جلسة 16 من نوفمبر سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبدالرحمن عثمان أحمد عزوز.
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد عبدالحميد حسن عبود، ومحمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ كمال عطيه حسن.
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 2942 لسنة 42 قضائية عليا:
ـ قرارات النيابة العامة فى منازعات الحيازة ـ أثر الحكم الصادر بإلغاء قرار النيابة العامة ـ مدى التزام النيابة العامة بإصدار قرار بالتمكين.
بصدور الحكم بإلغاء قرار النيابة العامة فى منازعة الحيازة والقائم على أساس ما شاب القرار من عيب عدم الاختصاص ـ تأسيساً على أن القضاء المدنى وحده هو الذى يختص بالفصل فى منازعات الحيازة المدنية ـ يكون قرار النيابة العامة قد أزيل من الوجود وتعود مراكز الأفراد إلى ما كانت عليه دون أن يتعدى ذلك إلى مطالبة النيابة العامة باتخاذ أى إجراء آخر لصالح هذا الطرف أو ذاك ـ مقتضى الحكم ومؤداه هو إلغاء القرار إلغاءً مجرداً ولا تكون النيابة العامة بعد صدور الحكم مطالبة إلا بالامتناع عن تمكين أى من الطرفين من العين موضوع النزاع أو إصدار أى أمر يتعلق بمنع تعرض هذا الطرف أو الغير ـ أساس ذلك: ـ إن الاختصاص بالفصل فى المنازعة على الحيازة إنما يكون وفقاً
لما قضي به الحكم لقاضى الحيازة الذى يتعين على الطرف الذى يزعم الحيازة لنفسه أن يلجأ إليه بالوسائل المقررة قانوناً ـ أثر ذلك ـ سواء أصدرت النيابة هذا القرار أو امتنعت عن إصداره فلا يشكل ذلك فى ذاته خطأ يوجب مسئوليتها ويستوجب التعويض ـ تطبيق.
بتاريخ 24/3/1996 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد برقم 2942 لسنة 42 ق. ع طعنًا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة فى الدعوى رقم 92 لسنة 7ق بجلسة 27/1/1996 القاضى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع:
أولاً : بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
ثانياً : بإلزام المدعى عليه الخامس بصفته بأن يدفع للمدعى مبلغاً مقداره ثلاثة آلاف جنيه تعويضاً على النحو المبين بالأسباب وما يترتب على ذلك من آثار.
ثالثاً : إلزام المدعى عليه الخامس بصفته المصروفات.
وطلب الطاعنون بصفاتهم ـ للأسباب المبينة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبوله شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم الطعين بصفة مستعجلة وفي الموضوع بإلغائه والقضاء مجدداً (أصليًا) بعدم قبول دعوى الإلغاء لانتفاء القرار الإدارى، ورفض دعوى التعويض.
(واحتياطياً) رفض الدعوى بشقيها، مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب.
وقد تم إعلان الطعن على النحو الثابت بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه والقضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى ورفض طلب التعويض مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 26/8/2001 وبجلسة 18/3/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ـ الدائرة الأولى ـ موضوع ـ لنظره بجلسة 20/4/2002 وقد نظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسات التالية وبجلسة 26/8/2002 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم مع التصريح بإيداع مذكرات لمدة شهر، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن المطعون ضده أودع صحيفة الدعوى رقم92 لسنة 7ق قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بتاريخ 20/10/1984 طالباً فى ختامها الحكم بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبى بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 252 لسنة 3ق وإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا له تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية الناتجة عن عدم تنفيذ الحكم المشار إليه وإلزامهم بالمصروفات.
وقال شرحاً لدعواه إنه قد صدر قرار النيابة العامة فى المحضر رقم 464 لسنة 1981 إدارى قسم أول المنصورة بتمكين السيد/ …………………………. من العقار رقم 40 شارع بدر ومنع تعرض المدعى (المطعون ضده) له وتم تنفيذ الحكم بطرده من العقار فأقام الدعوى رقم 252 لسنة 3ق قضاء إدارى المنصورة طعناً على ذلك القرار فحكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه وتم إعلان الحكم إلى المطعون ضدهم وتقدم بطلب لجهة الإدارة لتنفيذ الحكم إلا أنها امتنعت عن ذلك مما يعتبر قرارًا إدارياً سلبياً بالامتناع مما دعاه لإقامة دعواه، وأنه قد أصيب بأضرار مادية وأدبية تمثلت فى تكبده أموالاً فى سبيل إجراءات التقاضى وحرمانه من الانتفاع بشقته مما يستحق له عنه تعويض.
وبجلسة 27/1/1996 صدر الحكم المطعون فيه، وقد شيدت المحكمة قضاءها على سند أن امتناع الجهة الإدارية عن تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 252 لسنة 3ق على الرغم من تقديم طلب لتنفيذه يشكل قراراً سلبياً بالامتناع، الأمر الذى يتعين معه إلغاؤه وهو ما يكون ركن الخطأ فى المسئولية التقصيرية وقد ترتب على القرار أضرار للمدعى (المطعون ضده) مادياً وأدبياً مما يحقق مناط منحه التعويض.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله حيث لا يوجد قرار إدارى بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 252 لسنة 3ق إذ لم يتقدم المطعون ضده بطلب لتنفيذ هذا الحكم إلى الجهة المختصة بتنفيذ الأحكام بل تقدم بالطلب إلى النيابة العامة لتنفيذه وهى جهة غير مختصة قانوناً بتنفيذ الأحكام مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى وينهار معه ركن الخطأ فى دعوى التعويض، وانتهى الطاعنون إلى طلب الحكم بالطلبات.
ومن حيث إن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن مجلس الدولة يختص بالنظر في المنازعات الإدارية التى محلها قرار إدارى سلبى وذلك بامتناع أو رفض الجهة الإدارية اتخاذ إجراء كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح.
ومن حيث إنه، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة فى الطعنين رقمى 363 لسنة 3ق جلسة 14/3/1987 و 2812 لسنة 31ق جلسة 13/5/1989 فإنه وإذ كان الحكم الصادر فى الدعوى رقم 252 لسنة 3ق قد قضى بإلغاء القرار الصادر من النيابة العامة فى الشكوى رقم 464 لسنة 1981إدارى المنصورة فإنه قام على أساس ما شاب القرار من عيب عدم الاختصاص تأسيساً على أن القضاء المدنى وحده هو الذى يختص بالفصل فى منازعات الحيازة المدنية، وعلى ذلك فبمجرد صدور ذلك الحكم يكون قرار النيابة العامة المطعون فيه قد أزيل من الوجود وتعود مراكز الأفراد إلى ما كانت عليه دون أن يتعدى ذلك إلى مطالبة النيابة العامة باتخاذ أى إجراء آخر لصالح هذا الطرف أو ذاك.
فمقتضى الحكم ومؤداه هو إلغاء القرار إلغاء مجرداً، ولا تكون النيابة العامة، بعد صدور هذا الحكم مطالبة إلا بالامتناع عن تمكين هذا الطرف أو ذاك من العين موضوع النزاع أو إصدار أى أمر يتعلق بمنع تعرض هذا الطرف أو الغير لأن الاختصاص بالفصل فى المنازعة على الحيازة إنما يكون وفقاً لما قضى به الحكم، لقاضى الحيازة الذى يتعين على الطرف الذى يزعم الحيازة لنفسه أن يلجأ إليه بالوسائل المقررة قانوناً، وسواء أصدرت النيابة هذا القرار أو امتنعت عن إصداره فلا يشكل ذلك فى ذاته خطأ يوجب مسئوليتها ويستوجب تعويض المطعون ضده عما أصابه من ضرر بسبب عدم تمكينه من الحيازة وحرمانه من الانتفاع بالعين موضوع النزاع وما لحقه من آلام نفسية بسبب فقدان الثقة فى جدوى التقاضى واحترام حجية الأحكام. فالنيابة العامة أصبحت إعمالاً لأسباب الحكم مغلولة اليد لا اختصاص لها فى إصدار مثل هذ القرار، وامتناعها عن إصداره كان إعمالاً لما قضى به الحكم. وقد كان الأمر كذلك فلا تقوم مسئولية الإدارة التى تستوجب إصدار قرار بتنفيذ الحكم ولا مسئوليتها التى تستوجب التعويض إذ لا خطأ يمكن نسبته إليها لأن إلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً يتطلب من كل صاحب حق أن يلجأ إلى القضاء المختص للمطالبة بحقوقه. وعلى ذلك إذ أخذ الحكم المطعون فيه بنظر مخالف لما تقدم يكون قد صدر بالمخالفة لصحيح حكم القانون ويتعين إلغاؤه ورفض الدعوى مع إلزام المدعى المصروفات إعمالاً لحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.