جلسة 7 من إبريل سنة 2012
الطعن رقم 27375 لسنة 52 القضائية (عليا)
(الدائرة الرابعة)
– معلمون- تأديبهم- السلطة المختصة بتأديبهم- الاختصاص بتأديب العاملين بمديريات التربية والتعليم بالمحافظات منوط بوزير التربية والتعليم متى كانت المخالفات الواقعة منهم متصلة بالجانب العلمي والتربوي على المستوى القومي لمرفق التعليم (مثال: مخالفة إعطاء دروس خصوصية)- الاختصاص بتأديبهم منوط بالمحافظ فيما يتعلق بالمخالفات المتعلقة بالجانب الإداري والتنفيذي للعملية التعليمية في نطاق المحافظة([1]).
في يوم الأربعاء الموافق 5/7/2006 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين بصفاتهم، قلم كتاب المحكمة تقرير طعن عن حكم المحكمة التأديبية بالمنوفية في الطعن التأديبي رقم 40 لسنة 4ق بجلسة 22/5/2006، القاضي بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه بمجازاة الطاعن بخصم خمسة عشر يوما من راتبه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعنون بصفاتهم -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الطعن التأديبي.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن أحيل إلى دائرة الموضوع، وجرى تداوله أمامها على النحو المبين بمحاضر جلساتها، حيث قدم المطعون ضده مذكرة، وبجلسة 3/12/2011 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 25/2/2012، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى جميع أوضاعه الشكلية.
– وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 9/12/2004 أقام المطعون ضده الطعن التأديبي رقم 40 لسنة 4ق بإيداع عريضته قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنوفية طالبا الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء قرار الجزاء الصادر في القضية رقم 4230 لسنة 2004 (وزارة)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على سند من أن سبب القرار الطعين بمجازاته بخصم خمسة عشر يوما من راتبه، وهو قيامه بإعطاء دروس خصوصية، هو أمر لا أساس له من الصحة.
– وبجلسة 22/5/2006 أصدرت المحكمة المتقدمة حكمها المطعون فيه، بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه بمجازاة الطاعن بخصم خمسة عشر يوما من راتبه، على أساس أن القرار المطعون فيه قد صدر عن وكيل أول وزارة التربية والتعليم بمكتب الوزير، حال كون الطاعن (المطعون ضده في الطعن الماثل) يعمل موجها بإدارة قويسنا التعليمية، ومن ثم ينعقد الاختصاص بإصدار القرار المطعون فيه لمحافظ المنوفية وليس لغيره.
– وحيث إن الطعن الماثل يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، لثبوت المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضده، ولاختصاص مصدر القرار بإصداره.
– وحيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على اختصاص وزير التربية والتعليم بإصدار قرارات توقيع الجزاءات على العاملين المخالفين بمديريات التربية والتعليم التي نقلت اختصاصاتها إلى المحافظات، متى كانت المخالفات الواقعة منهم متصلة بالجانب العلمي والتربوي على المستوى القومي لمرفق التعليم كمخالفة إعطاء دروس خصوصية، وذلك إلى جانب المحافظ الذي يختص بتوقيع الجزاءات بالنسبة للمخالفات المتعلقة بالجانب الإداري والتنفيذي للعملية التعليمية في نطاق المحافظة، وهذه ولاية لا تملكها سوى الجهات المذكورة في الشكل الذي حدده المشرع؛ لما في ذلك من ضمانات لا تتحقق إلا بهذه الأوضاع.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده من العاملين بإدارة قويسنا التعليمية بمديرية التربية والتعليم بالمنوفية، وقد صدر القرار المطعون فيه عن وكيل أول وزارة التربية والتعليم والمشرف على مكتب الوزير بمجازاته بخصم خمسة عشر يوما من راتبه لما نسب إليه من قيامه بإعطاء دروس خصوصية بالمخالفة للقرار الوزاري رقم 592 لسنة 1998، ومن ثم يكون هذا القرار والحالة هذه صادرًا عن غير مختص بإصداره قانونًا متعين الإلغاء.
وحيث إن الحكم المطعون فيه، وإذ خلص إلى هذه النتيجة، فإنه يكون مطابقًا لحكم القانون، ويضحى الطعن الماثل فيه غير قائم على سند سليم، مما يتعين معه القضاء برفضه.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا.
([1]) راجع وقارن بما سبق وأن انتهت إليه المحكمة الإدارية العليا من أن اختصاص المحافظ بتأديب العاملين بالوزارات في نطاق المحافظة لا يحجب عن الوزير المختص ممارسة الاختصاص نفسه؛ لأنه لا مسئولية دون سلطة، وأن الازدواج في الاختصاص هنا مصدره وسنده النصوص القانونية القائمة، فللوزير المختص سلطة توقيع الجزاءات على العاملين بالمديريات التابعة لوزارته بالمحافظات المختلفة بجانب المحافظ، وسلطة أحدهما في تأديب العاملين لا تحجب سلطة الآخر. (حكمها في الطعنين رقمي 2712و2813 لسنة 45 القضائية عليا بجلسة 5/8/2001، منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في السنة 46 مكتب فني، الجزء الثالث، المبدأ رقم 306 ص 2609، وحكمها في الطعن رقم 13723 لسنة 49 القضائية عليا بجلسة 8/2/2007، منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في السنة 52 مكتب فني، المبدأ رقم 60 ص 404).
وراجع فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة التي استظهرت فيها أن المشرع ناط بالمحافظ جميع الاختصاصات المقررة للوزير فيما يختص بالعاملين المدنيين في نطاق المحافظة في الجهات التي نقلت اختصاصها إلى الوحدات المحلية، أما بالنسبة إلى العاملين بالجهات التي لم تنقل اختصاصاتها إلى هذه الوحدات -فيما عدا الهيئات القضائية والجهات المعاونة لها- فقد اختصه المشرع بجملة اختصاصات من بينها الإحالة إلى التحقيق وتوقيع الجزاءات التأديبية في الحدود المقررة للوزارة، وهي الحدود التي عينتها تفصيلا المادة (82) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978)، ومثل هذا الاختصاص التأديبي المقرر للمحافظ إنما يحجب ولا ريب الاختصاص التأديبي للسلطات الرئاسية لهؤلاء العاملين في وزاراتهم في هذا الشأن؛ بحسبان أن الاختصاص مقصور على من عقد له، يأبى التعدد، ما لم يفرضه نص صريح يقضي به، وإلا شبَّ ازدواج في الاختصاص، وتشابُكٌ في مجالاته، يتنافر مع المصلحة العامة، وتأباه طبائع الأشياء ومقتضيات التنظيم الإداري السليم، فضلا عن مخالفته من حيث الأصل صريح النص الذي يؤكد استقلال المحافظ بهذا الاختصاص وتفرده به. (فتواها رقم 2023 بتاريخ 16/12/1992، ملف رقم 86/2/226 بجلسة 6/12/1992).