جلسة 23 من يونيه سنة 2013
الطعن رقم 26299 لسنة 51 القضائية (عليا)
(الدائرة الحادية عشرة)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ يحيى أحمد راغب دكروري
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ مصطفى سعيد مصطفى حنفي ومحمد حجازي حسن مرسي وعلاء الدين شهيب أحمد ومحمود إبراهيم محمد أبو الدهب
نواب رئيس مجلس الدولة
مفهومها- هي الأعمال التي تصدر عن السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم, لا سلطة إدارة- التفرقة بين الأعمال الإدارية وأعمال السيادة مرده إلى القضاء, الذي له سلطة تقرير الوصف القانوني للعمل المطروح عليه، وما إذا كان عملا إداريا يختص بنظره، أم من أعمال السيادة فيمتنع عليه النظر فيه.
– المادة (11) من قانون مجلس الدولة.
ما لا يعد من حالاتها- ما يتخذ من تدابير تنفيذية لأعمال السيادة لا يعد من أعمال السيادة- تطبيق: الاستيلاء على العقارات أو شغلها لمصلحة المجهود الحربي يعد من القرارات الإدارية، ولا يعد من الإجراءات العليا التي تتخذ للدفاع عن الدولة والحفاظ على سلامة أراضيها, ولا يرتبط بحالة الحرب أو إعلان التعبئة العامة بحيث يندرج ضمن أعمال السيادة- حدد المشرع جهة الإدارة المختصة بإجراء ذلك التدبير, ورسم لها ما يجب اتخاذه من إجراءات, وما يتعين توفره من شروط لإتمام التدبير، ومن هذه الشروط: أن تكون هناك حالة ضرورة تدعو إلى اتخاذ هذا التدبير، والذي ينتهي بانتهاء حالة الضرورة التي كانت المسوغ القانوني لبقائه- يخضع ذلك كله لرقابة القضاء([1]).
– المادتان (24) و(25) من القرار بقانون رقم 87 لسنة 1960 في شأن التعبئة العامة, المعدَّل بموجب القانون رقم 12 لسنة 1999.
بتاريخ 26/9/2005 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين (بصفتيهما) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا قيد برقم 26299 لسنة 51ق. عليا، طعنًا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بقنا- الدائرة الأولى، في الدعوى رقم 1397 لسنة 11ق. بجلسة 28/7/2005، الذي قضى منطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان في ختام تقرير طعنهما -وللأسباب الواردة به- الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم، والقضاء مجددًا أصليا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، واحتياطيا برفضها مع إلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي في أي من الحالتين.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعًا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حتى قررت حجز الطعن للحكم بجلسة 16/6/2013، وبها تمَّ مدُّ أجل النطق به لإتمام المداولة لجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
وحيث إن الجهة الإدارية تطلب الحكم بطلباتها المذكورة آنفًا.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية، ومن ثم يغدو مقبولا شكلا.
وحيث إن واقعات الطعن تخلص -حسبما يبين من الحكم المطعون فيه والأوراق- في أن الشركة المطعون ضدها كانت قد أقامت الدعوى محل الطعن أمام محكمة القضاء الإداري بقنا- الدائرة الأولى، طالبة الحكم بإلغاء قرار وزير الدفـاع رقم 170 لسنة 2002 فيما تضمنه من الاستيلاء الفوري وبطريق التنفيذ المباشـر على عدد خمس وحدات سكنية مملوكة للشركة المشار إليها بالعقار الكائن بشارع طريق الكورنيش بالأقصر لأغراض المجهود الحربي.
– وبجلسة 28/7/2005 قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، تأسيسًا على أن الجهة الإدارية لم تبين وجه الضرورة المسوغة لإصدار هذا القرار من أجل اتخاذ التدابير اللازمة للمجهود الحربي، ومن ثم يكون القرار مخالفًا للقانون.
……………………………………………………………..
وحيث إن هذا الحكم لم يلق قبولا لدى الجهة الإدارية، فأقامت طعنها الماثل ناعية عليه مخالفته لصحيح أحكام القانون: (أصليا) لكون القرار الطعين من أعمال السيادة التى تخرج عن الرقابة القضائية، ومن ثم فلا تختص المحاكم ولائيا بنظره، و(احتياطيا) لأن استيلاء القوات المسلحة على الشقق المملوكة للشركة المطعون ضدها جاء بعد استنفاد الطرق الودية مع الشركة التى رفضت احتفاظ القوات المسلحة بها، الأمر الذي يضر بمصلحتها لاستخدامها كمركز قيادة للقوات الجوية، بما يتعين معه القضاء مجددًا برفض الدعوى محل الطعن.
……………………………………………………………..
وحيث إن معيار التفرقة بين الأعمال الإدارية وأعمال السيادة مرده إلى القضاء، الذي ترك له المشرِّع بالمادة (11) من قانون مجلس الدولة سلطة تقرير الوصف القانوني للعمل المطروح عليه، وما إذا كان عملا إداريا يختص بنظره، أم من أعمال السيادة فيمتنع عليه النظر فيه، وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أنه يعد من أعمال السيادة تلك الأعمال التى تصدر عن السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم لا سلطة إدارة، دون ما يتخذ من تدابير تنفيذية لأعمال السيادة.
وحيث إن المادة (24) من القرار بقانون رقم 87 لسنة 1960 في شأن التعبئة العامة وتعديلاته([2]) تنص على أن: “لرئيس الجمهورية أو من يفوضه أن يصدر قرارًا بكل أو بعض التدابير الآتية اللازمة للمجهود الحربي أو لمواجهة الكوارث أو الأزمات… رابعًا: الاستيلاء على العقارات أو شغلها…”، كما تنص المادة (25) من القانون ذاته على أنه: “يُنَفَّذُ الاستيلاءُ المنصوص عليه في المادة السابقة بالاتفاق الودي، فإن تعذر ذلك نُفِّذَ بطريق الجبر. ولمن وقع عليهم الاستيلاء جبرًا الحق في تعويضٍ يُحَدَّدُ على الوجه الآتي:…”.
وحيث إن مؤدى المادتين المشار إليهما أن المشرِّع خوَّل رئيس الجمهورية أو من يفوِّضه (وزير الدفاع) سلطة إصدار قراراتٍ ببعض التدابير التنفيذية اللازمة للمجهود الحربي، الذي يُعَدُّ جهدًا دائمًا للقائمين على مرفق الدفاع، وغير مرتبط بحالة الحرب أو إعلان التعبئة العامة، ومن هذه التدابير: الاستيلاء على العقارات أو شغلها، وإذ حدَّد المشرِّع جهة الإدارة المختصة بإجراء هذا التدبير التنفيذي، ورسم لها ما يجب اتخاذه من إجراءات، وما يتعين توفره من شروط لإتمام التدبير، ومنها ما جرى به قضاء هذه المحكمة من أن تكون هناك حالة ضرورة تدعو للاستيلاء على العقار أو شغله، وينتهي هذا التدبير بانتهاء حالـة الضرورة التى كانت المسوغ القانوني لبقائه، وعليه يُعَدُّ ذلك التدبير في حقيقته قرارًا إداريا من أعمال الإدارة، يجب أن يتم في حدود الإجراءات المرسومة له، ويخضع بالضرورة لرقابة القضاء، إذ لا يعد من الإجراءات العليا التى تتخذ في سبيل الدفاع عن الدولة والحفاظ على سلامة أراضيها، بحيث يندرج ضمن أعمال السيادة.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن قرار وزير الدفاع الطعين بالاستيلاء على خمس وحدات سكنية مملوكة للشركة المطعون ضدها لأغراض المجهود الحربي، قد جاء في أعقابِ الحكم لمصلحة الشركة في الدعوى رقم 144 لسنة 1997 مدني كلى الأقصر بجلسة 30/8/1998 بإلزام الجهة الإدارية بإخلاء تلك الوحدات وتسليمها للشركة، والذي تأيَّد استئنافيا بالحكم الصادر بجلسة 21/12/2002 في الاستئناف رقم 344 لسنة 17ق.س. الأقصر.
وإذ أجدبت الأوراق من أيِّ دليلٍ على توفر حالة الضرورة التى تبرِّر الاستيلاء على الشقق السكنية محل التداعي لاستخدامها كمركز قيادة على النحو الذي أثارته الجهة الإدارية الطاعنة، الأمر الذي يبين معه بجلاءٍ أن القرار الطعين ما أُصدِرَ إلا تحايلا على الحكم القضائي الصادر ضد الجهة الإدارية برد تلك الشقق، ويمثل اعتداء على قوة الأمر المقضي به الثابتة لهذا الحكم، ومساسًا بحق الملكية الخاصة المصونة بنص الدستور، الأمر الذي يصم القرار بالبطلان لمخالفته صحيح أحكام القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد خلص إلى النتيجة ذاتها، فلا وجه للطعن فيه.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
(([1] راجع كذلك حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 12/4/1998 في الطعن رقم 3347 لسنة 40ق.ع (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 43، مكتب فني، المبدأ رقم 120 ص1111).