جلسة 29 من ديسمبر سنة 2007
(الدائرة الخامسة)
الطعن رقم 2908 لسنة 47 القضائية عليا.
– الاستثناء من حظر البناء عليها– مناط جواز تغيير الغرض في المشروعات السابق الترخيص فيها.
المادة (152) من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 معدلاً بالقانون رقم 116 لسنة 1983- المادة (2) من القانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني- قرار وزير الزراعة رقم 211 لسنة 1990 في شأن شروط وإجراءات الترخيص بإقامة المباني والمنشآت في الحالات المستثناة المنصوص عليها في المادة 152 من قانون الزراعة.
أحاط المشرع الأراضي الزراعية والأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية بسياج من الحماية للمحافظة عليها من التآكل بالتعدي عليها, سواء من جانب الدولة أو من الأفراد، وذلك بتقسيمها بغرض البناء عليها أو بالبناء أو إقامة منشآت عليها، وذلك بأن حظر البناء عليها, وحدد المشرع المشروعات التي تستثنى من هذا الحظر، وأحاط أيضا هذه الاستثناءات خشية الالتفاف عليها بمجموعة من الشروط والإجراءات التي تكفل أيضا الحفاظ على الرقعة الزراعية، ولم يترك للجهات أو الأفراد مخالفة أو اختراق الحماية التي فرضها للأرض الزراعية وما في حكمها، حتى وصل الأمر به إلى حظر النظر في تغيير الغرض من المشروعات السابق الترخيص فيها استثناء من حظر البناء على الأرض الزراعية إلى غرض آخر، إلا إذا كان التغيير لغرض من الأغراض التي يجوز الترخيص فيها استثناء من حظر البناء أو إقامة منشآت على الأراضي الزراعية– تطبيق.
بتاريخ 21/12/2000 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 518 لسنة 52 ق بجلسة 31/10/2000 الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته – للأسباب الواردة في تقرير الطعن – الأمر وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى وإلزام رافعها المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم -بعد إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده– بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
ونظر الطعن أمام الدائرة السادسة “فحص” بجلسة 5/4/2005 وبالجلسات التالية لها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث مثل المطعون ضده (المدعي في الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها بالطعن الماثل) وقدم حافظة مستندات طويت على المستندات المعلاة على غلافها، ومذكرة بدفاعه اختتمت بطلب الحكم برفض الشق المستعجل؛ حيث إن المبنى الدراسي موجود بالفعل، وفي الموضوع برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه وإلزام جهة الإدارة المصروفات. كما مثلت هيئة قضايا الدولة في الطعن، وبجلسة 20/12/2005 قررت الدائرة السادسة “فحص” إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة “موضوع” بالمحكمة الإدارية العليا، وحددت لنظره جلسة 8/2/2006 وفيها نظر وبالجلسات التالية لها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث أودع المطعون ضده/ … حافظة مستندات طويت على المستندات المبينة على غلافها ومذكرة بدفاعه اختتمت بطلب الحكم برفض الطعن، وإلزام جهة الإدارة المصروفات. وبجلسة 20/12/2006 قررت الدائرة السادسة موضوع إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص، ونظر الطعن أمام هذه الدائرة بجلسة 17/2/2007 وبالجلسات التالية لها حيث أودع المطعون ضده المذكور مذكرة بدفاعه اختتمت بطلب الحكم برفض الطعن وإلزام جهة الإدارة المصروفات، كما أودع أيضاً حافظة مستندات طويت على المستندات المعلاة على غلافها، وبجلسة 3/11/2007 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 8/12/2007 وصرحت بمذكرات لمن يشاء خلال أسبوع، ولم تودع أي مذكرات، وبهذه الجلسة الأخيرة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً، ومن ثم فإنه مقبول شكلاً.
وحيث إن الفصل في الشق الموضوعي في الطعن يغني عن التصدي للشق المستعجل منه.
وحيث إن عناصر الطعن تخلص – حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه – في أن المطعون ضده/ … كان قد أقام الدعوى رقم 518 لسنة 52 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 22/10/1997 مختصماً كلاً من محافظ الجيزة ووزير الزراعة ورئيس مجلس مدينة أوسيم طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي لرئيس مدينة أوسيم بالامتناع عن الموافقة على صرف ترخيص مبانٍ لمدرسة خاصة على الأرض ملكه بناحية صيدا – طريق المناشي – مركز أوسيم بالجيزة، بدلاً من السوق التجارية المقامة عليها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر المدعي شرحاً لدعواه أنه يمتلك وأخرى بموجب عقد مسجل رقم 3084 في 31/7/1979 قطعة أرض مساحتها 22 سهما و 9 قراريط بناحية صيدا ــ طريق المناشي –مركز أوسيم – محافظة الجيزة، وأقام عليها سوق بيع خضار وفاكهة بالجملة، وذلك بموجب رخصة تشغيل رقم 2876 الصادرة في 29/2/1992 واستخرج كافة المستندات التي تؤكد استعمال قطعة الأرض في نشاط تجاري، وأصبحت الأرض غير مستعملة في الزراعة من تاريخ طلب الترخيص المذكور في 23/12/1991، ثم تقدم لوزير الزراعة بطلب للموافقة على تغيير نشاط السوق وإقامة مدرسة على قطعة الأرض ملكه، فأحاله إلى محافظ الجيزة للفحص، وأفادت الوحدة المحلية لمركز إمبابة ومدينة أوسيم بالاشتراك مع مدير التعليم الخاص بأن على الطالب أن يتقدم بطلبه إلى إدارة التعليم الخاص بالمديرية في موعد غايته شهر يونيو قبل بدء الدراسة، وبعد الموافقة يتقدم الطالب بالرسومات الهندسية والمستندات إلى الهيئة العامة للأبنية التعليمية، ويتم معاينة المبنى من قبل لجنة شئون التعليم الخاص بالمديرية ليتم حصوله على ترخيص المدرسة. وتقدم إلى مديرية التربية والتعليم ووافقت على إنشاء المدرسة الخاصة، ثم تقدم في 12/6/1997 بطلب إلى رئيس مجلس مدينة أوسيم للموافقة على تغيير النشاط من سوق خاص ببيع الخضر والفاكهة إلى مدرسة خاصة، وفي 14/6/1997 ورد إليه كتاب الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمدينة أوسيم تطلب فيه موافقة مديرية الزراعة بالجيزة وموافقة الأبنية التعليمية وكشف تحديد مساحة حتى يمكن السير في إجراءات الترخيص من عدمه. ثم بتاريخ 25/8/1997 ورد إليه كتاب الإدارة المذكورة يفيد بأنه تم مخاطبة إدارة التشريعات الزراعية بالجيزة فأفادت بعدم الموافقة على إقامة المدرسة؛ لأنها مجاورة للأرض الزراعية وإقامة المدرسة يؤدي إلى انتشار المباني على الأرض الزراعية والتعدي عليها. ولما كان رفض الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمدينة أوسيم وإدارة التشريعات الزراعية يعد قرار إدارياً فإنه ينعى عليه مخالفة القانون، وذلك لخروج قطعة الأرض عن نطاق الحظر المنصوص عليه في المادة 152 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983، وأشار إلى المادة السادسة من قرار وزير الزراعة رقم 211 لسنة 1990 وخلص إلى أن الأرض ملكه تدخل في الحالات المستثناة لأنها مستغلة في نشاط تجاري يخدم الإنتاج الزراعي والحيواني ولا يحق للجهة الإدارية رفض طلب الترخيص بإقامة مدرسة خاصة عليها بدلاً من سوق الجملة، كما جاء القرار مشوباً بإساءة استعمال السلطة والانحراف بها لما للمدرسة من نفع عام لأبناء القرية وتحقيق المصلحة العامة التي خرج عليها القرار المطعون فيه. وخلص المدعي إلى طلب الحكم بطلباته السابق بيانها.
وبجلسة 1/7/1998 قررت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها، ثم بجلسة 31/10/2000 قضت محكمة القضاء الإداري (الدائرة الرابعة) بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على سند من نص المادة الثانية من القانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني، ونص المادة 152 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 ونصوص المادة الأولى من قرار وزير الزراعة رقم 211 لسنة 1990، وأن الثابت من الأوراق أن قطعة الأرض محل النزاع يقوم المدعي باستغلالها كسوق لبيع الخضروات والفاكهة بموجب الرخصة رقم 2876 بتاريخ 29/2/1992، وخلت الأوراق من دليل يفيد قابلية هذه الأرض للزراعة، ومن ثم يكون قرار جهة الإدارة برفض السير في إجراءات الترخيص للمدعي للبناء على هذه القطعة على سند من أنها تجاور أرضا زراعية يكون غير قائم على سند صحيح من القانون، وخلصت المحكمة إلى حكمها المطعون فيه.
وحيث إن مبنى الطعن يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ وذلك على سند من نص المادة الثانية من القانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني ونص المادة 152 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983، ونصوص المواد الأولى والثانية والسادسة والعاشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة والثامنة عشرة من قرار وزير الزراعة رقم 211 لسنة 1990 بشروط وإجراءات الترخيص بإقامة المباني والمنشآت في الحالات المستثناة المنصوص عليها في المادة (152) من قانون الزراعة معدلاً بالقانون رقم 116 لسنة 1983، وأن المدعي وأخرى يمتلكان على الشيوع قطعة أرض مساحتها تسعة قراريط واثنان وعشرون سهما بحوض القباله أول/ 20 بناحية صيدا – طريق المناشي – التابعة لمركز أوسيم محافظة الجيزة. ويذكر المدعي في عريضة دعواه أنه يستغل هذه المساحة كسوق لتجارة الخضار والفاكهة وهي بهذا الوصف تعد جرنا لتشوين الخضار والفاكهة، وتعد أرضا زراعية في مفهوم حكم المادة الأولى من قرار وزير الزراعة رقم 211 لسنة 1990 آنف البيان، وبالتالي فهي تخضع للأصل العام المقرر وهو حظر تقسيم الأراضي الزراعية، وإقامة أي منشآت عليها، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه الصادر عن الإدارة الهندسية بمجلس مدينة أوسيم برفض الترخيص للمدعي ببناء مدرسة عليها يكون قراراً مشروعاً، وتكون الدعوى بطلب إلغائه جديرة بالرفض.كما أنه بفرض أن المشروع الذي أقامه المدعي على أرض النزاع يعد من المشروعات التي تخدم الإنتاج الزراعي والحيواني المنصوص عليها في الفقرة (ج) من المادة السادسة من قرار وزير الزراعة سالف الذكر، فإنه لكي يعد كذلك يجب أن يصدر بالموافقة عليه قرار من وزير الزراعة، وقد خلت الأوراق من أية موافقة لوزير الزراعة صدرت في شأنه، كما خلت الأوراق مما يفيد اتباع المدعي للإجراءات المنصوص عليها في المادة (11) من قرار وزير الزراعة رقم 211 لسنة 1990 المشار إليه، فلم يقدم دليلاً على تقديمه طلب الترخيص على النموذج المعد لذلك مرفقاً به الخريطة المساحية والرسم الهندسي لمكونات المبنى المطلوب إقامته والإيصال الدال على سداد الرسوم والمستندات الرسمية التي تثبت ملكيته، كما لم يقدم أي مستند يفيد موافقة وزارة الزراعة بأجهزتها المذكورة على المشروع المطلوب الترخيص به، ولا يرخص للمحافظ أو من يفوضه في ذلك في التجاوز عن تلك الموافقة المسبقة وإلا كان قراره غير مشروع. ولما كان البين أن المدعي لم يقدم للإدارة الهندسية موافقة وزارة الزراعة على بناء مدرسة خاصة على قطعة الأرض محل النزاع، وإذ صدر القرار المطعون فيه برفض الترخيص له بالبناء فإن هذا القرار يتفق وصحيح حكم القانون، ولما كانت أرض النزاع أرضاً زراعية وتقتضي المصلحة العامة بقاءها أرضاً زراعية وعدم إقامة مبانٍ عليها، فإن تنفيذ الحكم المطعون فيه يترتب عليه الاعتداء على الرقعة الزراعية ويلحق بها أضرارا يتعذر تداركها. وخلص الطاعن بصفته إلى طلب الحكم بطلباته السالف بيانها.
وحيث إنه عن موضوع الطعن فإن المشرع بموجب نص المادة الثانية من القانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني، والمادة (152) من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 معدلاً بالقانون رقم 116 لسنة 1983 حظر إقامة أي مبانٍ أو منشآت في الأراضي الزراعية، أو اتخاذ أي إجراءات في شأن تقسيمها لإقامة مبانٍ عليها، واعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأرض البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية، واستثنى من هذا الحظر:
(أ) الأراضي الواقعة داخل كردون المدن المعتمدة حتى 1/12/1981 مع عدم الاعتداد بأي تعديلات على الكردون اعتباراً من هذا التاريخ إلا بقرار من مجلس الوزراء.
(ب) الأراضي الداخلة في نطاق الحيز العمراني للقرى، الذي يصدر بتحديده قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير.
(جـ) الأراضي التي تقيم عليها الحكومة مشروعات ذات نفع عام بشرط موافقة وزير الزراعة.
(د) الأراضي التي تقام عليها مشروعات تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني، التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الزراعة.
(هـ) الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك سكناً خاصاً به أو مبنى يخدم أرضه، وذلك في الحدود التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة.
وفيما عدا الحالة المنصوص عليها في الفقرة (جـ) يشترط في الحالات المشار إليها آنفاً صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء في إقامة أي مبان أو منشآت أو مشروعات، ويصدر بتحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير.
وحيث إنه نفاذاً لنص المادة (152) من قانون الزراعة المشار إليه أصدر وزير الزراعة القرار رقم 211 لسنة 1990 في شأن شروط وإجراءات الترخيص بإقامة المباني والمنشآت في الحالات المستثناة المنصوص عليها في المادة 152 من قانون الزراعة معدلاً بالقانون رقم 116 لسنة 1983، وحدد في المادة الأولى منه المقصود بالأراضي الزراعية في تطبيق أحكام هذا القرار بأنها الأراضي المزروعة بالفعل وما عليها من منافع كالأجران والمخازن والحظائر وغيرها، سواء كانت داخل الزمام أو خارجه، وأيا كانت طريقة ريها أو صرفها أو الضريبة المفروضة عليها، وسواء كانت مدرجة في بطاقة حيازة زراعية أو غير مدرجة. ونص في المادة الثانية من القرار المشار إليه على أن: “يكون الترخيص بإقامة المباني والمنشآت في الأراضي الزراعية وما في حكمها وكذلك في اتخاذ إجراءات تقسيمها في الحالات المستثناة المنصوص عليها في المادة (152) من قانون الزراعة المشار إليه وفقاً للشروط والإجراءات المنصوص عليها في هذا القرار”. وحددت المادة الخامسة من القرار المشار إليه المشروعات التي تخدم الإنتاج الزراعي والحيواني التي يجوز الترخيص بها وفقاً لحكم الفقرة “د” من المادة (152) من قانون الزراعة المشار إليه وهي:
(أ) مشروعات الثلاجات ومخازن التبريد للمجازر والمزارع المرخص بها وفقاً لقانون الزراعة وبما يتناسب مع طاقتها الإنتاجية أو التخزينية بشرط عدم إمكان التوسع الرأسي بها.
(ب) مشروعات الصيانة والتموين للآلات الزراعية التابعة لمحطات التجارب والبحوث الآلية المرخص بها وفقاً لقانون الزراعة…
(جـ) المشروعات الأخرى التي تخدم الإنتاج الزراعي والحيواني والتي يصدر بالموافقة عليها قرار من وزير الزراعة.
ونصت المادة التاسعة من القرار المشار إليه على أن: “على كل من يرغب في إحلال وتجديد مبنى قديم أن يخطر مديرية الزراعة المختصة قبل الشروع في إجراء أعمال الإحلال والتجديد، ويشترط للموافقة على ذلك ما يلي: (أ) أن يكون المبنى المطلوب إحلاله وتجديده مرخصاً به وفقاً لقانون الزراعة أو أن يثبت بمستندات رسمية إقامته قبل عام 1973.
(ب) ألا يترتب على أعمال الإحلال والتجديد أي مساس بالأراضي الزراعية المجاورة أو تغيير الموقع المقام به المبنى.
(جـ) ألا يكون الغرض من المبنى المطلوب إحلاله وتجديده متعارضاً مع الأغراض المقررة وفقاً لأحكام قانون الزراعة وهذا القرار. (د)…”.
كما بينت المواد 11و 12و 13و 14و 15 من القرار المشار إليه الإجراءات التي تتبع للترخيص بإقامة المباني والمنشآت والمشروعات المنصوص عليها في الفقرات (أ، ب، د، هـ) من المادة (152) من قانون الزراعة المشار إليه، أو للموافقة على الإحلال والتجديد المنصوص عليها في المادة التاسعة من ذلك القرار، حيث حددت المادة (11) المستندات التي تقدم مع طلب الترخيص، وحددت المادتان (12و 13) منه تشكيل اللجان التي تتولى فحص الطلبات، وقررت المادة (14) أن تصدر مديرية الزراعة المختصة التراخيص والموافقات للطلبات المقبولة بعد اعتمادها من المحافظ المختص، وأجاز نص المادة (15) من ذات القرار النظر في طلب تغيير الغرض للمشروعات السابق الترخيص بها وفقاً لحكم الفقرة (د) من المادة (152) من قانون الزراعة إذا كان التغيير لغرض من الأغراض التي يجوز الترخيص بها وفقاً للقواعد التي صدر في ظلها الترخيص الأصلي وبعد اتباع ذات الإجراءات المقررة في ذلك القرار.
وحيث إنه يخلص مما تقدم أن المشرع أحاط الأراضي الزراعية والأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية بسياج من الحماية للمحافظة عليها من التآكل بالتعدي عليها سواء من جانب الدولة متمثلة في الجهات الحكومية أو من الأفراد وذلك بتقسيمها بغرض البناء عليها، أو بالبناء أو إقامة منشآت عليها، وذلك بأن حظر البناء عليها، وحدد المشروعات التي تستثنى من هذا الحظر. وأحاط أيضاً هذه الاستثناءات خشية الالتفاف عليها بمجموعة من الشروط والإجراءات التي تكفل أيضاً الحفاظ على الرقعة الزراعية ولم يترك للجهات أو الأفراد مخالفة أو اختراق الحماية التي فرضها للأرض الزراعية وما في حكمها، حتى وصل الأمر به إلى أن حظر النظر في تغيير الغرض من المشروعات السابق الترخيص بها استثناء من حظر البناء على الأرض الزراعية إلى غرض آخر إلا إذا كان التغيير لغرض من الأغراض التي يجوز الترخيص بها استثناء من حظر البناء أو إقامة منشآت على الأراضي الزراعية.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده (المدعي أصلاً) والمدعوة/… يمتلكان قطعة أرض الأول بحق 8 قراريط والثانية بحق 1,22 بحوض القبالة جزاير أول/2 – أطيان غير مربوطة بدون قيمة لتعديل الضريبة عام 1989، وذلك بناحية صيدا – طريق المناشي – مركز أوسيم محافظة الجيزة، واستصدر ترخيصاً برقم 2876 بتاريخ 29/2/1992 من مراقبة الإسكان والمرافق بمدينة أوسيم عن محل تجاري بنشاط بيع خضار وفاكهة بالجملة بناحية صيدا – طريق المناشي بملك … ولم يحدد بالرخصة مساحة المحل وموقعه داخل الكتلة السكنية أو خارجها، ثم تقدم المطعون ضده (المدعي أصلا)، بطلب إلى وزير الزراعة بصفته أمين الحزب الوطني للموافقة على تغيير نشاط السوق الخاص به وإقامة مدرسة على قطعة الأرض ملكه – حسبما ذكر المدعي بصحيفة دعواه – وأحيل الطلب إلى محافظ الجيزة للفحص، حيث تم الرد على طلبه بأن يتقدم بطلبه إلى إدارة التعليم الخاص بالمديرية، وبعد الموافقة يتقدم بالرسومات الهندسية والمستندات ويتم معاينة المبنى من لجنة شئون التعليم الخاص بالمديرية فيتم حصوله على الترخيص، ثم تقدم بطلب إلى رئيس مجلس مدينة أوسيم في 12/6/1997 للموافقة على تغيير النشاط من سوق خاصة لبيع الخضر والفاكهة إلى مدرسة خاصة، وردت الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية المذكورة عليه بأن يقدم موافقة مديرية الزراعة بالجيزة وموافقة الأبنية التعليمية، وكشف تحديد مساحة للسير في إجراءات الترخيص، ثم أخطرته الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية المذكورة بكتابها المؤرخ 25/8/1997 بأنه تم مخاطبة إدارة التشريعات الزراعية بالجيزة، وأفادت بعدم الموافقة على إقامة هذه المدرسة؛ لأنها مجاورة للأراضي الزراعية وإقامة هذه المدرسة يؤدي إلى انتشار المباني في الأرض الزراعية والتعدي عليها، وذلك حسبما جاء بكتاب مديرية الزراعة (إدارة حماية الأراضي). ومن ثم فإن إدارة حماية الأراضي لم تقطع بما إذا كانت القطعة التي يطلب المدعي تغيير النشاط القائم عليها هي أرض زراعية أو قابلة للزراعة كلها أو بعضها، من عدمه، وإنما ردها بعدم الموافقة لحماية الأراضي الزراعية المجاورة من انتشار المباني عليها، وعليه فإنه يظل على المدعي للموافقة له على التصريح بتغيير نشاطه على قطعة الأرض المقام عليها تجارة الخضار والفاكهة بالجملة إلى بناء مدرسة خاصة أن يتقدم للوحدة المحلية لمدينة أوسيم بما سبق أن طلبته منه (موافقة مديرية الزراعة بالجيزة)، وإذ خلت الأوراق من أنه حصل على موافقة مديرية الزراعة صراحة والتي تقطع بأن الأرض المطلوب إقامة المدرسة عليها ليست أرضاً زراعية وتدخل في نطاق الحيز العمراني للقرية وفقاً لما كشف عنه التصوير الجوي حتى 15/4/1985 وفقاً للمادة الخامسة من قرار وزير الزراعة رقم 211 لسنة 1990 السابق الإشارة إليه، ومن ثم فإنه في ضوء عدم القطع صراحة بأن قطعة الأرض المطلوب إقامة المدرسة عليها زراعية أو قابلة للزراعة كلها أو بعضها وطلب الوحدة المحلية لمدينة أوسيم من المدعي تقديم موافقة مديرية الزراعة بالجيزة المنوط بها قانوناً تحديد ما إذا كانت الأرض محل طلب الترخيص زراعية أو قابلة للزراعة من عدمه ، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه متفقاً مع صحيح القانون، خاصة وأنه لم يحدد بترخيص سوق بيع الخضار والفاكهة بالجملة للمطعون ضده مساحة السوق المرخص بتشغيله، وما إذا كان شاملا لأرض النزاع بأكملها أم مقاما على جزء منها. كما أنه من ناحية أخرى فإن مشروع المدرسة الخاصة المراد إحلاله محل السوق السابق الترخيص به لا يدخل ضمن حالات الإحلال والتجديد المستثناة بنص المادة التاسعة من قرار وزير الزراعة سالف الذكر، فضلاً عن أنه لا يدخل بوجه عام ضمن الحالات المستثناة من حكم البناء على الأرض الزراعية وفقاً لما سبق بيانه، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه قائماً على سببه المبرر قانوناً مما يتعين معه الحكم برفض الدعوى. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه برفض السير في إجراءات ترخيص مباني مدرسة خاصة، فإنه يكون قد جانبه الصواب في قضائه، الأمر الذي تقضي معه هذه المحكمة بإلغائه، والقضاء مجدداً برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده (المدعي أصلا) المصروفات عملا بنص المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض الدعوى، وألزمت المدعي (المطعون ضده) المصروفات.