جلسة 24 من نوفمبر سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/عادل محمود ذكى فرغلى.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ إبراهيم على إبراهيم، ومحمد الشيخ أبوزيد، وعبدالمنعم أحمد عامر، ومحمد لطفى عبدالباقى جوده.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد عمر.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / خالد عثمان محمد حسن.
أمين السر
الطعن رقم 2912 لسنة 45 قضائية عليا:
ـ تأديبهم ـ الالتزام بالجزاءات المقررة للمخالفات المحددة بلائحة البنك.
المادة (11) من القانون رقم 117 لسنة 1976 فى شأن البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى.
المادة (1) من لائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسى وفروعه للتنمية والائتمان الزراعى.
ولئن كان لجهة العمل سلطة تحديد الجزاء المناسب بحسب تقديرها للمخالفة وما تستأهله من عقاب وذلك فى حدود الجزاءات المنصوص عليها بقانون العاملين بالقطاع العام وداخل النصاب المحدد لكل سلطة إلا أن ذلك مناطه ألا يكون ثمة نظام قانونى قد خص ذنباً إداريًا معيناً بعقوبة محددة كما هو الشأن حال وجود لائحة جزاءات تحدد المخالفة والجزاء المقرر لها ـ القانون الخاص بالبنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى خوَّل مجلس الإدارة وضع لائحة تتضمن جميع أنواع المخالفات والجزاءات المقررة لها ـ أثر ذلك: ـ يتعين على جهة العمل إنزال العقوبة المنصوص عليها فى لائحة الجزاءات ولا يجوز لها مخالفتها والخروج عن الحد المقرر للعقوبة وإلا كان قرارها مخالفاً للقانون ـ تطبيق.
إنه في يوم الأربعاء الموافق 24/2/1999 أودعت الأستاذة/ منى محمد عبد المولى المحامية بصفتها وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2912 لسنة 45ق. عليا فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا جلسة 26/12/1998 والذى قضى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمَّنه من مجازاة الطاعن بخصم شهر من أجره وما يترتب على ذلك من آثار وبمجازاته بالإنذار فقط.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الطعن التأديبى المقام من المطعون ضده مع إلزامه بالمصاريف ومقابل الأتعاب.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه لأسبابه ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض الطعن المقام من المطعون ضده.
وجرى نظر الطعن أمام الدائرة الخامسة بالمحكمة الإدارية العليا حتى قررت إحالته إلى هذه الدائرة التى تداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بمحاضر حتى قررت بجلسة 13/10/2002 إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم.
وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة .
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضده أقام الطعن رقم 1005 لسنة 26ق بإيداع عريضته قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا طالبًا فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار الجزاء رقم 21 لسنة 1998 مع ما يترتب على ذلك من آثار مع حفظ كافة حقوق الطاعن الأخرى وإلزام المطعون ضده المصاريف ومقابل الأتعاب.
وقال شرحًا لطعنه أنه فى 22/3/1998 صدر قرار الجزاء رقم 21 لسنة 1998 متضمنًا مجازاته بخصم ثلاثين يوماً من راتبه مع الحرمان المصرفى وذلك لأنه فى الفترة من 1/7/1996 حتى 29/3/1997 بدائرة عمله تأخر فى توريد النقدية المسلمة له لحساب البنك فى المواعيد المقررة وقد تظلم من هذا القرار إلا أنه لم يتلق ردًّا على تظلمه فأقام طعنه طالبا الحكم له بما سلف بيانه من طلبات .
وبجلسة 26/12/1998 أصدرت المحكمة التأديبية الحكم المطعون فيه والذي قضى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمَّنه من مجازاة الطاعن بخصم شهر من أجره وما يترتب على ذلك من آثار وبمجازاته بالإنذار فقط وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن الثابت من التحقيق الذى أجرى مع الطاعن ثبوت ما نسب إليه باعترافه أنه تأخر فى توريد النقدية المسلمة له لحساب البنك فى المواعيد المقررة وذلك خلال الفترة من 1/7/1996 وحتى 29/3/1997 بوصفه مندوب مندوبية زاوية رازين إلا أن ذلك لا يعدو أن يكون مخالفة مالية وإدارية لا يستوجب القانون مجازاته عنها بخصم شهر من أجره مما يشيب هذا الجزاء بالغلو الظاهر لاسيما وقد ثبت بالأوراق قيام الطاعن بتوريد المبالغ المستحقة طرفه فور علمه بها عقب الجرد الذى تم بالبنك مما يقتضى استعمال الرأفة معه ومن ثم يتعين إلغاء القرار المطعون فيه ومعاقبة الطاعن بأحد الجزاءات المنصوص عليها بالمادة 80 من القانون رقم47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه حين ذهب إلى تطبيق قانون نظام العاملين المدنيين على حالة المطعون ضده فى حين أنه يخضع لأحكام القانون رقم 117 سنة 1976 فى شأن البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى وبنوك المحافظات التابعة له ولائحته التأديبية والجزاءات للعاملين به والتى تقضى فى المادة (6) من الباب الرابع بخصم ثلاثين يوماً جزاء مخالفة التأخير فى توريد النقود المحصلة لحساب البنك فى المواعيد المقررة دون مبرر، وإذ ثبت ارتكاب المطعون ضده هذه المخالفة تعين مجازاته بخصم ثلاثين يومًا من راتبه إعمالا لحكم هذه المادة باعتباره من العاملين بأحد فروع بنك التنمية والائتمان الزراعى الخاضعين لأحكام لائحة التأديب والجزاءات سالفة الذكر ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر مطابقاً لأحكام القانون ويضحى الطعن عليه بغير سند خليقاً بالرفض خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه لا خلاف على ثبوت السبب الذى قام عليه القرار المطعون فيه فى جانب المطعون ضده وهو تأخره فى توريد النقدية المسلمة له لحساب البنك الذي يعمل به فى المواعيد المقررة، وإنما ينعى طعن البنك على ما تضمَّنه الحكم المطعون فيه من تخفيض الجزاء الموقع على المطعون ضده من خصم ثلاثين يوما من راتبه إلى الإنذار.
ومن حيث إن القانون رقم 117 لسنة 1976 فى شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي ينص فى المادة (11) منه على أن “مجلس إدارة البنك الرئيسى هو السلطة العليا المهيمنة على شئونه وتصريف أموره ويكون له جميع السلطات اللازمة للقيام بالأعمال التى تقتضيها أغراض البنك وعلى الأخص ما يأتى : …….
3ـ الموافقة على مشروعات اللوائح الداخلية …… وإصدار اللوائح المتعلقة بنظام العاملين بالبنك الرئيسى والبنوك التابعة ……… .
وتنفيذًا لذلك صدرت لائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسى وفروعه المعتمده من مجلس إدارة البنك الرئيسى فى 23/3/1985 والتى تنص فى المادة (1) منها على أن “تسرى أحكام هذا النظام على العاملين بالبنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى وبنوك التنمية والائتمان الزراعى التابعة له بالمحافظات.
وتسرى أحكام نظام العاملين بالقطاع العام فيما لم يرد به نص خاص فى هذا النظام وبما لا يتعارض مع أحكامه.
ومن حيث إنه فى 9/2/1988 صدر قرار مجلس إدارة البنك الرئيسى باعتماد لائحة التأديب والجزاءات للعاملين بالبنك الرئيسى وفروعه وبنوك التنمية والائتمان الزراعي بالمحافظات ووحداتها والتى تقضى فى البند (6) من الباب الرابع الخاص بالمخالفات المتعلقة بالمحافظة على أموال البنك بتوقيع جزاء الخصم ثلاثين يومًا لمخالفة التأخير فى توريد النقود المحصلة لحساب البنك فى المواعيد المقررة بدون مبرر وذلك فى أول مرة والفصل من الخدمة بعد المرة الأولى على أن يتحمل المتسبب كافة الأعباء المالية الناتجة عن عدم توريده إياها فى الميعاد المحدد.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على أنه ولئن كان لجهة العمل سلطة تحديد الجزاء المناسب بحسب تقديرها للمخالفة وما تستأهله من عقاب وذلك فى حدود الجزاءات المنصوص عليها بالمادة 82 من قانون العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978 وداخل النصاب المحدد لكل سلطة فى المادة 84 من ذات القانون إلا أن ذلك مناطه ألا يكون ثمة نظام قانونى قد خص ذنباً إدارياً معينًا بعقوبة محددة كما هو الشأن حال وجود لائحة جزاءات تحدد المخالفة والجزاء المقرر لها وهو ما أجازته المادة 83 من القانون سالف الذكر وكذلك المادة 11 من القانون رقم 117 لسنة 1976 المشار إليه إذ خوَّلت مجلس الإدارة وضع لائحة تتضمن جميع أنواع المخالفات والجزاءات المقررة لها إذ أنه فى مثل هذه الحالة يتعين على جهة العمل إنزال العقوبة المنصوص عليها فى لائحة الجزاءات وإذ خصت لائحة الجزاءات بالبنك الطاعن مخالفة التأخير فى توريد النقود المحصلة لحساب البنك فى المواعيد المقررة بدون مبرر حال ارتكابها بجزاء محدد هو خصم ثلاثين يومًا من الأجر فى المرة الأولى والفصل بعد ذلك فإنه لا يسوغ للبنك مخالفة لائحة الجزاءات والخروج عن الحد المقرر لهذه العقوبة فى مثل هذه الحالة وإلا كان قراره مخالفًا للقانون حقيقًا بالإلغاء.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده ـ باعتباره من العاملين ببنك التنمية والائتمان الزراعى بالمنوفية وتأخر فى توريد النقدية المسلمة إليه لحساب البنك فى المواعيد المقررة دون مبرر وذلك للمرة الأولى ومن ثم فإنه طبقاً لنص المادة (6) من الباب الرابع سالف الذكر يتعين مجازاته بخصم ثلاثين يومًا من مرتبه وهذا ما قام به البنك الطاعن فعلاً حين أصدر قراره المطعون فيه متضمناً ذات الجزاء ومن ثم يكون هذا القرار مطابقاً لأحكام القانون ويضحى الطعن عليه بغير سند خليقًا بالرفض.
ولا يغير من ذلك القول بعدم التناسب بين المخالفة التى ارتكبها المطعون ضده وبين الجزاء الموقع عليه فهذا القول فضلاً على عدم سلامته من الناحية القانونية فإنه لا محل للخوض فى مناقشة صحته إلا عندما يكون للجهة الإدارية سلطة تقديرية فى اختيار الجزاء المناسب من الجزاءات المتعددة أو غير المحددة، أما عند تحديد المشرع للجزاء عن المخالفة فلا محل لإعمال السلطة التقديرية لجهة الإدارة حينئذ كما هو الشأن فى الطعن الماثل.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير ذلك وقضى بتخفيض الجزاء الصادر به القرار المطعون فيه من خصم ثلاثين يومًا من المرتب إلى الإنذار فإنه يكون مخالفًا لأحكام القانون ويتعين إلغاؤه والقضاء برفض الطعن التأديبى.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً،وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن التأديبى شكلاً، ورفضه موضوعًا.