جلسة 21 من يونيو سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبدالرحمن عثمان أحمد عزوز.
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ويحيى خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى، ومحمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة.
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 2837 لسنة 46 قضائية عليا:
ـ الترخيص بإصدار الصحيفة ـ تنظيمه ـ إخطار الجهة الإدارية حال تغيير البيانات الخاصة بالترخيص ـ طبيعته.
المواد (46)، (47)، (51)، (52) من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة.
نظَّم المشرع إجراءات إصدار الصحف سواء من حيث الوسيلة الواجب اتباعها لإصدار الصحيفة أو سلطة الجهة الإدارية ـ وهى المجلس الأعلى للصحافة ـ إزاءها، حيث أخذ المشرع بنظام الإخطار الكتابى المسبق وحدد البيانات التى يجب أن يتضمنها هذا الإخطار ومنها اسم الصحيفة ودوريتها وأوجب على المجلس الأعلى للصحافة أن يبت فى الإخطار خلال 40يومًا من تاريخ تقديمه مستوفياً لكافة البيانات،ورتب على مضى هذه المدة دون صدور اعتراض من جانب المجلس قيام قرينة ضمنية على موافقة المجلس على إصدار الصحيفة ـ أوجب المشرع إخطار المجلس الأعلى للصحافة بأى تغيير يطرأ على البيانات التى تضمنها طلب الترخيص ـ يعد التقاعس عن القيام بهذا الإخطار جريمة جنائية يعاقب عليها الممثل القانونى للصحيفة ـ يجب أن يكون الإخطار كتابياً وأن يتم قبل حدوث التغيير بخمسة عشر يوماً على الأقل ـ اشترط المشرع فى الصحف التى تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة ألا يقل رأس مالها عن نصاب محدد يتفاوت بتفاوت دورية إصدار الصحيفة وألا تزيد ملكية الشخص وأفراد أسرته وأقاربه حتى الدرجة الثانية على 10% من رأس المال ـ ولئن كان المشرع قد سكت عن تحديد سلطة المجلس الأعلى للصحافة إزاء الإخطار عن التغيير فى البيانات الخاصة بترخيص الصحيفة فليس مؤدى ذلك أنه إجراء شكلى يحدث أثره فى نفاذ التغيير بمجرد إتمامه دون حاجة لأن يعبّر المجلس الأعلى للصحافة عن إرادته إزاءه، بل هو إجراء جوهرى استهدف به المشرع تمكين المجلس الأعلى للصحافة من أداء المهام المنوطة به وعلى رأسها العمل على قيام الصحف بممارسة سلطاتها فى إطار المقومات الأساسية للمجتمع وبما يكفل الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى، إلى جانب أن هذا الإخطار يتعلق بتعديل فى البيانات التى صدر على أساسها الترخيص ـ مؤدى ذلك: أنه يقع على عاتق الصحيفة ألا تتصرف وفقاً للبيان الجديد محل الإخطار إلا بعد إقراره واعتماده من السلطة المختصة وهى المجلس الأعلى للصحافة وإلا يصبح الإخطار عديم الجدوى ولا معنى له ـ بيد أن سلطة المجلس فى الموافقة على ما تقوم الصحيفة بإدخاله من تغيير فى بيانات الترخيص ليست بطبيعة الحال سلطة مطلقة من كل قيد وإنما هى مقيدة بمراعاة أحكام القانون والصالح العام، فضلاً عن عدم التعسف والانحراف فى استعمالها ـ تطبيق.
فى يوم السبت الموافق12/2/2000 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن ـ قيد برقم 2837 لسنة46ق عليا ـ فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى الدائرة الأولى بالقاهرة فى الدعوى المشار إلها بعاليه، والقاضى فى منطوقه “.. بقبول الدعوى … شكلاً فى الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب ….”.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون، لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا، لتقضى بقبوله شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده بصفته على النحو الثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 15/10/2001 وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 28/8/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى/موضوع) لنظره بجلسة 23/11/2002.
ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 22/3/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 21/6/2003 وصرحت بتقديم مذكرات فى شهرين، وخلال هذا الأجل أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع صممت فى ختامها على الطلبات الواردة بصحيفة الطعن، كما أودع وكيل المطعون ضده مذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم برفض الطعن وإلزام جهة الإدارة الطاعنة بالمصروفات.
وبجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع قد فصَّلها الحكم المطعون فيه، مما لا وجه معه لإعادة سردها اكتفاءً بالإحالة بشأنها إلى الحكم المذكور وتفادياً للتكرار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه هو ـ حسبما كيفته المحكمة ـ قرار المجلس الأعلى للصحافة باعتبار تعديل دورية إصدار جريدة النبأ من أسبوعية إلى يومية مخالفاً للقانون، على أن البادى من الأوراق أن المدعى بادر إلى مكاتبة المجلس الأعلى للصحافة بتعديل موعد إصدار جريدة النبأ من أسبوعية إلى يومية قبل الموعد الذى قدره للتنفيذ بما يقرب من ثلاثة أشهر، وعلى ذلك يكون قد التزم بموجبات المادة (51) من قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996، وانه بافتراض أن ما طلب المدعى إجراءه من تعديل بأخذ حكم الترخيص المبتدأ، فإنه يكون من المتعين أن يفصل المجلس الأعلى للصحافة فيما طلبه المدعى خلال المواعيد الزمنية المحددة فى طلب الترخيص المبتدأ فإذا ما انتهى إلى الرفض تعين أن يكون مسبباً، والحاصل أن المجلس الأعلى للصحافة لم يرد على الإخطار الذى تقدمت به جريدة النبأ لتغيير دورية إصدارها من أسبوعية إلى يومية حتى انقضت المدة المقررة فى المادة 47 من قانون تنظيم الصحافة المشار إليه، كما أن الكتاب الموجه من المجلس المذكور إلى مؤسسة الأهرام بطلب عدم توزيع جريدة النبأ، إنما يكشف عن رفضه الموافقة على الإخطار الذى تقدم به المدعى، وهذا الرفض جاء خلوًا من التسبيب، ولما كان ذلك وكان الأمر متعلقاً بالصحافة أى بحق من الحقوق الدستورية فإن المساس به أو الانتقاص منه يتوفر له قانوناً ركن الاستعجال اللازم توافره مع ركن الجدية، مما يبرر إجابة المدعى إلى طلبه وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول بأن الحكم المذكور بمساواته بين حالة تغيير البيانات التى تطرأ على صحيفة مرخص فى إصدارها ـ وهى الحالة التى أوجب القانون توافر شروط معينة فى شأنها ـ وحالة الترخيص المبتدأ باعتباره من قبيل الحقوق المنظمة قانوناً باشتراطات وأوضاع معينة، يكون قد أحل نفسه محل الجهة الإدارية فى عمل من صميم اختصاصها وباجتهاد لا محل له مع وضوح النصوص القانونية للمسألة المتنازع فيها، كما أن ما قرره الحكم من أن جهة الإدارة لم ترد على طلب المدعى خلال المدة المحددة بالمادة 47 من قانون تنظيم الصحافة لا يتفق وكتاب جهة الإدارة المؤرخ 15/6/1999 والموجه إلى المطعون ضده بضرورة موافاة جهة الإدارة ومصلحة الشركات بأية تغييرات تكون قد طرأت على رأس مال الشركة.
ومن حيث إن مثار النزاع الماثل ـ حسبما يبين من حافظة مستندات الحكومة المودعة بجلسة 22/3/2003 ـ وهو ذلك الموقف الذى تمسكت به الأمانة العامة للمجلس الأعلى للصحافة فى ردها على جريدة النبأ الوطنى، ومن عدم جواز تعديل دورية إصدار الصحيفة من أسبوعية إلى يومية إلا بعد أن تقدم الجريدة ما يثبت التزامها بنص المادة (52) من قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996، الأمر الذى يفيد أن حقيقة طلبات المدعى (المطعون ضده) فى الدعوى بحسب التكييف القانونى الصحيح لها، هى الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار المجلس الأعلى للصحافة السلبى بالامتناع عن الموافقة على تعديل دورية صدور جريدة النبأ على النحو سالف الذكر مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أحكام القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة ، أنه قد نص فى المادة (46) على أنه “يجب على كل من يريد إصدار صحيفة جديدة أن يقدم إخطاراً كتابياً إلى المجلس الأعلى للصحافة موقعاً عليه من الممثل القانونى للصحيفة ويشتمل على اسم ولقب وجنسية ومحل إقامة صاحب الصحيفة واسم الصحيفة ودوريتها، واللغة التى تُنشر بها ….”. ونص فى المادة (47) على “أن يصدر المجلس الأعلى للصحافة قرارًا فى شأن الإخطار المقدم إليه لإصدار الصحيفة خلال مدة لا تجاوز أربعين يوماً من تاريخ تقديمه إليه مستوفياً جميع البيانات المنصوص عليها فى المادة السابقة ويجب أن يصدر قرار المجلس برفض الترخيص مسبباً، ويعتبر انقضاء مدة الأربعين يوماً المشار إليها دون إصدار قرار من المجلس بمثابة عدم اعتراض على إصدار الصحيفة …” . ونص فى المادة (51) على أنه ” فى حالة التغيير الذى يطرأ على البيانات التى تضمنها الإخطار بعد صدور الترخيص يجب إعلان المجلس الأعلى للصحافة كتابة بهذا التغيير قبل حدوثه بخمسة عشر يوماً على الأقل إلا إذا كان هذا التغيير قد طرأ على وجه غير متوقع، فى هذه الحالة يجب إعلانه فى موعد غايته ثمانية أيام على الأكثر من تاريخ حدوثه. ويعاقب الممثل القانونى للصحيفة عن مخالفته هذه المادة بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين”. ونص فى المادة (52) على أنه “يشترط فى الصحف التى تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة فيما عدا الأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات، أن تتخذ شكل تعاونيات أو شركات مساهمة، على أن تكون الأسهم جميعها فى الحالتين اسمية ومملوكة للمصريين وحدهم وألا يقل رأس مال الشركة المدفوع عن مليون جنيه إذا كانت شهرية، ويودع رأس المال بالكامل قبل إصدار الصحيفة فى أحد البنوك المصرية، ويجوز للمجلس الأعلى للصحافة أن يستثنى من بعض الشروط سالفة البيان، ولا يجوز أن تزيد ملكية الشخص وأفراد أسرته وأقاربه حتى الدرجة الثانية فى رأس المال الشركة على 10%….”.
ومن حيث إنه يبين من هذه النصوص أن المشــرع فى قانون تنظـــيم الصحافـــة رقـــــــم 96 لسنة 1996، نظم إجراءات إصدار الصحف سواء من حيث الوسيلة الواجب اتباعها لإصدار الصحيفة أو سلطة الجهة الإدارية ـ وهى المجلس الأعلى للصحافة ـ إزاءها، حيث أخذ المشرع بنظام الإخطار الكتابى المسبق وحدد البيانات التى يجب أن يتضمنها هذا الإخطار ومنها اسم الصحيفة ودوريتها، وأوجب على المجلس الأعلى للصحافة أن يبت فى الإخطار خلال 40 يوماً من تاريخ تقديمه مستوفياً لكافة البيانات، ورتب على مضى هذه المدة دون صدور اعتراض من جانب المجلس قيام قرينة ضمنية على موافقة المجلس على إصدار الصحيفة، كما قيد المشرع سلطة المجلس فى حالة رفض الترخيص لها أن تخطر المجلس الأعلى للصحافة بأى تغيير يطرأ على البيانات التى تضمنها طلب الترخيص، وعول المشرع كثيراً على هذا الإخطار، إذ اعتبر التقاعس عن القيام به جريمة جنائية يعاقب عليها الممثل القانونى للصحيفة. كما أوجب أن يكون الإخطار كتابياً وأن يتم قبل حدوث التغيير بخمسة عشر يوماً على الأقل، وقد اشترط المشرع فى الصحف التى تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة ألا يقل رأس مالها عن نصاب محدد يتفاوت بتفاوت دورية إصدار الصحيفة (يومية ـ أسبوعية ـ شهرية) وألا تزيد ملكية الشخص وأفراد أسرته وأقاربه حتى الدرجة الثانية على 10% من رأس المال.
وإذا كان المشرع قد سكت عن تحديد سلطة المجلس الأعلى للصحافة إزاء الإخطار عن التغيير فى البيانات الخاصة بترخيص الصحيفة فليس مؤدى ذلك أن هذا الإخطار هو إجراء شكلى يحدث أثره فى نفاذ التغيير بمجرد إتمامه دون حاجة لأن يعبر المجلس الأعلى للصحافة عن إرادته إزاءه، إذ إنه بإمعان النظر فى الضوابط التى حف بها المشرع هذا الإخطار ـ والمشار إليه فيما تقدم ـ يتضح جلياً أنه إجراء جوهرى استهدف به المشرع تمكين المجلس الأعلى للصحافة من أداء المهام المنوطة به، وعلى رأسها العمل على قيام الصحف بممارسة سلطاتها فى إطار المقومات الأساسية للمجتمع وبما يكفل الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى، وبما يؤكد فعاليتها فى ضمان حق المواطن فى المعرفة من خلال الأخبار الصحيحة والآراء والتعليمات الموضوعية حسبما نصت على ذلك المادة (67) من قانون تنظيم الصحافة، إلى جانب أن هذا الإخطار يتعلق بتعديل فى البيانات التى صدر على أساسها الترخيص، وعلى ذلك فإنه يقع على عاتق الصحيفة ألا تتصرف وفقاً للبيان الجديد محل الإخطار إلا بعد إقراره واعتماده من السلطة المختصة وهى المجلس الأعلى للصحافة، وإلا يصبح الإخطار عديم الجدوى ولا معنى له.
بيد أن سلطة المجلس الأعلى فى الموافقة على ما تقوم الصحيفة بإدخاله من تغيير فى بيانات الترخيص، ليست بطبيعة الحال سلطة مطلقة من كل قيد وإنما هى مقيدة بمراعاة أحكام القانون والصالح العام فضلاً عن عدم التعسف أو الانحراف فى استعمال السلطة شأنها شأن أية سلطة تقديرية أخرى.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده حصل على ترخيص من المجلس الأعلى للصحافة بإصدار جريدة أسبوعية باسم جريدة “النبأ الوطنى” وبتاريخ 10/6/1999 تقدم بطلب إلى المجلس المذكور للموافقة على أن تبدأ الجريدة فى الصدور اليومى اعتباراً من أول سبتمبر 1999، وأشار فى طلبه إلى أنه تم زيادة رأس مال الشركة المؤسسة للجريدة من 100 ألف جنيه مصرى الى 4.350.000 جنيه مصرى, كما أرفق بالطلب صورة محضر اجتماع الجمعية العامة للشركة المتضمن الزيادة فى رأس المال وموافقة هيئة سوق المال على الزيادة وعقد التعديل, ولما لم يرد المجلس الأعلى للصحافة على هذا الطلب أرسل المطعون ضده إلى أمانة المجلس الكتاب المؤرخ 29/7/1999 يشكر فيه المجلس على موافقته الضمنية على الإصدار اليومى للجريدة ويلتمس أن تتوج هذه الموافقة بموافقة صريحة، إلا أن أمانة المجلس أرسلت إليه الكتاب المؤرخ 5/8/1999 تطلب فيه تقديم ما يثبت أن التعديل الذى أدخل على نظام الشركة وزاد بمقتضاه رأس المال لم يترتب عليه مخالفة نص المادة (52) من قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة1996 فيما قضى به من عدم جواز زيادة ملكية الشخص وأقاربه حتى الدرجة الثانية على 10% من رأس مال الشركة، وذكرت الأمانة فى كتابها أن الأمر فى هذا الشأن لا يتعلق بطلب الموافقة على ترخيص بإصدار صحيفة مما تنظمه المادة (47) من القانون المشار إليه وبالتالى لا تسرى فى هذا الخصوص قرينة الموافقة الضمنية المنصوص عليها فى تلك المادة, ورداً على ذلك أرسل المطعون ضده الكتاب المؤرخ 14/8/1999 يفيد بأنه ليس هناك ما يثبت أن زيادة رأس مال الشركة قد تمت وفقًا لنص المادة (52) من قانون تنظيم الصحافة أكثر من موافقة مصلحة الشركات على هذه الزيادة وهى الموافقة التى سلمت صورة منها للأمانة العامة للمجلس، وما كان لمصلحة الشركات أن توافق على زيادة رأس المال إلا إذا كان قد تمت فى إطار هذه المادة، إلى جانب أن هذه الزيادة لم تتم عشوائياً ولكن بهدف تحويل صحيفة النبأ الأسبوعية إلى صحيفة يومية ، وليس هناك مصلحة لأحد لكى يخل بأحد شروط القانون بل المصلحة فى الالتزام به، إلا أن أمانة المجلس أصرت على موقفها من ضرورة تقديم ما يثبت عدم مخالفة المادة (52) فى المكاتبات التى أرسلتها إلى المطعون ضده بعد ذلك ، ونبهت عليه بعدم إصدار الصحيفة قبل الحصول على موافقة المجلس الأعلى للصحافة على أساس أن ذلك يعتبر تعديلاً فى شروط الترخيص الصادر من المجلس ، وأضافت سبباً جديداً هو أن الجريدة التى يتم طبعها تحمل اسماً آخر هو اسم” آخر خبر” دون الحصول على موافقة المجلس ، كما طالبت المطعون ضده بتقديم مستند كتابى من مصلحة الشركات يفيد عدم مخالفة التعديل فى رأس المال أحكام المادة (52)، ورداً على هذه المكاتبات أفاد المطعون ضده بأنه سبق أن قدم محضر الجمعية العمومية للشركة الذى تمت فيه الموافقة على زيادة رأس المال معتمداً من مصلحة الشركات كما قدم موافقة هيئة سوق المال على هذه الزيادة وكذلك عقد التعديل الموثق فى الشهر العقاري، وليس فى استطاعته أن يقدم أكثر من ذلك وقرر أنه يمكن للمجلس الأعلى للصحافة أن يتأكد من سلامة ذلك بما يراه من وسائل. كما أفاد بأن ” آخر خبر” هو أحد أبواب جريدة النبأ الوطنى وليس صحيفة جديدة.
ومن حيث إنه يبين من السرد السابق لوقائع النزاع، أن المطعون ضده قد أوفى بما ألزمت به المادة (51) من قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996، إذ قام بإخطار المجلس الأعلى للصحافة كتابة بعزمه على تعديل إصدار جريدة النبأ من أسبوعية إلى يومية قبل الميعاد المحدد للتنفيذ بما يقرب من ثلاثة أشهر ، كما قدم للمجلس ما يفيد زيادة رأس المال إلى أكثر من النصاب الذى حدده القانون لإصدار الصحيفة بصفة يومية، وأكد على أنه لم يخالف نص المادة (52) من قانون تنظيم الصحافة بما قدمه من مستندات تفيد اعتماد مصلحة الشركات وهيئة سوق المال لهذه الزيادة، ومع ذلك لم يعتد المجلس بهذه المستندات ولم يلتفت إليها وأصر على مسلكه هذا فى جميع المكاتبات التى أرسلها إلى المطعون ضده يطالبه فيها بتقديم ما يثبت التزامه بأحكام المادة (52) فيما تضمنه من عدم جواز زيادة ما يملكه الشخص أو أحد أقاربه على 10% من رأس المال، مع أن المجلس كان بمقدوره منذ البداية مخاطبة مصلحة الشركات للوقوف على ما إذا كانت جريدة النبأ قد التزمت فى تعديل رأس مالها فعلاً بأحكام المادة (52) أم لا، وذلك حسبما فعل مؤخرًا بكتابه المرسل إلى المصلحة فى 1/9/1999 والذى لم يثبت أن المصلحة قد ردت عليه ردًّا يناقض صحة ما ذكره المطعون ضده على النحو السالف، بل إن المجلس تردد فى تحديده لسبب عدم الموافقة على التعديل المطلوب، إذ ذكر حيناً أن المطعون ضده لم يقدم ما يثبت التزامه بأحكام المادة (52)، بينما ذكر حيناً آخر أن الجريدة ستصدر باسم آخر غير الاسم المرخص به، وقد أجاب المطعون ضده على ذلك إجابة لم يستطع المجلس نفى صحتها.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم، فإن مسلك الجهة الطاعنة (وهى المجلس الأعلى للصحافة) يكون قد جاء ـ بحسب الظاهر من الأوراق ودون المساس بأصل الموضوع ـ متسماً بالتعسف فى استعمال السلطة، ويشمل تبعًا لذلك قراراً سلبياً مخالفاً لأحكام القانون يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ، فضلاً عن ركن الاستعجال وذلك على أساس أن القرار المطعون فيه يتعلق بحرية من الحريات التى كفلها الدستور والتى يخلق المساس بها حالة من الاستعجال تبرر وقف تنفيذ القرار، الأمر الذى يجعل القضاء بوقف التنفيذ أمراً محتماً، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد أصاب وجه الحق فيما قضى به، وبالتالى يضحى الطعن عليه قائمًا على غير أساس سليم من القانون حريًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.