جلسة 29 من ديسمبر سنة 2009
الطعن رقم 27179 لسنة 52 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)
التزام المبعوث بخدمة الجهة الموفدة المدة المقررة قانونا– إذا أخل بهذا الالتزام الأصلي، حل التزام بدلي عِماده التزامه برد النفقات التي أنفقت عليه خلال مدة الإيفاد– الالتزام البدلي لا يبدأ إلا من تاريخ تحقق مناطه المتمثل في انقضاء الالتزام الأصلي، وهو ما لا يتأتى إلا من تاريخ صدور القرار بإنهاء خدمة المبعوث للانقطاع، وليس من تاريخ الانقطاع، أو من التاريخ الذي انتهت الخدمة اعتبارا منه– تحتسب مدة تقادم المطالبة به اعتبارا من ذلك التاريخ([1]).
أحكام القانون رقم (112) لسنة 1959 بتنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح.
انقطاع سريانه– ينقطع سريان مدة تقادم الدين بالوفاء بجزء منه؛ حيث يعد ذلك إقرارا به.
المادة (384) من القانون المدني.
في يوم الثلاثاء الموافق 4/7/2006 أودع وكيل الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن في الحكم الصادر بجلسة 2/5/2006 عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الخامسة) في الدعوى رقم 6315 لسنة 54 ق الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليهما متضامنين أن يؤديا للمدعي بصفته مبلغًا مقداره 39537.20 جنيها (تسعة وثلاثون ألفًا وخمس مئة وسبعة وثلاثون جنيها وعشرون قرشا) والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد وإلزامهما المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه، والقضاء برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن بالطريق المقرر قانونا على وفق الثابت بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعنين بالمصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 3/12/2008 وما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 15/4/2009 قررت إحالته إلى الدائرة الثالثة عليا موضوع بالمحكمة لنظره بجلسة 30/6/2009.
وقد جرى تداول الطعن أمام هذه المحكمة بالجلسة المذكورة وما تلاها من جلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 3/11/2009 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات ومستندات خلال أربعة أسابيع، وقد انقضى الأجل المضروب دون التقدم بأية مذكرات أو مستندات، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه ولئن كان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 2/5/2006 وأقيم الطعن الماثل بتاريخ 4/7/2006، أي بعد أكثر من ستين يوما من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، إلا أنه بإضافة ميعاد المسافة على وفق أحكام المادة 16 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وقدره أربعة أيام بواقع يوم عن كل خمسين كيلو مترا من الإسكندرية إلى القاهرة، فإن الطعن يكون قد أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا.
وإذ استوفى جميع أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعن تخلص وفقا للثابت من الأوراق في أن المطعون ضده بصفته كان قد أقام الدعوى رقم 6315 لسنة 54 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالبا فيها الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين أن يؤديا له بصفته مبلغا مقداره 39537.20 جنيها والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد .
وقال شرحا للدعوى إن المدعى عليه الأول سافر في 24/11/1974 إلى الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على درجة الدكتوراه على وفق أحكام القانون رقم 112 لسنة 1959 بشأن تنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح بعد أن وقَّع المدعى عليه الثاني تعهدًا التزم بمقتضاه برد المبالغ التي تنفق على الأول حال إخلاله بالتزامه بالعودة إلى أرض الوطن والعمل بخدمة الجهة التي أوفدته أو أية جهة أخرى تحددها اللجنة التنفيذية للبعثات، وبتاريخ 20/7/1978 حصل المذكور على درجة الدكتوراه، وعاد إلى أرض الوطن بتاريخ 7/9/1978، وتسلم العمل بجهة عمله بتاريخ 23/9/1978، وبتاريخ 2/10/1985 قامت جامعة المنيا بإنهاء خدمته للانقطاع عن العمل اعتبارًا من20/9/1980، وبتاريخ 24/2/1986 صدر قرار اللجنة التنفيذية للبعثات بمطالبة العضو وضامنه برد النفقات التي أنفقت على الأول خلال مدة الإيفاد والتي بلغت 49537.20 جنيهًا، وإزاء قيامه بسداد مبلغ 10000 جنيه أصبح المتبقى 39537.20 جنيهًا يلتزمان بسدادها وفوائدها القانونية.
……………………………………………………………………..
وبجلستها المنعقدة في 2/5/2006 أصدرت المحكمة المذكورة الحكم المشار إليه، وشيدته على أن الثابت من الأوراق أن المدعى عليه الأول أخل بالتزامه بخدمة جامعة المنيا مدة سبع سنوات بصفته عضو بعثة دراسية، ومن ثم يلتزم بسداد المصروفات التي أنفقت عليه خلال مدة البعثة إعمالا لحكم المادتين 31 و 33 من القانون رقم 112 لسنة 1959 المشار إليه، كما يلتزم المدعى عليه الثاني بسدادها إعمالا للتعهد الموقع منه، الأمر الذي تقضي معه المحكمة بإلزامهما متضامنين أن يؤديا للمدعي بصفته المبلغ المذكور وفوائده القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد.
……………………………………………………………………..
وإذ لم يرتضِ الطاعنان هذا القضاء أقاما الطعن الماثل ناعيين على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون وتأويله؛ استنادًا إلى أن الطاعن الثاني يتمسك باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلانه خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم صحيفتها إلى قلم الكتاب، كما أن الطاعن الأول تمسك بسقوط الحق في المطالبة بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ فصله عن العمل، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يولِ هذين الدفعين إيرادا أو ردًا، مما يصمه بعيب القصور في التسبيب ويجعله منطويًا على الإخلال بحق الدفاع، فضلا عن أن حق المطعون ضده في الاسترداد نشأ من 26/12/1982 (تاريخ فصل الطاعن الأول من الخدمة)، وكان يتعين إقامة الدعوى خلال خمس عشرة سنة من هذا التاريخ إعمالا لحكم المادة 33 من القانون رقم 112 لسنة 1959 المشار إليه، وإذ لم تُقم إلا بتاريخ 3/4/2000 فإن الحق في الاسترداد يكون قد انقضى بمضي المدة، وإذ لم يأخذ الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون قد خالف أحكام القانون.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد تواتر على أن المشرع في القانون رقم 112 لسنة 1959 بتنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح، وضمانًا لتحقيق الأهداف المرجوة من الإيفاد من البعثة أو الحصول على الإجازة الدراسية أو المنحة فرض على العضو التزامين: أحدهما أصلي ومفاده خدمة الجهة الموفدة المدة المقررة قانونا، والآخر بدلي يطبق حال إخلال العضو بالالتزام الأصلي، عِماده التزام العضو ردَّ النفقات التي أنفقت عليه خلال مدة الإيفاد. وضمانًا لوفاء العضو بالتزامه الأخير أوجب المشرع على العضو تقديم كفيل تقبله إدارة البعثات يتعهد كتابة بمسئوليته عن رد تلك النفقات بالتضامن مع الموفد، وبذلك يكون كل من العضو الموفد وضامنه ملتزمين بالرد، الأول نفاذًا لحكم القانون، والثاني تنفيذًا لتعهده المكتوب.
وغني عن البيان أن الالتزام البدلي لا يبدأ إلا من تاريخ تحقق مناطه المتمثل في انقضاء الالتزام الأصلي، وهو ما لا يتأتى إلا من تاريخ صدور القرار بإنهاء خدمته للانقطاع وليس من تاريخ الانقطاع أو من التاريخ الذي انتهت الخدمة اعتبارا منه.
ومتى كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن الأول قد أوفد في بعثة دراسية إلى الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على درجة الدكتوراه خلال الفترة من 24/11/1974 حتى 20/7/1978، وعاد إلى الوطن وتسلم عمله بالجهة الموفدة اعتبارًا من20/9/1980، وبتاريخ 2/10/1985 تم إنهاء خدمته للانقطاع عن العمل بدون إذن، وذلك اعتبارا من 26/12/1982، وقد تمت مطالبته بالمبالغ التي أنفقت عليه خلال مدة الإيفاد وقدرها 49537.20 جنيها، وقام بسداد مبلغ 10000 جنيه منها بتاريخ 13/4/1998 وامتنع عن سداد الباقي؛ فإنه وإعمالا لما سبق يكون قد أخل بالتزامه الأصلي، ويلتزم وضامنه بتنفيذ الالتزام البدلي بعد خصم المبلغ الذي قام بسداده فعلا، وذلك بسداد مبلغ 39537.20 جنيها (تسعة وثلاثين ألفا وخمس مئة وسبعة وثلاثين جنيها وعشرين قرشا) وفوائده القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد إعمالا لحكم المادة 226 من القانون المدني؛ باعتبار أن المبلغ كان معلوم المقدار وقت الطلب وامتنع المدين عن الوفاء به.
-ولا محل للقول بسقوط الحق في المطالبة بمضي المدة؛ بحسبان أن الالتزام البدلي وكما سلف البيان لا ينشأ إلا من تاريخ انقضاء الالتزام الأصلي أي بصدور قرار إنهاء الخدمة، وهو في الحالة المعروضة صدر بتاريخ 2/10/1985، ومن ثم يكون آخر موعد للمطالبة هو 2/10/2000، وإذ تمت المطالبة بتاريخ 3/4/2000 فإنها تكون قد تمت خلال الميعاد، يضاف إلى ذلك أن الطاعن الأول قد قام بسداد جزء من المبلغ بتاريخ 13/4/1998 وهو ما يعني إقراره بالدين، وهو ما يقطع التقادم على وفق أحكام المادة 384 من القانون المدني.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ذات النتيجة ومرتكنا على ذات الأسباب فإنه يكون قد صدر متفقا وحكم القانون ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس من القانون حريًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات إعمالا لحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعنين المصروفات.
([1]) قارن بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4363 لسنة 49 ق عليا بجلسة 2/9/2006 (منشور بمجموعة س 51 جـ2 رقم 153) حيث رأت المحكمة أن الانقطاع عن العمل بغير عذر يشكل الواقعة المنشئة للالتزام البديل، وأنه يحق لجهة الإدارة إقامة دعوى للمطالبة بهذا الالتزام البديل اعتبارا من تاريخ الانقطاع.