويمارسان حقوقهم الأساسية, وأنهما مقيدان بجداول الانتخاب ومنذ فترة فوجئا بمكتب جوازات بورسعيد باستدعائهما لتحديد جنسيتهما لعمل بطاقات إقامة لهما رغم أنهما يتمتعان بالجنسية المصرية إذ إنهما من أبوين مصريين وأجداد مصريين، وذلك طبقًا لحكم المادة الثانية للقانون رقم 26 لسنة 1975، وذلك تأسيسًا على أن والدهما مولود بمصر ومقيم بها منذ نشأته حتى وفاته، وكذلك زوجتاهما عطيات أحمد الجمل وهدى السيد العطلة، وذلك طبقًا لما هو ثابت بالأوراق, واختتما عريضة دعواهما بطلب الحكم بما تقدم.
وتنفيذًا لقرار رئيس مجلس الدولة رقم 167 لسنة 1995 بشأن إنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية أحيلت الدعوى إلى هذه المحكمة وقيدت بجدولها تحت رقم 4258
لسنة 1ق. وتداولت نظر الدعوى بجلسات المرافعة على النحو المبين بالمحاضر.
وبجلسة 17/8/1998 أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية (الدائرة الأولى) الحكم المطعون فيه.
وشيَّدت المحكمة قضاءها ـ بالنسبة للطلب الأصلى للمدعيين بثبوت الجنسية المصرية لهما طبقاً لأحكام القانون رقم 391 لسنة 1956 ـ بعد استعراض نص المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية ـ والمادة الأولى من القانون رقم 391 لسنة 1956 بشأن الجنسية المصرية والمادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 على أساس أن المشرع يتطلب لاعتبار الشخص مصريًا طبقًا لأحكام القانون رقم 391 لسنة 1956 التوطن فى مصر قبل أول يناير سنة 1900 وحتى تاريخ نشر هذا القانون فى يوم 20/11/1956، والتوطن فى مصر قبل أول يناير سنة 1948 وحتى 10 مارس 1929.
كما اعتبر المشرع الشخص مصريًا إذا اتصف بالرعوية العثمانية الميلاد فى الأراضى المصرية من أبوين مقيمين فيها أو حافظ على الإقامة العادية حتى 10/3/1929 ولما كان الثابت من الأوراق والاطلاع على ملف الجنسية الخاص بالمدعيين أن المدعى الأول من مواليد 2/10/1952 والمدعى الثانى من مواليد 27/8/1959 ومن ثَمَّ يتخلف فى حقهما شرط التوطن قبل أول يناير سنة 1900 وحتى تاريخ 20/11/1956، وكذلك التوطن فى مصر قبل أول يناير سنة 1948 وحتى 10/3/1929، كما لم يثبت اتصافهما بالرعوية العثمانية ومن ثَمَّ يكون طلبهما سالف الذكر غير قائم على سند صحيح من القانون.
كما أقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للطلب الاحتياطى للمدعيين بطلب الحكم بثبوت الجنسية المصرية لهما طبقاً لأحكام القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية بعد استعراض نص المادتين 2، 24 من القانون رقم 26 لسنة 1975، على أنه من بين حالات كسب الجنسية المصرية التى حددتها المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 سالف الذكرـ المولود فى الأراضى المصرية من أم مصرية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له ولما كان الثابت أن والد المدعيين مجهول الجنسية وأنهما وُلدا فى مصر من أم مصرية ومن ثَمَّ يكون قد توافر فى حقهما شروط إعمال حكم البند الثانى من المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية ويكون طلبهما سالف الذكر قائماً على سند صحيح من القانون ويتعين ثبوت الجنسية المصرية لهما.
ومن حيث إن مبنى الطعن المقدم من جهة الإدارة مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها أن الثابت أن الحكم المطعون فيه استمد قضاءه بثبوت الجنسية المصرية للمطعون ضدهما من المستندات التى قدمها المطعون ضده والمبينة بواقعات هذا الحكم وهى عبارة عن صور بطاقة عائلية للمطعون ضده الأول وصورة بطاقة شخصية للثاني وصورة جواز سفر الأول وصورة شهادة تأدية الخدمة العسكرية الخاصة بالمطعون ضده الأول وصورة قيد ميلاد المطعون ضده الأول, واعتبر الحكم المطعون فيه أن هذه المستندات هى دليل على تمتع المطعون ضدهما بالجنسية المصرية والتى ثابت فيها أنهما من أم مصرية وأب مجهول الجنسية, وهذا الذى استند إليه الحكم المطعون فيه يخالف صحيح القانون, ذلك أن هذه المستندات لا تكفى لإثبات جنسية المطعون ضدهما المصرية, ولو كانت هذه المستندات بأوراق رسمية صادرة عن جهات إدارية، حيث لم تعد هذه الأوراق والمستندات أصلاً لإثبات الجنسية على النحو الذى استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا، فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد شَابَه القصور فى التسبيب لاعتماده فى قضائه على الحالة الظاهرة التى ظهر فيها المطعون ضدهما فى الأوراق من الحصول على الشهادة الجامعية وأداء الخدمة العسكرية أى مستندًا فى ذلك إلى مستندات لم تعد أصلاً لإثبات الجنسية المصرية.
ومن حيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد أناطت بالقانون وحده تنظيم الجنسية المصرية وآخرها المادة 6 من دستور جمهورية مصر العربية الدائم الصادر عام 1971 تنص على أنه (الجنسية المصرية ينظمها القانون).
ومن حيث إن الجنسية المصرية قد بدأ تنظيمها فى أول تشريع للجنسية صدر فى الدولة العثمانية سنة 1869, وخضعت مصر لهذا التشريع بحسبانها تابعة للدولة العثمانية إلى أن انفصمت عُرَى هذه الرابطة وزالت التبعية وأصبح لمصر الحق فى إنشاء جنسية خاصة بها, فصدر أول مرسوم بقانون للجنسية المصرية فى 26/5/1926، ثم أصدر المشرع المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بديلاً عن القانون الصادر فى 1926, ثم صدر القانون رقم 160 لسنة 1950 وظل سارى العمل به حتى صدر القانون رقم 391 لسنة 1956 لمسايرة ظروف المجتمع والتغير الاجتماعي فى عهد الجمهورية, ولما قامت الوحدة بين مصر وسوريا فى 22 من فبراير سنة 1958 تم إصدار القانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة, وبعد الانفصال فى 28/9/1961 صدر قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 فى 21/5/1975 وهو التشريع المعمول به حاليًا.
ومن حيث إن المشرع العادى ـ بناءً على تلك التشريعات ـ ينظم أحكام الجنسية بحسبانها رابطة قانونية وسياسية بين المواطن المصرى والدولة على نمط منضبط يجعل من انتساب المواطن المصرى لدولته مركزاً تنظيميًا يكتسبه المصرى من أحكام القانون مباشرة إذا ما توافرت فى حقه الاشتراطات التى أوجبها القانون دون أن يكون للمواطن أو السلطة القائمة على إثبات الجنسية دخل فى اكتسابها أو ثبوتها فى حقه, فتلتزم السلطة المختصة بالاعتراف بحق المواطن فى التمتع بالجنسية المصرية متى تحققت من قيام حالة من الحالات الواردة فى القانون فى حالة المواطن المصرى تسوغ تمتع من قامت به الجنسية المصرية ويقع عبء إثبات الجنسية المصرية على من يتمسك بها أو يدفع بعدم دخوله فيها ولا يكفى فى إثباتها أو التنصل منها ظهور الشخص بمظهر المتمتع بجنسيتها ولو تأكد بأوراق رسمية صدرت من جهات إدارية ما دامت هذه الأوراق لم تعد أصلاً لإثبات الجنسية, كما لا يسوغ من ناحية أخرى لحرمان المواطن من حقه فى التمتع بجنسيتها ظهوره لدى بعض الجهات بمظهر الأجنبى غير المتمتع بجنسية جمهورية مصر العربية لإعداد الجهة الإدارية ملف إقامة لأحد الأشخاص التى رفضت من جانبها إثبات جنسيته المصرية ـ فكل أولئك لا يعدو أن يكون ممثلاً لوجهة نظر كل من طالب الجنسية والجهة المانحة لها ـ ومرد ذلك كله إلى أحكام قانون الجنسية الواجب التطبيق والذى تحدد أحكامه الاشتراطات الواجب توافرها فيمن يعتبر مصرياً طبقاً لأحكامها دون أن يكون للمواطن المصرى أو الجهة الإدارية سلطة تقديرية فى تحديد استحقاق طالب الجنسية لها من عدمه.
وفى ضوء هذه الأصول الدستورية والقانونية السليمة تضمنت القوانين المتتابعة فى شأن الجنسية المصرية ـ فى ظل المجال الزمنى لسريان كل منها ـ أحكام هذه الجنسية، حيث نصت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية على أنه “يعتبر داخلاً فى الجنسية المصرية بحكم القانون أولاً :……………… ثانياً : ………………. ثالثاً : من عدا هؤلاء من الرعايا العثمانيين الذين كانوا يقيمون عادة فى القطر المصرى فى 5 نوفمبر
سنة 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى تاريخ نشر هذا القانون” .
كما نصت المادة السادسة من ذات القانون على أنه “يعتبر مصريًا : (1) من وُلد فى القطر المصرى أو فى الخارج لأب مصرى. (2) من وُلد فى القطر المصرى أو فى الخارج من أم مصرية مادامت نسبته لأبيه لم تثبت قانوناً. (3) من وُلد فى القطر المصرى من أبوين مجهولين. ويعتبر اللقيط فى القطر المصرى مولودًا فيه ما لم يثبت العكس. (4) من وُلد فى القطر المصرى لأب أجنبى ولد هو أيضًا فيه إذا كان هذا الأجنبى ينتمى بجنسه لغالبية السكان فى بلد لغته العربية أو دينه الإسلام”.
ونصت المادة الثانية من القانون رقم 160 لسنة 1950 الخاص بالجنسية المصرية على أنه. “1ـ يكون مصرياً من وُلد لأب مصرى. 2 ـ من وُلد فى المملكة المصرية من أم مصرية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له”.
ونصت المادة الثانية من القانون رقم 391 لسنة 1956 بشأن الجنسية المصرية على أن “يكون مصرياً: أولاً: من وُلد لأب مصرى. ثانياً: من وُلد فى الأراضى المصرية من أم مصرية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له . ثالثاً: ……………….. رابعاً: ………………” .
ويسرى حكم البنود ثانياً وثالثاً ورابعاً ولو كان ميلاد هؤلاء قبل تاريخ العمل بهذا القانون.
كما نصت المادة الثانية من القانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية جمهورية مصر العربية على أن “يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة: أولاً: من وُلد لأب يتمتع بهذه الجنسية . ثانياً: من وُلد فى الجمهورية العربية المتحدة من أم تحمل جنسية هذه الجمهورية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له . ثالثاً: ……………………” .
ويسري حكم هذه المادة ولو كان الميلاد قبل تاريخ العمل بهذا القانون .
وأخيرا تنص المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية على أنه “يكون مصريًا: 1ـ من وُلد لأب مصرى. 2ـ من وُلد فى مصر من أم مصرية ومن أب مجهول الجنسية أو لا جنسية له”.
كما نصت المادة 24 من ذات القانون على أنه “يقع عبء إثبات الجنسية على من يتمسك بالجنسية المصرية أو يدفع بعدم دخوله فيها”.
ومن حيث إن المستفاد من هذه النصوص ـ على نحو ما سلف البيان ـ أن الجنسية المصرية مركز قانونى يتحقق للشخص بواقعة ميلاده لأب مصرى أو من خلال إقامة أصوله أو إقامته وفقًا للشروط والمدد التى تحددها القوانين المتعاقبة والتى حددت طوائف المصريين الأصلاء والاشتراطات الواجب توافرها فى كل طائفة من الطوائف بالتوطن فى مصر فى تاريخ معين بحسب الأحوال, وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع والمحافظة على الإقامة فى مصر حتى تاريخ العمل بقانون الجنسية الواجب التطبيق ويقع عبء إثبات الجنسية المصرية على عاتق من يتمسك بها.
ومن حيث إنه باستقراء قوانين الجنسية المتعاقبة يبين أن من حالات منح الجنسية المصرية الحالتين التاليتين :
الحالة الأولى : أخذ فيها المشرع بحق الإقليم كأساس لاكتساب الجنسية المصرية على أساس أن تأثير المجتمع على فرد من جراء صلته بالجماعة الوطنية التى ينتمى إليها بمحل ميلاده أقوى من صلته بالجماعة الأجنبية التى ينتمى إليها بأصله العائلى. وهذه الحالة منصوص عليها فى الفقرة الرابعة من المادة السادسة من القانون رقم 19 لسنة 1929 سالف الذكر، والتى تضمنت تدعيم ميلاد الابن على إقليم الدولة بأن اشترطت أن يكون ميلاد الأب أيضًا قد وقع فى إقليمها وكان الأب ينتمى بجنسه إلى غالبية السكان فى بلد لغته العربية أو دينه الإسلام وهو ما يعرف بشرط الميلاد المضاعف.
ومن حيث إنه وإن كان لم يرد فى القانون رقم 160 لسنة 1950 نص على هذه الحالة إلا أن ذلك لا يوثر على الجنسية المكتسبة وفقًا لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1929 ، وعلى ذلك فالأشخاص المولودون فى ظل المجال الزمني لسريان القانون رقم 19 لسنة 1929 أى خلال الفترة من 10 مارس سنة 1929 إلى 17 سبتمبر سنة 1950 تسرى عليهم أحكام التشريع المذكور بمعنى أنه تثبت لهم الجنسية المصرية فور ميلادهم إذا ما توافرت فى شأنهم إحدى الحالات المنصوص عليها فى القانون رقم 19 لسنة 1929 سالف الذكر، حتى ولو لم تتوافر بالنسبة لهم شروط اكتساب الجنسية وفقًا للقانون رقم 160 لسنة 1950.
الحالة الثانية : وتمثل هذه الحالة حالة الجنسية الأصلية المبنية على حق الدم المقترن بحق الإقليم، حيث قضى المشرع بأن الميلاد من أم تحمل الجنسية المصرية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له يعد سببًا كافيًا لثبوت الجنسية المصرية للابن بشرط تحقق الشروط الآتية:
1ـ أن تتم واقعة الميلاد على أرض مصر.
2ـ تمتع الأم بالجنسية المصرية.
3 ـ أن يكون الأب مجهول الجنسية أى غير معروف جنسيته وقت حدوث واقعة الميلاد, وقد تكون له جنسية ولكنها غير معروفة أو يكون الأب لا جنسية له أو عديمها أى لا يحمل أى جنسية, وذلك بهدف ألا يكون للأب جنسية يخشى من تأثيرها على المولود، وتحقق واقعة الميلاد على إقليم الدولة يحقق اندماج المولود فى الجماعة الوطنية مما يبرر تمتّعه بجنسيتها.
وقد ورد النص على حق التمتع بالجنسية المصرية طبقًا لهذه الحالة, وشروط هذا التمتّع وضوابطه فى قوانين الجنسية المتعاقبة أرقام 160/1950 و391 لسنة 1956 و82
لسنة 1958 و 26 لسنة 1975، وذلك خلال فترة نفاذ كل تشريع.
ومن حيث إن المطعون ضدهم يطلبون فى النزاع الماثل الحكم بإثبات جنسياتهم المصرية طبقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية, وساقوا ـ تدليلاً على ذلك ـ صــورة من البطــاقة العائلية للمطعــون ضده الأول (حاتم موسى عبد الفتاح المغربى) برقم 19364/ سجل مدني الشرق ـ محافظة بورسعيد، وصورة قيد ميلاد رسمية خاصة بالمذكور، ثابت فيها أنه من مواليد 2/10/1952 ـ مكان الميلاد/ بورسعيد ـ لأم تدعى (هدى السيد العطلة) مصرية الجنسية، وكذا صورة ضوئية من البطاقة الشخصية الخاصة بالمطعون ضده الثانى (موسى موسى عبد الفتاح المغربى) برقم 24571 ـ سجل مدنى الشرق/ محافظة بورسعيد، وصورة ضوئية من جواز السفر الخاص بالمذكور، وكذا صورة ضوئية من شهادة الخدمة العسكرية المؤرخة 4/9/1989 خاصة بالمذكور. وثابت من هذه المستندات ـ التى حوتها حافظة مستندات المدعيين المودعة بتاريخ 23/8/1995 أمام هيئة مفوضى الدولة لدى محكمة أول درجة ـ أن المطعون ضده الثاني من مواليد 27/8/1959 ـ وأنه مولود ببورسعيد, وأنهما وُلدا لأم تتمتع بالجنسية المصرية ولم تقدم جهة الإدارة ثمة دليل ينفى ثبوت نسبهما لأم تتمتع بالجنسية المصرية، وحيث إن البحث الذى أجراه قسم الجنسية بمصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية عن جنسية المطعون ضدهما على نحو ما جاء بملف جنسية الأول رقم 23/38/3764 وملف جنسية الثاني رقم 23/56/19180، وكذا ملف جنسية شقيق المطعون ضدهما (وسيم موسى عبد الفتاح المغربى) رقم 23/59/1037، وأيضاً ملف جنسية عم المطعون ضدهما (السيد عبد الفتاح المغربى) رقم 23/13/2015 ـ قد تضمَّن أن والد المطعون ضدهما (موسى عبد الفتاح المغربى) ولد بمصر عام 1923 وأن جدهما (عبد الفتاح المغربى) ولد بمصر أيضاً فى 23/9/1897 وأنه باستظهار حالة الجد تبين أنه طبقاً للشهادة الصادرة من القنصلية الفرنسية ببورسعيد مؤرخة 28/5/1947 أنه مقيد بها أنه تونسى الجنسية ـ حماية فرنسية, فى حين ثبت من الشهادة الصادرة من القنصلية الفرنسية بالقاهرة بتاريخ 20/3/1984 أن المذكور غير مقيد بسجلاتها, كما أن الشهادة الصادرة من سفارة ليبيا بالقاهرة (رعاية المصالح التونسية) المؤرخة 1/4/1959 بأن المذكور لم يدرج اسمه فى سجلات التونسيين بهذه القنصلية، وقد أسفر بحث جنسية المطعون ضدهما على أساس أنهما غير معينى الجنسية وأنهما من عائلات المغربى وهى من العائلات المشكوك فى جنسيتها, والجنسية المصرية غير ثابتة لها.
كما انتهى بحث جنسية عم المطعون ضدهما على أساس أنه غير معين الجنسية.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن عم المطعون ضدهما قد أقام الدعوى رقم 2024 لسنة 6 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بموجب عريضة مودعة قلم كتابها بتاريخ 19/8/1984 طالباً فى ختامها الحكم بثبوت تمتعه بالجنسية المصرية وكذا أولاده، وبجلسة 26/3/1987 قضت المحكمة المذكورة “بقبول الدعوى شكلاً، وبثبوت الجنسية المصرية بالنسبة للمدعين من الثانى حتى الأخير, ورفض ماعدا ذلك من طلبات, وألزمت جهة الإدارة والمدعى الأول بالمصاريف مناصفةً بينهما”.
وقد قضى هذا الحكم بثبوت الجنسية المصرية لأبناء عم المطعون ضدهما تأسيساً على أنهم ولدوا فى مصر من أم مصرية وأب مجهول الجنسية، وبذلك يكون قد توافرت فى شأنهم شروط إعمال البند الثانى من المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975، كما قضى بعدم ثبوت الجنسية المصرية لوالدهم.
ومن حيث إن المادة 22 من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية تنص على أنه”…. وجميع الأحكام التى تصدر فى مسائل الجنسية تعتبر حجة على الكافة ويُنشر منطوقها فى الجريدة الرسمية”.
وقد اضطرد ورود هذا النص بقوانين الجنسية منذ القانون رقم 160 لسنة 1950 الخاص بالجنسية المصرية، وذلك فى المادة 24 منه وفى المادة 28 من قانون الجنسية المصرية رقم 391 لسنة 1956 والمادة 33 من القانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة، وهذه النصوص التى صدر فى ظلها الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة سالف الذكر ـ والمرفق بملف جنسية عم المطعون ضدهما المشار إليه سلفاً ـ والذى أثبت الجنسية المصرية لأبنائه.
كما سلف البيان وقضى باعتبار المدعى الأول (عم المطعون ضدهما) مجهول الجنسية فمن ثَمَّ يكون والد المطعون ضدهما وفقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 مجهول الجنسية.
ومن حيث إنه ـ متى كان الأمر كذلك, وكان الثابت أن والد المطعون ضدهما مجهول الجنسية, وأنهما وُلدا فى مصر من أم تتمتع بالجنسية المصرية، وقد خلت الأوراق من ثمة دليل يثبت أنهما غير ذلك, وأنهما يقيمان فى مصر منذ ميلادهما ومن ثَمَّ يكون قد توافر فى شأن المطعون ضدهما شروط إعمال البند الثانى من المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975, مما يتعين معه القضاء بثبوت الجنسية المصرية لهما.
ومن حيث إنه بالنسبة لما دفعت به الجهة الطاعنة من أن الحكم المطعون فيه استمد قضاءه بثبوت الجنسية المصرية للمطعون ضدهما من المستندات التى قدمها المطعون ضدهما والمبينة بمدونات هذا الحكم الأمر الذى يصم الحكم المطعون فيه ـ فضلاً عما تقدم ـ بالقصور فى التسبيب إذ اعتمد أيضًا فى قضائه على الحالة الظاهرة التى ظهر بها المطعون ضدهما من الأوراق المشار إليها فإنه وإن كان هناك العديد من التشريعات التى تخاطب المصريين مثل القوانين الصادرة فى شأن الأحوال المدنية وفى شأن جوازات السفر وتشريعات الأحوال الشخصية وقوانين الخدمة العسكرية وقوانين التعليم وقانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الأحزاب السياسية, ومن ثَمَّ فإن المسوغات والمستندات الصادرة طبقاً لأحكام هذه القوانين تمنح للمواطنين حاملى الجنسية المصرية، مثل: شهادات الميلاد ـ البطاقات الشخصية والعائلية ـ قسائم الزواج ـ شهادات تأدية الخدمة العسكرية والوطنية ـ المؤهلات الدراسية ـ بطاقات الانتخاب, جوازات السفر……….. فإن هذه المستندات تظهر حاملها بمظهر المتمتع بالجنسية المصرية إلا أنه لما كانت هذه المستندات غير معدة أصلاً لإثبات الجنسية وإنما صادرة من جهات غير مختصة بذلك وأن ما يثبت فيها بشأن الجنسية يكون بناءً على إقرار صاحب الشأن دون أن تجرى الجهة الإدارية تحرياتها فى شأن صحتها وحقيقتها فضلاً عن أن قوانين الجنسية لم تشر إلى هذه المستندات كدليل على ثبوت الجنسية, وعلى ذلك لا تعد هذه الأوراق الرسمية دليلاً قاطعاً على ثبوت الجنسية المصرية بل تعد قرينة بسيطة على ثبوت الجنسية قابلة لإثبات العكس, ومن ثَمَّ فإن إثبات الجنسية وفقًا للحالة الظاهرة بناءً على المستندات المشار إليها ليست لها حجية قطعية, وإنما يجوز إقامة الدليل على عكس ما تشهد به هذه الحالة, وبذلك لا تعفى تلك المستندات صاحب الشأن من إقامة الدليل على تمتّعه بالجنسية المصرية, وبالتالى فإن عبء إثبات الجنسية يقع على عاتق من يتمسك بها أو يدفع بعدم الدخول فيها وإنما المرجع فى ثبوت الجنسية المصرية يكمن فى أحكام قوانين الجنسية ذاتها التى تنظم هذه الجنسية, حيث حددت على سبيل الحصر حالات الجنسية وشروط الدخول فيها والاشتراطات الواجب توافرها فيمن يعتبر مصرياً طبقاً لأحكامها ـ خلال فترة نفاذ كل تشريع ـ وبذلك يستمد الفرد حقه فى ثبوت الجنسية المصرية من القانون مباشرة.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم, فإنه ليس صحيحاً ما دفعت به جهة الإدارة من أن الحكم الطعين أقام قضاءه على الحالة الظاهرية للمطعون ضدهما، ذلك أن النتيجة التى انتهت إليها محكمة أول درجة فى حكمها المطعون فيه من ثبوت الجنسية المصرية للمطعون ضدهما ـ والمؤيد بقضاء هذه المحكمة ـ لم تستمد من حالتهما الظاهرة ـ ذلك أن هذه النتيجة استخلصت من نتيجة بحث مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية ـ وزارة الداخلية وهى الجهة المختصة قانوناً بتطبيق قوانين الجنسية والذى انتهى إلى أن هذه الأسرة غير معلومة الجنسية طبقاً لما سلف بيانه, كما استخلصت هذه المحكمة, هذه النتيجة أيضًا من نتيجة الحكم الصادر فى الدعوى رقم 2024 لسنة 6ق سالف الإشارة إليه والذى قضى باعتبار عائلة شقيق والد المطعون ضدهما لأبيه مجهولة الجنسية, وما تحوزه الأحكام الصادرة فى مسائل الجنسية من حجية فى مواجهة الكافة, وهو الأمر الذى يجعل الحكم المطعون فيه صحيحًا فيما انتهى إليه من ثبوت الجنسية المصرية للمطعون ضدهما لتوافر شروط تمتّعهما بها وفقًا لحكم البند الثانى من المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم من القانون, خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً, وألزمت الجهة الطاعنة المصروفات.