جلسة 24 من مايو سنة 2009
(الدائرة السابعة)
الطعن رقم 26413 لسنة54 القضائية عليا.
الطعن فى الأحكام– دعوى البطلان الأصلية– مناط قبولها.
إذا كان قد أجيز استثناء الطعن بدعوى البطلان الأصلية فى الأحكام الصادرة بصفة انتهائية فإن هذا الاستثناء فى غير الحالات التى نص عليها المشرع كما فعل فى المادة (172) من قانون المرافعات يقف عند حد الحالات التي تنطوي على عيب جسيم يصيب كيان الحكم ويفقده صفته كحكم بفقدانه أحد أركانه الأساسية التى حاصلها أن يصدر عن محكمة تتبع جهة قضائية، وأن يصدر عنها بما لها من سلطات قضائية وأن يكون مكتوبا– إذا قام الطعن على مسائل موضوعية تندرج كلها تحت احتمالات الخطأ والصواب فى تفسير القانون وتأويله فإن هذه الأسباب لا تمثل إهداراً للعدالة يفقد معها الحكم وظيفته، وبالتالي لا تصيبه بأي عيب ينحدر به إلى درك الانعدام، وهو مناط قبول دعوى البطلان الأصلية.
الطعن فى الأحكام– التماس إعادة النظر– جواز قبوله فى أحكام المحكمة الإدارية العليا حال كونها محكمة أول درجة.
إذا كان قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على عدم جواز الطعن على أحكامها بطريق التماس إعادة النظر، فإن هذا الأمر يتعلق بأحكام المحكمة باعتبارها درجة ثانية من درجات التقاضي ونهاية المطاف فى القضاء بمجلس الدولة– إلا أنه عند نظر المحكمة المنازعات المتعلقة بالهيئات القضائية وأعضائها فإنها تعد أُولَى درجات التقاضي عند نظرها لتلك الطعون، ومن ثم فإنه لا مانع قانونا عند نظرها للطعن قبول طلبات التماس إعادة النظر فى الأحكام الصادرة عنها باعتبارها محكمة أول درجة، وذلك إذا توافر مناط قبول التماس إعادة النظر فى ضوء أنه قد تطرأ بعض الأمور أو الوقائع المهمة بعد صدور حكم المحكمة الإدارية العليا لم تكن أمامها عند نظر الطعن فى بادىء الأمر، مما يستلزم إعادة عرض الأمر عليها عن طريق طلب التماس إعادة النظر عند توافر شروطه القانونية المقررة فى قانون المرافعات- الشروط الخاصة بالتماس إعادة النظر لا تعد من الأمور القانونية المنصوص عليها فى قانون المرافعات بالمادة (147) كسبب لقبول دعوى البطلان الأصلية– تطبيق.
أقيم هذا الطعن في يوم الخميس الموافق 22/5/2008 حيث أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين بصفاتهم تقريرا بالطعن جدول المحكمة الإدارية العليا حيث قيد بجدولها برقم 26413 لسنة 54 ق عليا طعنا بالبطلان على الحكم الصادر عن هذه المحكمة في الطعن رقم 9484 لسنة 49 ق. عليا بجلسة 2/7 /2007 المقام من المطعون ضده وآخرين مختصما الطاعنين في الطعن الماثل، الذي قضي فيه أولا: بإثبات ترك الخصومة بالنسبة للطاعنين الثاني والثالث والرابع والخامس، وثانيا: بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 316 لسنة 2002 فيما تضمنه من تخطي الطاعن الأول في التعيين في وظيفة معاون نيابة بهيئة النيابة الإدارية، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول دعوى البطلان شكلا ورفضها موضوعا.
وقد تدوول نظر الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 15/3/2009 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 17/5/2009 مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين حيث أودع المطعون ضده مذكرة دفاع خلال الأجل المحدد طالب في ختامها للأسباب الواردة بها الحكم برفض الطعن، وبجلسة 17/5/2009 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة ومن ثم يتعين قبوله شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضده وآخرين أقاموا بتاريخ 28/5/2003 الطعن رقم 9484 لسنة 49ق. عليا أمام هذه المحكمة مختصمين الطاعنين مطالبين بإلغاء القرار الجمهوري رقم 316 لسنة 2002 فيما تضمنه من تخطيهم في وظيفة معاون نيابة إدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأن الطاعنين خلاف المطعون ضده في الطعن الماثل تركوا الخصومة في الطعن رقم 9484 لسنة 49 ق عليا وأثبت ذلك في محاضر الجلسات.
وقد نظرت المحكمة الطعن السالف الذكر، وبجلسة 2/7 /2007 أصدرت حكمها سالف البيان، واستندت في أسبابها إلى أن التعديل الوارد على المادة (85) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 والمعدلة بالقرار الجمهوري رقم 370 لسنة 1989 والتي تضمنت الأخذ في التقدير في الليسانس بمجموع الدرجات التراكمي خلال أعوام الدراسة بدلا من العام الأخير فقط لا يسري على خريجي كليات جامعة الأزهر الخاضعة لأحكام القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975، والذي لم يتضمن مثل هذا التعديل السابق، حيث يؤخذ في كليات جامعة الأزهر بالتقدير الخاص بالعام الدراسي الأخير، والثابت للمحكمة من الأوراق تميز المطعون ضده العلمي فلا يجوز استبعاده إلا إذا كان ذلك لسبب آخر سواء التحريات الأمنية أو عدم اللياقة الصحية أو عدم صلاحيته من حيث المظهر العام والشخصية، وهو الأمر الذي لم تثبته لجنة المقابلات في محضرها، وإن القرار الجمهوري المطعون فيه تضمن من هم أقل في الدرجة العلمية من حيث مرتبة الليسانس مما يهدر مبرر استبعاده.
ومن حيث إن مبنى الطعن ببطلان حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 9484 لسنة 49ق. ع أن الحكم قد اعتبر المطعون ضده مستوفيا لاشتراطات شغل الوظيفة وأنه أهل لتقلد الوظائف القضائية وعدم وجود ما يؤثر في سمعته أو صلاحيته، وأنه عقب صدور الحكم السالف البيان قامت هيئة النيابة الإدارية باتخاذ الإجراءات لتنفيذ هذا الحكم المطعون ببطلانه وقد وردت التحريات الأمنية عنه بتاريخ 10/2/2008 بعدم موافقة جهاز أمن الدولة على ترشيح المطعون ضده لوظيفة معاون نيابة إدارية، مما يكشف عن عدم توافر أحد شروط تعيين المطعون ضده، وأن المحكمة أخذت بما ادعاه المطعون ضده من اجتياز المقابلة الشخصية والإجراءات بنجاح بحصوله على خمس درجات من عشر في المقابلة الشخصية، وأن اعتبار المطعون ضده ناجحا في المقابلة الشخصية يعد أمرا مخالفا لما هو ثابت بالمستندات، ويعد إهدارا للعدالة يشوب الحكم بالقصور الشديد وينحدر به إلى درجة البطلان، هذا بالإضافة إلى أنه لم يكن هناك ما يفيد صلاحية المطعون ضده من ناحية الصلاحية الأمنية والطبية، وأن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أنه لا يجوز الطعن على الأحكام الصادرة عنها إلا بدعوى البطلان فقط، ولا يجوز الطعن عليها بدعوى التماس إعادة النظر، لأنها أحكام باتة وهي نهاية المطاف في الخصومة الإدارية، هذا بالإضافة إلى أن الحكم أهدر دفاعا جوهريا وأحل المحكمة محل جهة الإدارة باعتبار المطعون ضده ناجحا في المقابلة الشخصية على عكس الثابت في الأوراق، وقامت المحكمة بتقييم مدى صلاحية المطعون ضده بدلا من اللجان القضائية المختصة بذلك، ووضعت معايير للتقييم لم تقرها الجهة المختصة بالتعيين في الوظائف القضائية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه إذا كان قد أجيز استثناء الطعن بدعوى البطلان الأصلية في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية إلا أن هذا الاستثناء في غير الحالات التي نص عليها المشرع كما فعل في المادة (172) من قانون المرافعات يقف عند حد الحالات التي تنطوي على عيب جسيم يصيب كيان الحكم ويفقده صفته كحكم بفقدانه أحد أركانه الأساسية، التي حاصلها أن يصدر عن محكمة تتبع جهة قضائية، وأن يصدر عنها بما لها من سلطات قضائية، وأن يكون مكتوبا، أما إذا قام الطعن على مسائل موضوعية تندرج كلها تحت احتمالات الخطأ والصواب في تفسير القانون وتأويله فإن هذه الأسباب لا تمثل إهدارا للعدالة يفقد معها الحكم وظيفته وبالتالي لا تصمه بأي عيب ينحدر به إلى درجة الانعدام وهي مناط قبول دعوى البطلان الأصلية.
ومن حيث إن الأسباب التي استند إليها الطاعن للطعن بالبطلان على حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 9484 لسنة 49ق. عليا ليست من الأسباب التي يجوز الاستناد إليها للطعن بالبطلان في الحكم المطعون فيه؛ حيث إن ما ورد بعريضة الطعن بالبطلان هو في حقيقته نعي على الحكم في مسائل موضوعية تندرج تحت احتمالات الخطأ والصواب في تفسير القانون وتأويله، وبالتالي لا تمثل إهدارا للعدالة تفقد الحكم وظيفته ولا تصيبه بعيب ينحدر به إلى درجة الانعدام، التي هي مناط قبول دعوى البطلان الأصلية؛ حيث إن ما قرره الحكم من صلاحية المطعون ضده العلمية وتميزه عن آخرين عينوا بالقرار الجمهوري المطعون فيه، وما قرره الحكم من عدم وجود ما يشوب صلاحية المطعون ضده من الناحية الأمنية أو الصحية بالأوراق، تعد أمورا اجتهادية من واقع الأوراق والمستندات المقدمة بالطعن أمام المحكمة، تحتمل الخطأ والصواب في تطبيق القانون، وقد يختلف النظر فيها والرأي، ومن ثم لا تعد إهدارا للعدالة.
إلا أنه بالنسبة لما ورد في دعوى البطلان الماثلة من أن الهيئة الطاعنة وهي بصدد تنفيذ الحكم المطعون ضده بالبطلان وإرسال طلب تحريات للمطعون ضده من الجهات الأمنية قد ورد لها كتاب يتضمن عدم موافقة جهاز أمن الدولة على تعيينه لوجود ما يشوب أسرته من أمور جنائية تمسهم، وأن هذه التحريات وردت للهيئة الطاعنة بتاريخ 10/2/2008 أي بعد تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، وأنه لا سبيل للهيئة للطعن على الحكم إلا بدعوى البطلان الأصلية؛ وذلك لاستقرار أحكام المحكمة الإدارية العليا على عدم جواز الطعن على أحكام المحكمة بدعوى التماس إعادة النظر، فإنه مردود بأن هذا الأمر يعد أمرا استجد عند تنفيذ الحكم المطعون فيه، واكتشفته الهيئة الطاعنة واستندت إليه في عدم صلاحية المطعون ضده من الناحية الأمنية في التعيين، ومن ثم لا يعد سببا كان قائما أمام المحكمة حين إصدارها للحكم المطعون عليه بالبطلان، ولا يعد سببا من أسباب قبول دعوى البطلان الأصلية، وإنما يدخل ضمن الأمور المتعلقة بالتماس إعادة النظر، وأنه إذا كانت المحكمة الإدارية العليا قد استقر قضاؤها على عدم جواز الطعن على أحكامها عن طريق التماس إعادة النظر فإن هذا الأمر يتعلق بأحكام المحكمة باعتبارها درجة ثانية من درجات التقاضي ونهاية المطاف في القضاء بمجلس الدولة، خاصة وأن صاحب المصلحة يمكن له إقامة دعواه بدعوى التماس إعادة النظر على الحكم الصادر في دعوى أو طعن من محاكم مجلس الدولة الأدنى درجة من المحكمة الإدارية العليا، وأن الحكم في دعوى التماس إعادة النظر يمكن الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا باعتبارها نهاية المطاف، حتى ولو كان سبق لها نظر الحكم الملتمس بإعادة النظر فيه وقضت فيه؛ أما بالنسبة للمحكمة الإدارية العليا عند نظرها المنازعات المتعلقة بالهيئات القضائية وأعضائها -المختصة بنظرها إحدى دوائرها- تعد أولى درجات التقاضي عند نظرها لتلك الطعون، ومن ثم فإنه لا مانع قانونا من نظرها لطلبات التماس إعادة النظر في الأحكام الصادرة عنها باعتبارها محكمة أول درجة، وذلك إذا توافر مناط شروط قبول التماس إعادة النظر، وفي ضوء أنه قد تطرأ بعض الأمور أو الوقائع الهامة بعد صدور حكم المحكمة الإدارية العليا لم تكن أمامها عند نظر الطعن في بادئ الأمر، مما يستلزم إعادة عرض الأمر عليها عن طريق طلب إعادة التماس النظر عند توافر شروطه القانونية المقررة في قانون المرافعات، وذلك حرصا على تأكيد العدالة وإتاحة الفرصة للمحكمة بإعادة النظر في حكمها في ضوء ما استجد من وقائع ومستندات لم تكن أمامها عند نظر الطعن بداية، خاصة وأن الشروط الخاصة بالتماس إعادة النظر لا تعد من الأمور القانونية المنصوص عليها في قانون المرافعات بالمادة (147) كسبب لقبول دعوى البطلان الأصلية.
ومن حيث إن الطعن بالبطلان الماثل غير قائم على سند صحيح من القانون خليقا بالرفض.
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.