جلسة 26 من أبريل سنة 2008
(الدائرة الرابعة)
الطعن رقم 25847 لسنة 51 القضائية عليا.
– تأديب- دعوى تأديبية- ميعاد سقوطها- انقطاع الميعاد- أثر اتخاذ إجراءات جمع الاستدلالات في قطع الميعاد.
المادة 91 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 معدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983.
قرر المشرع سقوط الدعوى التأديبية عن العامل الموجود بالخدمة عما يبدر منه من مخالفات بمضي ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة؛ حتى لا تستمر هذه المخالفة سيفا مسلطا على رقاب العاملين، بما لها من أثر في سير المرفق العام- مدة ثلاث السنوات المسقطة للدعوى تتطلب استمرارها بدون إجراء قاطع للتقادم، فإذا ما كان هناك إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة يقطع التقادم فلا تسري المدة إلا من تاريخ آخر إجراء من الإجراءات القاطعة للتقادم، متى كانت المدة بين الإجراء والآخر لا تمتد لمدة ثلاث السنوات المقررة للتقادم- إجراءات جمع الاستدلال وإن كانت لا تقطع التقادم في الدعوى الجنائية إلا إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو أخطر بها بوجه رسمي، إلا أن طبيعة المخالفات الإدارية لا تحتمل هذا المعنى الفني الدقيق للتحقيق الجنائي، بما يوجب أن يدخل في معنى الإجراءات القاطعة للتقادم إجراءات جمع الاستدلال بكافة صورها، ولو لم تتخذ في مواجهة المتهم- إجراءات التحقيق الإداري القاطع للتقادم تشمل أي إجراء يتخذ من الجهة الإدارية بحثا عن حقيقة الأمر في مسألة يراد الوصول إلى حقيقة الأمر فيها، وبما لا يُخرج إجراءات جمع الاستدلالات عن كونها من إجراءات التحقيق الإداري- تطبيق.
بتاريخ 12/9/2005 أودع الأستاذ … نائباً عن السيد الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 25847 لسنة 51 ق في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية بقنا بجلسة 24/7/2005 في الدعوى رقم 50 لسنة 13 ق الذي قضى منطوقه بسقوط الدعوى التأديبية بالتقادم.
وطلبت الهيئة الطاعنة بنهاية تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بإحالة الدعوى للمحكمة التأديبية بقنا للفصل فيها بمعرفة هيئة أخرى ومعاقبة المطعون ضدهم بالعقوبة المناسبة.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت بنهايته الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بإعادة الدعوى رقم 50 لسنة 12 ق للمحكمة التأديبية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وتم إعلان المطعون ضدهم بتقرير الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وتم تداول الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الموضح بمحاضر الجلسات وبجلسة 28/11/2007 قررت المحكمة إحالة الطعن لدائرة الموضوع لنظره بجلسة 26/1/2008 وبهذه الجلسة تم تداول الطعن أمام هذه الدائرة على النحو الموضح بمحضرها وقررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإن الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 24/7/2005 ، وقد أقامت الهيئة الطاعنة طعنها الماثل بتاريخ 12/9/2005 أي خلال المواعيد المقررة قانونا، وقد استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فيتعين الحكم بقبوله شكلا.
ومن حيث إن موضوع الطعن يخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 19/2/2005 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 50 لسنة 13 ق أمام المحكمة التأديبية بقنا بإيداع تقرير اتهام ضد كل من:
لأنهم بتاريخ 21/8/2000 بديوان عام محافظة البحر الأحمر بصفاتهم السابقة خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي، وأهملوا المحافظة على أموال الجهة التي يعملون بها وذلك بأنهم بصفتهم رئيس، وأعضاء اللجنة المشكلة بالقرار رقم 574 لسنة 2000 للبت في المناقصة العامة رقم 3 لسنة 2000 الخاصة بشراء عدد 4 سيارات جرار قاموا بترسية العملية على العطاء الأعلى سعراً بفارق 73672 جنيهاً نتيجة عدم تقييم التحفظات الواردة بالعطاء حيث إن العطاء غير شامل قطع الغيار بنسبة 10% بالمخالفة للشروط العامة للمناقصة، وذلك على النحو الوارد تفصيلاً بالأوراق.
وطلبت النيابة محاكمتهم بالمواد الواردة بتقرير الاتهام.
وتحدد لنظر الدعوى جلسة 27/3/2005 ،وتم تداولها على النحو الموضح بمحاضر الجلسات ،وبجلسة 24/7/2005 صدر الحكم المطعون فيه بسقوط الدعوى التأديبية بالتقادم.
وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه سالف الذكر على أساس أن المخالفة المنسوبة للمطعون ضدهم قد ارتكبت يوم 21/10/2000 ،وخلت الأوراق مما يفيد ارتباطها بشق جنائي مما يستطيل معه أجل التقادم، ولم تبدأ إجراءات التحقيق إلا بتاريخ 3/12/2003 تاريخ إحالة الواقعة للتحقيق بموجب قرار السكرتير العام لمحافظة البحر الأحمر ،وذلك بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع المخالفة المنسوبة للمتهمين، وتضحى المخالفة المنسوبة لهم قد سقطت بالتقادم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد شابه الفساد في الاستدلال المؤدي إلى مخالفة القانون ،والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ ذلك على أساس أن المخالفة المنسوبة للمطعون ضدهم تشكل فضلاً عن المخالفة التأديبية جريمة الإضرار غير العمدي المؤثمة بالمادة 116 مكرراً من قانون العقوبات، ومن ثم لا يطبق في شأنها نص المادة 91 من القانون رقم 47 لسنة 78 بسقوط الدعوى التأديبية بمضي ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب الواقعة، وإنما تسقط بسقوط الجريمة الجنائية بعد إنهاء الخدمة ما لم يبدأ التحقيق قبل انتهاء الخدمة، ومتى كان الأمر كذلك ،وكان المطعون ضدهم لم يتم التحقيق الجنائي معهم، ولم تنته خدمة أي منهم قبل مدة سقوط الجريمة فلا مجال هنا للحكم بسقوط الدعوى التأديبية قبل المطعون ضدهم ويضحى الحكم المطعون فيه مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه.
ومن حيث إن مثار النزاع في الطعن الماثل أنه قد ورد إلى النيابة الإدارية كتاب الشئون القانونية بديوان عام محافظة البحر الأحمر رقم 341748/3/2004 في شأن تحديد مسئولية أعضاء لجنة البت في المناقصة رقم 3 لسنة 2000 بترسية عملية توريد أربع سيارات رأس جرار على العطاء الأعلى سعراً مما تسبب في إهدار المال العام، وأرفقت بهذا البلاغ مذكرة الشئون القانونية المؤرخة 26/2/2004 ومذكرة الشئون المالية في 1/12/2003 وتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات رقم 928 في 18/12/2002 بشأن مسئولية لجنة البت في المناقصة رقم 3 لسنة 2000 المشكلة بالقرار رقم 574 لسنة 2000 عن ترسية هذه العملية على العطاء الأعلى سعراً بفارق قدره 73672 جنيهاً مما تسبب في إهدار المال العام، وطلب التحقيق في هذا الشأن.
وتولت النيابة الإدارية التحقيقات بالقضية رقم 77 لسنة 2004 الغردقة اعتباراً من 16/3/2004 وانتهت بمذكرتها المؤرخة 28/10/2004 إلى قيد الواقعة مخالفة مالية قبل المطعون ضدهم ،وإحالتهم للمحاكمة التأديبية، وبناء على ذلك صدر الحكم المطعون فيه بسقوط الدعوى التأديبية بالتقادم.
ومن حيث إن المادة 91 من القانون رقم 47 لسنة 78 بنظام العاملين المدنيين بالدولة معدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنص على أن “تسقط الدعوى التأديبية بالنسبة للعامل الموجود بالخدمة بمضي ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة، وتنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة، وتسري المدة من جديد ابتداء من آخر إجراء، وإذا تعدد المتهمون فإن انقطاع المدة بالنسبة لأحدهم يترتب عليه انقطاعها بالنسبة للباقين، ولو لم تكن قد اتخذت ضدهم إجراءات قاطعة للمدة، ومع ذلك إذا كون الفعل جريمة جنائية فلا تسقط الدعوى التأديبية إلا بسقوط الدعوى الجنائية”.
ومن حيث إن مفاد النص سالف الذكر أن المشرع قد قرر سقوط الدعوى التأديبية عن العامل الموجود بالخدمة عما يبدر منه من مخالفات بمضي ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة حتى لا تستمر هذه المخالفة سيفا مسلطا على رقاب العاملين، وبما لها من أثر في سير المرفق العام، إلا أن مدة الثلاث سنوات المسقطة للدعوى تتطلب استمرارها بدون إجراء قاطع للتقادم، فإذا ما كان هناك إجراء من إجراء التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة يقطع التقادم فلا تسري المدة إلا من تاريخ آخر إجراء من الإجراءات القاطعة للتقادم متى كانت المدة بين الإجراء والآخر لا تمتد لمدة ثلاث السنوات المقررة للتقادم.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن مدة السقوط تنقطع بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة، وهذه العبارة من الاتساع والشمول بحيث تتسع لكافة الإجراءات التي يكون من شأنها إثارة الاتهام وتحريكه. وبالنسبة لإجراءات جمع الاستدلال فإنها وإن كانت لا تقطع التقادم في الدعوى الجنائية إلا إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو أخطر بها بوجه رسمي، فإن طبيعة المخالفات الإدارية لا تحتمل هذا المعنى الفني الدقيق للتحقيق الجنائي، بما يوجب أن يدخل في معنى الإجراءات القاطعة للتقادم إجراءات جمع الاستدلال بكافة صورها، ولو لم تتخذ في مواجهة المتهم. كما استقر على أن معنى إجراءات التحقيق الإداري القاطع للتقادم تشمل أي إجراء يتخذ من الجهة الإدارية بحثاً عن حقيقة الأمر في مسألة يراد الوصول إلى حقيقة الأمر فيها وبما لا يخرج إجراءات جمع الاستدلالات عن كونها من إجراءات التحقيق الإداري.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على وقائع الطعن الماثل فإن الثابت من الأوراق أن المخالفة المنسوبة للمطعون ضدهم وهي قيامهم بترسية العملية في المناقصة رقم 3 لسنة 2000 الخاصة بشراء 4 سيارات جرار على العطاء الأعلى سعراً بفارق 73672 جنيها قد وقعت وتحققت بتاريخ 21/10/2000 وهو تاريخ البت في المناقصة، إلا أنه بعرض الأوراق على الجهاز المركزي للمحاسبات لفحص ما شاب هذه العملية من إجراءات مخالفة انتهى الجهاز المركزي بكتابه رقم 928 المؤرخ 18/12/2002 إلى وجود المخالفات المنسوبة للمطعون ضدهم، وطلب التحقيق في شأن هذه المخالفات، وأحيلت الأوراق للتفتيش المالي والإداري بديوان عام محافظة البحر الأحمر الذي انتهى في 1/12/2003 إلى العرض على السكرتير العام للموافقة على إحالة الموضوع للشئون القانونية للتحقيق. وبناء عليه وافق السكرتير على إحالة الأوراق للشئون القانونية في 3/12/2003 التي انتهت في 16/2/2004 إلى إحالة الأوراق للنيابة الإدارية للتحقيق وتحديد المسئولية، وتولت النيابة الإدارية التحقيقات في 16/3/2004 وانتهت إلى إحالة المطعون ضدهم للمحاكمة التأديبية في 28/10/2004 وبناء على ذلك صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 24/7/2005.
وعليه فإن الثابت مما تقدم جميعه أن إجراءات التحقيق قد بدأت قبل المطعون ضدهم بتاريخ 18/12/2002 بطلب الجهاز المركزي للمحاسبات بالتحقيق، وهي من إجراءات جمع الاستدلال والتحقيق، وقبل مرور الثلاث السنوات القاطعة للتقادم، كما أن الإجراءات التي اتخذت بعد ذلك وحتى صدور الحكم المطعون فيه قاطعة للتقادم، ولم يمر بين أي منها ثلاث السنوات القاطعة للتقادم، ومن ثم فلا تسقط الدعوى التأديبية محل الطعن الماثل بالتقادم، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف ذلك فإنه يكون قد صدر مخالفاً للقانون مستوجَبا إلغاؤه، إلا أنه لم يفصل في موضوع المخالفة المنسوبة للمطعون ضدهم بما يستوجب إعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للفصل في الدعوى مجدداً من هيئة أخرى.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى رقم 50 لسنة 13ق للمحكمة التأديبية بقنا للفصل فيها مجددا بهيئة أخرى.