جلسة 25 من سبتمبر سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / السيد محمد السيد الطحان، وحسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ود.محمد كمال الدين منير أحمد
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 2430 لسنة 49 قضائية عليا:
ما يعد قراراً إدارياً ــ قرار المجلس الإكليريكى لشئون الكهنة ببطريركية الأقباط الأرثوذكس بالتجريد من الكهنوت.
بطريركية الأقباط الأرثوذكس تعتبر من أشخاص القانون العام وما يتفرع عنها من هيئات إدارية ــ ليس هناك ما يحول دون اعتبار قراراتها قرارات إدارية إذا ما استقامت لها مقومات القرار الإدارى وأركانه قانونًا ــ قرار المجلس الإكليريكى لشئون الكهنة ببطريركية الأقباط الأرثوذكس بالتجريد من الكهنوت صادر عنه بصفته يتمتع بقدر من السلطة العامة وفى حدود الاختصاصات المنوطة بالمجلس الأكليريكى وقد مس مركزًا قانونيًا لمن صدر بشأنه، ومن ثَمَّ يضحى قرارًا إداريًا مستكملاً لخصائصه القانونية ــ مؤدى ذلك: اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بالفصل فى طلب إلغائه ــ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 26/12/2002 أودع وكيل الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت الرقم المشار إليه، فى حكم محكمة القضاء الإدارى ــ الدائرة الأولى ــ الصادر بجلسة 29/10/2002 فى الدعوى رقم 3768 لسنة 53ق، والذى قضى بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليه بصفته المصروفات.
وطلب الطاعن ــ بصفته وللأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم مجددًا بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائيًا بنظر الدعوى، وبعدم قبولها لانتفاء القرار الإدارى، واحتياطيًا برفضها.
وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعن المصروفات.
وعُيّن لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى فحص طعون جلسة 4/10/2004، وتدوول نظره أمامها إلى أن قررت بجلسة 7/3/2005 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى ــ موضوع) لنظره بجلسة 7/5/2005، وفيها تقرر التأجيل لجلسة 11/1/2005، حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أنه بتاريخ 31/1/1999 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 3768 لسنة 53ق أمام محكمة القضاء الإدارى، وطلب فيها وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار بطريركية الأقباط الأرثوذكس الصادر بتجريده من الكهنوت وذلك لقيامه بإجراءات زيجات دون أن تصرح له البطريركية بذلك وذلك أثناء إيقافه عن الخدمة الكهنوتية، على سند من أن هذا القرار قد جاء منعدمًا لعدم انعقاد جلسة لمحاكمته وإعلانه حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه، وأنه صدر مشوبًا بعيب إساءة استعمال السلطة؛ لأنه صدر استجابةً لرغبة البطريرك فى الانتقام من المدعى لقيامه بعقد زيجات دون الحصول على تصاريح مسبقة من البطريركية، واستمرار دفتر التوثيق بيد المدعى، فى حين سبق لمحكمة الأحوال الشخصية أن رفضت شكاوى عديدة تقدم بها المدعى عليه لوقفه عن العمل وسحب دفتر التوثيق الخاص به، ولهذا أصدر المجلس الأكليريكى القرار استجابة لرغبة المدعى عليه وليس كجزاء نتيجة محاكمة علنية.
وبجلسة 29/10/2001 قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وشيدت قضاءها على أن الأوراق قد أجدبت من ثمة دليل على أن المجلس الأكليريكى قد واجه المدعى بالاتهامات المنسوبة إليه، ولم يخطره للتحقيق معه حتى يتيح له فرصة الدفاع عن نفسه مما يمثل إخلالاً جوهريًا بحق دستورى مقرر للمدعى، ويضحى القرار فاقدًا لسنده المشروع، غير قائم على سببه الصحيح.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها:
1ــ أن قرار اعتبار انضمام المطعون ضده إلى الكنيسة الكاثوليكية باطلاً وكأنه لم يكن ومحو اسمه من السجلات: هذا القرار لا يعتبر قرارًا إداريًا طبقًا للمعايير التى قررتها المحكمة الإدارية العليا؛ لأنه صدر من البطريرك بصفته الدينية وليس كجهة إدارية لها سلطة عامة، وكل ما ينتجه القرار من آثار يتمثل فى الأثر الدينى وهو إخراجه من الطائفة الكاثوليكية، ورده إلى الطائفة الأرثوذكسية؛ وعلى ذلك فإن هذا القرار لا يعدو أن يكون قرارًا دينيًا لا يخضع لاختصاص محكمة القضاء الإدارى.
2ــ إنه قد تم استدعاء المطعون ضده أكثر من مرة للتحقيق معه ولم يحضر، وعندما حضر امتنع عن الإدلاء بأقواله أو الرد على الاتهامات الموجهة إليه ورفض التوقيع، وقد أقر المطعون ضده فى التحقيق الذى أجرى معه لدى المحامى العام فى الشكوى رقم 13 لسنة 1998 بأنه لا يدون بعقود الزواج تصريح البطريركية بالموافقة على هذا الزواج مخالفًا ما نصت عليه المادة (32) من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس لسنة 1938.
ومن حيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن بطريركية الأقباط الأرثوذكس تعتبر من أشخاص القانون العام وما يتفرع عنها من هيئات إدارية، ذلك أنها تقوم على رعاية المرافق الدينية التابعة لها مستعينة فى ذلك بقسط من اختصاصات السلطة العامة، وليس هناك ما يحول من حيث الأصل دون اعتبار قراراتها قرارات إدارية إذا ما استقامت لها مقومات القرار الإدارى وأركانه قانونًا، وإذ صدر قرار المجلس الأكليريكى لشئون الكهنة ببطريركية الأقباط الأرثوذكس بجلسة 29/9/1998 بتجريد المطعون ضده من الكهنوت، فإنه يكون صادرًا منها بصفتها تتمتع بقدر من السلطة العامة وفى حدود الاختصاصات المنوطة بالمجلس الأكليريكى، وقد مس هذا القرار مركزًا قانونيًا للمطعون ضده، ومن ثَمَّ يضحى قرارًا إداريًا مستكملاً لخصائصه القانونية، ويختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بالفصل فى طلب إلغائه.
ولما كان قرار تجريد المطعون ضده من الكهنوت هو بمثابة قرار تأديبى، فقد كان متعينًا إخطاره بالجلسة التى يصدر فيها هذا القرار من المجلس الأكليريكى حتى يتسنى له الحضور بنفسه أو بوكيل عنه لإبداء أوجه دفاعه فى التهم المسندة إليه، وإذ خلت الأوراق مما يفيد إخطاره بتاريخ الجلسة وإحاطته علمًا بالتهم المنسوبة إليه، فإن ذلك يتعارض مع الضمانة المقررة للمتهم بإبداء دفاعه قبل صدور الحكم عليه، مما يضحى معه القرار المطعون فيه مخالفًا لأحكام القانون متعينًا الحكم بإلغائه، ولا يغير من ذلك ما ساقته الجهة الطاعنة من أنها أخطرته عدة مرات ولم يستجب لهذه الإخطارات، ذلك أن الإخطارات قد تمت فى تاريخ لاحق لتاريخ الجلسة التى صدر فيها القرار المطعون فيه فلا ترتب أى أثر قانونى ولا تصحح الإجراءات الباطلة السابقة على صدور القرار التأديبى. كما لا يغير من ذلك إقرار المطعون ضده فى التحقيق الذى أجرى معه فى الشكوى رقم 13 لسنة 1998 بأنه لا يدون بعقود الزواج تصريح البطريركية بالموافقة على هذا الزواج، ذلك أن هذا التحقيق كان يتعلق بشكوى مقدمة من البطريركية ضد المطعون ضده طلبت فيه التحقيق فيما وقع من المطعون ضده من تزوير فى محررات رسمية، وقدمت هذه الشكوى بتاريخ 15/11/1998 وهو تاريخ لاحق لجلسة المجلس الأكليريكى فى 29/9/1998 الذى أصدر فيه القرار المطعون فيه، ومن ثَمَّ فإن موضوع الشكوى مختلف عن موضوع القرار المطعون فيه، فضلاً عن تقديمها فى تاريخ لاحق لتاريخ صدور القرار فلا يترتب على هذا التحقيق تصحيح الإجراءات الباطلة السابقة على صدور القرار المطعون فيه.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب، فإنه يكون قد صدر مطابقًا لصحيح حكم القانون، ويضحى الطعن عليه غير قائم على أساس سليم فى القانون متعينًا الحكم برفضه، ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.