جلسة 18 من إبريل سنة 2012
الطعن رقم 25630 لسنة 53 القضائية (عليا)
(الدائرة السادسة)
– شروط الترخيص- شرط المسافة– عدم التقيد بشرط المسافة في حالة هدم أو احتراق الصيدلية– يجب أن تكون ظروف التهدم أو الاحتراق طارئة وخارجة عن إرادة صاحب الصيدلية المطلوب نقلها– يتعين أن يتم النقل داخل الحي أو البلدة أو المدينة التي كانت بها الصيدلية المنقولة، وأن يكون الحي أو المدينة أو البلد التي سيتم النقل إليها متماثلا في الوسط الاجتماعي والرقي والقدرة الاقتصادية مع الحي الذي سيتم النقل منه([1]).
– المادتان رقما (11) و(14) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة، معدلا بموجب القانونين رقمي 253 لسنة 1955 و7 لسنة 1956.
بتاريخ 4/9/2007 أودع نائب وكيل الطاعنة قلم المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام برقم 25630 لسنة 53 ق.ع في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثالثة) بجلسة 4/7/2007 في الدعوى رقم 381 لسنة 55 ق الذي قضى برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام المدعية المصروفات.
وطلبت الطاعنة في تقرير الطعن -ولما أوردته به من أسباب- تحديد أقرب جلسة ممكنة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يتم الفصل في موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وإلزام الطاعنة المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حتى قررت هذه الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا التي نظرته بجلسات المرافعة وذلك على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حتى قررت بجلسة 2/11/2011 إصدار الحكم في الطعن بجلسة 21/12/2011 ومذكرات خلال أسبوعين، وقد مضى هذا الأجل، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الطاعنة تطلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعنة كانت قد أقامت الدعوى رقم 381 لسنة 55ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ضد السيدة/منى… والجهة الإدارية المدعى عليها، طلبت في عريضتها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الإداري الصادر للمدعى عليها السيدة/منى… بنقل ترخيص الصيدلية الخاصة بها إلى المقر الكائن ببرج الصفا شارع عدن المتفرع من شارع شهاب بالمهندسين، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات.
وقالت المدعية شرحا لدعواها إنها تمتلك الصيدلية الكائنة بالعقار رقم 42 شارع عدن المتفرع من شارع شهاب بالمهندسين، وإذ حصلت المدعى عليها الأولى الصيدلانية/منى … على ترخيص في نقل صيدليتها الكائنة بحي الهرم إلى العقار رقم 35 شارع عدن والذي لا يبعد عن صيدلية المدعية أكثر من عشرة أمتار؛ لأن هذا الترخيص في النقل إذا استهدف التحايل على أحكام القانون المقررة لوجوب أن تكون المسافة بين صيدليتين لا تقل عن مئة متر بحجة إزالة المكان المرخص فيه للمدعى عليها في فتح الصيدلية، وهو ما يشوب هذا القرار بعيب مخالفة القانون، وأنه إذ توفر ركن الاستعجال في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فقد أقامت المدعية هذه الدعوى للحكم بطلباتها المذكورة سالفا.
…………………………………..
وبجلسة 28/1/2003 قضت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الرابعة) حكمها بقبول الدعوى شكلا، وفي الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب إلغاء القرار المطعون فيه. وقد تم إعداد تقرير بالرأي القانوني في هذا الطلب ارتأت فيه هيئة مفوضي الدولة الحكم بإلغاء القرار السلبي الصادر عن إدارة الصيدلة بمديرية الشئون الصحية بالجيزة فيما تضمنه من الامتناع عن إلغاء الترخيص رقم 1321 الصادر بتاريخ 26/11/2000 الممنوح للصيدلانية/منى … في فتح صيدلية بالعقار رقم 35 شارع عدن ناحية الحجاز المهندسين.
وبجلسة 4/7/2007 حكمت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثالثة) برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المدعية المصروفات.
وشيدت المحكمة هذا القضاء بعد أن استعرضت موجب المادة 11/1، والمادة 14 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة على أساس أن المشرع وضع عدة قيود للترخيص في فتح صيدلية، من بينها شرط المسافة بين الصيدلية وأقرب صيدلية لها، واستثناء من هذا الشرط في حالة هدم أو احتراق الصيدلية أجاز المشرع نقلها بالترخيص نفسه نتيجة لهذا الظرف الطارئ الخارج عن إرادة صاحب الصيدلية، بمراعاة توفر الاشتراطات الصحية المقررة في المكان المنقول إليه الصيدلية، مع التجاوز عن غير ذلك من الشروط، ومنها شرط المسافة، وأنه لما كان الثابت من الأوراق أنه صدر ترخيص للصيدلانية/منى… في فتح صيدلية بالعقار رقم 65 شارع محمد رفاعي- مدينه العطور- الطالبية بالهرم، ثم صدر قرار الحي رقم 867 لسنة 1999 بإزالة هذا العقار، فتقدمت الصيدلانية المذكورة بطلب لنقل ترخيص الصيدلية الخاصة بها إلى العقار رقم 35 شارع عدن ناحية شارع الحجاز- المهندسين، فوافق مدير مديرية الشئون الصحية بالجيزة على نقل هذه الصيدلية إلى هذا المقر الجديد، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون، حتى لو لم يراعَ شرط المسافة في المقر الجديد.
ولا ينال من ذلك القول بأنه لم يتم هدم هذا العقار القديم حتى يتم نقل ترخيص هذه الصيدلية إلى مقرها الجديد؛ إذ إن مجرد معاينة العقار القديم بمعرفة جهات الاختصاص، وصدور قرار عن الحي بإزالته حتى سطح الأرض كافٍ بذاته لاستصدار قرار بنقل الصيدلية إلى مكان آخر خشية فوات الوقت وحماية للأموال والأرواح المهددة بانهيار العقار في أية لحظة، والقول بغير ذلك يعني ضرورة الانتظار حتى وقوع الحادثة بانهيار العقار فوق الصيدلية ومن فيها من الأشخاص، ثم يتم النظر بعد ذلك في نقل ترخيصها إلى مكان آخر، وهو ما يتأبى مع الذي أورده المشرع على النحو المذكور سالفا، فضلا عن أن الثابت من الأوراق أنه تم تنفيذ قرار الهدم بالفعل، وهو ما يكون القرار المطعون فيه قد صدر على سببه المبرر له قانونا.
وبذلك خلصت محكمة أول درجة إلى قضائها المتقدم.
…………………………………..
ونظرا إلى أن هذا القضاء لم يلق قبولا من جانب المدعية (الطاعنة في الطعن الماثل) فقد أقامت ضده الطعن الراهن ناعية عليه مخالفته للقانون على أساس أن مقتضى تطبيق نص المادة رقم 14 من القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة وتعديلاته أنه في حالة نقل الصيدلية بسبب الهدم أو الحريق يجب أن يكون النقل في أضيق نطاق، وأن يكون داخل الحي الذي كانت به الصيدلية المنقولة، وإلا عُد ذلك النقل تحايلا على القانون، لاسيما أن الصيدلية تقوم بوظيفة خدمية وليست مقامة بقصد التجارة، ومن ثم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
…………………………………..
وحيث إنه عن الموضوع فإن المادة رقم 11/1 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة تنص على أنه: “لا يجوز إنشاء مؤسسة صيدلية إلا بترخيص من وزارة الصحة…”.
وتنص المادة رقم 14/1 منه المعدلة بالقانون رقم 253 لسنة 1955 والقانون رقم 7 لسنة 1956 على أن: “تلغى تراخيص المؤسسات الخاضعة لأحكام هذا القانون في الأحوال الآتية:
3- إذا نقلت المؤسسة من مكانها إلى مكان آخر ما لم يكن النقل قد تم بسبب الهدم أو الحريق، فيجوز الانتقال بنفس الرخصة إلى مكان آخر متى توفرت فيه الشروط الصحية المقررة، ويؤشر بالإلغاء أو النقل على الترخيص وفي السجلات…”.
وحيث إنه يستفاد من النصين المتقدمين، وفي ضوء أحكام المحكمة الإدارية العليا المتعلقة بهذه النصوص أن المشرع وضع عدة قيود للترخيص في فتح صيدلية، من بينها شرط المسافة لأقرب صيدلية، واستثناء من هذا الشرط في حالة الهدم أو احتراق الصيدلية أجاز المشرع نقلها بالترخيص نفسه نتيجة لهذا الظرف الطارئ الخارج عن إرادة صاحب الصيدلية، بمراعاة توفر الاشتراطات الصحية المقررة في المكان المنقولة إليه الصيدلية، مع التجاوز عن غير ذلك من الشروط، ومنها شرط المسافة، كما قضت المحكمة الإدارية العليا في هذا الصدد بأن المكان الذي تنقل إليه المؤسسة الصيدلية في هذه الحالة وإن لزم أن تتوفر فيه الشروط الصحية المقررة، إلا أنه مراعاة لحالة الضرورة التي وجد فيها صاحب الصيدلية فإن المشرع لم يتطلب غير ذلك من الشروط، ومنها شرط المسافة بين الصيدلية العامة المنقولة وأقرب صيدلية عامة أخرى، خاصة أن نص المادة رقم 30 من القانون المشار إليه تنص على أنه: “… ويراعى ألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص بها وأقرب صيدلية مرخص بها عن مئة متر”، فهذا الشرط تطلبه القانون عند الترخيص المبتدأ للصيدلية العامة، وليس في حالة نقل ترخيص صيدلية قائمة بمكان تهدَّم أو احترق، غير أن ظروف التهدم أو الاحتراق يجب أن تكون طارئة وخارجة عن إرادة صاحب الصيدلية المطلوب نقلها، بحيث إذا تعمد صاحب الصيدلية اختيار مكان لصيدليته بعقار يوشك أن ينقض، وذلك حتى يتوصل لنقلها إلى مكان آخر لا تتوفر فيه شرط المسافة، فلا يجوز النقل في هذه الحالة.
(يراجع في هذا الصدد حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 6605 لسنة 48 القضائية عليا بجلسة 3/5/ 2005، وكذلك حكمها الصادر في الطعنين رقمي 1333و20974 لسنة 30 القضائية عليا بجلسة 16/5/ 1987)
وحيث إن السيد الدكتور/ وكيل وزارة الصحة كان قد طلب بكتابه رقم 4688 المؤرخ في 12/4/1969 من إدارة الفتوى لوزارة الصحة بمجلس الدولة إبداء الرأي حول مدى جواز الموافقة على نقل ترخيص صيدلية أحد المواطنين الكائنة بمدينة المنزلة إلى مدينة الإسكندرية لتهدم العقار الذي كانت توجد به الصيدلية بمدينة المنزلة بمحافظة الدقهلية وذلك على وفق نص المادة 14/3 من أحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة والقوانين المعدلة له، وقد سجل هذا الموضوع لدى إدارة الفتوى المذكورة سالفا بسجلاتها برقم ملف 5/4/63، وقد أحالتها إدارة الفتوى المذكورة إلى اللجنة الثانية للقسم الاستشاري بمجلس الدولة وذلك بالجلسة المعقودة في 1/7/ 1969، ورأت -بعد استعراضها لنص المادة المذكورة سالفا الذي يقضي بإلغاء تراخيص الصيدليات إذا نقلت من مكان إلى آخر- أن نقل ترخيص الصيدلية لا يجوز إلا إذا كان النقل بسبب الحريق أو الهدم فيجوز الانتقال بذات الترخيص إلى مكان آخر، كما رأت اللجنة أن المقصود بنقل الصيدلية من مكان لآخر في تطبيق نص المادة رقم 14 من القانون المذكور أن يتم النقل داخل حدود البلدة أو المدينة التي سبق الترخيص بالصيدلية فيها، وذلك على أساس أن النقل في الحالتين المنصوص عليهما في المادة المذكورة سالفا هو استثناء من الأصل وهو إلغاء الترخيص، والاستثناء لا يجوز التوسع في تفسيره، بالإضافة إلى أن المقصود بالاستثناء هو الخروج على شرط المسافة، وهو شرط لا ينطبق إلا داخل المدينة أو البلدة التي رخص بالصيدلية فيها، وهذا شرط جوهري، فلا يعقل أن يتم نقل ترخيص الصيدلية من حي شعبي إلى حي راق، بل يتعين أن يتم النقل من حي إلى حي مماثل له في الوسط الاجتماعي والرقي والقدرة الاقتصادية؛ حتى لا يستغل المرخص له الاستثناء استغلالا سيئا يحقق له الثراء بغير وجه حق.
وحيث إنه بتطبيق ما تقدم على حالة الطعن الماثل، ولما كان الثابت من الأوراق أن الصيدلانية/منى… كان قد صدر لها ترخيص صيدلية في العقار رقم 65 شارع محمد رفاعي بمدينة العطور بالطالبية بحي الهرم، وذلك بتاريخ 27/7/1991، ثم صدر قرار الحي رقم 867 لسنة 1999 بإزالة هذا العقار حتى سطح الأرض وتمت إزالته، وقد أقرت السيدة المذكورة بذلك في خطابها الموجه إلى مدير إدارة الصيدلة بالجيزة والممهور بخاتم مديرية الشئون الصحية بمحافظة الجيزة والمؤرخ في 25/12/1999، وطلبت الصيدلانية المذكورة في هذا الخطاب السماح لها بنقل ترخيص تلك الصيدلية بالاستثناء من شرط المسافة المنصوص عليه قانونا، استنادا إلى ظروف التهدم الطارئة والخارجة عن إرادتها كصاحبة للصيدلية المحروقة أو المهدومة؛ ولذلك فإنه يجوز إجابتها على هذا الطلب شريطة أن يكون الحي أو المدينة أو البلد الذي سيتم النقل إليه مماثلا من ناحية الوسط الاجتماعي والقدرة الاقتصادية والرقي العمراني والسكاني للحي الذي سيتم النقل منه، وأن يكون النقل داخل الحي أو البلدة أو المدينة التي كانت بها الصيدلية المنقولة؛ وذلك لأن الحق في نقل الترخيص في حالة حريق العقار أو تهدمه إنما هو استثناء من الأصل العام، وهو ضرورة التقيد بشرط المسافة في حالة الصيدليات؛ لأن الاستثناء يتعين تفسيره في أضيق الحدود ولا يجوز التوسع فيه، وعلى ذلك فإنه لما كانت محافظة الجيزة قد استجابت لطلب الصيدلانية المذكورة بالموافقة على نقل ترخيص هذه الصيدلية إلى المقر الجديد لها في العقار رقم 35 شارع عدن ناصية شارع الحجاز بمدينة المهندسين بالجيزة، في الوقت الذي يختلف حي الطالبية من حيث الرقي والوسط الاجتماعي والاقتصادي عن مدينة المهندسين المطلوب نقل ترخيص الصيدلية إليها، مما يكون معه قرار الجهة الإدارية بالموافقة على نقل هذا الترخيص إلى مدينة المهندسين مخالفا للشرط الذي قررته اللجنة الثانية بقسم الفتوى بمجلس الدولة بفتواها بالملف المذكور سالفا، ومن ثم يضحى هذا القرار قد صدر مخالفا للقانون خليقا بالإلغاء، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بغير ذلك فإنه يكون قد صدر مخالفا للقانون خليقا بالإلغاء، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إن الجهة الإدارية قد خسرت الطعن، فمن ثم حق إلزامها المصروفات عملا بالمادة رقم 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
([1]) خالفت المحكمة الإدارية العليا هذا الاتجاه في حكم لاحق لها (صدر في الطعنين رقمي 33436 و40664 لسنة 56 القضائية عليا بجلسة 25/12/2013، قيد النشر بمجموعة السنة 59 مكتب فني)، حيث أكدت أنه لا محل للقول بأن نقل الصيدلية على وفق أحكام المادتين رقمي (14) و(30) من القانون رقم 127 لسنة 1955 مناطه أن يكون النقل داخل الحي أو البلدة أو المدينة التي كانت بها الصيدلية المنقولة، وأن يكون الحي أو المدينة أو البلدة التي سيتم النقل إليها متماثلا من ناحية الوسط الاجتماعي والقدرة الاقتصادية والرقي العمراني والسكاني للحي الذي سيتم النقل منه؛ وذلك لأن النص الوارد بالمادة رقم (14) من القانون رقم 127 لسنة 1955 نص مطلق، والقاعدة الفقهية تجري على أن المطلق يجري على إطلاقه، ما لم يقم دليلُ التقييد نصًا أو دلالة، ولا نص هنا على شرط التماثل، وأيضًا دلالة الحال لا تستقيم مع هذا الشرط؛ لأن الاستثناء المقرر قد شرع للتعامل السريع مع الظرف الطارئ= =والضرورة الملجِئة لتوفير مكان بديل لمباشرة النشاط؛ حتى لا تضطرب أحوال الصيدلي المعيشية هو وأسرته، وقد يتوفر هذا المكان في حيٍ دون آخر، وقد لا يوجد بالمدينة ذاتها أحياء متماثلة، كما أنه لا يوجد معيار لبيان التماثل من ناحية الوسط الاجتماعي والقدرة الاقتصادية والرقي العمراني والسكاني، وحتى لو وُجِدَ، فإن تطبيق ذلك سيكون من الصعوبة بمكانٍ خاصةً في حالة منازعة ذوي الشأن، وهذا كله لا يتوافق مع الغرض الذي شُرِّعَ له هذا الاستثناء، كما أنه ليس به أية محاباة لأحدٍ؛ لأن كل صيدلي مُعرضٌ لهذا الظرف، كما أنه ليس في هذا الأمر ما يحقق الثراء للصيدلي بغير وجه حق، لأن الثابت مما سبق أن نقل الرخصة في هذه الحالة مطابقٌ للقانون، ومن ثم فإن كسبَه يكون مشروعًا، كما لا يمكن لأحد البتة التكهن أصلا بوقوع الثراء من عدمه، أو أن هذا الأمر مرتبطٌ بالترخيص في حيٍ راقٍ دون الأحياء الشعبية.