جلسة 25 من مارس سنة2007م
برئاسة السيد الاستاذ المستشار/ عــــبد الـبارى محمد شكرى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئــــيـــس الــــمــحكمة
وعضوية السيد الاستاذ المستشار / الـــسعيــــد عـبده جـــــاهين نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الاستاذ المستشار / محمد الشيخ على ابو زيــــد نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الاستاذ المستشار / حـــسونــــة تــوفيق حسونة نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الاستاذ المستشار الدكتور / سمير عبد الملاك منصــور نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الاستاذ المستشار / مــــحمـــــود الــــجــــارحى مــــفـــوض الــــــــدولــة
الطعن رقم 25900 لسنة52ق .عليا
– شئون أعضاء – تسوية – مساواة المرتب الشامل للعضو بمرتب زملائة الأحدث منه فى الأقدمية ممن كانوا أعضاء بالدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا.
اختصاص الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بالتشكيل المقرر قانوناً لنظر منازعات الأحزاب السياسية لا يعدو أن يكون اختصاصاً أصيلاً للمحاكم ، اختصت به الدائرة الأولى باعتباره نوعاً من توزيع العمل بين الدوائر ، ومن ثم ينحسر عن وصف الندب ، وقد ترتب على صرف مكافأة لأعضاء هذه الدائرة عن مباشرتها للاختصاص تمييز أعضاء هذه الدائرة عن زملائهم السابقين عليهم فى ترتيب الأقدمية ، مما يستوجب مساواتهم بهم إعمالاً لقاعدة التحصيب فى المعاملة المالية ، فلا يسبق الأحدث الأقدم فى مرتباته وبدلاته ومكافأته المقررة بقرار المجلس الأعلى للهيئات القضائية – تطبيق.
فى يوم الاربعاء الموافق21/6/2006 اودع الاستاذ/ منصف نجيب سليمان المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الادارية العليا صحيفة طعن طلب فى ختامها الحكم بأحقية الطاعن فى اقتضاء مكافأة العمل الاضافى والجهود غير العادية التى تم صرفها لاعضاء الدائرة الاولى بالمحكمة الادارية العليا منذ تقريرهما عامى 1992 ، 1995 حتى تاريخ تقديم هذا الطعن مع ما يترتب على ذلك من اثار مالية وصرف الفروق المستحقة .
وقد اعلن الطعن على الوجه الثابت بالاوراق.
واودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه – للاسباب المبينة به – الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بمساواة مرتب الطاعن الشامل بمرتب زملائه الاحدث منه ممن كانوا اعضاء بالدائرة الاولى بالمحكمة الادارية العليا مع ما يترتب على ذلك من اثار وفروق مالية مع مراعاة احكام التقادم الخمسى .
وقد نظرت المحكمة الطعن الماثل على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 18/3/2007 قدم الحاضر عن الدولة مذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم : اصليا : برفض الطعن ، واحتياطيا بسقوط الحق فى المطالبة بالتقادم الخمسى ، وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم ، وبهذه الجلسة صدر الحكم واودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات و بعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى اوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الاوراق – فى ان الطاعن اقام طعنه الماثل على سند من انه قد علم عند صرف راتبه ان بعض الزملاء الاحدث منه اعضاء الدائرة الاولى بالمحكمة الادارية العليا يصرف لهم مرتبا يزيد عما يصرف له منذ شغله لوظيفة نائب رئيس مجلس الدولة حتى تاريخ اقامة هذا الطعن ، وبالاستفسار عن سبب ذلك اتضح ان هؤلاء الزملاء يحصلون على مرتب اضافى تحت مسمى ” جهود غير عادية وعمل اضافى ” على سند من ان سيادتهم اعضاء فى الدائرة الاولى بالمحكمة الادارية العليا التى تنظر قضايا الاحزاب السياسية ، ضمن ما تختص به اعمالا لاحكام القانون رقم 40 لسنة 1971 بنظام الاحزاب السياسية ، وتلك الزيادة قد تم صرفها تنفيذا لقرارى المجلس الاعلى للهيئات القضائية الصادرين بجلستيه المنعقدتين فى 31/5/1992 ، 27/11/1995.
واضاف الطاعن انه ايا ما كان مصدر هذه الزيادة ، فانه قصر صرفها على السادة الزملاء اعضاء الدائرة الاولى دون زملائهم الذين يسبقونهم فى كشف الاقدميات ينطوى على مخالف لنص المادة 122 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47/1972، وكذا لنص الفقرة الرابعة من البند تاسعا من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والذى يسرى على اعضاء مجلس الدولة.
وخلص الطاعن الى طلب الحكم له بالطلبات آنفة الذكر.
ومن حيث ان كافة النظم القضائية فى العالم – على اختلاف مذاهبها – قد حرصت على ان تهيئ للقضاه اسباب الحياة الكريمة والمستوى اللائق الذى يعينهم على النهوض بواجبهم المقدس وتحقيق رسالتهم السامية فى ثقة واطمئنان وذلك من خلال تقرير معاملة مالية خاصة لرجال القضاء تتفق وما تمليه عليهم مناصبهم واسلوب حياتهم من تكاليف واعباء جسيمة ، واذا كان ما قرره المشرع المصرى من تحسين فى المعاملة المالية لرجال القضاء لا يجزى كل جهودهم وتبعاتهم فى النهوض برسالة العدالة وتأكيد سيادة القانون ، ولا يقاس بالمعاملة المالية لاقرانهم فى الدول الاخرى ، الا انه راعى عدم تقرير اية معاملة استثنائية فى مجال المرتبات والمعاشات والمزايا المالية الاخرى بأية صورة كانت وتحت اى مسمى متى كانت هذه الميزة تمنح له بصفته عضوا بمجلس الدولة وترتبط مباشرة الاختصاصات المنوطة بمجلس الدولة كهيئة قضائية سواء ورد النص على هذه الاختصاصات فى قانون مجلس الدولة او اسندت اليه فى تشريعات اخرى ، وفى ذلك تنص الفقرة الاولى من المادة 122 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على ان ” تحدد مرتبات اعضاء مجلس الدولة بجميع درجاتهم وفقا للجدول الملحق بهذا القانون ، ولا يصح ان يقرر لاحد منهم مرتب بصفة شخصية او ان يعامل معاملة استثنائية بأية صورة ” فاذا كانت المادة 10 من قانون مجلس الدولة قد حددت اختصاصات محاكم مجلس الدولة ، فان اسناد اية اختصاصات اخرى لمحاكم مجلس الدولة بتشريعات خاصة ، لا يعدو ان يكون ممارسة للوظيفة القضائية لقضاه مجلس الدولة ، كما هو الشأن فى اختصاص الدائرة الاولى بالمحكمة الادارية العليا – بتشكيل خاص – بنظر منازعات شئون الاحزاب السياسية واختصاص احدى دوائر المحكمة الادارية العليا بنظر المنازعات الادارية لاعضاء النيابة الادارية ، وهيئة قضايا الدولة وذلك كمحكمة اول واخر درجة ، وكما هو الشأن فى اسناد اختصاصات لمحكمة القضاء الادارى بتشريعات خاصة ومن ذلك القانون رقم 161 لسنة 1998 بشأن حماية الاقتصاد القومى من الاثار الناجمة عن الممارسات الضارة فى التجارة الدولية الذى ناط فى المادة(4) منه بمحكمة القضاء الادارى الفصل فى المنازعات المتعلقة بالتدابير التعويضية التى يصدرها وزير التجارة فى مجال الاغراق والدعم او الزيادة غير المبررة فى الواردات ، وان يتم الفصل فى هذه المنازعات طبقا لما حددته الاتفاقات التى تضمنتها الوثيقة الختامية لنتائج جولة اورجواى للمفاوضات التجارية متعددة الاطراف ، وما تضمنه قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82/2002 من تولى محكمة القضاء الادارى الحكم باضافة اى بيان لسجل براءات الاختراع بالاضافة الى اختصاصها بنظر الدعاوى المتعلقة بالقرارات الصادرة بشأن براءات الاختراع ، وفى مجال العلاقات التجارية …. فاذا ما ارتأى المجلس الاعلى للهيئات القضائية منح ميزة مالية عن مباشرة هذه الاختصاصات ، فان هذه الميزة تمنح لكل شاغلى ذات الوظيفة القضائية بما يدرأ عن هذه الميزة كونها شخصية ، وحتى لا يكون اختيار بعض المستشارين بدوائر معينة مقرر لها ميزة مالية ايثارا لهم عن زملائهم الاقدم منهم بغير مبرر قانونى ، بل ان المشرع تحقيقا للمساواة بين رجال القضاء شاغلى ذات الدرجة واحترام لقاعدة للاقدمية بين الاعضاء نص فى المادة الاولى من القانون رقم 11 لسنة 1989 بتعديل بعض احكام قوانين الهيئات القضائية على ان ” يستبدل بنص الفقرة الرابعة من البند تاسعا من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 النص الاتى :
” ولا يجوز ان يقل مرتب وبدلات من يشغل احدى الوظائف المبينة بالجدول عن مرتب وبدلات من يليه فى الاقدمية فى ذات الوظيفة ” وهذا الحكم يسرى على من يشغل احدى الوظائف المبينة بجدول الوظائف فالمرتبات والبدلات الملحق بالقانون رقم 47 لسنة 1972 فى شأن مجلس الدولة اعمالا لحكم الفقرة الثانية من المادة 122 من هذا القانون التى تقضى بأن ” تسرى فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات والمزايا الاخرى وكذلك المعاشات وبنظامها جميع الاحكام التى تقرر فى شأن الوظائف المماثلة بقانون السلطة القضائية ” فمؤدى النص المتقدم ان تتم المساواة فى كل جهة قضائية بين اعضائها على اساس من ترتيب الاقدمية داخل كل جهة منعا من التميز المالى للاحدث عن الاقدم فى هذا الترتيب وهو ما يسمى بالتعصيب فى المعاملة المالية على غرار ما هو مقرر من تعصيب فى الميراث.
ومن حيث انه لا ريب فى ان المساواة فى المعاملة المالية بين الاقدم والاحدث ليست مقصورة على المرتبات والبدلات الواردة فى جدول المرتبات الملحق بقانون مجلس الدولة ، وانما يمتد الى كل ما يلحق بالمرتب ويأخذ حكمه من مزايا مالية كما هو الشأن فى المزايا المالية المقررة طبقا للقانون رقم 36 لسنة 1975 بانشاء صندوق للخدمات الصحية والاجتماعية لاعضاء الهيئات القضائية ، على ان ذلك لا يستطيل الى الاعمال التى يندب لها اعضاء مجلس الدولة كل الوقت او فى غير اوقات العمل الرسمية لوزارات الحكومة ومصالحها او الهيئات العامة او المؤسسات العامة طبقا لحكم المادة(88) من قانون مجلس الدولة المشار اليه او ندبهم لاعمال الانتخابات او لعضوية مجالس ادارات الهيئات العامة او لجان البت فى المناقصات والمزايدات فهذا الندب يخرج به العضو من اعمال وظيفته الاصلية ويندمج مع مجموعة من الموظفين فى عمل مشترك او منفرد لحساب جهة اخرى غير مجلس الدولة ، فلا تدخل هذه الاعمال فى العمل الاصلى للعضو ، وعمله بجهات الندب لا تخضع فيه كأصل للتفتيش الفنى بالمجلس وهو يباشره تحت مسئوليته الشخصية ، وذلك على نحو مغاير فى طبيعته العمل القضائيى الذى يباشر فيه القضاه اختصاصاتهم المسندة الى محاكم مجلس الدولة ، فهم يباشرونها كجزء من اعمال وظائفهم الاصلية ، ولو كانت هذه الاختصاصات قد اسندت لهذه المحاكم بموجب تشريعات خاصة ولا يسوغ قياس ممارسة تلك الاختصاصات على الندب الى الجهات الادارية فى اعمال قانونية او ادارية تتطلب قدرا من الحيدة والموضوعية كأعمال الانتخابات ، فتلك الاعمال لا تدخل اصلا فى اختصاصات الجهات القضائية ، وانما تستثمر فيها خبرات القاضى للقيام بأعمال خارج نطاق اختصاصه ، ويتقاضى مكافأة عليها من الاعتماد المخصص فى ميزانية الجهات الادارية لاداء تلك المهام.
ومن حيث انه وترتيبا على ما تقدم ، فانه لما كان اختصاص الدائرة الاولى بالمحكمة الادارية العليا بالتشكيل المقرر قانونا لنظر منازعات الاحزاب السياسية لا يعدو ان يكون اختصاصا اصيلا للمحاكم ، اختصت به الدائرة الاولى باعتباره نوعا من توزيع العمل بين الدوائر ، ومن ثم ينحسر عنه وصف الندب على النحو السالف بيانه.
وقد ترتب على صرف مكافأة لاعضاء هذه الدائرة عن مباشرتها للاختصاص سالف الذكر تمييز اعضاء هذه الدائرة عن زملائهم السابقين عليهم فى ترتيب الاقدمية ، مما يستوجب مساواتهم بهم اعمالا لقاعدة التعصيب فى المعاملة المالية ، فلا يسبق الاحدث الاقدم فى مرتباته وبدلاته ومكافآته المقررة بقرار المجلس الاعلى للهيئات القضائية ، لاسيما وان حرمانهم من تلك الزيادة مرده الى قرار توزيع العمل على المحاكم الذى ليس للعضو دور فيه.
ولما كان الطاعن اقدم من المستشهد بهم على النحو الثابت بترتيب الاقدميات المقدم من الجهة الادارية ، وكان هؤلاء يتقاضون مكافأة مالية عن عضويتهم بالدائرة الاولى بالمحكمة الادارية العليا مما يجعل مرتبهم الشامل يزيد على الطاعن بغير مبرر قانونى ، مما يستوجب مساواة مرتبه الشامل بمرتبة زملائه الاحدث منه فى الاقدمية ممن كانوا اعضاء بالدائرة الاولى بالمحكمة الادارية العليا ، وذلك كله مع مراعاة احكام التقادم الخمسى.
حكمت المحكمة:- بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع : بأحقية الطاعن فى مساواة مرتبه الشامل بمرتب زملائه الاحدث منه فى الاقدمية ممن كانوا اعضاء بالدائرة الاولى بالمحكمة الادارية العليا مع ما يترتب على ذلك من اثار وصرف الفروق المالية المستحقة مع مراعاة احكام التقادم الخمسى.
صدر هذا الحكم وتلى علنا بجلسة يوم الاحد الموافق6 من ربيع أول سنة 1428هـ والموافق 25/3/2007 بالهيئة المبينة بصدره.